آخر تحديث :الإثنين-06 مايو 2024-02:08م

شكاوى الناس


انقذوا الطبيب أحمد حسين بلال أشهر وأفضل طبيب بجراحة الصدر في اليمن

السبت - 02 سبتمبر 2017 - 09:38 م بتوقيت عدن

انقذوا الطبيب أحمد حسين بلال  أشهر وأفضل طبيب بجراحة الصدر في اليمن

كتب / د قاسم المحبشي

 

سمعت عنه قبل عام ١٩٩٠ بوصفه طبيباً محترماً في مستشفى الملكة إليزابيث الجمهوري لاحقاً! وعرفته عام ١٩٩٥م بعد الاجتياح العسكري القبلي التكفيري الجهوي الغاشم للعاصمة عدن ٧/٧/١٩٩٤م. إذ كانت عدن وأهلها ونخبها المدنية في وضع الصدمة والخوف والذهول، جراء ما شهدته من اجتياح مهوول في بضعة أشهر إذ تم تدمير كل رأسمالها المادي والرمزي ونهب وتجفيف كل ما كان يدل عليها ويحفظ شخصيتها وهويتها البحرية المدنية السياسية الجنوبية الثقافية الحداثية المستنيرة التي كانت تمنحها المعنى والقيمة والتميز على مدى تاريخها الطويل.
في لحظة الفجيعة والهزيمة والخوف والندم كنا نبحث عن أي شيء يواسينا في مصابنا الجلل هذا وكان الدكتور أحمد حسين بلال العدني المولد الجنوبي الجنسية من النخب العدنية المدنية الناشطة الفاعلة التي لم تستسلم لليأس والهزيمة، في تلك اللحظة التراجيدية التي تطلبت رجالا من نوع خاص عرفت الدكتور أحمد حسين بلال وتعرفت عليه عن كثب بعد جلسات متكررة في خورمكسر والمنصورة وكريتر، كنا مع بعض الزملاء نبحث في كيفية مواجهة هذا التحدي الوجودي الساحق لمدينتنا وحياتنا وتاريخنا. إذ كان السؤال الملح : أن نكون أو لا نكون ! تلك هي المسألة.

الدكتور أحمد بلال عرفت طبيباً ماهراً في جراحة الصدر بل كان يعد بشهادة الكثير من الأطباء أكبر جراح صدر في الجزيرة العربية. وعرفته مثقفاً مستنيراً وناشطاً مدنياً فاعلاً وفعّالاً يتميز بروح إيجابية عالية، كان الابتسامة الودودة لا تفارق محياه في أحلك الظروف وهو بذلك كان يبث فينا مشاعر الأمل ويمنحنا بعض السلوى والزاد الروحي لمواجهة واقع تلك الأيام الخانق. كان الصديق العزيز أحمد بلال شديد التفاؤل بالمستقبل وعلى قناعة تامة بأن عدن ستنهض من كبوتها في قادم الأيام وعلى نحو لم يكن بالحسبان بحسب ما كان يقول بثقة عالية ونظرة استشرافية للمستقبل.حينها كنا نتداول فكرة مشروع علاج ما بعد الصدمة وكان مقترحه أن نعمل تكتل مدني في ظل ما كان مسموحاً به في ظل القبضة الحديدية للاحتلال الشمالي الغاشم فكرنا طويلا وتواضعنا على تأسيس جمعية السلام الوطني والاجتماعي بوصفها عنوانا عريضا لتفعيل المقاومة المدنية السلمية بادوات متاحة، وكانت المقاومة المدنية السلمية بالكتابة والكلمة الهادفة وبث روح الأمل والايجابية بين الناس كإحدى الرهانات الاستراتيجية التي كنا نشتغل عليها في تلك الأيام. واتذكر الأن أنني كتبت مقالا بعنوان: من أجل السلام الاجتماعي، في الصفحة الاخيرة من صحيفة الأيام حاولت فيه أن اكشف عن الأسباب الضرورية لتحقيق السلام والاندماج الاجتماعي الفعّال. ومقالا آخرا بعنوان : شعب يبحث عن هوية! نشرته حينها في ذات الصحيفة.

وكان الدكتور أحمد بلال شديد الإعجاب بما أكتبه من مقالات واتذكر أنه كان يزودني بملاحظات قيمة جدا. بقينا على اتصال بين الحين والأخر الى أن تفرقت بنا السبل وقبل عشرة أشهر التقيته في جولة الثقافة بخورمكسر تبادلنا التحية بشوق ولهفة وسألته عن احواله كان يبدو عليه الإعياء والتعب والانكسار وأخبرني بانه لم يفارق عدن في أيام الحرب والحصار والغزو الحوفشي الأخير رغم حصوله على الكثير من الفرص والعروض المغرية للعمل في السعودية والخليج بل ظل يمارس عمله الطبي الجراحي في المستشفى الجمهوري الذي احبه فأخلص في محبته حتى في أسوأ حالات اللوجستيكية بكل إمانه ومسؤولية ولكنه للأسف الشديد بعد كل ما قدمه لمجتمعه وبلده ووطنه ومدينته ومهنته الطبية الهامة وبعد عمر طويل وقد أفنى حياته وقد جاوز السنين من العمر كوفي بالنكران والإهمال ويترك بهذه الصورة المزرية في غرفة مظلمة فوق سرير حديدي في المستشفى الجمهوري يصارع المرض لوحده دون أن يلتفت اليه أحد من المعنيين بأمره الذين تقع عليهم مسؤولية وواجب العناية به وعلاجه وانقاذه بل وتكريمه ومنحه ما يستحق من مكانة وقيمة وتقدير واعتبار!
وقد صدمت حينما شاهدت صورته وهو ملقي على سرير المرض بهذه اللقطة المهينة وهو بين الحياة والموت بعد أن أصيب بجلطة دماغية.
اين وزارة الصحة ؟ اين الحكومة الشرعية؟ اين
النخب المدنية والمنظمات الإنسانية ؟! اين المجلس الانتقالي الجنوبي ؟ اين دول التحالف العربي؟ اين مناضلوا العشر الدقائق الاخيرة ؟! الا يستحق أشهر وأكبر جراح صدر في اليمن الاهتمام والعلاج في أفضل مستشفيات العالم؟!
انقذوا الطبيب المحترم أحمد حسين بلال
لان أهماله بهذه الطريقة المهينة لا ينقص من قدره بل يجعل العار والخيانة تلاحقكم الى حيث ما كُنتُم !