آخر تحديث :الخميس-02 مايو 2024-06:47ص

أخبار عدن


لست أعلم من القاتل ولكنني أعلم أن الشهيد هو أخي

الخميس - 26 أكتوبر 2017 - 06:07 م بتوقيت عدن

لست أعلم من القاتل ولكنني أعلم أن الشهيد هو أخي
صورة الطفل الشهيد عبدالله احمد ناصر الجعدني

عدن (عدن الغد) خاص:

في مساء الثاني من فبراير من عام 2016 وبينما كنت عائداً الى المنزل في الساعه 11:40 وانا أحمل في يدي بعضاً من البسكوت وعصائر التي أخذتها لاخي الصغير عبدالله ذو الاربعه اعوام ونصف كما تعودت وبينما كنت قريـباً من منزلي وعلى قارعه الطريق وحينها كان التيار الكهربائي منقطع في غير وقته، فإذا بي المح من بعيد موكب كبير لم اعلم حينها لمن، وارتـأيت ان انتظر دقائق لكي يمر الموكب من امامي بسلامه ، وبينما انا واقف انظر الى الموكب وهو ياتي مسرعاً وانا على جنبات الطريق فجاءه في وسط الموكب اذا بانفجاراً ضخم وناراً كـجهنم ترتفع الى اعالي السماء مثل قنبله نوويه القت امام منزلي وصوت عنيف مدووي يهز المنطقه بأكملها وحينها لم أشعر بنفسي وانا انقذف بعيداً وارتطم بالأرض من شدة الانفجار وقوته والشظاياء حولي تطير كانها قذايف كادت ان تمزق جسمي النحيل اشلاء وتبعثرني ، صحوت بعدها على اصوات صيحات وبكاء وعلى اصوات رصاص البنادق وارى نفسي كاني في حلم مخيف قمت من على الارض اركض نحو منزلي في وسط الظلام والدخاخين تملى المكان ولا ارى احداً ولكني اسمع صيحات الناس من كل جانب وفجاءه ارى مدرعات الموكب وسيارات كثيره مبعثره على الطريق وارى احدهم يصيح وقدمه تنزف دماً واخراً اصابعه يده مقطوعه لم اعرفهم كانوا غرباء وتابعت متجهاً الى امام منزلي  والخوف يملئني وفي مخيلتي ان منزلي قد انفجر واحترق واتسائل عن مصير اهلي واخواني وعلى ابناء حارتي الذين كانو امام يجلسون امام المنزل .

وعندما وصلت امام منزلي رايت ابي واخواني وهم يصيحون علي اين كنت ؟وأين اخوانك وجدان وعبدالله ؟ فصحت قائلاً لم أرهم لا ادري اين هم ! ومالذي حصل هنا ؟

 

اخذت هاتفي اتصل بأخي وجدان الذي كان برفقة اخي الصغير عبدالله امام المنزل قبل الحادث، ولكن لم اتمكن من الاتصال به لاني تفاجات ان شبكة الاتصال اختفت وغير موجوده في هذه اللحظه ، وفجاءه يقول لي صديقي ان الجرحى اخذوهم الى بيت احد الاصدقاء اذهب وستجد اخوانك هناك، فركضت اليهم وعندما وصلت رايتهم والدماء تسيل منهم وهم بدون وعي على الارض يصيحون من الالم ، سالت احدهم اين اخي عبدالله وأخي وجدان ، فجاوبني ان اخواني بخير ولكن اخذوهم الى المستشفى لان عبدالله اخي الصغير تعرض لاصابه طفيفه، فأخذت نفسي اركض انا وصديقي محمد الى موقع التفجير مرة اخرى ولم نجد اي سياره ولكن احد الاصدقاء اتى واخذنا على موتور (سيكل نار) وذهبنا فوراً الى مستشفى اطباء بلاحدود على امل ان يكونو هناك ولكن لم نجدهم ! وبينما كنت هناك اتصلت بعمي الذي يسكن بالقرب من المستشفى واخبرته بكل ماحصل لنا واخبرته انني ابحث عن اخواني وانني لاأدري ماذا سأفعل ، فقال لي ان ابقى في مكاني وسوف يأتي الي، واذا هي دقائق واتاني مسرعاً وأتصل ببعض المستشفيات يستعلم واخبروه ان جرحى التفجير قد اسعفوهم الى مستشفى 22مايو، واخذني الى هناك وعندما وصلنا لم نستطع ان نقترب منه بسبب الزحمه والاسعافات التي كانت لاتتوقف فترجلت على قدماي اركض الى داخل المستشفى، وفجاءه فإذا بأحدهم يسحبني الى حضنه ويصيح توقف توقف !! 

من هو ولماذا يصيح بي ؟ واذا بي ارى اخي الاكبر وجدان والدماء تسيل من كل جسمه ويده مملوئه بالشظاياء وهو يقول لي اهدى ياناصر  ! فقلت له اين عبدالله ياوجدان ولماذا هو ليس معك ؟ 

لم يجبني وظل متمسكاً بي ويقول اهدى واتى عمي وامسك بي .

حينها اخذتني افكاري الى الاسوء واخذ نبض قلبي يتسارع  اين عبدالله  ولماذا وجدان هنا وكله دماء يسيل ؟ ولم استوعب الموقف ولم اقدر على التفكير اكثر. 

وبعد عدة دقائق مرت سريعاً وفي هدوى مرعب جداً  رأيت سيارة اسعاف تخرج من ابواب المستشفى والهدوء خيم على المكان وهي تاتي نحونا بهدوء وتمر امام عياني وتوقفت بسبب الزحمه وقلبي ينبض بقوه ويداي وكل مافي جسمي يرتعش .

وتأخذني عيناي الى داخل السياره وعلى السرير  ألابيض أرى اخي الصغير عبدالله ممداً في سكون وملفوفاً بدمائه الطاهره، حينها احسست ان الدنيا ضاقت على صدري وكتمت نفسي وجسمي تثاقل وقلبي توقف ولم ارى ماحولي وسقطت وانا اصيح لا لا مش عبدالله اخوي لا لا ..! 

ويأخذني اخي وجدان بحضنه ويقول لي شهيد ياناصر أخوك شهيد ؟  .. لا اريده شهيداً اريده حي ياوجدان ! اريد عبدالله .

فدفعته مني وانا كالمجنون اقول مامات مامات ! 

واذا بأخي وجدان يرتمي على الارض مغمي عليه والدماء تسيل منه فاخذه صديقي وادخله المستشفى وكان في حالة اغماء بسبب اصابته ونزيف دمه، وبينما انا ارى جثمان اخي يمر من امامي وسقوط اخي من احضاني اخذني عمي في حضنه وطلعني السياره لكي نتبع الاسعاف الذي ذهبو به الى منزلنا محملاً بأخي الذي استشهد ! 

 

في الطريق لم اقدر ان ابكي بل لم يرتفع لساني لكي اصيح ؟ 

لا اعلم ماذا سأقول لامي وهي تنتظر  عبدالله ولاأعلم بأي عين سأرى ابي الذي قلت له انني سأعود مع اخواني لكي يتطمئن عليهم. 

وصلنا الى المنزل متاخرين بدقائق واذا بي ارى اخواني مرمون على الطريق كأنهم اموات لاينطقون بشيء ، ولاول مره في حياتي ارى والدي يبكي في صمت وعيناه محمرتان بالدم ودموعه تنزل ولايمسحها،

 ركضت بعيداً عنهم الى منزل جيراننا الذي ادخلو اخي اليه، دخلت في هدوء والناس تنظر الي وهم يقولون احتسب امرك الى الله ! 

ورأيته اممي ممداً رأيته يبتسم وعيناه مغمضتان ، من كنت الاعبه واضاحكه من كان يملئ حياتي سعاده وامل رأيته اليوم ممداً ساكناً كانه يقول لي: لقد أخذوني منكم أخذوني من الحياة بغير جرماً ولاذنب ،

لم اتمالك نفسي ولم تتمالكني الدنيا  فحضنته وارتميت اسفل قدماه تكاد انفاسي ان تتوقف وانا انزف دموعي عليه وأشتم ريحه وريحة دمه الطاهر وابوسه في عيناه البريئتان .

وحينها تاكدت ان اخي قد ذهب عنا جميعاً قد أستشهد وذهب بغير رجعه !! 

واتى عمي واخرجني من عنده وهو يواسيني قليلاً ويبكي قليلاً  ولم احتمل فهربت منهم الى الخارج بعيداً عنهم ابكي في صمت  لعل دموعي وصيحاتي تصحوني من هذا الكابوس المرعب الحزين ولكن لافائده فهذا واقع وهذا قدر وانكتب ان يحصل،

 وبعد الفجر اتاني ابي وقال لي كلام لن انساه ماحييت، قال اذهب انت واخوانك الى اخوك عبدالله وودعوه الوداع الاخير ! 

ذهبت واخبرت اخواني وذهبوا كلهم ماعدا اخي الاصغر مني رفض وقال لي ( لن اودعه الا حين اخذ بدمه من قاتله ) وذهب وعيناه تسيل بالدموع 

وبعد الفجر تقرر دفنه مع شروق شمس يوم الجمعه واخذته في حضني مع اخي الى المسجد لتكفينه والصلاة عليه وعندما ادخلوه المغسله باصرار وصياح دخلت معهم وكفنته معهم وعيوني لم تجف وقلبي متوقف بغير نبض،

 وبعد تكفينه اخذني ابن خالي وقال لي اتصل على والدتك لكي تراه وتودعه قبل ان نقبره، فاتصلت على امي واخبرتها سوف نأتي بأخي لكي تريه يـأمي وتودعيه فقالت لي ، دعو صورته في خيالي وهو حي فلاأريد ان اراه بدمائه وهو الان عند الله وقد وكلت امرنا الى الله بأن ينتقم لنا ودعواتي عليهم لن تغادر فمي مادمت حيه .

وبعد طلوع الشمس صلينا عليه واخذناه الى المقبره وانزله اخي الاكبر في قبراً صغير ودموعنا تروي ترابه ، وكل هذا واخي وجدان في المستشفى بقسم العمليات بسبب الشظاياء التي في جسمه ، لم يودع اخاه ولم يصلي عليه ولم يبكي على قبره .

وبعد كل الاعوام التي مرت على هذه الجريمه لم يتبن اي تنظيم ارهابي او اي عصابه عن هذا العمل الوحشي ولم نسمع عن تحقيقات او بحث ، كأن شيئاً لم يحدث ؟والى هذه اللحظه مازال السكوت والتكتم ومازالت القضيه مدفونه في ملفات الدوله والجهات الامنيه  التي ادارات ظهرها لنا كل هذه الاعوام.

في الاخير  اقول لكم ، اليس من حق اخ ان يعرف من قتل اخاه ، اليس من حق امي وابـي ان يعرفو من قتل ابنهم ؟ 

ولكن مازالنا املاً ورجانا بالله كبيراً بالقصاص لروح اخي عبدالله احمد ناصر الجعدني  وفي الله لايخيب الامل وكما قال تعالى ( وبشر القاتل بالقتل ولو بعد حين ) صدق الله العظيم

والى هذه اللحظه ، لست اعلم من هو القاتل ولكنني اعلم ان الشهيد هو أخي !

 

ملاحظه: القصه مختصره لما حصل لتفجير السياره المفخخه في منطقة الممداره الذي استهدف مدير امن لحج السابق العقيد عادل الحالمي كتبها ناصر احمد الجعدني شقيق الطفل الشهيد عبدالله الذي استشهد بالعملية