آخر تحديث :الأحد-12 مايو 2024-05:55م

ملفات وتحقيقات


قصة انقلاب وإنهاء طموحات إيران.. تقرير: (عاصفة الحزم).. والتحول الاستراتيجي العربي

السبت - 01 أبريل 2017 - 06:14 م بتوقيت عدن

قصة انقلاب وإنهاء طموحات إيران..  تقرير: (عاصفة الحزم).. والتحول الاستراتيجي العربي
الرئيس عبدربه منصور هادي لحظة وصوله الرياض عقب ساعات من انطلاق عاصفة الحزم

عدن(عدن الغد)اليوم الثامن:

مثل التدخل العربي في اليمن عن طريق "عاصفة الحزم" لدعم الحكومة الشرعية في مواجهة قوى الانقلاب (الحوثي والرئيس المعزول علي عبدالله صالح) انتقال القرار العربي من ردة الفعل إلى المبادرة للدفاع عن قضايا الأمة العربية.

الحوثيون والمخلوع صالح اللذين تلقيا دعما كبيرا من طهران لأجل اسقاط اليمني لمصلحة عدو المنطقة لتهديد أمن واستقرار الإقليم العربي والخليجي تحديداً

"عاصفة الحزم" قرار عربي استطاع ان ينقل العرب من ردة الفعل إلى الإمساك بزمام المبادرة للدفاع عن قضايا الأمة ضد التهديدات التي كان تسعى لزعزعة أمن واستقرار البلدان العربية والخليجية على وجه التحديد.

تشابه القرار الذي اتخذته دول الخليج والدول العربية المشاركة في عاصفة الحزم, مع قرار عربي سابق اتخذه الملك فيصل بن عبدالعزيز فيما عرف بحرب أكتوبر (تشرين الأول) 1937م, وهي الحرب التي استخدمت فيها الدول العربية سلاح النفط لإجبار إسرائيل على الانسحاب من الأراضي العربية التي أحتلها في 1963م.


في أغسطس (آب) 1973 في إطار التحضير لحرب أكتوبر، أجتمع العاهل السعودي الملك فيصل والرئيس المصري أنور السادات في الرياض, لبحث التوصل إلى أتفاق بموجبه يستخدم العرب (سلاح النفط) كجزء من الصراع العسكري مع إسرائيل.

وعرفت أزمة النفط عام 1973 أو صدمة النفط الأولى بدأت في 15 أكتوبر 1973، عندما قام أعضاء منظمة الدول العربية المصدرة للبترول أوابك (تتألف من الدول العربية أعضاء أوبك بالإضافة إلى مصر وسوريا) بإعلان حظر نفطي " لدفع الدول الغربية لإجبار إسرائيل على الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة في حرب 1967, التي تُعرف أيضاً باسم نكسة حزيران وتسمى كذلك حرب الأيام الستة, هي الحرب التي نشبت بين إسرائيل وكل من مصر وسوريا والأردن بين 5 يونيو (حزيران) 1967 والعاشر من الشهر نفسه، وأدت إلى احتلال إسرائيل لسيناء وقطاع غزة والضفة الغربية والجولان وتعتبر ثالث حرب ضمن الصراع العربي الإسرائيلي؛ وقد أدت الحرب لمقتل 15,000 - 25,000 عربي مقابل 800 في إسرائيل.

في الـ16 من أكتوبر (تشرين الأول ) 1973, أعلنت الدول العربية (السعودية،الجزائر العراق، الإمارات العربية المتحدة، الكويت، وقطر) رفع الأسعار من جانب واحد بنسبة 17 ٪ إلى 3.65 دولار للبرميل الواحد، وإعلان خفض الإنتاج.

القرار العربي السابق تشابه مع القرار الذي اتخذه الملك سلمان بن عبد العزيز خادم الحرمين الشريفين.

 

القرار العربي بـ(عاصفة الحزم)

 

هاجمت القوات الموالية لطهران الحكومة الشرعية في اليمن, في مساع كان الهدف منها إخضاع المياه الدولية في البحر العربي وخليج عدن لصالح المد الفارسي الساعي لتهديد دول الخليج العربي والمنطقة.

 


بداية الانقلاب في اليمن ومبادرة (عاصفة الحزم) لردع العدوان على عدن

 

في بلدة مران بصعدة نمت جماعة الحوثي – وهي جماعة سلالية تعتنق المذهب الشيعي الاثنا عشري- وتمكنت اثر الدعم الذي كانت حكومة طهران تقدمه لهذه الجماعة من خوض ستة حروب مع القوات اليمنية, وسط اتهامات وجهت للرئيس المخلوع علي عبدالله صالح بدعم هذه الجماعة بهدف إنهاك خصومه المعارضين لحكمه, حيث زج بقيادات عسكرية معارضة له وأخرى قيادات مرتبطة بجيش دولة اليمن الجنوبي الذي تعرض للتدمير على يد قوات صالح في حرب 1994م.

 

انتقال الميليشيات الحوثية من صعدة إلى صنعاء

 

تمكنت الميليشيات الحوثية وبدعم من المخلوع صالح والقبائل الزيدية الرافضة لحكم أول رئيس يحكم اليمن من خارج المذهب الزيدي, من التوغل في بلدة عمران ومنها إلى العاصمة اليمنية صنعاء.

في الـ21 من سبتمبر (أيلول)2014م, اجتاح الحوثيون العاصمة اليمنية صنعاء عسكريا بعد نحو شهرين من إسقاطهم لمدينة عمران, ذات الأغلبية الزيدية.


دخول الحوثيون وهم أقلية شيعية من بلدة مران في صعدة, العاصمة اليمنية صنعاء كان بحجة التظاهر لإسقاط قرار رفع الدعم عن المشتقات النفطية في مطلع أغسطس (آب) من العام ذاته.

وقع في ذات اليوم (وثيقة السلم والشراكة), في محاولة من الرئيس هادي لتجنيب اليمن الحرب, ودعا في تصريحات إيران إلى رفع يدها عن بلاده, لكن تلك الدعوة لم تلق تجاوب من طهران التي استمرت في دعمها للحوثيين بالسلاح والمال.

 

اتفاق السلم والشراكة

 

(السلم والشراكة الوطنية) هو إتفاق سياسي يمني وُقع في 21 سبتمبر (أيلول) 2014 لتسوية الأزمة بين الحوثيين والسلطات والمكونات السياسية في اليمن، ورفض الحوثيون التوقيع على الملحق الأمني التابع للإتفاق حينها وتم التوقيع عليه في 27 سبتمبر.

وأحتوى الملحق الأمني سبعة بنود أهمها تأكيد ضرورة بسط نفوذ الدولة واستعادة أراضيها، وإزالة التوتر السياسي والأمني من صنعاء، بالإضافة إلى تشكيل لجنة مشتركة لوقف جميع أعمال القتال في محافظتي الجوف ومأرب وفق فترة زمنية محددة.


واتهم الرئيس هادي في 26 سبتمبر أيلول 2014م, الحوثيين بعدم احترام الإتفاق ودعاهم للانسحاب من صنعاء التي يسيطرون عليها منذ توقيع الإتفاق.

 

خطف مدير مكتب هادي

 

في الـ17 من يناير (كانون الثاني)2015م, أختطف مسلحون حوثيون مدير مكتب الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي, أحمد عوض بن مبارك, أثناء ما كان في طريقه للقاء بالرئيس هادي وأعضاء لجنة شكلها هادي في الـ9 من مارس (آذار)2014م لصياغة مسودة دستور لجديد ليمن اتحادي من ستة أقاليم, وهو ما اعترض عليه الحوثيون, وخطفوا مدير مكتب هادي, ليتم الإفراج عنه ولكنه بعد عشرة أيام وبعد ان قدم هادي استقالته، احتجاجا على اقتحام صنعاء والانقلاب على وثيقة العهد والشراكة.

 


اقتحام القصر الجمهوري ومحاصرة الرئيس والحكومة

 

ساهمت القوات الموالية للرئيس المخلوع علي صالح والتي تتمركز في معسكر الصباحة غرب العاصمة من إسقاط الحوثيين وقوات الفرقة الأولى مدرع, بالإضافة إلى رفض القوات الموالية للجنرال علي محسن الأحمر القيادي في إخوان اليمن (الفرقة الأولى مدرع) من مواجهة الحوثيين, لتفاجئ أولية حراسة الرئيس هادي بهجوم مسلح يشنه الحوثيون والقوات الموالية للمخلوع صالح القصر الجمهوري ومنزل الرئيس هادي في شارع الـ60.


يقول جمال علي؛ هو جندي في حرس الرئيس هادي لـ(اليوم الثامن) " قبل الهجوم على القصر فوجئنا بانسحاب عساكر ينتون إلى محافظات شمالية, فوجئنا لاحقا بالميليشيات الحوثية تقترب من (مواقع الحراسة) ودارت اشتباكات بيننا قبل ان نتلقى أوامر بعدم المواجهة, وحوصرنا في مقار سكننا, وكنا لا نعتقد أننا سوف نخرج من صنعاء, لكن أحد ضباط الحرس الجمهوري كان يقود عناصر الميليشيات الحوثية طلب منا البقاء في سكننا, لكن فوجئنا لاحقا بأن الميليشيات تطلب منا تسليم كل أسلحتنا الشخصية".

يصمت قبل ان يواصل حديثه" قلنا لهم أننا لن نسلم سلاحنا مهما كان وسوف نواجه, ونفضل الموت على ان نسلم سلاحنا, وكنا جميعنا من محافظات الجنوب, وسمح لنا بالمغادرة إلى باب اليمن, لكن هناك رفاقا لنا أطلقت عليهم الميليشيات الرصاص وإصابة أحدهم قبل ان تقوم بمصادرة كل الأسلحة التي كانت بحوزتهم وحتى الأموال أخذوها".


وقال جندي أخر من الحرس الخاص بالرئيس هادي طلب التحفظ على أسمه " ليلة الـ20 من خرجنا من صنعاء بأسلحتنا, ليلا, لكن فوجئنا بعناصر من القاعدة تنصب لنا نقطة في محافظة البيضاء, تنتظر مجيئنا, وحين وصلنا طلبت تلك العناصر منا تسليم السلاح, مع ان الأسلحة كانت مخفية, وحاول سائق الحافلة التي كانت تقلنا مع المسلحين بأن كل من في الحافلة لسوا عسكريين, لكنهم أصروا على تفتيش السيارة, وتقديم هوياتنا ليكتشوا مع أحدنا هوية عسكرية ليأمر أحدهم العناصر بقتلنا لكن سائق الحافلة انطلق بسرعة عالية وهم يطلقوا علينا النار مما تسبب في إصابتي إنا بجراح في قدمي واستشهاد زميل لنا الله يرحمه".. واستمرت الميليشيات تحاصر الرئيس في منزله وصولا إلى تقديم الاستقالة.

 


الرئيس وأعضاء الحكومة يقدموا استقالتهم

في الـ22 من يناير (كانون الثاني) 2015, أعلنت الحكومة اليمنية التي يترأسها الدكتور خالد محفوظ بحاح استقالتها, للرئيس هادي, الذي بدوره أعلن بعدها بساعة تقديم استقالته لمجلس النواب.


لكن تلك الاستقالة لم يتم النظر فيها عقب رفض البرلمانيين الجنوبيين المشاركة في عقد جلسة للبرلمان في صنعاء وإعلان برلمان الجنوب تضامنه مع الرئيس وأعضاء الحكومة.

خروج الرئيس من صنعاء

في الـ21 من فبراير (شباط) 2015م, تمكن الرئيس هادي من الإفلات, والفرار صوب عاصمة الجنوب عدن, ليعلنها عاصمة بديلة لصنعاء التي سقطت بيد الميليشيات الحوثية وإتباع الرئيس المعزول علي عبدالله صالح.

كيف خرج هادي من صنعاء؟

رغم مرور أكثر من عامين على خروج الرئيس هادي من صنعاء إلى عدن إلا ان قضية خروجه ظلت طي الكتمان.

في احد إحياء مدينة عدن يسكن احد حراسة منزل الرئيس هادي في صنعاء, كان على معد التقرير ان يلتقي به, وبالفعل " طلبت للجلوس معه في احد المقاهي الشعبية في المدينة, وتناول الشاي دون ان أفصح له عن سبب لقائي به في البداية, لكن لاحقا قلت له أريد اعرف تفاصيل خروج الرئيس هادي من صنعاء نحو عدن".


كان في البداية مترددا حذر , لكنه وافق لاحقا على الحديث مشترطا وجود مكان أخر غير المقهي الشعبي, ذهبنا نحو ساحل صغير في المدينة وهناك جلسنا, وبدأ بالحديث " حين كان الرئيس هادي محاصراً عقب تقديم الاستقالة يتعرض لهجوم إعلامي وسياسي كبير من العديد من الأطراف اليمنية وأبرزها زعيم الانقلابيين الحوثيين عبدالملك الحوثي الذي كان ينتقد هادي على سبب تقديم استقالته.

في ليلة الخروج من صنعاء, دخلت بعثة طبية تستقل مركبة خاصة, والتقت تلك البعثة بالرئيس هادي, الذي كان يعاني من ظروف صحية صعبة, ثم غادرت, وفي اليوم التالي عادت تلك البعثة من جديد, ودخلت المنزل لكنها سرعان ما غادرت, حاولنا كحراسة في البوابة تفتيش المركبة لكن هناك الـ(شخص نتحفظ على أسمه) قال لنا دعوها تمر لا تفتشوها, وبالفعل مرت.

وما هي إلا ساعات واذا بنا نتلقى اتصالا هاتفيا من رقم مفتاحه (01) صنعاء، يخبرنا أحد معاوني الرئيس هادي بأنهم وصولوا بالسلامة إلى العاصمة عدن، وان علينا الالتزام الهدوء.

وبعد ساعات من وصوله عدن، بثت وسائل إعلام خبر وصول الرئيس هادي إلى عدن، قبل ان يعلن سحب استقالته، وإصدار قرار بتحويل عدن إلى عاصمة مؤقتة لليمن.

وأصدر هادي بيانا أكد فيه سحب استقالته، في الوقت الذي لا يزال أغلب أعضاء الحكومة محاصرون في صنعاء من قبل الميليشيات بما في ذلك رئيس الحكومة خالد بحاح.

وقصف الطيران العسكري الذي استولى عليه الحوثيون والمخلوع صالح أكثر من مرة قصر معاشيق مقر إقامة الرئيس هادي.

 

طهران تمد الحوثيين عبر المطار بالدعم المالي والعسكري

 

 

وفي الأول من مارس (آذار) 2015م, وعلى خلاف الدعم اللوجستي الذي قدمته طهران لحلفائها في صنعاء بشكل سري, فتح الحوثيون الأجواء الجوية ومطار صنعاء لدعم طهران الذي كان الهدف منه مواصلة سيطرتهم على البلاد واجتياح مدينة عدن والسيطرة على باب المندب.

وهبطت في مطار صنعاء الدولي طائرات إيرانية, في حين أعلنت جماعة الحوثي فتح رحلات يومية بين صنعاء وطهران.

وأعلن مسؤولون إيرانيون بأن عاصمة عربية رابعة سقطت بيد حلفاء طهران في المنطقة العربية.

إقالة الموالين للمخلوع صالح في عدن يفجر الصراع

استعان الرئيس هادي باللجان الشعبية, وهي تشكيلات قبلية مسلحة شكلت في العام 2011م لمواجهة تنظيم القاعدة في بلدة لودر إلى الشمال من عدن.

ودخلت تلك اللجان في مواجهات مسلحة مع عناصر الأمن المركزي, على خلفية اغتيال القيادي الجنوبي خالد الجنيدي, في معسكر 20 بحي كريتر.


وفي الـ3 من مارس (آذار) 2015م, أصدر الرئيس هادي قرارا جمهوريا بإقالة العميد عبدالحافظ السقاف قائد قوات الأمن المركزي الموالية للحوثيين وقوات المخلوع صالح, لكن هذا القرار قوبل بالرفض من قبل عبدالحافظ السقاف .

وبعد أيام من فشل وساطة قام بها مسؤولون حكوميون في عدن لإقناع السقاف بقبول قرار الإقالة, إلا انه رفض وتحجج بأن البديل له العميد ثابت جواس المتهم بقتل مؤسس جماعة الحوثي حسين بدر الدين الحوثي, في الحرب السادسة التي شهدتها صعدة في العام 2009م.

وتراجع هادي عن قرار تعيين جواس, وعين بديلا للسقاف العميد العميد عدلان الحتس, إلا ان السقاف أصر على التمرد, وقاد انقلابا داخليا على هادي لاحقاً في الـ19 من مارس (اذار) 2015م.

 

وزير الدفاع يفر من صنعاء ويصل عدن

 


في الـ7 من مارس (آذار)2015م, أفلت وزير الدفاع اللواء محمود الصبيحي الذي كان قد قدم استقالته ضمن حكومة بحاح, من قبضة الحوثيين إلى عدن لينضم الرجل الأقوى عسكريا إلى جانب هادي الذي كان يترقب معركة مصيرية مع الحوثيين وقوات المخلوع صالح.

المخلوع يهدد باجتياح الجنوب مرة ثانية

 

في الـ9 من مارس (آذار) 2015م عقد الرئيس المعزول علي عبدالله صالح لقاء مع شخصيات تابعة له تنتمي إلى محافظة تعز اليمنية.

وتعهد في خطاب له باجتياح مدن الجنوب اليمني مرة أخرى عقب اجتياح سابق في منتصف تسعينات القرن الماضي, أثناء انقلابه على مشروع الوحدة السلمي الذي تم بين البلدين الجارين, ولكن هذه المرة بالتحالف مع الحوثيين, في حين تحالف في المرة الأولى مع الإخوان المسلمين.


وقال صالح حينها في خطابه مهاجما الجنوبيين " في 1994م حددت لهم ثلاثة منافذ للهرب, لكنه هذه المرة ليس أمامهم إلا منفذ واحد هو البحر الأحمر إلى جبوتي".

 

قوات الأمن المركزي تدشن الانقلاب في عدن

 

صبيحة الـ19 من مارس (آذار)2015م, هاجمت قوات الأمن المركزي التي يقودها المتمرد العميد عبدالحافظ السقاف, مطار عدن الدولي الذي تحرس اللجان الشعبية الموالية للرئيس هادي, ودارت بين الطرفين اشتباكات مسلحة, أنظمت إلى قوات السقاف كتائب من الحرس الجمهوري والقوات الخاصة التي كان يقودها نجل الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح.


وتوسعت المعارك, حيث انضمت قبائل من أبين وشبوة إلى جانب القوات الوطنية لإخماد تمرد السقاف, لتنتهي الحرب بفرار السقاف وبعض عناصره صوب مدينة تعز على خلفية وساطة قادها محافظ لحج السابق أحمد المجيدي المقرب من المخلوع صالح، لإخراجه من عدن.

وبعد إخماد تمرد السقاف عاودت مقاتلات تابعة لسلاح الجو اليمني لمحاولة قصف قصر معاشيق إلا ان الدفاعات الجوية تصدت لها.

وأتهم السقاف لاحقا قوات عسكرية موالية للمخلوع صالح بخذلانه، في الانقلاب على هادي في عدن.

 

هادي يطالب دول الخليج بالتدخل

 

طالب الرئيس عبدربه هادي في الـ23 من مارس (آذار) 2015م دول الخليج وقوات درع الجزيرة التدخل وفرض حظر جوي على القوات الجوية التي استولى عليها الحوثيون, وتحاول استهداف قصره في معاشيق بعدن.


وقال وزير الخارجية رياض ياسين إن الرئيس عبد ربه منصور هادي طلب من دول مجلس التعاون الخليجي تدخل قوات درع الجزيرة في اليمن لوقف تحركات الحوثيين, والقوات الموالية للمخلوع صالح.

ولفت ياسين في تصريحات صحفية نشرت يوم الـ24 من مارس (ذار)2015م, إلى أن الرئيس هادي طالب أيضا الأمم المتحدة بفرض حظر جوي للطيران لمنع الحوثيين من استخدام المطارات الخاضعة لسيطرتهم.

 

مواجهات شرسة بين شمال اليمن وجنوبه

 

 

وأتت تصريحات وزير خارجية هادي حينها بالتزامن مع معارك شرسة كانت تدور في بلدة كرش الواقعة في الشريط الحدودي السابق بين اليمن الجنوبي والعربية اليمنية سابقاً.

وحين كان المقاومون يدافعون عن بلادهم ضد قوات المخلوع علي عبدالله صالح التي يرونها قوات احتلال جديدة لبلادهم.

ودعا الحراك الجنوبي الذي ينادي باستعادة دولة اليمن الجنوبي السابقة الجنوبيين إلى الذهاب نحو حدود البلاد للدفاع عنها ضد الغزو الشمالي.

هادي زيارة إلى قاعدة العند لم يكتب لها النجاح

في الرابعة من فجر يوم الـ25 من مارس (آذار) 2015م أنطلق الرئيس هادي يرافقه عدد من المسؤولين المحليين والأمنيين صوب قاعدة العند الجوية, التي كان قادة عسكريون موالون للمخلوع صالح يستعدون للانقلاب, وتفجير معركة داخلية في حين استعدت قوات موالية للانقلابيين في بلدة العشش بلحج, حيث فوجئ موكب الرئيس هادي بإطلاق النار عليه ما دفعه للعودة إلى عدن.

ضابط رفيع في قصر الرئاسة يروي تفاصيل خاصة عن العملية

كان علي أن التقي بضابط رفيع في عمليات رئاسة الجمهورية أو حرس الرئيس هادي, استلقيت دراجة نارية, للمرور عبر طرق جبلية نحو بلدة الضابط المقرب من هادي للجلوس معه, تبعد عن بلدة لودر بأبين نحو 20 كيلو متراً.

بعد رحلة شاقة وصلت إلى البلدة التي التقيت فيها الشخص الذي كان مسؤولا مقربا من هادي, كان وصولي إلى البلدة مع موعد رفع آذان صلاة المغرب.

أخذني بيدي نحو المسجد الذي يقع وسط البلدة, كان الضابط الذي نتحفظ عن نشر أسمه، قد ترك البزة العسكرية منذ خروج هادي من عدن صوب الرياض, في مارس 2015م ولم يعد يمارس أي عمل.

في الطريق إلى المسجد كان يرحب بي بزيارته إلى منزله،

عدنا عقب الصلاة إلى منزله المتواضع جداً, وهناك قدم لنا واجب الضيافة, لكنه عاد لتناول (أوراق القات).

وبدأ بالحديث عن قصية سقوط عدن وخيانة بعض المسؤولين.

وقال الضابط " خرج الرئيس هادي في الرابعة فجرا يوم الـ25 من مارس (آذار) من قصر المعاشيق باتجاه العند وصل إلى قريب من لحج (19 كيلو متر تقريبا), وكان يريد ان يتجه إلى قاعدة العند وعندما كان في الطريق أبلغه شقيقه اللواء ناصر منصور هادي, بأن يعود إلى عدن لأن قاعدة العند تحت سيطرة الحوثي والمخلوع صالح, وأثناء عودته عدن ابلغه محافظ العاصمة حينها عبدالعزيز حبتور بأن عدن قد سقطت بشكل كامل لمصلحة الحوثيين وقوات المخلوع صالح".

شعر هادي بالخيانة

"كان الوضع متوتر للغاية فحياة الرئيس في خطر, وهو جالس في منطقة بين عدن ولحج والحراسة التي معه قليلة".. متابعا " كان حديث حبتور مع هادي تأكيد على خيانته له, خصوصا وانه قال ان القوات الموالية للحوثيين وصلت قصر معاشيق في كريتر".


ويضيف " كان حبتور يسرب معلومات إلى وسائل إعلام ووكالات أنباء أن عدن سقطت بيد القوات الموالية للحوثيين والمخلوع صالح", في محاولة منها لإرباك الوضع في عدن لمصلحة الغزاة الجدد".

واصل الضابط حديثه عن قصة سقوط عدن بعد ان وضع في فمه بعض أوراق القات" أتصل احمد الميسري قائد اللجان الشعبية الجنوبية (عين لاحقا وزيرا للزراعة), بالرئيس هادي وطلب منه البقاء في مكانه (في منطقة بين لحج وعدن), وقال له سوف أذهب إلى أبين وأتي بمقاتلين لتحرير عدن, وحين وصل الميسري إلى عدن وجد ان العاصمة بيد اللجان الشعبية الجنوبية, وكل ما نشر غير صحيح, وأبلغ بالرئيس هادي بان عدن تحت سيطرة الجيش الوطني والمقاومة الجنوبية وبان مزاعم حبتور كاذبة".

هادي يتعهد بالقتال في عدن

 

يتابع الضابط روايته " عاد هادي إلى القصر وعقد اجتماعا مع معاونيه ومكتب عمليات رئاسة الجمهورية عند الـ1 ظهراً , وأجرى مكالمة هاتفية بقائد المنطقة العسكرية الرابعة اللواء عبدربه الطاهري, وطلب منه الحضور إلى قصر معاشيق, وقال له هادي بصريحة العبارة سوف نقاتل ولن نغادر عدن مهما حصل, لكن قائد المنطقة العسكرية تأخر في الحضور إلى قصر معاشيق ووصل عند الخامسة مساءً, وحين وصل أبلغ الرئيس هادي بان عدن تم السيطرة عليها من قبل الحوثيين والقوات الموالية لصالح, وليس هناك خيار إلا ان نهربك خارج عدن".

يتابع "كان هادي غاضباً للغاية, خصوصا وأن وسائل الإعلام قد نشرت خبرا ان هادي غادر عدن عبر البحر إلى الكويت".

ويضيف " لعلك تتذكر حينها حين اتصلت عليه لتسألني عن مصير الرئيس هادي وقلت لك انه لا يزال في عدن؟, يومها كان الرئيس موجودا وكنت صادقا في ما أقول لك, المهم شعر الناس في عدن ان العاصمة سقطت والبلد تحت سيطرت الغزاة , وأقول لك أنهم دخلوا ينهبوا القصر والرئيس لا يزال في الداخل".

هادي يخرج من عدن دون مرافقين

 

وقال " خرج الرئيس هادي والناس تدخل إلى القصر لنهبه, وكان مرافقا له نجله جلال ورئيس جهاز الأمن القومي اللواء علي حسن الأحمدي، وعمليات رئاسة الجمهورية دون مرافقين, وسلكوا طريق أبين شبوة, وهناك أتت 15 مركبة عسكرية عليها مسلحين من القبائل لمرافقة هادي نحو حضرموت, وهناك أتصل هادي بالسلطات في حضرموت وطلب منهم تجهيز قصر الرئاسة في المكلا إلا ان احد المسؤولين أخبر هادي بأن كل تلك القوات في المكلا موالية للمخلوع صالح, غير هادي من خط سيره وأتجه نحو المهرة ومنها إلى حدود عمان وهناك أتت له طائرة خاصة ونقلته إلى مسقط ومنها إلى الرياض".

انطلاق عاصفة الحزم

وحين ما كان هادي يترجل في سواحل المهرة أتاه الخبر اليقين بأن عاصفة الحزم قد انطلقت, ربما أنه كان على إدراك ان دول الخليج لن تترك جنوب اليمن وعدن فريسة سهلة لطهران العدو التاريخي.

وتمكنت عاصفة الحزم, وهي أول عملية عسكرية تمكنت من تحييد سلاح الجو لدولة أخرى في الدقيقة الأولى لانطلاقتها..

هادي يصل الرياض

الخميس الـ26 من مارس (آذار) 2015, ترجل الرئيس اليمني الشرعي عبدربه منصور هادي من على متن طائرة عسكرية في مطار قاعدة الرياض الجوية, حيث كان في استقباله الأمير محمد بن سلمان وزير الدفاع رئيس الديوان الملكي المستشار الخاص لخادم الحرمين الشريفين ورئيس الاستخبارات العامة خالد بن علي الحميدان.

فتحت الطائرة بابها ليرجل منها الرئيس هادي مرديا قميصا أبيضاً وربطة رأس بيضا, مبتسما ابتسامة عريضة, فهو وصل إلى الرياض عقب ساعات من انطلاق عاصفة الحزم العربية, وتمكنها من تحييد الطيران العسكري الذي استولى عليه الحوثيون والمخلوع صالح وتدمير مخازن أسلحة ومنصات صواريخ.

هاجم الحوثيون وقوات المخلوع صالح عدن بكل وحشية، وتساقطت القذائف فوق المدنيين في مختلف الاحياء، في حين كان المقاومون الجنوبيون يقاتلون تحت راية وشعار وطني وقومي، فالعدو القادم لا يريد احتلال بلادهم فحسب، بل تهديد دول الأقاليم.

فالحرب التي يخضونها دفاعا عن عدن، كانت دفاعا عن عواصم عربية أخرى، وكذا عن المياه الدولية.

وتوالى الدعم العسكري العربي للمقاومين حتى تمكنوا من تحرير مدن جنوب اليمن عقب اربعة اشهر من القتال الشرس، وتدخلت الى جانب القوات الوطنية قوات إماراتية كانت كفيلة بتحرير مدن الجنوب والانطلاق صوب تحرير مدن يمنية، الأمر الذي يؤكد ان الخطر الإيراني عن اليمن والخليج العربي قد زال وفي طريقه إلى الهزيمة.

تبددت احلام طهران بقرار عربي هو الابرز في مسيرة العرب، وتظل عاصفة الحزم الحدث الابرز عربيا وعالميا.