آخر تحديث :الثلاثاء-06 مايو 2025-10:44ص
من هنا وهناك

أسطورة غزو الفضاء تقترب من عالم الواقع.. بعد أن ضاقت الأرض الحل قد يكون في استيطان الفضاء

الجمعة - 24 فبراير 2017 - 02:23 م بتوقيت عدن
أسطورة غزو الفضاء تقترب من عالم الواقع.. بعد أن ضاقت الأرض الحل قد يكون في استيطان الفضاء
وكالات (واشنطن)

لا يزال العيش في الفضاء حلما للعديد من الأشخاص، ورغم كونه من الأحلام بعيدة المنال حاليا، إلا أن بعض الكواكب التي تبدو شبيهة بكوكب الأرض توحي بإمكانية استيطانها، من ذلك الاكتشاف الذي أعلنت عنه وكالة الفضاء والطيران الأميركية ناسا مؤخرا المتعلق بالنجم ترابيست 1، وهو نجم بارد بالقدر الكافي الذي يسمح بوجود مياه وربما بوجود حياة فيه.

ويشكل الاكتشاف الذي أعلنت عنه ناسا مفاجأة من العيار الثقيل، حيث تم العثور على سبعة كواكب شديدة الشبه بالأرض. ووصف هذا الاكتشاف بأنه الأكبر في هذا المجال، وذلك منذ الإعلان عن اكتشاف كوكب شبيه بالأرض في العام الماضي.

وقال علماء وكالة ناسا في مؤتمر صحافي، إن الكواكب السبعة المكتشفة تدور حول نجم يعُرف باسم “ترابيست 1” ويبعد عن الأرض بمسافة تقدر بحوالي 39 سنة ضوئية، وهي مسافة صغيرة نسبيا، بالمقارنة مع الكواكب الشبيهة التي تم اكتشافها سابقا. وتفيد البيانات الأولية عن احتمال وجود حياة على سطح هذه الكواكب مشابهة للحياة على سطح الأرض نظرا إلى أن التلسكوبات الفضائية أظهرت معطيات توضح احتمال وجود الماء السائل وغاز ثاني أكسيد الكربون وجزيئات الأوزون في المجال الجوي للكواكب المذكورة.

 

نظام شمسي آخر

 

قال كبير الباحثين مايكل جيلون من جامعة ليج في بلجيكا للصحافيين “هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها رصد كواكب كثيرة بحجم الأرض حول نفس النجم؛ وهي المرة الأولى التي يتوصل فيها علماء الفضاء إلى اكتشاف نظام شمسي آخر كواكبه تتميز بنفس حجم نظامنا الشمسي وتعيش في الظروف الجوية المناسبة، وهو الأمر الذي يستمد منه هذا الاكتشاف أهميته”.

الكواكب الداخلية الستة الأولى المكتشفة تدور حول نجمها في فترة مدارية مقدرة بـ1.5 إلى 13 يوما، وقد استخدم الباحثون تلك المعلومة للحصول على كتل تلك الكواكب

وبحسب الورقة العلمية التي أعدتها “ناسا”، فإن العقود الماضية شهدت اكتشاف الآلاف من الكواكب خارج مجموعتنا الشمسية، عبر استخدام طريقة قياس الضوء العابر لرصد الكواكب الشبيهة بالأرض، فعندما يمر كوكب ما أمام نجم ما، فإن الكوكب يحجب قدرا من الضوء عن ذلك النجم، وهو الأمر الذي يوفر للعلماء مجموعة من المعلومات عن حجمه.

لكن الباحثين في ناسا استخدموا طريقة جديدة لكشف مجموعة الكوكب الجديدة، إذ قاموا بعكس العملية برمتها. فمنذ عام 2010 إلى الآن يقوم العلماء برصد النجوم القزمة صغيرة الحجم أولا والتي تصلح لدعم الحياة في الكواكب المحيطة بها، ثم يقومون برصد الكواكب بعد ذلك، واستنباط المعلومات الخاصة بتحليل الغلاف الجوى في النهاية.

ورصد الباحث الرئيسي في الدراسة مايكل جاليون، منحنيات الضوء الصادرة من الكواكب في 19 سبتمبر الماضي، بعد أن اكتشف وجود النجم قبل أكثر من عام، وتابع الباحث مسارات تلك الكواكب طيلة الشهور الماضية، حتى تمكن من التعرف بشكل لا لبس فيه عن فترات مرورها المدارية، التي تعرف بكونها الفترة اللازمة لأي جرم فلكي سواء كان كوكبا أو قمرا طبيعيا أثناء سيره في المدار.

وقالت ناسا إنها لاحظت أن الكواكب الداخلية الستة الأولى المكتشفة حديثا تدور حول نجمها في فترة مدارية مُقدرة بـ1.5 إلى 13 يوما، وقد استخدم الباحثون تلك المعلومة للحصول على كُتل تلك الكواكب.

واستخدم الباحثون أيضا طرقا متطورة متعلقة برصد الكواكب الخارجية للتنبؤ بالأطوار المدارية للكواكب السبعة المكتشفة حديثا، وقالت ناسا إنها لا تزال بصدد دراسة احتمالية وجود مياه على سطح الكواكب الشبيهة بالأرض، وهو الأمر الذي ربما يكون داعما للحياة بشكل أو بآخر.

الكواكب المكتشفة تبعد عن الأرض بمسافة تقدر بحوالي 39 سنة ضوئية

 

وكشفت ناسا أبرز 10 معلومات عن الكواكب المكتشفة، أولها أن 3 كواكب منها لديها ظروف جيدة لتتطور عليها الحياة بالفعل، وثانيا أن الكواكب السبعة جميعها قد يحتوي على الماء، وثالثها أن هذا الاكتشاف يعد الأكبر من نوعه للوكالة، حيث لم يسبق لها اكتشاف نظام شمسي يحتوي على حياة بهذا القدر.

ورابع المعلومات، أن الكواكب السبعة تعتبر قريبة نسيبا من الأرض، فهي على بعد 39 سنة ضوئية فقط، وخامسا أنه وفقا للإمكانيات الحالية، فإنه لكي يتم الوصول إلى تلك الكواكب سيستغرق البشر رحلة قدرها 44 مليون سنة.

وسادسا، أن الكواكب السبعة المكتشفة قريبة جدا من بعضها لدرجة أنه يمكن لساكني أحد الكواكب رؤية الكوكب الآخر، كما يرى البشر القمر، وسابعا أن قرب الكواكب من بعضها البعض يستبعد إمكانية وجود أقمار تابعة لها، وثامنا أنه خلال 10 سنوات على الأقل سيتأكد علماء ناسا مما إذا كانت هذه الكواكب عليها كائنات حية أم لا، وتاسعا، أن نجم ترايبست-1 يبعد حوالي 325 تريليون ميل، وهو نجم صغير بالنسبة إلى الشمس، ويقع في كوكبة الدلو، وعاشرا أن الكوكب “ترابيس وان آي”، أحد الكواكب السبعة، شديد الشبه بالأرض، فهو يقع على نفس المسافة بين الأرض والشمس وبنفس حجم كوكب الأرض.

والسنة الضوئية هي واحدة من أهم وحدات القياس التي تستخدم في المسافات البعيدة في علم الفضاء، وهي المسافة التي يقوم الضوء بقطعها خلال السنة الواحدة. وتبلغ سرعة الضوء نحو 300 ألف كيلومتر في الثانية الواحدة، ومن هنا فإن المسافة التي يقطعها الضوء في الدقيقة الواحدة تقدر بـ 18 مليون كيلومتر، أما المسافة التي يقطعها في السنة الواحدة فهي 9.46 تريليون كيلومتر.

التلسكوبات الفضائية تظهر معطيات توضح احتمال وجود الماء السائل وغاز ثاني أكسيد الكربون وجزيئات الأوزون في المجال الجوي للكواكب المكتشفة

 

إنقاذ البشرية

 

منذ العام 2009 وإلى الآن، اكتشف العلماء نحو 4000 كوكب، منها أكثر من 13 كوكبا شبيها بالأرض، ويعد الكشف عن الكواكب الشبيهة بالأرض أحد أهداف علم الفلك الحديث، بسبب الأخطار المتزايدة التي يتعرض لها كوكب الأرض، واحتمالية نشوب حرب نووية مفاجئة أو ظهور سلالات جديدة من الفيروسات.

وأعلنت ناسا مؤخرا أن كيبلر اكتشف منذ إطلاقه 715 كوكبا جديدا أضيفت إلى قائمة الكواكب خارج النظام الشمسي، ليصل عددها إلى قرابة 1700 كوكب. وأرسل المسبار كيبلر إلى الفضاء في مارس 2009، في مهمة لاستكشاف ما إذا كانت هناك حياة في مجرة درب التبانة، ورصد مساحات من الكون يعتقد أنها تحتوي على ما يقرب من 100 ألف نجم شبيه بالشمس، ويحمل كيبلر معه أقوى كاميرا خصصت لأداء مهمة فضائية حتى الآن.

وترسم مختلف هذه الاكتشافات صورا أفضل لمستقبل البشرية التي يقدم لها عالم الفيزياء البريطاني ستيفن هوكينغ نصيحة بالهرب إلى خارج حدود كوكبها واستيطان الفضاء من أجل ضمان مستقبلها.

وقال عالم الفيزياء براين كوكس، في إجابة على سؤال حول أهمية برامج الفضاء وإشكالية تحديد تمويلها، “إنه لو كانت في عصر الديناصورات برامج للفضاء، لكانت حية الآن”.

وتجد هذه الفرضيات تأكيدا لها في تصريح بريس أوليفر ديموري، وهو أستاذ في مركز الفضاء بجامعة برن وأحد معدي ورقة عن الكواكب الموجودة حول النجم ترابيست-1، بأنه “في إطار الجهود للبحث عن الحياة في أماكن أخرى، فإن هذا النظام ربما يكون هو المكان المرجح”.

وقال كبير العلماء في وكالة ناسا توماس زوربوتشين إن “الاكتشاف يعطينا دلالة على أن العثور على أرض (كرة أرضية) ثانية ليس مجرد مسألة إذن، ولكن متى؟”.

وركز الباحثون على العثور على كواكب صخرية بحجم الأرض تكون درجات الحرارة فيها ملائمة لأن تكون المياه -إن وجدت- في حالتها السائلة، وهو شرط يعتقد أنه ضروري للحياة. وقال عالم الفلك أموري تريود، من جامعة كامبريدج، “أعتقد أننا قطعنا شوطا مهما نحو اكتشاف إن كانت هناك حياة في الخارج”.