آخر تحديث :الأحد-19 مايو 2024-06:52ص

أخبار وتقارير


لماذا حُرم الجنوبيون من حق التفاوض؟

الأحد - 09 ديسمبر 2018 - 01:06 ص بتوقيت عدن

لماذا حُرم الجنوبيون من حق التفاوض؟

عدن (عدن الغد ) خاص :

تقرير: محمد فهد الجنيدي

يتساءل قطاع واسع من الجنوبيين عن الجهة التي خدعتهم مؤخرا وتسببت بخروج مباشر لطرفي الحراك الجنوبي والمقاومة الجنوبية من مفاوضات السويد التي دشنت يوم أمس الأول الخميس.

وفي حين شاركت كل القوى السياسية اليمنية إلا ان تمثيلا للحراك والمقاومة الجنوبية من هذه المفاوضات غاب عنها.

ومع اندلاع الحرب الأخيرة تمكنت فصائل من المقاومة الجنوبية والحراك الجنوبي من إلحاق أول هزيمة سياسية وعسكرية بقوات موالية للحوثيين لكن بعد 3 سنوات من هذه الهزيمة يبدو ان صانعي أولى الانتصارات ضد مليشيات الحوثي غائبون عن المشهد السياسي والتسوية السياسية النهائية في اليمن .

ويجلس على طاولة التفاوض في السويد ممثلون عن الحكومة الشرعية وجماعة الحوثي لمناقشة ترتيبات ممكنة لوقف الحرب في اليمن .

فرت الحكومة الشرعية من جنوب اليمن في مارس 2015 وتركت مئات الآلاف من الناس في جنوب اليمن لمواجهة قوات موالية للحوثيين كانت تزحف صوب عدن قبل ان تسيطر على أجزاء منها .

وقاتل الآلاف من الجنوبيين ممن انخرطوا ضمن مابات يعرف بالمقاومة الجنوبية والحراك وتمكنوا من هزيمة الحوثيين لكن وبعد 3 سنوات من تلك الهزيمة يبدو ان الجنوبيين أكثر الأطراف التي تم تغييبها عن مفاوضات السويد الهادفة لإيجاد حل نهائي للحرب في اليمن.

ومع ذهاب كل الأطراف إلى مفاوضات السويد تبدو 3 أطراف مسئولة عن استثناء الحراك والمقاومة الجنوبية من هذه المفاوضات حيث يرى طرف شعبي ان المسئول الأول هو التحالف العربي الذي استثنى الجنوبيين باعتباره كان الداعم الأول للحكومة الشرعية في اليمن.

الحكومة.. والتحالف

ويتهم معارضون، الحكومة الشرعية في إقصاء الانتقالي من مفاوضات السلام.

وكان وزير الخارجية اليمني خالد اليماني أكد في مقابلة سابقة أنهم يرفضون مشاركة أي طرف في المفاوضات غير الحوثيين باعتبار المفاوضات تمثل طرفاً شرعياً وآخر انقلابياً.

ومع ذلك يرى مؤيدون للمجلس، بأن التحالف العربي تعمد إقصاء الجنوبيين من المفاوضات  كونه هو المسؤول عن الحكومة، وهو من يمتلك القدرة على مشاركة الطرف الجنوبي - حد قولهم.

الانتقالي وبيع الوهم

من جهة أخرى بدا الانتقالي الجنوبي في موقف ضعيف، فبعد تصريحات قياديين فيه بأن لهم مقعدا في المفاوضات، بات معظم الجنوبيين يرونه واجهة للانتهازية وتمرير كذبات على البسطاء من الناس في الجنوب، حيث تثبت عدم مشاركته في المفاوضات بأنه كان يمرر كذبات وهمية تخديرية للشعب.

ولم يصدق الانتقالي في شيء منذُ نشأته من إسقاط حكومة احمد بن دغر وإدارة شؤون الجنوب وصولاً إلى عدم مشاركته في المفاوضات.

وأفقدت تلك الوعود الزائفة شعبية كبيرة كان الانتقالي يحظى بها في جنوب اليمن.

وبعد ضغوطات عليه، أصدر بيانا توضيحياً عن سبب عدم مشاركته في المفاوضات، وقال البيان إنه لم يتلق دعوة رسمية.

ويفضح بيان الانتقالي ذاته، حول تعمده خداع الشعب في وقت سابق، إذ هو يؤكد أنه سيشارك ومع قرب بدء المفاوضات يتأكد أنه لم يكن أحد الأطراف فيها.

وما يؤكد عدم مشاركة الانتقالي أنه لم يحظ بتأييد دولي كما يزعم القيادي في المجلس لطفي شطارة.

انتهازية

ويتضح اليوم أن القضية الجنوبية بيعت ثمن بخس بعد أن راح ضحيتها آلاف القتلى والجرحى من الجنوبيين منذُ صيف 2007، لدول التحالف العربي والشرعية اليمنية مقابل الأموال والفلل والمناصب.

وتخلت قيادات جنوبية بارزة وشعراء كانوا شرارة الثورة الجنوبية، مقابل مناصب وتقاضي أموال من التحالف والشرعية منذُ ما بعد صيف 2015 إلى اليوم، فيما باعت أخرى القضية لإيران وقطر.

وباتت هذه القيادات متفرقة عند مموليها، ما بين الرياض والقاهرة وأبوظبي وأخرى في العاصمة العمانية مسقط، تاركة الشعب يلاقي مصيره.

ولم تكتف هذه القيادات عند بيعها للقضية الجنوبية فحسب، بل إنها تتصارع اليوم فيما بينها خدمة لقوى إقليمية بهدف بسط نفوذها على الجنوب تحت غطاء الدفاع عن الجنوب وقضيته في واقعة انتهازية لم يشهدها الجنوب اليمني في تاريخه.

لا أوهام من التحالف

يقول سياسيون يمنيون، ان التحالف العربي لم يبع أوهاماً للجنوبيين وكان صادقا معهم منذ البداية، بأنه جاء لكبح جماع الحوثيون وتخليص اليمن من النفوذ الايراني.

واوضح السياسيون، ان التحالف السعودي الإماراتي يؤكد مرارا بأنه يدعم وحدة واستقرار اليمن لا تمزيقه، وبالتالي لايعود اللوم على التحالف إطلاقا.

هذه مشكلة الجنوب

ويؤكد السياسيون أن مشكلة الجنوب في ابنائه وقياداته وليست في أي طرف آخر.

ولفت السياسيون إلى ان القيادات الجنوبية اخذت الملايين واكتنزت الثروات وفتحت المشاريع الاستثمارية وحولت القضية الجنوبية إلى مشروع استثماري كبير، ولم تكن صادقة ووطنية وشريفة، وإلاّ لكان الجنوب قوة حقيقة لايستطيع أي طرف تخطيه.

ويقول الشيخ والسياسي الجنوبي عبدالسلام بن عاطف جابر، إن  المجتمع الدولي والتحالف العربي يعتقدون أنهم التفوا على القضية الجنوبية، واسكتوا الشعب الجنوبي برشوة قياداته، وبتجويع الشعب وتدمير البنية التحتية وإشغال الشعب برغيف الخبز وهذا وهم وتقدير غير صائب.

‏ويضيف جابر: لن يلهي شعبنا عن الحرية والكرامة التجويع وانعدام الخدمات والفوضى وانبطاح القيادات العملية والمرتزقة وأي حوار لا يخرج بحل مرضٍ للشعب يعتبر إعلاناً وتهيئة لمرحلة جديدة من القتال؛ وسنقاتل في كل مدينة وكل بحر ومضيق كرامة الشعب لايحكم لجامها المرتزقة ولا تباع برغيف خبز ولا يعيدها إلا الدم.

هكذا باع الجنوبيون قوتهم لآخرين

وحول من المتسبب في عدم ذهاب الجنوبيين إلى المفاوضات، يؤكد عبدالسلام بن عاطف جابر، أن القوة الجنوبية موجودة في مشاورات السويد، وهي الأقوى على طاولة المشاورات، ولكنها ليست مسخرة لخدمة الجنوب، ولا القضية الجنوبية، وإنما مسخرة لخدمة التحالف والسلطة الشرعية لأنَّ الجنوبيين باعوا قوتهم لآخرين؛ جزء منهم باع قوته لدول التحالف واستلم ثمنها دراهم، وجزء منهم باع قوته للسلطة الشرعية ممثلة بجماعة الرئيس هادي وحزب الإصلاح، واستلموا ثمنها ريالات ووظائف، وجزء منهم باع قوته لإيران وحزب الله واستلموا ثمنها دولارات وريالات في بيروت وغيرها، ومناصب في صنعاء .. وهناك الجزء الحر اعتزل الساحة، وحيد نفسه عن البيع والشراء وعطل قوته، وبالتالي اصبحت قوة الجنوبيين ملك التحالف والشرعية وانصار الله في مشاورات السويد، وعليه فالقوة الجنوبية تمثل ثلثي طاولة مشاورات السويد ولكن بدون جنوبيين.

وبالتزامن مع بيع القضية الجنوبية، بات المواطنون في الجنوب يرون تحسن الخدمات ومعيشتهم هي الأهم.

ويقول مواطنون لـ"عدن الغد"، أنهم يقرون بأن الجنوب أشبه بالسراب الذي اوهمتنا قيادتنا به، وولدت لدينا قناعة بأنه مجرد كذبة مرت علينا منذُ سنوات من اليوم، مؤكدين، أن من يحسن لهم خدماتهم ومعيشتهم سيكنون له الاحترام وسيعتبرونه خطاً أحمر.

من يتحمل مسؤولية عدم مشاركة الجنوب في المفاوضات؟!

قال الصحافي الجنوبي أحمد الحسني، إن القوى الجنوبية تتحمل بالدرجة الرئيسية مسؤولية عدم إشراك ممثلين للجنوب في مشاورات السويد  ويتحمل أيضاً كل من الشرعية والحوثيين، والتحالف، إخراج الطرف الجنوبي من المشاورات.

وأشار الحسني لـ"عدن الغد"، إلى أن المجلس الانتقالي قطع الطريق عن بقية مكونات الحراك الجنوبي عندما قال إنه الممثل الشرعي والوحيد للقضية الجنوبية، ولم يقبل أن يكون شريكاً مع بقية القوى والذهاب بوفد موحد، كما أن قوى الحراك الجنوبي ضعيفة ومنقسمة إلى ثلاث فرق فريق مع الشرعية والآخر مع الحوثيين وفريق مستقل ولكنه غير فاعل على الساحة، وكل تلك المكونات أربكت المجتمع الدولي والإقليمي في التعاطي مع قضية الجنوب.

ولفت إلى أن خطوة المبعوث الدولي مارتن جريفيث، الشروع بالمشاورات في الملفات الإنسانية كانت خطوة ذكية، لأن الانتظار حتى يتفق الجنوبيون على من يمثلهم بالمشاورات تكون الأوضاع الإنسانية قد تفاقمت، إضافة إلى أن الملف السياسي للمفاوضات لايبدو قريباً، وعند الحديث عن شكل الدولة بعد التسوية السياسية ستحضر القوى الجنوبية وستعيد ترتيب تحالفاتها لأن الاستحقاق كبير جداً ومصيري.

ويعتقد الحسني، أن إبعاد كل القوى الجنوبية بما فيها المجلس الانتقالي من مشاورات السويد الجارية، درس يجب الاستفادة منه والشروع في إحداث تغييرات جذرية في التحالفات أصبح ضرورة فيما يتعلق بالتحالفات سواءً بين القوى الجنوبية المختلفة مع بعضها، أو بين تلك القوى مجتمعة ودول التحالف.

كما أكد الصحفي الجنوبي صلاح السقلدي أن من يتحمّل هذا التجاهل المعيب وهذا الإقصاء المشين هو الطرف الجنوبي ذاته، وبالذات الكيانات والشخصيات التي هرولتْ إلى حضن «التحالف» و«الشرعية» برغم وضوح نوايا وأهداف تلك الأطراف من هذه الحرب، ووضوح موقفها السلبي من القضية الجنوبية، إلا أنه برغم كل ذلك لم نرَ أية ضوابط ولا ضمانات واضحة ولو بحدودها الدنيا بشأن مستقبل القضية الجنوبية أو حتى تفاهمات شفوية أو وعود أخلاقية تضمن حق الجنوب وتضحياته المهولة التي قدمها وما زال يقدمها كبندقية مستأجرة بالدرهم والريال، أو هكذا أرادوا  للجنوب أن يؤدي هكذا دوراً مخزياً.