آخر تحديث :الأحد-19 مايو 2024-04:10ص

أدب وثقافة


على مفترق طرق (قصة قصيرة)

الأربعاء - 24 يناير 2018 - 06:23 م بتوقيت عدن

على مفترق طرق (قصة قصيرة)

كتب/عصام عبدالله مسعد مريسي

ظل واقفاً يرصد بعين ثاقبة تدفق الجموع إلى ماّرب متنوعة متفرقة ، الجميع من حوله يلهث إلى اختياره يسير مهرولاً والبعض يسير الهوينى يتقدم ثم يتراجع ويغير المقصد وهوما يزال واقفاً يترقب ويدقق النظر ونفسه تحاوره :

عليك أن تتقدم .. الكل يمضي يحقق اختياره وأنت ما تزال واقفاً في مكانك

اسراب من الشباب ذكوراً واناث تأتي وتذهب ويبقى المكان فاضياً لبرهةً من الزمن وهو ما يزال يدرس الاختيار أيَّ طريق يجب أن يسلك عن يمينه طريق وعن شماله طريق وبين الطرق مفترقات تؤدي إلى مسالك ومشارب متنوعة الكل يغدو ومنهم من يعود ومنهم من يغادر دون عودة وهو ما يزال ثابتاً يرصد الموقف دون أن يحرز أيَّ تقدم في الاختيار وعقله يحمله على اختيار طريق دون طريق:

تقدم والحق بالركب .. لا تتخلف .. لن تدرك اقرانك

يعود الذاهبون منهم من يحمل على اسرةِ من خشب ، فيتمتم في نفسه :

لقد نجوت ، لأني لم أسلك ذلك الطريق

والجموع تتدفق كالسيل ، لا ينتظرون الكل يحدد الهدف الذي يسعى إليه وينطلقون إلى تحقيق أهدافهم , يستمر العائدون في الرجعة فمنهم من يعود يمتطي مركبات فاخرة والناس من حولهم تلوح لهم بالتحايا والقبل فيهمس البعض قائلاً :

لقد نجح . لقد وصل .. أنظروا كيف عاد؟ كيف قلبت احواله

ويهمس الاخرين في خوف وارتعاش صوت :

إنها مكاسب حرام ..ألا ترى كيف حالهم رغم النعيم البادي عليهم وجوههم سوداء وأثار الدماء ، دماء الابرياء ملطخةً  بها أيديهم .

والشاب المتفحص لحال السالكين في نفسه يحمد الله أنه لم يكن قد سلك الطريق الذي سلكوه ، مازالت مواكب المارين تمرق من حوله هذا يلقي عليه سؤالاً:

لماذا لم تلتحق بأحد مواكب السالكين

يلتفت في كل الاتجاهات يبحث عن طريق يقف بجانبه شيخ كبير يحاول أن يدله على طريق يسلكه :

انظر إلى ذلك الطريق لماذا لا تخوض فيه

يلتفت إليه فيرى هيئته التي تذكره بجده الذي كلما كان يشعر بالحزن والكأبة ارتمى بين أحضانه يبحث له عن حل نفس الهيئة لحيةٍ بيضاء ولا يرى منه إلا البياض لكنه عزم ان يكون القرار في هذه المرة قراره ، تلاشت الجموع الساعية ولم يبقى في المكان سواه يتأمل أيِّ الطرق يسلك ولا يرى إلا اثار النقع تتصاعد مخلفة كثل من الضباب محت أثار أقدام السالكين ظل الشاب الباحث عن طريق يرصد المكان حتى انقشعت كثل السحب الترابية يفتح عينيه فلا يرى أثر للطريق فكل ملامح الطرق محيت أصابه الذهول فقد أوصدت كل الطرق وظل الشاب الباحث عن منفذ يتأمل علّه يجد أثر يرشده فمازال واقفاً لم ييأس يبحث عن بصيص من نور يسير خلفه ويهتدي به