آخر تحديث :الإثنين-29 أبريل 2024-12:11م

أدب وثقافة


وطن البراغيث _ محمد مهند ضبعان

الثلاثاء - 18 سبتمبر 2018 - 02:54 م بتوقيت عدن

وطن البراغيث _ محمد مهند ضبعان

عدن (عدن الغد) خاص:

يتنفس صدرك و كأنك ...
تختنق من الألم ...
الساكن في قلبك ...
و أحزان تجتث جذورك ...
حتى تنكسر الأغصان ...
و تغيب الشمس ..

تتجول في الطرقات تفتش
عن مأوى ...
يجمع ما بقي و فيك شتات ...
لا أحد هنا يذكرك ...
و كأنك حرف ساقط من كتب التعبير ...
و ضمير مستتر في جمل ...
لا تصلح أصلا للاعراب ....

الكل يناديك ...
الشيخ يخاطبك من أعلى المنبر ...
و يقول تعال ....
و ذاك الراهب مثله أيضا ...
ينادي تعال ...
و إذاعات الدولة تفتش عنك ....
تحت الأرصفة ...
و بين مكبات نفايات الوزراء ...
لاجراء مقابلة معك ...
تتحدث فيها عن انجازات حكومتنا ...
في ظل الوضع الراهن ...
و تصفق للعرس الوطني ...
و تقول تعال ....

الكل يراك كتيس من نوع ممتاز ...
في معركة القطعان البشرية ...
تخور .. تثور ...
ترفس و تدافع ....
عن سكين المسلخ ....

تبحث عن قطعة علف ...
تسكت صبرك ..
تسكت ألم الجوع الساكن في الأعماق ...
ما كان الخبز ليشبع جوع الوطن الضائع ...
في عينيك ...
و لكن الوجع سحيق ...

يا وطني ...
قد مات من البرد العصفور ...

يا وطني ...
أنا ذاك الحلم الذاهب للمستقبل ...
فلماذا تعاملني كالكلب المسعور ...

لم يبق رصيف في هذي المدن ..
و لم يشرب أقداحا من خمر دمي ..
لم يبق شارع ...
لم يأكل من جسدي ..
و يطعم أشجاره ما بقي فتات ...

تعرفني أوراق الأشجار ...
و طيور الحي ...
و لحن الناي لا زال يعربد بجنون ..
في ذاكرتي ....
حتى القطط ...
لا تنكرني ....
و أنا يا وطني ...
و لشدة هذا الحر ...
أنكر نفسي ....

أفتش عنك يا وطني ...
في كتب التاريخ ...
في الحاضر و المستقبل ..
و لست أراك إلا أملا يشرق من عتم عيون ...
أتعبها السهر ...
فلا أجد إلا الحانات ...
و دخان يتصاعد و سعال ...
و ضرير يتلمس في الحارات طريق حياة ...

لؤلؤة ينعكس الضوء على نهديها ...
فتضيء ...
يا سيدتي ...
نحن عراة أكثر مما تعرضه الشاشات ...
و أكثر مما يحتمل الذوق العام ...
فكيف إذاما ...
أسقط عنا ورق التوت ...
عورات تحمل عورات ..
فخذك هذا المصقول ...
مصباح الأجيال ...
و الصدر البارز غذاء الشعب ...
في زمن الجوع القاتل ...
و أنظمة الغرف السوداء ...

مترفة أيامك بالموت ...
و بالسفر على أجنحة القدر بلا عنوان ....
تخرج من زمن ...
تدخل في زمن ...
تخرج من عفن ...
تدخل في عفن ...
لا تغيير سوى الأسماء ...
تتقيأ ذاتك من ذاتك ...
تهضمها ... تتقيأ أخرى ....
برغوث يحلم بحصان ....

يا وطني ...
يا هذا الوطن العربي ...
أجبني ...
من الألف إلى الياء ...
الزمن يسير ...
فلماذا رجعنا للصحراء ...