آخر تحديث :الإثنين-27 مايو 2024-01:17م

أخبار عدن


خذ العبرة من افواه المجانين

السبت - 25 نوفمبر 2017 - 01:46 م بتوقيت عدن

خذ العبرة من افواه المجانين

عدن (عدن الغد) خاص:

كتب / منصور احمد عمر المرقشي

صاحب الصورة اعلاه هو محمد لا اعرف كنيته او لقبه بقدر ما اعرفه هو محمد من ابناء محافظة ابين (جعار) مختل عقيلآ بسبب التعذيب والسجن با احد الاحداث السياسية الماضية في الجنوب..
تعرفت على هذا الشخص منذ زمن طويل ومنذ مايقارب 13 عامآ واكثر منذ كنت صغيرآ وانا اعرف هذا الشخص المجنون والمختل كما يقولون..

بعد عام 90 وبعد الوحدة المشؤومة كانت هناك مخمارة مهجورة في احد الخبوت بساحل ابين عبارة عن حوش لا يوجد فيه سوى بقايا صناديق خمور وبراميل وبحيث انا كنا لا نملك منزل وسكن، قام والدي بتنضيف هذا الحوش وبناء بداخله غرفه من الخشب وطلب منا الانتقال والسكن في ذلك المكان الموحش الذي لا يوجد به لا ماء ولا كهرباء حيث سكنا هناك لسنين ..

وكان والدي كثير السفر لكونه كان يعمل سائق على الحوافل التابعة لمؤسسة النقل البري الجنوبية....تعرف والدي على هذا الشخص المختل محمد الذي كان دائم التنقل من محافظة إلى محافظة وكان والدي ينقله بمعيته ظل زمن يرافق والدي حيث كان يجده والدي في عدة محافظات منها شبوة وابين وكان يعود به إلى عدن لم يكن لهذا الشخص احد في عدن غير والدي حيث كان ياتي كل حين إلى جانب منزلنا وكنا نخرج له الاكل والملابس ..

كان ينام بجانب المنزل على الحافلة وفي الصباح يقوم بالمشي على خط ساحل ابين إلى مديريات عدن ويتجول بها ويعود بالمساء ، وعندما يعود ينتظر بعيدآ من المنزل الا ان يرى ابي عاد بحافلته من سفره يتقدم نحوه ويسلم عليه ويتسامرون إلى اواخر الليل..

بهذا المنزل تعرضنا لعدة هجمات من قبل انذال  الامن المركزي والجيش الاحتلالي وقامت معركة على هذا المنزل وسقط فيها اثنان من  الامن المركزي بقيادة طريق مدير الامن سابقآ وسجن وألدي سنتان في سجن المنصورة وتم حل القضية وبعد ذلك تم هدم المنزل ، وطول هذه الفترة ظل هذا الشخص وفيآ لوالدي ورفيقآ صادقآ برغم اختلال عقله إلى انه كان يملك بداخله حب وصدق لوالدي..

والدي تعلمون الان اين هو منذ 7 سنين عجاف وهو يقبع خلف سجون الاحتلال وطول هذه الفترة لم التقي بهذا الشخص محمد إلى ان جمعني به لقاء حميم هذا اليوم بمحطة الهاشمي بالشيخ عثمان استوقفته وصافحته وسألته هل عرفتني ضحك بقوه لانه نسي اسمي وبادر هو بسؤالي وين أحمد العبادي عاده عند الدحابيش ولا خرج ..؟

وكان يسألني عنه بشوق حتى اني لم اتمالك نفسي وبدائت الدموع تسقط ، والله اخبرته بانه مازل في السجن حزن وكان يقول ايش سوا عبدربه ليش مايفكه..!!
قلت له الله اعلم قال هذا جبان وظل يرددها وسألني عن حالي وادخل يده في جيبه وكان يقول تشتي فلوس بعطيك شكرته ومشيت معه كان اقلب الماره مستقربين منهم معاريف لاني امشي معه ..

جلست خلف فرزة الهاشمي وتبادلنا الحديث ورئيته احد صور والدي الحديثة والله اجهش بالبكاء وكان يتحدث عن والدي بالعامية ابوك صاحبي ابوك رجال كان يعطيني فلوس وكان يجيب لي ثياب كنت انا وابوك نخرج البحر في الليل ونسمر ، وكان بادي على ملامحه الحزن ... سمعت منه دعوات لوالدي كان يدعو له ويتحدث بكلام العقلاء برغم اختلاله الا انه يحمل قلبآ صادقآ ووفيآ.

بعد ان فارقته بدقائق اتصل بي والدي واخبرته بالصدفه الجميلة وبأني التقيت صديقه المجنون كما كنا نقول له سابقآ ضحك والدي واخبرني بان اعود اليه وان اعطيه المال وان ابلغه سلام والدي له وقال لي يا ولدي (خذ العبرة من افواه المجانين) وطلب مني ان اكتب عنه وعن لقائي به برغم عجزي عن وصف هذه اللحظة الا انها من اسعد اللحظات التي مررت بها..

في الاخير اسأل الله ان يشفيه وان يرد اليه عقله
واسأل الله بمنه وكرمه ان يفك اسرك ياوالدي العزيز وان يجمعنا بك وبكل محبيك في القريب العاجل.. اللهم آمين..