آخر تحديث :الجمعة-17 مايو 2024-04:50م

اليمن في الصحافة


أذكاه الحوثيون.. الفرز بالهوية قيد آخر يكبّل اليمنيين

السبت - 07 أكتوبر 2017 - 12:48 م بتوقيت عدن

أذكاه الحوثيون.. الفرز بالهوية قيد آخر يكبّل اليمنيين
هموم اليمنيين تتعاظم مع سيطرة الانقلابيين على بعض المدن

(عدن الغد) الخليج اونلاين

تعيق نقاط التفتيش تنقّلات المواطنين، خاصة في المدن المحرّرة والقابعة تحت سيطرة الانقلابيين، حتى بات السفر من مدينة إلى أخرى يمثل قلقاً لليمنيين.

يضطرّ يمنيون بسبب ذلك إلى اللجوء لطرق ملتوية سعياً للوصول إلى المدينة التي يقصدونها، وهم يؤكدون أن الحوثيين يُصعّبون سفر المواطنين إلى مناطق تخضع لسيطرة الحكومة الشرعية.

ومن غير الممكن، بحسب ياسر الجدعي، الذي سافر إلى عدة مدن يمنية، السفر من المحافظات الواقعة تحت سيطرة الانقلابيين إلى مناطق تحت سيطرة الحكومة الشرعية عبر باصات النقل الجماعي، إلا بتذاكر طيران تثبت سفرك إلى خارج اليمن.

وأوضح الجديعي، ، أنه لجأ إلى تزوير تذاكر طيران للعبور إلى عدن.

ووفقاً لقوله فإن "الحوثيين يوقفون بعض المسافرين، خاصة من هم في سن الشباب؛ خوفاً من التحاقهم بالجيش الوطني، وهو أبرز مبررات التشديد الحوثي، كما أنهم يضيّقون الخناق على تنقّلات المؤيدين للشرعية أو أسرهم".


في الجانب الآخر المتمثّل بقوات الحزام الأمني المؤيدة للشرعية في عدن، فإن مبررات التشديد في نقاط التفتيش على أبناء محافظات الشمال هو منع تسلّل الحوثيين إلى الجنوب، ومن ثم فإن منع أي شمالي لا يملك سبباً مقنعاً، مثل السفر إلى الخارج، يعد إجراءً أمنياً وقائياً.

- استفزازات متنوعة

وشكا مسافرون لـ "الخليج أونلاين" من أنهم تعرّضوا لاستفزازات لفظية، لا سيما أبناء مناطق مثل تعز، الأكثر عرضة للتدقيق؛ بسبب التصدّي الكبير الذي أظهرته محافظتهم للانقلاب، حيث يصفهم الحوثيون بـ "الدواعش" و"التكفيريين".

ومن الاستفزازات التي تُستخدم من قبل عناصر مليشيا الحوثيين فحص الهواتف النقالة وتفتيشها، والتحقيق الذي يجرى مع بعض المسافرين، الذي يتعلّق بمعرفة معلومات عن الشخص؛ هل يتقاضى أجوراً من التحالف العربي، أو يعمل مخبراً؟ فضلاً عن الفحص الجسدي؛ مثل اليدين، إن بدت عليها آثار حمل الكلاشنكوف، بالإضافة إلى إجراءات أخرى.

في أحوال كثيرة، بحسب ما يؤكد يمنيون، يجري احتجاز مواطنين، ومنع عبورهم، فضلاً عن اعتقالات تطول باستمرار مواطنين.

ويشيرون أيضاً إلى أن بعض نقاط التفتيش لا تحترم وجود العائلات، وهو أمر غير مألوف في المجتمع اليمني، الذي يعطي عُرفه قدسية للعائلات سلماً وحرباً، فضلاً عن رفع الصوت والاتهام بالعمالة في أحيان أخرى.

- تبعات وآثار

العدد الكبير من نقاط التفتيش التي تعتمد الفرز بالهوية أنتجت آثاراً وتبعات سلبية على المسافرين؛ تتمثّل أبرزها في مضاعفة مدة السفر، فعلى سبيل المثال تحوّل زمن السفر من صنعاء إلى عدن من 8 ساعات إلى 14 ساعة، ومن صنعاء إلى سيؤون نحو 24 ساعة بدلاً من 17 ساعة.

في حين يجد سكان تعز المحاصرة أنفسهم مجبرين على سلوك طريق جبلية وعرة خلال 8 ساعات، إذا ما أرادوا الوصول إلى الضفة الأخرى التي تقع تحت سيطرة المليشيا الانقلابية، بالرغم من أنها في الوضع الطبيعي لا تتطلّب سوى نصف ساعة.

وليست مدة السفر ونوعية الطريق هي ما تأثر فقط، بل إن أسعار المواصلات والنقل هي الأخرى تصاعدت إلى مستويات قياسية.

في السياق نفسه؛ فإن من يجد خطراً على تنقّله أو عبوره من نقطة ما، يلجأ للسفر عبر مهربين، وهي سوق جديدة بفعل نقاط الفرز بالهوية؛ حيث أكد أحد السماسرة أن الشخصيات المعروفة والناشطة تلجأ لهم وبأسعار كبيرة، تبدأ من ألفي دولار في المتوسط.

أما من يختار عدم السفر فيحرم من دورات تدريبية، أو المشاركة في مؤتمرات دولية، أو حضور مناسبة اجتماعية، مثلما حدث مع الأستاذ الجامعي فيصل الحذيفي، الذي لم يتمكّن من حضور حفل تخرج ابنته في كلية الطب البشري بجامعة تعز، وهو موقف جعله يذرف الدموع حزناً وفرحاً، بحسب ما ذكر في منشور له على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك".

في السياق نفسه، اضطرّ الشاب عبد الوهاب عبد الله، من سكان ريمة، إلى أن يتزوج في مأرب دون حضور أهله؛ حيث أُرسلت عروسه من ريمة إلى مأرب، لعدم قدرته على العودة إلى ريمة، وعدم قدرة أسرته على السفر إلى مأرب.

- السلم الاجتماعي

الباحث الاجتماعي والحقوقي اليمني، معاذ الذبحاني، قال إن التنقّلات بين المحافظات اليمنية أصبحت صعبة؛ فأبناء مناطق معينة لا يستطيعون التنقّل خوفاً من الاعتقال والضرب والتعامل اللاإنساني.

وفي حديثه ، وصف الذبحاني نقاط التفتيش المسلّحة بـ "الكارثة" و"المعضلة"، وأنها "تخيف الأفراد وتمنعهم من زيارة أهاليهم والتنقّل في وطنهم خوفاً من الاعتقال"، بحسب قوله.

وشدد الذبحاني على أن "نقاط التفتيش أوجدت خوفاً وقلقاً واضطراباً أمنياً لدى الموطنين، لا سيما مع إطلاق المليشيا الحوثية على أبناء بعض المناطق أوصاف الدواعش والتكفيريين".

واعتبر الباحث الاجتماعي اليمني أن أبناء البلد الواحد على وشك تجذير الانقسام مستقبلاً، لافتاً الانتباه إلى أن "تداعيات كبيرة ستطرأ بسبب انعدام الأمن والسلم الشخصي والاجتماعي والتعايش بين اليمنيين".

- خطورة التماهي

من جانبها قالت المختصة الاجتماعية، وفاء عبده: إن "نقاط التفتيش الموجودة حوّلت المدن والمحافظات إلى سجون متعدّدة، وأنهت الأمن والسكينة الاجتماعية، وهو ما عطّل مصالح المواطنين وضاعف من معاناتهم".

وأضافت ، أن "الحوثيين وبعض العناصر المحسوبة على الشرعية، التي تدعم مشروع الانفصال، أعادوا اليمن إلى حقبة العنصرية المناطقية، والفرز بالهوية لغرض الاعتقال والاختطاف والقتل".

وأشارت المختصّة الاجتماعية اليمنية إلى "وجود عصابات ومجموعات تستفيد من الوضع الحالي، وتصفّي حساباتها"، في إشارة إلى تسجيل العديد من حالات الاختطاف والنهب والقتل؛ لأهداف شخصية، بعيداً عن أطراف الحرب التي تشهدها البلاد منذ نحو ثلاثة أعوام.

وحذّرت عبده من أن "التماهي المجتمعي مع ما يتعرّض له النسيج الاجتماعي الناتج عن الانقسام السياسي يشكّل منزلقاً خطيراً، قد يصعب معه إعادة الأمور إلى نصابها بعد نهاية الحرب".