آخر تحديث :الخميس-23 مايو 2024-05:48م

أدب وثقافة


ديوان " صمتُ الأضواء " .. بين قصيدتين

الإثنين - 19 نوفمبر 2018 - 05:57 م بتوقيت عدن

ديوان " صمتُ الأضواء "  .. بين قصيدتين

(عدن الغد) خاص :

كتب:  طه العزعزي

 

أن تكتب عن صديقك ، يعني أن تشد على خيط من الحبر المقدس في ذات الورق ، ثم أن تترك أكثر من دمعة في رصيد الصداقة المفتوح عبر مرور الزمن ، وكذلك وأنت تكتب عن صديقك عليك أن تحك دماغك بالضرورة أكثر من مرة ، لأنَّك مهما قلت ستظل قاصراً، لكن لابأس أن يبتلع البحر ولو دمعة واحدة.

 

في ذات المكان ، وإلى ذات الشارع المؤدي إلى الشعر دوماً ، يقف الشاعر الشاب والصحفي محمد سلطان اليوسفي ، ضوءاً من البنفسج ، يهش (بعصا ساحرٍ ) ظلام ليل صنعاء ، ويحاول بجهد كبير وعلى ظهره صخرة "كسيزيف" ، وفي جرحه دمعة من ملح خالص ـ أن يفتح عبر الانسداد نافذة للنور، في حياتنا البائسة هذه ، والعادية حد الإبتذال.

 

قد يكون هذا القلم جديداً في بداياته ، ولكنه الأجد في نظري ، إنه جرئ بالدرجة الأولى ، ومثابر صلف لا يعرف التوقف ، فهو من القلة الذين لا ترتد بهم خطواتهم إليهم ، وليس يغلبهم سواهم ، لذا نجد أنهم لايتعثرون للوهلة ، بل أنهم يمشون قدماً حتى على الخراب ، محاولين أن لا يكرروا رقصاتهم ، وأن يحفروا أسماءهم بعمق في متحف الأدب و ناصية الزمن ، ولذا نجد أن أقلامهم الخضراء تشع في ذات الظلام الفوضوي.

 

".

 

لديوانه البكر(صمت الأضواء)، فرادة من نوع آخر ، فرادة ضمنت له عدم الوقوع في مستنقع المقولات النقدية ، التي يقع فيها شعراء شباب كثر ،حين ينساقون في قالب شعري واحد ، محافظين عليه ومصرين على عدم الخروج منه ، واقعين في عداء مع أصحاب الجديد، ومع أجد الجديد في الشعر والإبداع ، وهؤلاء قد يكونون أيضا من أنصار الجديد في الشعر (التفعيلة - قصيدة النثر- الهايكو ) الذين لا يؤمنون بالعمودية ، وقد يكونون أيضا من أنصار القصيدة العمودية الذين لا يؤمنون بشعر (التفعيلة - النثر -الهايكو (أجد الجديد ))    . نجد أن محد سلطان اليوسفي في ديوانه (صمت الأضواء)جمع القصيدتين (العمودية والتفعيلة ) إلا أن قصائده العمودية جاءت أكثر عدداً، وهو بذلك حين جمع القصيدتين ـ العمودية والتفعيلة ـ في ديوانه البكر يكسر المقولات النقدية التي لا تحترم الشعر بالدرجة الأولى ، وينفتح على أكثر من نوع ، وأظن أنه سيواصل ذلك .

 

يقول في قصيدة (أغلى وطن ):

 

" من أين لي ياموطني

 

لحنٌ

 

وأغنيةٌ وفنْ ؟

 

وعلى جبينِكَ يعتلي

 

ألمٌ

 

ويرتسمُ الحَزَنْ

 

لا صوتَ لي

 

إلا البكاءْ

 

لا لونَ لي

 

إلا الدماءْ

 

لا ثوبَ لي

 

إلا الكفنْ

 

هذا مصيرُكَ يا يمنْ "

 

ويقول أيضا في قصيدة (دمعةُ الحرف):

 

صنعاءُ في كفنِ المأساةِ هامدةٌ

 

"ماذا أحدثُ عن صنعاءَ يا أبتي "

 

.

 

حزينةٌ في ثيابِ الحُزنِ ما نفضتْ

 

غبار ذل ولا استقوتْ بعاصفة

 

.

 

تحتاجُ صنعاءُ كي تحيا مكرمةً

 

وتستعيدَ ضحاها ألفَ معجزةِ

 

 

 

إنه بذلك يبكي الوطن المغدور الذي آخر حدوده قطرة دم ، وأول صوته رصاصة بندقية ، وما بين ذلك يتوزع الموت الكثير ولا سواه .

 

وفي ديوان (صمت الأضواء ) نجد أنَّ شاعرنا يحتفل بالمناسبات، ويواكب الحدث ، وهذا الواقع الحزين هو الذي فرض على الشاعر أن يرتد إلى ماضيه ، يحاور أجداده العظماء ويبث لهم شكواه ، إنه يكتب في ديوانه قصيدة "شكوى إلى سبتمبر" ، وقصيدة " فبراير المجد" ، و"يمن العروبة" ، يرسم على الماء صورة من تاريخ أجداده العظماء الذين نعيشُ الآن واقعاً كواقعهم الذي عاشوه جراء ظلم الإمامة ، وباهتمام الشاعر بالمناسبات والأحداث الواقعية يكون قد عاد بنا من خلال مصدر قصيدته إلى ذكرى زمن شوقي وحافظ وغيرهم من الشعراء العظام ، الذين كانت قصائدهم صدى الحادثات الكبار .