آخر تحديث :الإثنين-13 مايو 2024-10:50ص

ملفات وتحقيقات


زايد.. رَجُل لا يغيب عن الذاكرة

الثلاثاء - 01 نوفمبر 2016 - 08:07 م بتوقيت عدن

زايد.. رَجُل لا يغيب عن الذاكرة

كتب / يحيى بامحفوظ

في التاريخ الإنساني عموما، هناك محطات فارقة وشخصيات قيادية استثنائية عرفت جيدًا كيف تدير أحداث التاريخ وتوجّه سياقاته وفق ما يخدم الإنسانية محققة بذلك تحولًا فارقًا ونقلة حضارية نوعية كبيرة في زمن قياسي. 
نتحدث هنا عن رجل اتّسم بنقاء السريرة وسعة الصدر ونفاذ البصيرة والحكمة وهو من قيل عنه بأنه, الرجل الذي آمن بأن بناء الأوطان, لا يكتمل إلا ببناء الإنسان, فارتسمت ملامح التقدير والاحترام على ملامح كل من عاصر حقبته المتميزة, انه الشيخ "زايد بن سلطان آل نهيان" رحمه الله.
لقد كان "زايد" ذلك الرجل الذي حلم بالمستحيل، فأثبت للعالم اجمع بأن الأحلام مهما كبرت وعلا سقفها، يمكن أن تترجم على ارض الواقع لتصبح حقيقة جلية، متجاوز بذلك أفق الخيال.
لقد مثّل حرص الشيخ "زايد" على بناء الإنسان بشكل موازي لبناء الأوطان، الإنجاز الأهم لدولة الإمارات العربية المتحدة، خاصة وانه انطلق من قناعته الراسخة بأن الإنسان هو محور كل تقدم حقيقي، وأن الإنسان المتعلم هو الدعامة الأساسية التي تعتمد عليها الدولة، كما يؤكد ذلك بقوله:
"إننا أيقنّا من البداية أن الإنسان هو أساس كل عملية حضارية وهو محور كل تقدم حقيقي", مؤكدا على: "إن التقدم والنهضة لا تقاس بأبنية من الإسمنت والحديد، وإنما ببناء الإنسان وكل ما يسعد المواطن ويوفر له الحياة الكريمة". 
لقد حدد الشيخ "زايد" أهداف ذلك التوجه بقوله:
"إن الثروة ليست ثروة المال بل هي ثروة الرجال، فهم القوة الحقيقية التي نعتز بها، وهم الزرع الذي نتفيأ ظلاله، والقناعة الراسخة بهذه الحقيقة هي التي مكنتنا من توجيه كل الجهود لبناء الإنسان وتسخير الثروات التي منّ الله بها علينا لخدمة أبناء هذا الوطن، حتى ينهضوا بالمسؤوليات الجسام التي تقع على عاتقهم ويكونوا عوناً لنا ولأشقائنا".
وأضاف رحمه الله في ذات الاتجاه بقوله:
"لقد كنت أردد دائماً وعن قناعة قوية إن الإنسان هو أساس الحضارة وإن اهتمامنا به ضروري لأنه محور كل تقدم، فمهما أقمنا من منشآت ومدارس ومستشفيات وجسور وغير ذلك، فان كل هذا يبقى كياناً مادياً لا روح فيه ، لان روح كل هذا هو الإنسان القادر بفكره وجهده وإيمانه على تحقيق التقدم المنشود", وقد اثبت الواقع صحة ذلك التوجه.
لقد توشحت مواقف "حكيم العرب" الشيخ "زايد" تجاه القضايا الإقليمية والدولية، بالأصالة في التعامل وبنظرة صائبة اتسمت بالحكمة والصراحة والشجاعة والوقوف بصلابة إلى جانب الحق والعدل والتسامح، من أجل إرساء القيم الإنسانية في العلاقات الدولية وكل ما يحقق خير البشرية جمعاء, وقد نلنا في الجنوب نصيب غير عادي من نتاج ذلك التوجه ليتواصل العطاء من بعده وعلى يد أبناءه الأوفياء. 
في 2 نوفمبر 2004، رحل عن هذا العالم أحد أهم الرجال والحكماء الذين عملوا من أجل بناء الإنسان والأوطان، وبذلوا كل ما بوسعهم من أجل خدمة البشرية جمعاء, ليخلفه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة – حفظه الله – ليكمل مسيرة والده " زايد الخير" مقتفيا أثره في الخير والعطاء والنماء ونجدة المظلوم.
وستظل تلك المآثر نبراسا لمن خلفه وقصة تروى وبشواهدها, على امتداد الزمن و الأجيال القادمة...