آخر تحديث :الأحد-19 مايو 2024-09:48ص

ملفات وتحقيقات


أين ذهبت الكتب المدرسية التي دعمت بها المملكة العربية السعودية؟ المدارس تعاني من شحة في الكتاب المدرسي ويباع في السوق السوداء بـ 700

الجمعة - 26 أكتوبر 2018 - 05:43 م بتوقيت عدن

أين ذهبت الكتب المدرسية التي دعمت بها المملكة العربية السعودية؟ المدارس تعاني من شحة في الكتاب المدرسي ويباع في السوق السوداء بـ 700

عدن(عدن الغد)الخضر عبدالله:

تحقيق / الخضر عبدالله :

يعاني معظم آباء تلاميذ المدارس على مدار العام الدراسي  بالمحافظات الجنوبية من مشاكل جمة في تجهيز أبنائهم استعدادًا لحضور الدروس ولعل أبرز المشاكل هي تحصيل كتب دراسية للمقررات الطلابية إذ تشهد الأسواق إقبالًا كبيرًا لشراء المستلزمات الدراسية ومن بينها الكتاب الدراسي الذي توفره الحكومة على نفقتها ليقسم بالمجان  .

مؤسسة مطابع الكتاب المدرسي هو المصدر الوحيد لطباعة الكتب الدراسية وتوفيرها للمؤسسات التعليمية على عموم  مخازن مكاتب التربية والتعليم ، واثناء زيارة " عدن الغد "  لمؤسسة مطابع الكتاب المدرسي بعدن ويؤكد الفنيون ورؤساء الأقسام أن المؤسسة  وفرت هذا العام عشرات الآلاف من نسخ كتب المناهج المدرسية للمؤسسات بشكل مجاني، إلا أن العديد من آباء التلاميذ يشتكون من انعدام وجود الكتب التي وجدت طريقها إلى المكتبات التجارية والأسواق وتعرض بأسعار باهظة.

 

استغل تجار السوق السوداء ندرة توفر الكتاب المدرسي في المدارس لبيعه بمبالغ باهظة :

يقول  رأفت علي أحمد ، أب لثلاثة طلاب، لـ"عدن الغد" إنه اشترى أغلب الكتب المدرسية من السوق السوداء وتحديدًا من أرصفة شوارع مدينة عدن  ، وإن سعر الكتاب الواحد بلغ خمسمائة ريال غير أن حاجة أولاده للكتب خاصة العلمية منها اضطرته إلى شرائها". ويؤكد رأفت أنه "على استعداد لشراء المزيد من الكتب إذا احتاج أولاده لها دون الاهتمام بسعرها".

لكن وضعية مختار مقبل المالية تختلف عن رأفت. فوضعه المعيشي لا يسمح له بشراء الكتب المدرسية لأبنائه الأربعة الملتحقين بإحدى المدارس في عدن. يعمل مختار بأجر يومي زهيد ودون راتب مستقر كما أن ما يتحصل عليه لا يكاد يفي بمتطلبات الحياة الأساسية كإيجار المنزل والأكل. يوضح  مختار: "لا أستطيع توفير لقمة العيش الكافية لعائلتي فكيف سأشتري كتبًا من السوق السوداء بسعر مرتفع؟ على أبنائي أن يعولوا على أنفسهم وأن يسجلوا كل المعلومات من الأساتذة كما يمكن أن يستعيروا من أصدقائهم بعض الكتب المهمة لبضعة أيام وينقلوا منها ما يؤهلهم للنجاح .. ويضيف مختار مقبل : "نأمل أن تتحسن الأوضاع وتستمر الدراسة ,  ويستطيع أولادي استلام كتبهم مجانًا من مدارسهم ".

كتب متداولة :

تقول أمينة مستودع الكتب في أحد المدارس: ( كلما طالبنا بتوفير الكتب للطلاب يقولون أنه لا توجد سيوله ولا مواد عشان الطباعة، والكتب المتواجدة عندنا جميعها طبعة قديمة وأصبحت لا تنفع للدراسة فقد تداولها أكثر من جيل ).

لا بد من حلول :

وتضيف أحد المعلمات: ( نحن على مشارف عام جديد ولا ينفع التأخير في توفير الكتب، فقد أضاع الطلاب شهرين منذ بدء الدراسة  بسبب الاضراب ، لذلك يجب أن تتوفر ميزانية لطبع الكتب بأسرع وقت لننقذ الطلاب من ضياع سنوات دراستهم أكثر من ذلك).

من المسئول ؟!

يقول أحد أولياء الأمور:( الواجب توفير نسخ حديثة سنويآ لكل التلاميذ ولا يطلب منهم إعادته نهاية السنة، نحن نضطر لشراء الكتب من الأسواق لأبنائنا لأن الأمر أحيانا يصل إلى أن يتقاسم طالبان كتاب واحد ويتداولونه ).

وتوجه ولية أمر أحدى الطالبات سؤال مهم:(  أين تذهب مخصصات المدارس من الكتب سنويآ ؟؟ ).

ويرد عليه سؤال آخر: كيف تصل الكتب للأسواق وبكميات هائلة وبأحدث النسخ، فيما تعاني المدارس من شحة الكتب، ومن المسئول عن ذلك؟؟

 

يذهب أغلب التلاميذ إلى مدارسهم في مختلف المحافظات الجنوبية دون كتب مدرسية، يكتفون بدفتر وبعض الأقلام. في هذا السياق، يقولون: "نحاول تسجيل المعلومات المهمة التي سنحتاجها للمذاكرة في دفاترنا والمعلمون متفهمون لوضعنا الصعب ويقومون بتلخيص الدروس على السبورة، الأمر الذي يغنينا عن الكتب". أما احمد علي العزي، طالب بالثانوية العامة، فيقول لـ" عدن الغد ": "هذه السنة الدراسية مهمة جدًا، وبالتالي أضحي بأي مال لشراء كتبي المدرسية حتى وإن كانت قديمة وتعود لأعوام ماضية وتمزقت قليلًا. سيحدد معدلي وتقديري في شهادة الثانوية مستقبلي المهني لذلك فهذه السنة حاسمة".

 

يؤكد أحد البائعين ، للكتب  المدرسية في السوق السوداء ، لـ" عدن الغد": "عملي مزدهر هذه الأيام، اشترينا هذه الكتب السنوات الماضية بأثمان بخسة لأنها كانت متوفرة ومتاحة للطلاب، أما الآن فهي تباع في السوق السوداء بأسعار مضاعفة وهي نادرة ومطلوبة بكثرة. إضافة إلى عدم تعرضنا لأي مضايقات من قبل الجهات الأمنية فإن تجارتنا تزدهر وهذه فرصة لابد من اغتنامها".

 

وعن عدم توفر الكتب المدرسية رغم مرور أيام  منذ انطلاق الحصص الدراسية، يرد ، وكيل مدرسة بمحافظة أبين ، لـ" عدن الغد ": "نحن لم نحصل على الكتب لا من وزارة التربية والتعليم ولا أرجع طلاب المراحل السابقة كتبهم إلى المدارس بعدما فرغوا منها خاصة وأنها سلمت لهم مجانًا".

ويرى فؤاد عامر، مدرس مادة الرياضيات، أن الالتجاء للسوق السوداء لشراء الكتب هو الحل الأفضل في الوضع الحالي ، ويقول: "تصفح الموقع الإلكتروني الذي وفرته الوزارة سيكلف الطالب 8000 ريال يمني أي ما يعادل أربعين عشرين دولار من خلال دفع قيمة الإنترنت ثم طباعة أوراق المنهج الدراسي وهي كثيرة، كما أن نسبة كبيرة من الطلاب وأوليائهم لا يعرفون استخدام الإنترنت".

يوضح احد، مديري إدارة مخازن الكتب في إحدى مديريات محافظة آبين، ضرورة توفر الكتب لمرحلة دراسية أكثر من غيرها. يقول لـ" عدن الغد": "الكتب الأكثر أهمية والتي لابد أن تتوفر هي كتب المرحلة الابتدائية الأولى من الأول ابتدائي إلى الصف الثالث لأن طلاب هذه المرحلة لا يزالون في الطور الأول من التعليم ويحتاجون الكتاب لتعلم أبجديات القراءة والكتابة وكذلك كثرة الصور الموجودة في هذه الكتب والألوان التي تتناسب مع إدراك الطفل وتساعده على الفهم وتلفت انتباهه ليتفاعل".

وفي تصريح  سابق لمدير فرع  مؤسسة  المطابع بعدن عن شحة الكتب المدرسية في العديد من المدارس  بينما تتوفر على أرصفة الأسواق العامة ، قال : " نحن مرفق إنتاجي في طباعة الكتاب المدرسي بحسب طلبات وزارة التربية والتعليم الموقّع عليها ويتم تسليمها من خلال المخزنين ووفق سندات استلام وبيع نحاسب بها التربية والتعليم ، وبعد أن تسلم الكميات المطلوب من قبلنا للتربية تنتهي مسؤوليتنا كفرع ويصبح الأمر يتعلق بالوزارة ولا شأن لفرع المؤسسة بعد ذلك ".

مصدر بوزارة التربية والتعليم يقول ، لسنا سلطة أمنية لنمنع تجار الكتب في السوق السوداء، لنا فقط سلطة تربوية وتعليمية، خلال السنوات الماضية، حاربنا السوق السوداء للكتب المدرسية لكن  بسبب  الأوضاع التي تمر بها بالبلاد  لم نتمكن من القضاء على هذا الظاهرة ". ويضيف: "نحتاج إلى  عشرات الاطنان من الورق لطباعة الكتب المدرسية ونتيجة شحة الامكانيات لن تلبي سوى احتياجات الصف الأول والثاني  والثالث والرابع من المرحلة الابتدائية فقط ".