آخر تحديث :الخميس-28 مارس 2024-07:45م

أدب وثقافة


حلقات كتاب " الموروث الثقافي للمرأة العدنية" ((1))

الأحد - 26 يونيو 2011 - 11:53 ص بتوقيت عدن

حلقات كتاب " الموروث الثقافي للمرأة العدنية" ((1))
تراث المرأة العدنية قدم لنا نموذجاً حياً لماهية هذه المدينة ذات الوظيفة الحضارية عبر تاريخها الطويل

عدن ((عدن الغد )) خاص:

ينشر "عدن الغد" ابتداء من اليوم سلسلة حلقات من كتاب الموروث الثقافي للمرأة العدنية لمؤلفته الكاتبة والباحثة في علوم الآثار والموروث بعدن د. أسمهان العلس.

 

وكان الكتاب قد صدر عن الهيئة العامة للكتاب في اليمن في نوفمبر من العام الماضي و يقع في 178 صفحة  ، وضم الكتاب إهدائيين الأول من الكاتبة لامها  والى عدن الحبيبة ، ومقدمة بقلم يوسف الحربي .

 

و  الكتاب مقسم لجزئيين فالأول الموروث الشفهي للمرأة العدنية متضمنا  200 من الأمثال والأغاني  قالتها المرأة أو قيلت عنها ، و الجزء الثاني  جسد العادات والتقاليد الاجتماعية للمرأة العدنية في مناسبات كثيرة كالزواج والولادة ، الوفاة والطب الشعبي وزيارات أولياء الله الصالحين التي كانت متبعة وتقاليد للمناسبات المختلفة وحرفا شعبية .

 

كما يحتوي الكتاب على نوعية الملابس وأدوات التجمل والزينة التي تميزت بها المرأة في الأفراح والأحزان والمصوغات الذهبية  ،  واستعمالها للزينة من عطور وطيب وبخور وخضاب وحنا، وهناك عدد من النساء يزاولن ومازلن  صنع الزينة  لاكتساب الرزق وتحسن مستواهن  الاقتصادي ، و الكتاب في طياته صورا  عن الموروث الثقافي للمرأة العدنية .

 

واستندت  د. أسمهان العلس في كتابها على عدد من المراجع و الرواية الشفهية  لشخصيات مقيمة في عدن من كبار السن باعتباره منهجا عالميا حديثا لتوثيق التاريخ و التراث . 

 

والكتاب يعد مرجعا كبيرا للمهتمين بالتراث وتذكير للأجيال السابقة بالماضي وثقافته السائدة وتحفيز الأجيال الجديدة والقادمة للتعرف على الكثير من تلك الموروث منه مازال وبعضه اندثر مع الحداثة والعولمة . 

 

 

 

المبحث الأول : - الموروث الشفاهي

     يأخذ الموروث الشعبي الشفاهي أشكالا متعددة، وذلك بتعدد أساليب ومناسبات التعبير المستخدم  فيها هذا المورث ودرجة تنوعه، ومنها ما يأخذ جانب التعبير الأدبي، ويقدم على شكل نغم وإيقاع وموسيقى كالأغنية، والرقص وما شابه ذلك، ومنها ما يلقى على هيئة نص أدبي يلتزم بالوزن والقافية إلى حد ما، ويحمل في مضمونه نصحاً وتجارب، ويطلق عليه الأمثال والحكم التي هي خلاصة تجارب المجتمع ومستودع قيمه وأخلاقياته . كما لا ننسى،ونحن ندرس هذا المخزون الثقافي، أنه نتاج علاقة الإنسان بواقعه الاجتماعي والاقتصادي ، وفي أثناء قراءتنا له يجب أن نكشف عن هذا الواقع ونبحث في تأثيره على هذا الموروث ، بل ودوره في صياغة الوعي الاجتماعي ، قاصدين من ذلك تفكيك هذا المنتوج الثقافي اللغوي وتحليله والكشف عن العلاقة المتبادلة بين الواقع الاجتماعي والوعي المجتمعي بقضايا المرأة ، ساعين من وراء ذلك البحث عن صورة المرأة في الذاكرة الاجتماعية .

     وتتناقل الأجيال الموروث الشعبي الشفاهي ، بكل إبداعاته الفنية، وذلك عبر طرق وأساليب مختلفة، منها السرد والتلقين ونقل التجارب. ولا يغيب عن بالنا أن تصنيف التراث عملية معقدة، وذلك بسبب خصوصيته وتعدد مكوناته وتداخلها. ولذلك أدعو إلى عدم الإستهانة بمناهج التحليل وطرقها المستخدمة في دراسة هذا الموروث. ونحن في هذا البحث نكتفي بتجميع المادة الفولكلورية، كما جاءت على ألسنة رواتها، وتصنيفها وتحليلها وتحديد غطائها الزمني، إن أمكن، والبحث في تأثير العوامل الجغرافية والأحداث التاريخية في ظهور هذا الموروث وما اكتنفت مضامينه من تعبيرات ورمزية وإيحاء.

أولا :- الأدب الشعبي

 يُعرّف الأدب الشعبي بأنه مجموعة من الفنون الأدبية أُصطلح على تسميتها "بالشعبي"، لأنها تجري على لسان العامة، وبلغة شعبية معبرة عن ظواهر اجتماعية. كما أنها مصدر لتصوير واقع الإنسان ونمط حياته وتفكيره وعلاقته بالمتغيرات من حوله، وحدود علاقته بالآخرين. ولهذا الأدب وظائف اجتماعية وثقافية محددة تتبلور في حفظه للعادات والتقاليد، وحرصه على النقد والإصلاح الاجتماعي والسياسي ونقله للتجارب الشخصية والعامة بغية أخذ العبرة والعظة منها.

وعندما ندرس الأدب الشعبي، فإننا نوجه أدواتنا صوب هذا الإنتاج الذي صنعه المجتمع، والذي تمتد جذوره عبر التاريخ، ويجهل المجتمع قائل أبياته ومنسق أمثاله، لكن هذا المجتمع يرددها بإحساس أنها إنتاج الشعب، ولا يتذكر عنها سوى أنها صوت الشعب وعلاقته بالماضي، وكلما تقادم الزمان عليها كلما أغناها الإنسان من تجاربه، فنلمس اختلافا في مقاطعها من لسان إلى آخر. كما نلاحظ تغييرا في تراكيبها اللغوية أو تلونا في موسيقاها ، إلاّ أن الشعب يظل يرددها غير مكترث بهذا التغيير.

وللأدب الشعبي اليمني علاقة وثيقة بالمرأة اليمنية، فعلى لسانها صيغ معظمه وانتشر، وتناقلته الأجيال واختزنته الذاكرة، وتضمنت سطوره أسرار وهموم وتطلعات المجتمع بشكل عام، وعبر فنونه المختلفة حددت المرأة صورتها في ذهن المجتمع وصورة الآخرين لها. ولذلك، تعد دراسة مكونات هذا الإنتاج الأدبي مسألة لها دلالات مهمة في البحث في أوضاع المرأة. وعلى بساطة هذه الفنون، فإنها تشكل مدخلاً يعكس النشاط الاجتماعي والثقافي للمرأة. ويؤدي الوقوف أمامها إلى حقيقة مفادها: إن للمرأة تراثاً اجتماعياً إلى جانب تراثها البيولوجي، وهو تراث ينبغي أن يستمر، إذ أنه نابع من انتمائها إلى جماعة أو تجمع له نشاط، ولديه جذور وتاريخ. ولذلك، فإن دراسة هذا التراث دراسة متعمقة وجادة، سيخدم في نهاية المطاف الدور الاجتماعي للمرأة، وذلك من خلال توضيح تأثير الموروثات الثقافية في دور المرأة في التنمية، عن طريق دراسة آليات تصحيح مضامين هذا الأدب، وإعادة استخدامه واستثماره لصالح هذه القضية.

الأغنية الشعبية:

تعد الأغنية الشعبية ملمحاً بارزاً في الأدب الشعبي ، إذ تجتمع فيها مضامين وخصائص هذا الأدب، ويتوفر فيها الكلمة والموسيقى والإيقاع الراقص. كما أنها وسيلة للتعرف على المستوى الاجتماعي، وذلك من خلال موضوعها، ومفرداتها وتراكيبها اللغوية وموسيقاها الراقصة المتصلة بالحانها وأوزانها ، والمناسبة التي قيلت فيها. ومن هنا، فإنه من الضروري توجيه أدوات البحث العلمي لسبر أغوار ذلك المجهول من أدب المرأة العدنية ، حتى يستقيم منهج البحث في فولكلور المرأة ، وذلك بالكشف عن تراثها الغنائي. والباحث في أغاني المرأة سيكتشف أن مضمون أغاني المرأة يرتبط ارتباطا وثيقا بشيئين، أولهما: وجود علاقة بين أداء المرأة لأغانيها ومزاولتها لمهامها المعيشية اليومية، وثانيهما: وجود صلة بين هذه الأغاني والوضع النفسي والاجتماعي للمرأة. وعلى ذلك لا عجب أن تأتي أغاني المرأة متعددة الأشكال متنوعة المضامين، منها أغاني الهدهده "الملالات، أو ملاعبة الأطفال، التفاخر بالنسل، أغاني الأعراس، بكائيات الأحزان، أغاني الحب والعتاب والمعاناة، أغاني  سياسية واجتماعية أخرى.

تأتي أغاني الملالات ، - كما يطلق عليها في اللهجة العدنية- ، في مقدمة الأغاني التي ولعت بها المرأة . وسميت كذلك لأن المرأة تبدأ هذه الأغاني بترنيمة موسيقية كمدخل وذلك باستخدامها كلمة " ليلي – ليلي ليلي للاب لابي". كما كانت (ساعة الهندلة للأطفال) ساعة ملائمة عند المرأة لصياغة أغانيها وترديدها كنوع من الدغدغة لطفلها، ووسيلة لإدخال السرور إلى نفسها. وفي دراستنا لهذه الأغاني لاحظنا أنها تحمل معاني عميقة، وذلك بانطوائها على حاجة واضحة لدى المرأة، واكتنافها لنظرة فلسفية تعكس هموم المرأة، كما أنها ترمز إلى بعد اجتماعي ملحوظ لهذه المرأة على النحو الذي سنوضحه حيثما ورد.

النموذج الأول من الأغاني:- أغاني الهندلــة: 

أرقد يا بْني رقـدة السـلامة

  وجارية وخدامــــــة

  تبكر بك المعـلامــــة

 بالعـز والحشامـــــة

يا رب هـبْ لي وهـــب

هـب لي قريطه من ذهـب

هب لي بنيّه بين البنات تلعب

رب النوم         يا رب النوم

رب النوم          فلان بلا نوم

 هواني يا هواني      ربي أعطاني

عطية معانـي          من السماء أعطاني

   دمج داني            أبن الطلياني

 

ولاب لابي لبني             لما صبوحك  ياتي

 صبوح أبني زبدة           وسكر نباتي

  وا جارية تناولي            وهاتي

هاتي صبوح سيدك         من العماتي والخالاتي

ونومة المغاسل              رب السما لك حارس

   ونومة النشيرة               حدود أبوه والجدة

   وخطيبة أبني تجري      من ساقية لا عبر

 

  شبّك شباب البكري      شبك شباب وهنا

    شباب لا يتعبني

شبّك شباب البكري                   ماهو شباب الدخني

  واللي في خيره يغني                وشبّتك تفرحني

   والاب لابي لابني                    سلاي وطربي

  واموز عادك رابي                   واعمبر المخابي

   وأبني بناك الباني                  بسواعده ركاني

     بناك يوم الجمعة                  والناس يوم ثاني

    ولاب لابي لبنتي                 محبتك واجبري

                من ليلة الولادي

   من ليلة مطيلة               أمسي فيها رايح واجي

  يوم العرق شراشر                  والجبين نادي

ولاب لابي لبتي وبت الجبار        وبت الرعية التجار

  نوم الشرقي شارقي ومالي           من كل شر يهديك

        نوم الشراقي

 

النموذج الثاني:-

  ابني قرأ بالمعلامة            وسمّع كل قاري

   إذا قرا سمّع كل قاري

     وراح وقالوا من ذا القاري

      قال الإمام بازوجه بنتي

    وبفدي بمالي

   لو مال أمه فضة أنا مالي ذهب وريالي

    واني فدا أبني القاري

     لاقرا وصوته عالي

     ولاقرا في المسجد

      سكّت كل قاري

      لاقرا في البيت

      تسمعوا ياجيراني

    لى جزعة أبن السلطان

       قال من ذا القاري

   بازوجه كريمتي باردف له بمالي

    قال ابني كذبت ياأبن السلطان

     أنا بمالي ومال أخوالي

     ومال أبي وأمي بكتال بمكيال

والنموذجان المذكوران أعلاه يجسدان تفاخر المرأة الأم بمولودها الذكر، بل وتذهب المرأة بعيدا بهذا التفاخر بالتعبير عن تميزه بحصته من الميراث من أموال أمه وأبيه وأخواله ، ذلك وفقا لتعاليم الشريعة الإسلامية " للذكر مثل حظ الأنثيين "

 

 والمتمعن في أغاني الهندلة السابق ذكرها يلمس تصويرها لبعد اجتماعي ملحوظ في كل المجتمعات الشرقية، إذ يبدو فيها تفاخر الأم بذريتها من البنين، وهو تفاخر ناتج عن سيادة الثقافة الذكورية، المتضمنة تحديد دور المرأة أو تهميش وضعها في الحياة، وإن كانت قد عرجت هذه المرأة في بعض أغانيها على ذكر البنت، إلاّ أنه ذكر طفيف لا يقارن. وقد حملت هذه الأغاني مضموناً تربوياً جرى نشره وتعزيزه بين الأوساط الاجتماعية. وفي تحليلنا لهذه

الأغاني نجد أن المرأة في بعضها كانت قد ترجمت دون وعي شعورها بدونيتها الناتجة في حقيقة الأمر عن أساليب التربية المبكرة ومصادر التنشئة الاجتماعية التي انتهجتها الأسرة والمجتمع تجاهها بشكل عام، وعبرت من خلالها، دون إدراك، عن موقف سلبي من هذا الكائن الأنثوي . وجاءت هذه الأغاني حصيلة لهذه التربية، وإن كانت الصورة الدونية للمرأة العدنية، كما رصدناها في أغانيها، تكاد لا تذكر، مقارنة بما احتوته الأغاني الشعبية لمجتمعات عربية أخرى، والمصورة للمرأة في أوضاع وصور مؤلمة تعزز من تحقير المرأة وتصغيرها. وفي رصدنا لهذه الأغاني شدنا ظهور صوت ثان للمرأة، معبرا عن قيم جديدة مؤيدة للبنت، ومتفاخرة بنسلها، وإن كان هذا الصوت خافتا، مقارنة بهيمنة الصوت الأول المتفاخر بنسله من الذكور. ولذلك، يتجلى من دراستنا لهذه الأغاني أن هناك حضوراً نسائياً يبدي عدم قبوله للصوت الأول، ويسعى إلى نقدها، لكن بمفهومه الخاص، ممهدا بذلك لصياغة جديدة للوعي الاجتماعي الذي يجب أن يتقبل الذكر والأنثى على حد سواء.

والنموذج الآتي  من هذه الأغاني يصور الصوت المناهض للذكورية، وذلك من خلال  تباهى المرأة برغبتها في زيادة ذريتها من البنات، كاتجاه من قبل هذه المرأة للبحث عن ذاتها، في رد مقصود منها إلى المرأة  المتفاخرة بذريتها من البنين، لكنها بالمقابل تشير إلى حرص البنات على رعاية الوالدين أكثر من الأولاد .

· يارب هب لي من البنات عشر وعادهم قليـلات
ثنتين يقولوا يامي ويـا أم خواتـــي

 وثنتيين يقولوا ذا ناقص وذا وافـــي

  ثنتين يقولوا غسلوا أمي بمي صافي
 وثنتين يقولوا كفنوا أمــي كفن وافــي

 وثنتين  يقولوا ودعوا أمي وأم خواتي
  وثنتين يقولوا يا لله ببعلي يأتي
 يخرَّجوا أمي قبل الشمسية تحمي
  وثنتين يتقبلوا المعزيات

وفي الاتجاه ذاته تتفاخر أم البنات بقولها

اللي بلا بنات تموت بالحسرات     فراشها ممدود للريح والسوافي    فراشها ممدود ما عليها باكي

    

 وعلى الرغم من البعد الواضح في هذه الأغاني المعبرة عن فرحة الأم بنسلها من البنات، إلا أنها تظل نوعا من التفاخر بالدور الأنثوي للمرأة في إطار واجباتها الأسرية، مجسداً الصورة النمطية للنساء ، ولا تعكس لنا هذه الأغاني تطلع الأم وفرحتها بذريتها من البنات  كعضوات في المجتمع لهن دور اجتماعي واضح ، ولم تتطلع المرأة "الأم" من خلاله إلى دور اجتماعي واضح لبناتها. وقد جسدت المرأة بواسطة هذه الأغنية مضامين التنشئة الاجتماعية التي تفرق بين الذكر والأنثى، تلك التنشئة التي تعشعش في أذهان مجتمعنا، مكرسة لدونية المرأة، متطلعة إلى صورة المرأة المنشغلة بالحياة الأسرية فقط.

  ويعد التمييز بين الذكر والأنثى جزءا من قضية عامة في المجتمع العربي بشكل عام، وهي ليست علاقة تحرر أو مساواة فقط ، كما أنها لا ترتبط بمستوى التمدن في مجتمع دون آخر، لكنها نتاج اتجاه تربوي مرتبط بالوعي الاجتماعي لأفراد ذلك المجتمع، الذي سيطرت عليه الثقافة الذكورية، وانعكست مضامينها وأشكالها في سلوكيات ذلك المجتمع ، وتمثلت في اتجاهاته التربوية والاجتماعية والثقافية، كما أن هذه الثقافة لا ترتبط بالمستوى التعليمي للفرد، بل أن صور هذه الثقافة ظلت راسخة في وجدان المجتمع اليمني حتى أيامنا المعاصرة، على الرغم من انتشار التعليم بمستوياته المختلفة بين صفوف الأهالي، وبعد أن حملت المنعطفات التاريخية التي مرّ بها مجتمعنا الكثير من ملامح التحديث وسمات المعاصرة، إلا أن هذه المتغيرات لم تترك تأثيرا بارزا في الوعي الاجتماعي، وهذا ما تعكسه سيادة الثقافة الذكورية في الواقع الاجتماعي والثقافي الذي نعيشه، والذي يصور لنا غلبة هذه الثقافة على روح القوانين الوضعية النافدة في بلادنا. ويعزز من هذا الرأي قول سامية الساعاتي ((إن الثقافة الذكورية تعطي الأولوية للرجل "الذكر" مع تهميش دور المرأة وعدم الإعتداد بها، ومنذ الميلاد وسنوات الطفولة الباكرة يجري تقبل هذه التفرقة والعمل بمقتضاها، ويعد عنصر التقبل لها عاملا مهما في ترسيخ قيم الذكورة والمبادئ التي تقوم على هذه القيم)).)

   وللنساء نهج آخر في تصوير علاقتهن بأولادهن، والأغنية التالية تقدم لنا صورة مختلفة لهذه العلاقة عن سابقاتها، إذ تواصل الأم في هذه الأغنية  التفاخر بالأولاد، وتمتد بهذا التفاخر إلى أحفادها الذكور ، وتترجم درجة علاقتهم بها، ولا تميز في درجة الحب بين أحفادها من أولادها أو بناتها  إلاّ أن مقداراً من الحذر والكراهية يبرز في الأغنية التالية مصورة علاقة المرأة بزوجة الأبن، واصفة إياها "بالعدوة"  

الحبيب أبن العدوة جرني جرة قوية : رمزا لحفيدها من الأبن "

 

 وفي الوقت ذاته تقول المرأة "الأم" مصورة علاقتها الحميمة بأبنتها بقولها:

الحبيب أبن الحبيبة جرني جرة هنية " رمزا لحفيدها من أبنتها " وفي هذا الأغنية غاب تماما هذه المرأة الكشف عن مضمون علاقة المرأة بزوج أبنتها.

 

في تصوير آخر لهذه العلاقة  جسدت أغاني النساء العلاقة غير الحميمة بزوجة الابن، من جانب، والمكانة التي أصبحت تحظى بها المرأة لدى زوج أبنتها من جانب آخر، وذلك على النحو التالي:-

· رحت لا عند أبني
  هروا الكلاب علياَّ
  رحت لعند بنـتي
  يا مرحبا وحيّــا
  يا مرحبا بالوالـدة
  اللـي بدت عـليا

 

وقد يكون من الممكن أن تكون هذه الأبيات على لسان الزوجة ذاتها، إلاّ أنها دليل على قدرة المرأة الأبنة على فرض وجود أمها في منزل الزوجية، وتصوير الحفاوة التي تعامل بها

 

*الحلقة القادمة .. أغاني الأفراح والمناسبات