آخر تحديث :الأحد-05 مايو 2024-02:25ص

أخبار وتقارير


تحليل سياسي : هل سيسقط صالح إلى الأبد ام سينتصر؟

الأحد - 03 ديسمبر 2017 - 07:19 م بتوقيت عدن

تحليل سياسي : هل سيسقط صالح إلى الأبد ام سينتصر؟

القسم السياسي بصحيفة

مثلت التطورات السياسية الأخيرة في العاصمة اليمنية صنعاء تطورا مفاجئا لكل المراقبين على الساحة السياسية اليمنية .

فبعد يوم واحد من إعلان سيطرة قوات موالية للرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح على مناطق كبيرة وسط صنعاء بات الرجل محاصرا من جديد وعرضت قناة تابعة للحوثيين صورا وتسجيلات مرئية قالت أنها لمقار مؤتمرية تمت السيطرة عليها .

ومثل هذا التحول السريع في موازين القوة في صنعاء تغيرا مفاجئا لما أعلن انه انتصار عسكري حققته قوات الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح .

وأعلن الرجل قبل 3 سنوات من اليوم تحالفا سياسيا مع حركة جماعة الحوثي التي حاربها الرجل طوال سنوات مضت وخاض معها حروب ستة انتهت بمقتل الآلاف .

ورغم حالة العداء المستحكمة بين الطرفين إلا ان تطورات سياسية شهدتها اليمن منذ العام 2011 وصولا إلى أزمة سياسية متعاظمة بين صالح والإصلاحيين ومحسن وهادي انتهت بإعلان تحالف سياسي بين الحوثيين وصالح نهاية العام 2014 انتهى بسقوط العاصمة اليمنية صنعاء بيد قوات موالية للحوثيين .

وظل صالح طوال عقود احد ابرز رجال الساسة في اليمن الذين تمكنوا من اللعب على تناقضات السياسة الخطيرة في هذا البلد الفقير فقد خاض الرجل منذ تعيينه رئيسا لليمن حروب سياسية كثيرة مع أطراف مختلفة كان أولها حربه ضد الناصريين وإقصائه لهم من المشهد السياسي وصولا إلى سيطرته المطلقة على الحكم في اليمن ثم توجهه صوب الوحدة مع الجنوبيين.

صالح والجنوبيين وحدة الدم الإلحاق

في العام 1990 أعلنت وحدة اندماجية بين شمال اليمن وجنوبه وكان الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح احد أركانها فيما كان إلى جانبه الرئيس الجنوبي السابق علي سالم البيض.

ورغم حالة الفرح والتوافق التي صاحبت إعلان الوحدة اليمنية إلا انه وبعد عامين فقط من إعلانها بدأت حالة الخلاف السياسية بين الأطراف الشريكة بالطفو فوق سطح المعادلة السياسية الوليدة يومها.

في مايو من العام 1994 أعلن صالح حربه ضد الجنوبيين لتنتهي عقب شهرين فقط بسقوط الجنوب بيد قوات تابعة له ومنذ ذلك الحين ظل الرجل الحاكم الأوحد لليمن وقام بممارسات كثيرة ظالمة بحق الجنوبيين انتهت باندلاع ثورة الحراك الجنوبي في الـ 7 من يوليو 2007 .

وتمكن صالح رغم تعاظم حركة الاحتجاجات جنوبا من البقاء على رأس السلطة وتجنب الكثير من الهزات التي تسبب بها الحراك الجنوبي لنظام حكمه .

وظل الرجل يحاول قمع حركة الاحتجاجات جنوبا ورغم ذلك ظلت حركة الاحتجاجات متقدة لكنها لم تتمكن من إسقاط نظام حكم الرجل وظل ممسكا بزمام الأمور في صنعاء وكافة مناطق الجنوب .

ورغم ان حركة الاحتجاجات الشعبية توسعت جنوبا إلا ان الرجل تمكن من تجاوز كل الصدمات التي أحدثتها حركة الاحتجاجات هذه وتمكن من الحفاظ على نظام حكمه من إي تصدعات سياسية .

ثورة 2011 وحركة الشباب.

ومع اندلاع ثورات الربيع العربية في عموم الدول العربية مطلع العام 2011 بدأ ان الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح في مواجهة تحدي سياسي جديد.

اندلعت حركة احتجاجات شعبية واسعة النطاق في صنعاء وغالبية المحافظات اليمنية الأخرى وندت جميعها بضرورة إسقاط نظام حكم صالح .وتركز الجزء الكبير من الاحتجاجات في صنعاء التي كانت معقلا لحركة المواجهات الشعبية والسياسية مع نظام صالح .

ورغم تماسك نظام الرجل بداية الأمر إلا ان انفراط عقد نظام حكمه بإعلان الجنرال علي محسن الأحمر انضمامه إلى ثورة الشباب وتتبع عشرات المسئولين صوب التخلي عن صالح وجه الضربة الكبرى لصالح يومها وتسبب بحدوث تصدع حقيقي لنظام حكمه لاحقا .

وظل صالح يصارع لأجل بقاء نظام حكمه ورغم حالة الانشقاقات يومها الآن القوة المعارضة له لم تتمكن من إسقاطه حتى بعد مرور  عدة أشهر على اندلاع ثورة 2011.

وفي أواخر العام 2011 توصلت الأطراف السياسية المتصارعة إلى تسوية سياسية انتهت بموافقة صالح على الخروج من المشهد السياسي اليمني لكنه ظل محتفظا بنصف الحكومة في مواجهة القوى السياسية اليمنية وأبرزها حزب التجمع اليمني للإصلاح .

ورغم ان صالح أعلن سابقا خروجه من السلطة في اليمن إلا انه ظل محتفظا بحضوره السياسي في عموم مناطق اليمن وظلت قواه السياسية فاعلة في مواجهة أداء سياسي ضعيف تمتع به الرئيس هادي خلال السنوات التي تلت توليته منصبه كرئيس لليمن.

وعقب 3 سنوات من استقالة صالح إلى السلطة بدأ واضحا ان الرجل يتجه للتحالف مع جماعة الحوثي التي بدأت بالتمدد خارج إطار محافظ صعدة وصولا إلى محافظة عمران القريبة من صنعاء .

وبدت السلطة الحاكمة في صنعاء التي يمثلها هادي والإصلاحيين ومحسن اشد ضعفا واقل قدرة من مواجهة التمدد الحوثي المدعوم من صالح .

سقط معسكر يقوده اللواء حميد القشيبي بيد قوات موالية للحوثيين وصالح وفرت الكثير من عناصر الإصلاح لتصل المعارك لاحقا إلى صنعاء وتنتهي بسقوط معسكر الفرقة الأولى مدرع وهروب علي محسن الأحمر خارج اليمن .

في الـ 21 من سبتمبر 2014 أعلن الحوثيون سيطرتهم على العاصمة اليمنية صنعاء ليخرجون مع إدارة هادي عقب ساعات من هذا السقوط باتفاق سياسي مع إدارة هادي عرفه يومها باتفاق السلم والشراكة .

الحرب في اليمن

ولم تمر أشهر قليلة حتى تعاظمت حدة الخلافات بين هادي والحوثيين في حين التزم صالح الصمت لكن كان يبدو واضحا ان الرجل يخطط لإسقاط حكم هادي وإحكام السيطرة عليه.

كان "صالح" يقوم بتصفية حسابات مع هادي الذي انقلب على هادي عقب شراكة عمرها 17 عام بين الرجلين انتهت بتحول هادي إلى احد ابرز أعداء صالح.

هاجم الحوثيون منزل هادي وقتلوا عدد من أفراد حراسته ووضعوه قيد الإقامة الجبرية ، كان صالح وعبر الحوثيين قد تخلص من اللواء علي محسن الأحمر والقيادات الإصلاحية الأخرى ولم يتبق في طريقه إلا هادي الذي فرض عليه الإقامة الجبرية .

وبشكل مفاجئ تمكن هادي من الهروب إلى عدن التي وصلها في 21 فبراير 2015 لتندلع عقب شهر واحد من وصوله حرب طاحنة انتهت باجتياح قوات موالية لصالح والحوثيين مناطق الجنوب .

تمكن صالح هذه المرة مستخدما الحوثيين من طرد هادي من عدن وإسقاط سلطته ، كان صالح يظن على مايبدو انه سيتمكن من فرض أمر واقع في البلاد لكن التدخل السعودي المفاجئ عبر ما أسمته السعودية عاصفة الحزم خلط كل الأوراق وجعل تحالف صالح والحوثيين في موقع صعب.

بدد التدخل الخليجي في الصراع اليمني كل آمال صالح باستخدام الحوثيين كسلم صغير صوب استعادته السلطة في اليمن لتتحول اليمن بسبب هذه الأعمال إلى ساحة حرب كبيرة جدا انتهت بتحرير مساحة شاسعة من الجنوب وقطاع لاباس به من مناطق الشمال.

ومع استمرار الحرب وجد صالح ان التحالف مع الحوثيين لم يعد ينتج إي ثمار حقيقية على الأرض .

لحظة التحول

ومع استمرار الحرب بدأت الخلافات بين طرفي التحالف في صنعاء الحوثيون وصالح تظهر على السطح ، الحوثيون المقربون من ايران بدأوا يشعرون ان صالح ربما قد يغدر بهم مع فشل كل المشاريع التي تضمنتها الحرب خلال السنوات الماضية .

فشل مخطط  الاستيلاء على السلطة في اليمن الأمر الذي دفع بطرفي التحالف في صنعاء للبحث عن طريقة سريعة للتخلص من الطرف الاخر ، تصاعدت الخلافات بين الطرفين الأمر الذي تسبب بنشوب أزمة سياسية بدأت بتبادل الاتهامات بين الطرفين لتصل إلى الاشتباكات المسلحة مؤخرا .

وقبل أيام توسعت حدة الخلاف وصولا إلى اشتباكات باتت هي الاعنف ليخرج صالح للعالم اجمع ويقول انه حان  الوقت للانتفاض ضد جماعة الحوثي.

ورغم الحديث الاعلامي الكبير يوم السبت عن انتصارات حققتها قوات صالح في صنعاء ضد الحوثيين يبدو المشهد مختلفا يوم الأحد مع تمكن قوات موالية للحوثيين من السيطرة على مناطق تابعة للمؤتمر وصالح .

ولا يبدو حتى اللحظة مصير صالح وانصاره معروفا لكنه بات من المؤكد ان المعركة الأخيرة لصالح ستخرج به صوب امرين اثنين لاثالث لهم أما الانتصار على الحوثي أو السقوط النهائي والاخير.

يمثل انتصار صالح في معركته الأخيرة ضد الحوثيين تقديمه إلى دول التحالف العربية وعلى رأسها المملكة العربية باعتباره المنقذ لليمن من الخطر الإيراني الذي ظلت كل القوى اليمنية ودول التحالف العربية عاجزة عن دحره ل3 سنوات مضت .

ولكن الرجل قد يسقط بقبضة الحوثيين وهنا قد يكون مصيره التصفية الجسدية لينتهي مصير الرجل إلى مصير مشابه للزعيم الليبي معمر القذافي قبل سنوات من اليوم .

يحبس اليمنيون اليوم شمالا وجنوبا انفاسهم لما ستستفر عنه معارك صنعاء والتي يرون أنها ربما قد تخلق واقعا سياسيا جديدا وقد تعلن امتداد الحرب إلى اجل غير مسمى خصوصا في حال ما انتهى صالح نحو نهاية مأسوية.

*من فتحي بن لزرق