آخر تحديث :الثلاثاء-16 أبريل 2024-10:09ص

أدب وثقافة


اليهودية

الخميس - 11 أغسطس 2011 - 08:13 م بتوقيت عدن

اليهودية

ياسر عبدالباقي

ـ  هل أساعدك ؟

ـ لا

ـ سوف أساعدك

ـ قلت لك .. لا

ـ لن تقدري أن تحمليهما وحدك !

ـ قلت لك . لا . لا .. ابتعد عني .

 مشت خطوات قليلة ، فقدت توازنها وسقطت .

 سمعت ضحكته ..

 ثم قال لها :

ـ  لن اؤذيك . دعيني فقط أحمل معك .

نظرت إليه .

الرياح شديدة ، اللثام يغطي نصف وجهه .

كما يغطي اللثام وجهها .

 هزت رأسها دون أن تتفوه بشيء .

 حمل صفيحة الماء وحملت هي الصفيحة الأخرى.

تعمد أن يمشي خلفها بخطوات بطيئة .

 وراح يراقبها من الخلف حيث تلاعب الريح ثوبها وتجعله ملتصقا بشدة  على جسدها ..

تنهد الشاب ونطق :

 ـ  اّاّه

توقفت. استدارت نحوه .

 حدقت  فيه ..  :

ـ  امشِ أمامي .

ـ  أنت متأكدة .

ـ  امشي أو اترك الماء هنا .

سبقها مسرعاً بخطوات عدة .

ثم قال بعد حين دون أن يلتفت إليها :

هل أبدو جميلاً من الخلف.

ـ  سافل.

الرياح كانت تقيد كثيراً من حركاتهما .

كادت الفتاة أن تتعثر  أكثر من مرة.

 وقال خلالها ساخراً :

ـ أعتقد أني سأضطر أن أحملك أنت وصفيحة الماء .

ـ  لقد تعبت .

جلست تحت ظلال شجرة .أنزل صفيحة الماء من رأسه . وبقي واقفاً متفرجاًَ من حوله .

 سألها :

ـ أين تسكنين . أين قريتك .

  اشتدت الرياح من حولهما واختبآ معاً خلف جذع شجرة، أثناء ذلك ضاع صوتها مع صفير الريح.

صاح بأعلى صوته قائلا :

ـ لم أسمعك . ماذا قلت ؟!

صاحت من خلف اللثام :

ـ هل ترى تلك الهضبة الصغيرة ؟

وأشارت بيدها.

ـ  نعم أراها .

ـ  عندما نصل إليها اترك الماء وارحل .

ـ  أرحل ! لكن لا توجد قرية هناك .

نظرت إليه مباشرة .

وقالت بلكنة حازمة :

 ـ ضع الماء هناك فقط وارحل . أو ارحل ألآن .

هز رأسه  وحدق إلى  الهضبة .

ثم قال وكأنه يكلم نفسه :

ـ إن أقرب قرية  من تلك الهضبة هي ..

وسكت.

التفت إليها وتابع :

ـ  تلك التي يعيش فيها اليهود .

ـ  والمسلمون أيضاً .

كاد أن يسألها من أي فئة أنت . لكنه فضل الصمت.

لم يطل صمته كثيراً :

ـ  ارفعي يدك.

ـ  ماذا؟.

ـ  دعيني أرَ   يدك .

رفعت يدها إلى أعلى .

 فأمسكها بلطف وترك أنامله تمر على  أناملها..

سحبت يدها وهتفت :

 ـ ماذا تفعل ؟

ـ  فقط أتأكد إن كان لك أصابع مثل أصابعي .

ـ  ماذا وجدت ؟

ـ  أن لك أجمل أصابع رأيتها في حياتي .

نظرت إليه طويلا .

أصابتها الدهشة فهذه هي المرة الأولى التي تسمع أحدهم يتغزل بأصابعها:

ـ لنرحل من هنا .

وحملت صفيحة الماء على رأسها ومشت .

مشى خلفها وعلى فمه ابتسامة :

 ـ  ذات يوم سأحضر إلى قريتك لأبحث عنك  وأتزوجك .

ـ  لن تعرفني !

ـ  بل سأعرفك .

ـ كيف ؟!

ـ  لا تسألي رجلاً  لا تعرفينه كيف .

 توقفت.

 واستدارت نحوه :

ـ هل لك أن تمشي أمامي.

مر من أمامها .

وهمس :

ـ  سأخبرك عندما أتزوجك .

ضحك وتلاشت ضحكته  سريعا مع الريح .

مشيا بقية الطريق إلى الهضبة صامتين.

كان هناك حمار مربوط على شجرة.

ـ هذا حمارك .

هزت رأسها دون أن تتفوه بكلمة .

ـ  تمشين مسافة طويلة حاملة صفيحتين من الماء بوزن هذا الحيوان و ..

قاطعته :

ـ  لا أريد أن أجهده .. أمامنا مسافة طويلة .

ـ وماذا لوعدت ولم تجدي حمارك العزيز .

ـ الكل يعرف حماري . ثم من هذا الذي يسرق حماراً إلا إذا كان حماراً .

قالت كلمتها الأخيرة وهي تنظر  نحوه نظرة ذات  معنى .

ـ سوف أعتبرها نكتة منك .

 وضعت الصفيحتين على ظهر الحمار:

ـ  أشكرك لقد ساعدتني كثيراً .

ـ سأحضر إلى قريتك وأجد حمارك ويدلني عليك .

 شاهد عينيها تضيقان قليلاً وفهم أنها تبتسم.

 لكزت الحمار بعصا وقالت :

ـ  مع السلامة .

ـ لحظة .

ـ ماذا تريد بعد؟

ـ ألن تدعيني أرى وجهك ؟

لم تقل شيئا.

ـ اسمعي . سوف أبعد عني اللثام، وسوف تفعلين أنت كذلك .

ـ ابدأ أنت .

 نزع اللثام عن وجهه.

 لكزت الحمار مرة أخرى ومشت .

ـ إلى أين أنت ذاهبة . دعيني أرَ  وجهك.

ـ وجهك لم يعجبني ، ارحل قبل أن تمطر.

  بقي واقفا يراقبها بإعجاب :

ـ ماكرة .


 

 

في ذلك اليوم لم ينزل المطر ، ولا حتى بعد  شهر .

وضع شيئا في جيبه قبل أن ينزل من الهضبة.

 الرياح قد رحلت منذ أيام طويلة بعد أن اقتلعت الأشجار من جذورها .

مرة أخرى أدخل يده في جيبه وتركها هناك.

 رائحة القرية مختلفة عن رائحة قريته .

السوق اليوم مكتظ بالبائعين والمشترين .

 الأصوات تعلو من كل الأفواه ، أحدهم جره من قميصه وهمس له :

ـ لدينا بندقية تركية .

ـ ابحث عن امرأة تركية ، هل أجدها لديك ؟

 حدق به الرجل بدهشة.

ثم همس له بجديه :

 ـ تعال الأسبوع القادم .

 ترك الرجل ضاحكاً .

 وتجول في السوق مفتشا عن شيء ما .

 النساء والفتيات الصغيرات كثيرات في السوق.

أغلبهن يفترشن الأرض لبيع الخضار أو الخبز واللبن حتى الملابس القديمة .

راح يتفرس في وجوههن .

أخرج يده من جيبه ثم راح ينظر إلى  راحة كفه. اصطدم به أحد المارة فسقط الخاتم تدحرج فركض خلفه . ويلتقطه ، قبل ذلك رأى أمامه فتاة جالسة وأمامها زنبيل. وكانت تحرك يدها لتهش بها الذباب من على الزنبيل. شاهدته . توقفت عن هش الذباب، بقي هو في مكانه يتطلع إليها.

تقدم منها.

جلس أمامها :

ـ أنت جميلة جدا .

حاولت أن تتحاشى نظراته.

تابع قائلا :

ـ قلت لك إني سأعرفك .

ـ دلك الحمار علي.

وابتسمت.

ـ لا .. قلبي.

لم تعلق.

ـ هاتي ِ.. يدك

ـ لا

حاول أن يمسك يدها ، لكنها امتنعت.

بسط أمامها الخاتم الفضي وقال :

ـ لقد صنعته من أجلك .

ـ من أجلي .. لماذا ؟!

ـ  خذيه أرجوك .

 مدت إصبعها.

 أدخل الخاتم فيه، لم تستطع أن تخفي فرحتها :

ـ إنه جميل .

ـ هل يزعجك هذا الرجل ؟

تحركت الفتاة من مكانها بارتباك .

رفع الشاب رأسه نحو صاحب الصوت.

رجل سمين يضع  على رأسه قبعة صغيرة يتدلى من جانبي رأسه خصلات من شعره .

قالت :

ـ  لا.. إنه فقط سوف يشتري الخبز كاملا .

نهض الشاب وردد :

ـ  نعم.. نعم. لم نتفق بعد على السعر .

ـ هات عشرة ريالات .

ـ لا ، هذا كثير. لا أملك سوى ثمانية ريالات .

وأخرج من جيبه نقوداً معدنية ، فأخذها الرجل ووضعها في كيس كان يحمله، ورحل.

فسألها الشاب :

 ـ من هذا ؟

ـ أخي .

ـ أنت ..!

ـ نعم أنا يهودية .

وأضافت في قلق :

ـ  أرجوك لا تعد إلى هنا .

ـ سأتزوجك .

ـ أنت مجنون سيقتلني أخي .

ـ   إذن تعالي معي .

ـ أرجوك ارحل .

وضع الزنبيل على رأسه  وقال دون أن يلتفت إليها :

ـ  سأعود و آخذك معي.

تردد الشاب كثيراً على الهضبة، قال في نفسه لعلي أراها مرة أخرى .

ذات مرة وجد الحمار مربوطاً إلى الشجرة .

ربت على رأسه كصديق قديم وقال :

 ـ سنبقى معا في انتظار صاحبتنا .

وجلس واستند على طهر الشجرة وشعر بالتعب ونام .

 حضرت الفتاة وراحت تراقبه مبتسمة .

 وقبلته في جبينه ، فتح عينيه.. شاهدها أمامه ..

وهتف :

ـ ماذا فعلت ؟

ـ ماذا فعلت ؟!

ـ لقد قبلتني .

 أبعدت رأسها :

ـ تحلم

وضع يده على جبهته :

ـ مازالت جبهتي رطبة .. حارة

ـ لماذا حضرت ؟!

ـ لأراكِ .

ـ وبعد!

ـ وأتزوجك

ـ أنت مسلم وأنا يهودية

ـ ديننا لا يحرم ذلك .

ـ أنت لا تعرف أخي . سوف يقتلني فقط لمجرد التفكير .

ـ اهربي معي .

ـ أرجوك ارحل .

 حلّت الحبل من جذع الشجرة ولكزت الحمار . أمسك بمعصمها، وشدها نحوه  والتصقت به. رفعت رأسها نحوه..

وتنهدت :

ـ  أحضني بقوة .

 عصرها بكلتا يديه ، أصبحا جسماً واحداً .

 همس :

ـ أحبك .

وضعت رأسها على كتفه :

ـ أحببتك لأنك مختلف عنهم .

ـ بماذا ؟!

ـ لم يسبق لي أن شاهدت رجلاً يلبس سروالاً غير العسكر.

وضحكا..

ـ سآخذك معي ونتزوج.. ولن يعلم أخوك بمكانك .

ـ أنت لا تعرفه .

ـ هناك شيء يجب أن تعرفيه ، سوف أتزوجك أنت . حتى لو اضطررت الأمر أن أختطفك .

ابتسمت وقبلته على جبينه ، وابتعدت عنه :

ـ لقد تأخرت حبيبي، يجب أن أعود .

أعادها إلى صدره وقال :

ـ  أنتظرك هنا بعد يومين . وآخذك معي ، وأتزوجك .

ابتعدت عنه مرة أخرى  :

ـ أنت مجنون .

ـ نعم أنا مجنون

لكزت الحمار . ومشت :

ـ وأنا أكثر منك جنوناً .


 

 

بعد يومين. .

ساعات طويلة مضت ..

وهو واقف على الهضبة .

 الشمس تحرق جسده .

 اشتد به العطش ، بدأت قواه تضعف وكاد  أن يسقط أكثر من مرة إلا أنه كان يسند يده إلى الشجرة ، أقسم مع نفسه إنه لن يجلس حتى يراها قادمة .العرق وصل إلى عينيه . يحجب عنه الرؤية ، وكان يمسحه  بكم قميصه ، رطب شفتيه بلسانه ، فجأة لف  حول نفسه وسقط فاقد الوعي .

الماء يتدفق إلى جسده..

 وصوتها يتدفق  إلى قلبه :

 ـ اشرب أيها المجنون الجميل .

فتح عينيه ببطء ، شاهد وجهها مبتسما ، كانت أكثر جمالا في تلك اللحظة ، ابتسم بصعوبة . لكنه شعر براحة كبيرة ورأسه على حجرها وأناملها تداعب  شعره .

تكلم بصعوبة :

 ـ لقد تأخرتِ .

مررت إصبعها على وجهه وجعلته يرتجف :

 ـ أنا معك الآن . أعاهدك لن أتأخر مرة أخرى .

أضافت :

ـ هل تشعر بالعطش الآن

ـ لا .. وأنت

ـ نعم ، أريدك أن تسقيني .

  


 

 

الساعة الثانية عشرة ليلا .

 لا أحد في القرية سوى شبحين يمشيان ببطء وتعب .

 طرق أحدهما باب منزل ، ظهر لهما رجل مسن .

التفت إلى الفتاة ثم إلى الشاب وقال له :

ـ ستبقى هي مع بناتي .. عد غدا ومعك اثنان من الشهود.

قال الشاب للفتاة  :

ـ  ستكونين هنا في أمان ، وغدا سنتزوج .

وتزوجا ..كان حفلاً بسيطاً ..

قالت له :

ـ لم أشعر بالراحة كما أشعر به ألآن .

أخذها إلى بيته .

 قال وهو يدفع الباب :

ـ هذا بيتك .

تطلعت إلى البيت ، وفي فمها ابتسامة :

ـ إنه كبير .. كنت تعيش وحدك هنا .

 هز رأسه ، ثم حملها ، وصعد بها السلم ، حيث كانت القناديل منتشرة على جدران البيت .

ـ الآن  أنا وأنت نعيش معاً .

 كانت تضحك ، أحيانا ضحكتها تختفي في شفتيه ، وضعها بلطف على الفراش ، تأمل كل واحد منهما الآخر ، الخجل في وجهيهما ، القنديل الوحيد في الغرفة شاركهما خجلهما  حيث بدأ ضوؤه  يخفت رويداً رويداً .

ـ صنعت لك شيئاِ .

متلهفة :

ـ ما هو ؟!

 ركض إلى دولاب صغير وبعثره محتواه .

ثم التفت إليها مبتسماً ورفع يده عالياً :

ـ  هذا .

تألقت عيناها ..

وفي فرحة صاحت :

ـ  ما أروع هذه القلادة .

ساد فجأة ظلام شديد .

 هدوء أشد ..

 اقتربا من  بعضهما ..

وتلامسه بلهفة ونشوة ..

 ومزقا ثيابهما في الغرفة . ورائحة العرق تفوح منهما .

لم يناما حتى الصباح .

 افترشت الشمس الغرفة و.. جسديهما .

قالت وهي تداعب صدره :

 ـ عندما حضرت أول مرة إلى قريتي كيف عرفتني ؟

لمعت عيناه في خبث جميل :

 ـ أتذكرين عندما التقينا أول مره وحملتُ معك الماء ومشيت خلفك .

ـ بالطبع أذكر .

ـ لديك مؤخرة جميلة لا يمكن أن أنساها .

 وضحك  بصوت عال .

 وراح يداعب بيده شيئا ما في جسدها.

ـ أيها اللعين . كنت أشك بذلك .

رفع رأسها نحوه ..

وهمس برقة :

ـ ولديك أيضا عينان ساحرتان لا يمكن أن أنساهما .

 


 

 

 

رغم مرور خمس سنوات كان ومازال يبحث عن أخته .. لم ييأس أبدا . فتش عنها قرية قرية وبيتاً بيتاً ، وذات يوم  جاء إليه رجل  مهرولا ًوصارخا :

ـ أظن أني رأيت أختك .

ـ أين ؟

ـ ليس بعيدا عنا .

وأضاف مترددا :

ـ لم تكن وحدها .

 أمسك الرجل من قميصه وقال غاضبا :

ـ ماذا تقصد .

ـ كانت تحمل طفلة .. طفلة رائعة الجمال .

 شده من قميصه :

ـ أنت متأكد أنها أختي ؟

ـ نعم .. شاهدتها بوضوح وتبعتها حتى دخلت بيتاً كبيراً ، يملكه رجل يعمل في صناعة الحلي .

وصمت ..

ثم تمتم :

ـ  مسلم .

صدم الرجل الآخر ..

ابتعد خطوات عدة وراح يضرب الأرض  بغضب وسخط وراح يردد :

ـ اللعنة . اللعنة .. سأحرقها .. سأحرقها .

والتفت إلى صاحبه وأشار بإصبعه :

ـ اجمع الرجال الليلة .

ـ لا تكن مجنوناً فتقوم بعمل غبي ، لم تبقَ سوى أيام ونهاجر هذه البلدة اللعينة.

ـ إن جسدي كله يحترق . لن أرتاح إلا  وهي تحترق مع الكلب .

الليل صديقهم .

كالأشباح يتراكضون في القرية .

الهدوء مخيف .

والخوف لا يخيفهم .

لا أحد سواهم الخمسة ببنادقهم ويتبعهم ظلهم .

يسبقهم أحدهم وكأنه مرشد لهم .

توقف المرشد فجأة وتوقفوا خلفه ، قال هامساً والليل يحب الهمس :

 ـ هذا البيت .

قال كبيرهم :

ـ تسلق تلك النافدة. ادخل وافتح لنا البيت .

بمهارة قفز إلى الداخل .

دخلوا بخطوات تكاد أن تسمع .

صعدوا السلم ، القناديل مشتعلة ، الوجوه شاحبة ومخيفة .

ضحكات لرجل وامرأة في غرفة ما .

تتوقف الأشباح الخمسة ، وكانوا  يتنصتون ..

تمتم أحدهم ساخطاً :

ـ سافلة .

ركل الباب بقوة ، وانتشر البقية في الغرفة ، رمق الرجل والمرأة بذهول ، أحد الأشباح كان يحمل قنديلاً ويقترب منهما . نصف وجهه يضيء.

صوته مرتبك وعيناه مرعوبتان :

ـ أخي !

يعلو صوت طفلة  ، تركض أمها نصف عارية وتأخذها من فراشها وتحضنها بقوة على صدرها.

قال أخوها وفي عينيه شر :

ـ في كل بيت مخلوق أعوج .. وأنت الأعوج .

ـ إنها زوجتي .

 ينظر إليه الأخ .. يرفع بندقيته ويطلق عليه رصاصة ، تصرخ المرأة وتركض نحو زوجها وتحاول أن تحضنه إلى جانب ابنتها .

يقترب منها .

ينزع منها ابنتها ، تسقط الأم ..

وتتوسل :

ـ  أرجوك دع ابنتي .

لكنه يركلها بقوة ، يطلب من أشباحه المغادرة ، ينظر إلى أخته باحتقار :

ـ أكثر ما تمنيتُ ، أن أراك وأنت تحترقين .

 قال ذلك ورمى القنديل على كومة من الثياب ، اشتعلت النار وانتشرت في الغرفة، أغلق الباب خلفه بالمفتاح . حدق بالطفلة، نزع القلادة من عنقها ودسها في جيبه :

ـ أصبحت الآن أنا عائلتك .

قال ذلك واختفى في الظلام .

 

 

* فصل من رواية زهافار