آخر تحديث :الأحد-19 مايو 2024-04:28م

العالم من حولنا


الهند: اغتصاب وقتل في اوتار براديش

الثلاثاء - 19 يوليه 2011 - 06:36 م بتوقيت عدن

الهند: اغتصاب وقتل في اوتار براديش
تتذكر ساريكا تفاصيل الهجوم الذي تعرضت له في فبراير الماضي

bbc

هزت الهند مؤخرا موجة من حوادث الاغتصاب الوحشية غير المعتادة التي شهدتها ولاية اوتار براديش.

وقد تحدث بعض الضحايا، ومن بينهن العديد من الفتيات الصغيرات، إلى غيتا باندي مراسلة بي بي سي في لوكناو عاصمة الولاية.

ساريكا (16 عاما) هي احداهن، وكانت ذهبت إلى أحد الحقول مع صديقتها شايا للاستحمام المسائي كما تفعل كل يوم.

كان مساءا باردا شديد الظلمة من أمسيات فبراير/ شباط.

تقول ساريكا "شعرت ببعض الخوف وأردت أن أعود إلى المنزل بسرعة".

 

"طلب للزواج"


وتتابع رواية قصتها قائلة إنها هوجمت من قبل شيفام وثلاثة رجال آخرين من القرية.

وتتذكر ساريكا أحداث تلك الليلة قائلة "أمسك شيفام يدي وطلب مني أن اتزوجه، فقلت له (لا، كيف يمكنني أن اتزوجك، نحن نسكن في نفس القرية، أنت مثل أخي)".

وتتابع "ركلته وحاولت الهرب".

وتضيف ساريكا "تمكن شيفام، بمساعدة اصدقائه، من جري إلى مكان منعزل وبدأ الاعتداء علي بالسكاكين والفؤوس. ظللت واعية لبعض الوقت، لكن أغمي علي بمجرد ضربي على رأسي ورقبتي. وعندما عدت إلى وعيي وجدت نفسي في المستشفى".

لقد أرتني ساريكا جروحها؛ جرحا بحجم قبضة اليد في فروة رأسها، وفكيها اللذين خيطا إلى بعضهما البعض، ويدها اليمنى التي تحتاج أن تجبر مرة أخرى، وشحمة أذنها التي فقد جزء منها، وندوبا طويلة على ساعديها.

 

عالم مشترك"

لقد ألقي القبض على شيفام، لكن الآخرين لا يزالون طلقاء.

واضطرت ساريكا المرتعبة وعائلتها إلى الرحيل من منزلهم وترك أرضهم اودراولي للإقامة مع أقارب لهم في قرية أخرى على بعد حوالي 45 كيلومترا.

ويعد حادث الاعتداء على ساريكا واحدا من بين مئات حالات الاغتصاب ومحاولات الاغتصاب التي شهدتها اوتار براديش العام الحالي.

 

وتصف روب فيرما، من منظمة (عالم مشترك) المهتمة بشؤون المرأة ومقرها لوكناو، ما تشهده الولاية بأنه "وضع صعب للغاية".

وتضيف "هناك الكثير من العنف؛ الجرائم تتفاقم ومشكلات النوع الاجتماعي (الجندر) تتزايد، الفتيات يتعرضن للهجمات في المناطق الريفية والمدنية على السواء".

 

دولار وربع


وتعد اوتار براديش أكثر ولايات الهند اكتظاظا، حيث يبلغ عدد سكانها حوالي 200 مليون شخص.

وهي كذلك موطن لواحد من أكثر معدلات الفقر في العالم، حيث عيش أكثر من 60 مليون انسان على أقل من دولار وربع في اليوم.

ويؤدي الفقر إلى أن يكون المجتمع أكثر عرضة إلى الجرائم، فعلى سبيل المثال تعرض العديد من الضحايا إلى الاغتصاب اثناء رحلتهم إلى الحقول لانهم –مثل الملايين في الهند- لا يملكون مراحيض في منازلهم.

 

وعلى الرغم من أن اوتار تشهد معدلات عالية من الجرائم، إلا أن الهجمات الأخيرة كانت الأكثر افزاعا للسكان.

وتصف فيرما سلسلة الهجمات الأخيرة بأنها "وحشية للغاية حتى أننا لم نصدق أنها حدثت"، وتضيف "كنا نظن أنها لا تحدث إلا في الروايات والأفلام".

 

"المنبوذون"


ويقول اس آر دارابورا نائب رئيس الاتحاد الشعبي للحريات المدنية في اوتار براديش إن غالبية ضحايا الاغتصاب من النساء الفقيرات وفتيات القرى النائية.

ويضيف دارابورا أن غالبيتهن من طبقة (داليت)، وهي أدنى الطبقات حسب التصنيف الاجتماعي في الهند أو ما يعرف باسم "المنبوذين".

ويتابع قائلا "لقد حللت حالات الاغتصاب لعام 2007، ووجدت أن 90 في المئة من الضحايا من طبقة داليت و85 في المئة من ضحايا هذه الطبقة هن فتيات قاصرات".

ويقول دارابورا إنه كان يجب على زوجات عمال المزارع الجدد اللائي ينتمين إلى طبقة داليت في بعض مناطق الولاية حتى وقت قريب أن يمارسن الجنس مع مالك الأرض في ليلة زفافهن.

لكنه يشير إلى أن هذه الممارسة لم تعد موجودة.

 

"الثروة والنفوذ"


وعلى الرغم من أن التمييز الطبقي قد جرم بموجب القانون منذ وقت طويل، إلا أن ناشطون في مجال حقوق الانسان يقولون إن مجتمع الولاية لا يزال يستخدم "أطرا اقطاعية" مما يبقي النساء مهمشات ومظلومات.

ويشير الناشطون إلى عامل مشترك بين حوادث الاغتصاب وهو أن غالبية الجناة من ذوي الثروة والنفوذ السياسي.

وقد أدت الموجة الأخيرة من الهجمات والتغطية الإعلامية التي حظيت بها إلى المزيد من الضغوط على حكومة الولاية مع اقتراب موعد الانتخابات الاقليمية التي لم يتبق لها سوى بضعة أشهر.

 

وقد زار راهول غاندي عضو البرلمان عن حزب المؤتمر المعارض ساريكا وعائلتها في وقت سابق من العام الحالي وتعهد بتحقيق العدالة لهم.

كما زار مؤخرا أسرة الطفلة سونام التي تبلغ 14 عاما من والتي يعتقد أنها اغتصبت وقتلت على يد قوات الأمن داخل أحد مراكز الشرطة.

 

"ليس سيئا"


ويقول قادة حزب المؤتمر إن الجرائم ضد النساء ستكون قضية اساسية في الانتخابات القادمة.

وقالت ريتا جوشي رئيسة برلمان الولاية لبي بي سي "هناك أزمة كبيرة في الثقة، والملاحظة الرئيسية هي أن النساء هن الأكثر عرضة للمخاطر هنا".

وترى جوشي أن اوتار براديش الآن "واحدة من أسوأ الأماكن في العالم بالنسبة للنساء".

وتشير أرقام المجلس الوطني لاحصائيات الجرائم إلى أن حوالي 1759 امرأة اغتصبن في الولاية خلال عام 2009.

ويعني هذا الرقم أن ما يقرب من خمس حالات اغتصاب تحدث في اليوم الواحد.

لكن بعض المسؤولين يقولون إن هذا الرقم ليس سيئا بالنسبة لتعداد سكان يبلغ 200 مليون.

 

ويقول جي بي شارما المسؤول الرفيع في شرطة اوتار براديش "نحن أكبر ولاية من حيث عدد السكان، لكن لو نظرت إلى نسبة حالات الاغتصاب فنحن رقم 28 في البلاد".

ويضيف "إن معدل حالات الاغتصاب في اوتار براديش يبلغ 0.9 في المئة فقط.

لكن هذه التصريحات أثارت سخط الناشطين في مجال حقوق المرأة.

ويقول الناشطون إن هذه الأرقام لا تعكس الصورة الحقيقية وهي جزء صغير من الجرائم التي يبلغ عنها.

ويعود ذلك إلى أن العذرية تمثل امرا مهما في المجتمع الهندي التقليدي، كما يمثل الاغتصاب وصمة عار، لذلك لا تلجأ الفتيات والأسر إلى الإبلاغ في العديد من الحالات.