آخر تحديث :الأحد-28 أبريل 2024-07:24ص

أدب وثقافة


بامعـبد .. قافلـة الحرير التي تأهـت في صحـارئ النســيان

الأربعاء - 15 فبراير 2017 - 08:53 م بتوقيت عدن

بامعـبد .. قافلـة الحرير التي تأهـت في صحـارئ النســيان

كتب / برهان باسردة

تحت ظلال أشجار النخيل الباسقة وبين خرير المياه الكبريتية و المعدنية الحارة في مدينة رضوم , ترعرع ونشأ شاعرنا وأديبنا العملاق / أحمد محمد بامعبد , فأخذ من النخيل بساقة الشعر ومن تمرها أطيب قطوف الأدب , أما مياة الشفاء فقد أخذ من حرارتها سخونة العشق والغزل ليخط لنا بيراعه الذهبي حروف تجعل القلب وحده من يرفرف عند سماعها وكلمات لها تأثير أشبه نوعاً ما بتأثير تلك المياه على مكامن الجروح وأوكار الوجع والألم عند الأغتسال بها.

لم يكن أدبه قط يتبلور في قضية معينه أو يتمحور في فكرة محددة أو يدور في دائرة مغلقة , فمن واحات الحب والرومانسية ينتقل بنا إلى براكين الثورة وحمم الثوار ... فتصبح نفحاته الحائرة ثائرة,  مستمدة كرامتها , عفتها , إباءها , و غناها من نفسٍ عزيزة كان كل زادها وقوتها الأسودان (التمر والماء) وشئٍ مما تجوده الأرض من حبوبها قليل .

شاعر الجنوب الثائر هكذا أطلقت منظمة حبان للثقافة والتنمية المستدامة على أسمه في ديوانه ( نفحات حائر ) الذي بدورها أشرفت على جمعه في 154 صفحة ونشره في عام 1435هـ _ 2014 م بعد مضي ثلاثة عقود من رحيله عن هذه المعمورة.

ولد الشاعر بامعبد في عام 1944م وتوفي على إثر مرض عضال ألم به في العاشر من مارس عام 1984م عن عمر يناهز الأربعين عاماً.

درس الأبتدائية في مدينة رضوم ودرس اللغة العربية في أحور بمحافظة أبين , عمل كاتباً لمدة عامين من عام 1958م حتى العام 1960م ثم مدرساً ومديراً لمدرسة أبتدائية , كما عمل أخيراً مشرفاً للتعليم في مركز رضوم , مديرية ميفعة , محافظة شبوة حتى يوم وفاته.

كان عضو في تنظيم الجبهة القومية قبل الأستقلال وأستمر في عضوية التنظيم السياسي للجبهة ومن ثم الحزب الأشتراكي اليمني.

عرف بأطلاعه الواسع في كتب الأدب والثقافة.

وقد تضمن ديوانه ( نفحات حائر ) تقريباً 58 قصيدة  جابت رحاب الغزل , جالت أقطار الثورة وأمصار الكفاح , جسدت هموم البسطاء , وغاصت في  فلفسة الحياة بمختلف تناقضاتها و أسرارها.

هنا كانا لزاماً منا أن نشكر منظمة حبان للثقافة والتنمية المستدامة برئاسة الأستاذ / مهدي مشفر البابكري بأسمنا وبأسم كل محب للأدب وعاشق للأبداع على نفضها لغبار السنين عن هذا الديوان وأضاءتها لعتمات الأهمال والنسيان عن هذا الأديب.

فمثلما آفة العلم النسيان فأن آفة الأبداع الأهمال.

لا أبالغ عزيزي القاري أن قلت أن الشاعر بامعبد لو تلقى التعليم الجامعي و أكمل دراساته العليا وعاش في مجتمع يكرس أهتمامه بكوادره ويقدر مواهبه حق قدرهم , كالمكان والمجتمع الذي عاش فيه نزار قباني لفاق قباني غزلاً وشعر وأدباً.

جل قصايده الـ 58 إن لم تكن جميعها كان مصدرها الوحيد مايحفظه رفاقه وزملاءه في التربية والتعليم كالأستاذ أحمد عبدالله باكركر وغيره ... وبما أن شعره لم يكن يدون ضاع في قفار الأهمال وضاعت وتاهت معه أبداعاته الأدبية الأخرى كالمقالات , القصة,  و أوبريتات و مسرحيات ألفها في صحارئ النسيان.

قد لا يسمع به الكثيرون,  ولم تذاع شهرته وصيته إلا أن تجربته الشعرية التي قدمها تعد مدهشة ومميزة على مستوى الوطن ... فأليس حرياً بذاكرة الأدب الوطني تخليده في  ثنايا أمجادها ,  أو تنصيب  تماثيل من الأهتمام والأشارات في ميادين أصداراتها وساحات مطبوعاتها , لكي يتسنى للأجيال القادمة رفع القبعات أعجاباً وأجلالاً عند المرور أمام معالمه الأدبية الخالدة.

 

رحم الله أديبنا رحمة واسعة وأسكنه الفردوس الأعلى من الجنان