آخر تحديث :الخميس-18 أبريل 2024-10:41م

ملفات وتحقيقات


تقرير .. الحُديدة تُصارع الجغرافيا .. الانتصار للأقوى

الخميس - 14 ديسمبر 2017 - 12:17 م بتوقيت عدن

تقرير .. الحُديدة تُصارع الجغرافيا .. الانتصار للأقوى

(عدن الغد) عبدالرزاق العزعزي (العربي):

تقع الحديدة على بُعد 226 كلم من صنعاء، يحُدّها من الشرق المحويت وصنعاء وذمار وإب، وكلها مناطق تحت قبضة حركة «أنصار الله» بما فيهن الحُديدة، ومن الغرب البحر الأحمر، ومن الجنوب تعز، كما يحُدّها من الشمال محافظة حجة القريبة من صعدة، المعقل الأصلي للحركة، والتي تُحاذي الحدود السعودية.

 

موقعها الجُغرافي وتنوع تضاريسها والثروة، جعلها محل طمع الاستحواذ على الأراضي والاستفادة من مزارعها الشاسعة لدى قوى الجبل «الجبالية»، وهي قبائل من الشمال الذين تعاملوا مع أبناء الحديدة بنوع من التمييز بحسب اللون. وبسبب الطمع والتمييز، تم السيطرة عليها وفرض سياسة إقصاء بحق أبنائها وتغييبهم عن المشهد السياسي وصناعة القرار.

 

تم التحكّم بموارد الحديدة وموقعها، وطالها الكثير من التهميش، غاب صوت أبنائها في المنظمات الدولية والواقع السياسي، حتى أن أبناءها لا يتواجدون بكثرة على الساحة السياسية. والمحافظة التي تُعد ثاني أكبر محافظة من حيث عدد السُكّان، لم ترفد الساحة بإعلاميين لهم ثقلهم في المجتمع، أو مؤثرين على الساحة الإعلامية سوى بشكل نادر، ما أدّى لوضعها على هامش اهتمامات الإعلام والصحافة، على الأقل قبل انتشار صور المجاعة وقبل زيارة وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية والمنسق في حالات الطوارئ ستيفن أوبراين.

 

لم تكن التضاريس الجغرافية التي امتلكتها الحديدة محل فائدة، بل سبّبت لهم الكثير، حتى نضالهم التاريخي عبر ثورة «الزرانيق» (قبيلة من قبائل الحديدة) التي اندلعت ضد حُكم الإمام طوال عقود ما قبل ثورة ٢٦ سبتمبر ١٩٦٢، تم تهميشها تماماً وتناولها كحركة تمرّد وليست إحدى لبنات قيام ثورة 26 سبتمبر، وهذا الأمر بالذات جعل الكثير يتهم حركة «أنصار الله»: بأنها تقضي بشكل متعمّد على الحديدة.

 

مٌقاومة سرية انتهت باعتقالات:

سقطت الحديدة في نهاية العام 2014، ولم تشهد أي مقاومة شعبية للتخلّص من سيطرتها، بل شهدت مُقاومة سرية غير مُعلنة (يُرجّح أن أعضاءها ينتمون لقبيلة الزرانيق). وبحسب المعلومات المتوفّرة، فإن وزير في الحكومة الشرعية قام بتحركات يهدف من خلالها لتقديم دعم «التحالف» لـ«المقاومة»، وبعد عمليات بحث تم التواصل مع أحد مشايخ الزرانيق وإبلاغه نية «التحالف» تقديم الدعم بالسلاح عبر البحر.

 

هذا العرض قوُبل بالرفض من «المقاومين» خوفًا من تحول «المقاومة» إلى فيد، وخوفًا من تدمير المدينة، وظلّت «المقاومة» تقتصر على استهداف تحركات «الحوثيين» واستهداف عدد من الأطقم العسكرية والقيادات المُختلفة. بقيت «المُقاومة» بهذا الشكل حتى أكتوبر 2015، حين قامت «أنصار الله» بحملة اعتقالات واسعة في حارتي اليمن والحوك،‎ للبحث عن مطلوبين لهم، ويُرجّح أنه تم اعتقال الكثير من أبناء «المُقاومة» نظرًا لتوقّف عمليات الاستهداف.

 

الحُديدة تُقلق «التحالف» والجيش الأمريكي:

مثلّت الحديدة مصدر قلق لـ«التحالف»، فقد تعرضّت عدد 13 سفينة وأكثر من 10 زوارق حربية إلى استهداف من قبل القوّات البحرية والدفاع الساحلي اليمني، فيما تم استهداف بارجة عسكرية إماراتية في 29 يوليو 2017 قبالة سواحل المخا، وتم إحراق زورقاً حربياً يوم 24 من ذات الشهر أثناء قيامه بالتشويش على الرادارات اليمنية.

 

في 25 يونيو 2017 تم استهداف سفينة إنزال حربية قبالة سواحل مديرية المخا جنوب غرب محافظة تعز، كما تم في 14 من ذات الشهر استهداف سفينة حربية إماراتية في سواحل المخاء، واللافتَ هنا أنه تم تنفيذ أربع عمليات بحق البارجات خلال أقل من شهرين، ومؤخرًا هدد «أنصار الله» في 11 نوفمبر 2017 باستهداف ناقلات النفط والبوارج الحربية التابعة لدول «التحالف» في حال استمرار إغلاق ميناء الحديدة.

 

وكان الجيش الأمريكي قد أعلن في أكتوبر 2016 من استهداف بارجة أمريكية قبالة السواحل اليمنية لهجمات صاروخية مُتعدّدة، دفع البحرية الأمريكية لتنفيذ ضربات صاروخية استهدفت منصات رادار في شواطئ مدينة الحديدة على ساحل البحر الأحمر.

 

استعدادات القتال وتوافد القبائل:

مع بدايات الحديث عن معركة تحرير المحافظة، شهدت الحديدة توافد قبائل جديدة وقيادات عسكرية استعدادًا لمعركة التحرير، وضم اجتمع عسكري في مارس المنصرم عدد من قادة «الحوثيين» مع قادمين من صنعاء أبرزهم نائب رئيس هيئة الأركان اللواء علي الموشكي، والعميد موسى العريمي، نائب شؤون الضباط، والعميد يوسف حسن المداني، الذي يُعد القائد الميداني لـ«أنصار الله» والمؤثر الأول في الحركة، وقالت معلومات إن الاجتماع كان بغرض إدارة العمليات العسكرية.

 

فيما قام صالح الصمّاد رئيس «المجلس السياسي الأعلى»، وهو القائد الأعلى للقوات المُسلّحة التابعة لحكومة صنعاء، بزيارة جزيرة كمران أغسطس الماضي. كانت الزيارة المفاجئة برفقة وزير الدفاع محمد ناصر العاطفي، ورئيس هيئة الأركان العامة محمد عبدالكريم الغماري، وقالت وكالة «سبأ» في صنعاء، إن الزيارة جاءت لبحث أوضاع المواطنين في الجزيرة.

 

ويحكم «الحوثيون» قبضتهم على القرار العسكري في المحافظة بعد تهميشهم للقيادات العسكرية التابعة لحزب «المؤتمر»، وتبديل عدد منهم بقيادات "حوثية" وكل ذلك يتم بهدف الاستعداد لمعركة الحديدة.

 

وأيضاً، يحكم «أنصار الله» قبضتهم السياسية على المحافظة، وحتى يونيو الماضي كان يُديرها نايف عبدالله صغير، الملقّب «أبو خرفشة»، وهو أحد أقارب زعيم حركة «أنصار الله» عبدالملك الحوثي، ليتم استبداله بأبو إدريس الشرفي، ويديرها أمينًا العقيد عبدالحميد إسماعيل المؤيد، كمدير أمن.