آخر تحديث :الأحد-28 أبريل 2024-01:52م

ملفات وتحقيقات


أزمة الرواتب في عدن... مسلسل المعاناة التي لم تكتب نهايته

الإثنين - 07 نوفمبر 2016 - 11:16 ص بتوقيت عدن

أزمة الرواتب في عدن...    مسلسل المعاناة التي لم تكتب نهايته
مواطنون امام احد فروع البريد بعدن "عدن الغد"

عدن (عدن الغد)خاص:

بعد نقل البنك المركزي إلى العاصمة المؤقتة عدن استبشر المواطنون فيها خيرا وظنوا انهم ضمنوا الحصول على رواتبهم شهريا بعد معاناة الانتظار ساعات وأيام طويلة في مكاتب البريد في مختلف المديريات , والسمسرة الكبيرة التي تحصل فيها.

 لكن مالم يعرفه المواطنون أن سيناريو الجوع والتعب هو الذي كان بانتظارهم وبجرعات مضاعفة مناصفة مع سوء الأوضاع المعيشية وتردي مستوى الخدمات من كهرباء وماء وأزمة مشتقات نفطية وغلاء فاحش في الأسعار.

(الراتب)اصبح العملة الصعبة التي يبحث عنه كل موظف بعد جهد ومشقة طويلة في عمله طيلة الشهر , ناهيك عن وجود اطراف تعمل تحت حرارة الشمس وجبهات الموت  في سبيل الحصول عليه , واطراف أخرى مصير رواتبها مجهول (كالعسكريين) ,

والفئة المنسية التي تتصدر قائمة الوجع والعذاب (المتقاعدين) فأغلبهم كبار في السن ويعانون أمراض عدة ولا يملكون سوى رواتبهم  لسد الحاجة والعيش بستر.

ولا يوجد ابشع من وجود أسر لا تجد قوت يومها بسبب عدم استلام رب الأسرة أو المعيل لها راتبة ل3 أشهر على التوالي , فالبعض منها يضطر للاستلاف أو بيع جزء من ممتلكاتها الخاصة أو اغراض المنزل لتوفير لقمة العيش والبعض الآخر تختار التسول وهناك من تختار الجوع والحرمان وتختبئ تحت ستار عزة النفس والكرامة.

أزمة الرواتب جعلت رؤوس المواطنين في عدن تحت مشنقة الحكومة التي تقف متفرجة ولم تكلف نفسها على الأقل بتوضيح أسباب هذه الأزمة وما الذي يمكن أن تعمله لإمداد البنك بسيوله تمكنه من صرف الرواتب شهريا دون توقف , لإنقاذ المواطنين من الموت البطيء , فيكفيهم ما يحملوه على اكتافهم من هموم ومشاكل وأزمات متواصلة غلبت أصوات الرصاص والمدافع والقذائف التي شهدتها الحرب الأخيرة على عدن.

لمعرفة تفاصيل أكثر عن معاناة الناس في ظل غياب رواتبهم كان لي لقاءات مع عدد من المواطنين في محافظة عدن في سياق هذا الاستطلاع...

 

استطلاع : دنيا حسين فرحان

 

الموظفون وعناء انتظار الراتب

 

تقول الدكتورة نادية في قسم الناظور بمستشفى22مايو(خليفه):

 

نحن الأطباء لم نستلم رواتبنا منذ3 اشهر ورغم هذا نحضر للعمل يوميا في المستشفى وهناك من لديه نوبات , ونباشر المرضى ونقوم بواجبنا على اكمل وجه فلا نستحق أن ننحرم من رواتبنا ولا نعرف ما السبب أو لمن نذهب كي نشتكي.

أصبح وضع البلاد صعب نحتاج الرواتب لأبنائنا ومواصلات للعمل وأغراض المنزل , نفكر كل يوم كيف ستنقضي بقية أيام الشهر كي نستلم الراتب ونعيش بكابوس ونريد أن ينتهي والا ستموت أكثر الناس من الجوع وهذا ابشع من الجرائم التي كانت ترتكب في الحرب.

نناشد كل من له علاقة بهذه الأزمة أن يتدخل ويضع حد لها لأنها بصراحة زادت عن حدها فالحياة لا تطاق في ظل غياب الراتب.

 

المتقاعدون الفئة المنسية

 

يصرخ علي معروف (متقاعد) :

 

تأخر الراتب جعلنا نفقد صوابنا فيكفينا الانتظار أمام مكاتب البريد وتحت حرارة الشمس ولا نجد من يسمعنا , نحن الآن في الشهر الثالث بدون رواتب وهناك من له 5 أو 7 اشهر , وأنا شخصيا لا يوجد معي دخل آخر كثرت علي الديون ولا اعرف هل سأتمكن من تسديدها أم سأذهب للسجن.

نحن المتقاعدون نعاني كل شهر ولا نعرف من المسؤول , لدينا أسر وأطفال بحاجة لتوفير قوت يومهم ومصروفهم اليومي أو للدراسة واحتياجات المنزل , الى متى سيستمر هذا الوضع الصعب؟؟

نفسياتنا متأزمة والكثير منا مصاب بأمراض ولم نعد التحمل فقد طفح بنا الكيل هكذا نحن نموت.

على الحكومة التدخل وإنهاء أزمة الرواتب فهذا يعتبر تجويع متعمد منها للمواطنين البسطاء اللذين لا يملكون سوى رواتبهم لسد حاجتهم في ظل الأزمات المتتالية وغلاء الأسعار في كل شيء فليتقوا الله فينا ويعطونا رواتبنا في أقرب وقت.

 

العسكريين والمصير المجهول

 

يتحدث محمد علي حزام ( طيار حربي) :

 

غياب الراتب سبب لنا نحن العسكريين مشاكل كثيرة قبل 5 أشهر طلبوا منا الذهاب الى ذمار لاستلام رواتبنا ورغم مشاكل الطريق والإجراءات الصعبة التي واجهناها كعسكريين تمكنا بعد شق الانفس من استلام رواتبنا أما الآن مرت 3 أشهر دون أن نستلم الراتب سمعنا أن البعض استلمه من بنك مأرب فهل هو منفصل عن البنك المركزي هنا؟؟ سؤال نطرحه وهل هذا الشيء صحيح؟؟

تعبنا نحن قدمنا خدمة للوطن وبقينا شرفاء لم نسرق ولم ننهب كما عمل البعض فهل هذا جزائنا غب الآخر!!

الناس جاعت والكثير منها لا يجد ما يسد به جوعه وجوع أولاده

نطالب بالإسراع لإعطائنا رواتبنا نريد فقط العيش بشرف واستمرار غياب الراتب سيدفع بعضنا الى الشحت.

 

غياب الراتب وانعكاسه على الابناء

 

الأستاذ خالد الرقيبي مدرس في كلية الاقتصاد :

 

تأخر الراتب شكل أزمة كبيرة لنا كمواطنين فاغلبيتنا يعتمد عليه بشكل رئيسي لعدم وجود دخل آخر , والبعض يضطر للبحث عن عمل إضافي أو في قطاع خاص حتى يوفر لأولاده وأسرته احتياجاتهم من اكل وشرب ولبس ومصروف المدارس أو الجامعة.

هناك غياب ملحوظ لبعض الطلاب في الكليات تحديدا الفتيات لعدم قدرة أهاليهم على دفع رسوم الكلية أو مستلزمات الكلية من ملازم وكتب أو إعطاءهم قيمة المواصلات خاصة وان منهم من يأتي من مديريات مختلفة واحيانا من محافظات اخرى , فتضيع عليهم محاضرات مهمه سيستفيدون منها في الاختبارات أو الامتحان ونحن كمعلمين نتعاون معهم تقديرا منا لظروفهم المعيشية الصعبة , لكن نحن أيضا بحاجة لمن يقدرنا ويعطينا رواتبنا دون تأخير.

تفاءلنا كثيرا بنقل البنك المركزي الى عدن ولكن للأسف الشديد الأمور ازدادت سوءا , نريد لفتة كريمة من حكومتنا الموقرة لتلتمس معاناة المواطنين وتحديدا ذوي الدخل المحدود والذي هم بأمس الحاجة لرواتبهم وأن تحل هذه المشكلة في القريب العاجل.

 

 

ولا يزال المواطن في عدن والمحافظات الاخرى يعاني من مشكلة تأخر الراتب الذي اصبح بمثابة المسلسل الذي لم تكتب نهايته الى الان ولم تعرف من هي الجهات التي لها مصلحة في تجويع الناس وتأزمهم وإدخالهم في دوامة من الأزمات لا يكادون يخرجون من الأولى ليدخلوا في الثانية.

على الحكومة ان تخاف الله في هذا الشعب الذي تحمل وما زال يتحمل لمواصلة الحياة في هذه البلاد التي انهكتها الحرب وتخبطت في مشاكل كثيرة بعد التحرير وان تنهي أزمة الرواتب او على الاقل تجد حلولا تدريجية لعودة وصوله الى خزينة البنك المركزي ومكاتب البريد شهريا للمواطنين دون انقطاع.