آخر تحديث :السبت-20 أبريل 2024-08:59ص

أخبار المحافظات


مشاهدات في بريد المكلا حضرموت

الإثنين - 10 أكتوبر 2016 - 04:38 م بتوقيت عدن

مشاهدات في بريد المكلا حضرموت

كتب / محمد بازهير

(1)

- لعلُ المتفحص للصورة أدناه، سيشرب من كأس المعاناة ولو كان من خارج المدينة، كيف لا، والصورة تظهر في (التُكتُك)- الدراجة النارية ذات الثلاثة إطارات - والد مسنّ فنى جُل حياته في خدمة الوطن، حتى انهارت قواه ولا يقوى على القدوم لإستلام معاشاه، فضلاً الوقوف على رجليه، فقام أبنائه بتحويل (التُكتُك) إلى سرير، يرقد عليه والدهم والمخدة تحت رأسه، الذي يحتاج إلى مليار قُبلة لعلّه يسامح منّ كان السبب في ما وصل حاله إليه. ..

 

(2)

وعلى يمين مكتب بريد المكلا، استند كبار المدينة بعد أن ضاقوا ذرعاً من تأخر صرف رواتبهم ولسان حالهم مغلوب على أمرهم، ومع ذلك تصلك همساتهم ونتف من عبارات مهربة في ما بينهم، تارة يشتمون الحكومة وما آلت إليه الأوضاع، وتارة بأن اليوم سيصرف الراتب رغم مرور نحو 10 أيام من الشهر الجديد، ثم يسود صمت مطبق فيما بينهم ..آ

 

(3)

ولكي يصمد أحدهم فترة طويلة حتى إستلام راتبه الزهيد ولا تخار قواه أو تخونه رجليه، ولإيقانه المفرط أن صرف الرواتب سيتأخر، اتكئ على عصا خشبية، لا يهش بها غنمه، وإنما سيضرب منّ يقول :" أن السيولة المالية غير موجودة والراتب سيتأخر "..... فسامح من تولى أمرنا ياوالدي، والذي لم يكن سنداً لك في هذه الظروف ...

 

(4)

- وفَتًى - على خجل - يسترق النظر خِلسه إلى داخل محيط البريد الخاوي على عرشيه من السيولة المالية، وكُل الدلالات تقول أن إحدى والديه، أرسلاه للتأكد من وصول مستحقاتهم، حتى لا ينهكهم الطريق ذهاباً وإياباً ويرجعوا بخفيّ حنين .... فيا والداي نلتمس السموحة منكم، فكم نحن في عجلة من أمورنا ولم نستطيع كحد أدنى من تكريمكم في إيصال رواتبكم إلى عتبة منزلكم وهذا أقلّ ما تستحقانه لما قدتموه في خدمة الوطن.

 

(5)

وعلى درج البريد، تسمّر والد أَشيَبُ، عاهد نفسه على المكوث هُنا، وعدم العودة إلى منزله خائباً ولو حيناً من الدهر، وذلك بإستخدامه (الحِبوة الحضرمية) ليصمد طويلاً، في محاله للهروب من عامل البقالة الذي سيلتهم أكثر من نصف ما سيستلمه، فلا يملك إلا أن يتضرّع ويبتهل بالدعاء قائلاً :" يارب .. يارب .. يصرفون الراتب ونفتك من الغبقه دي".

 

(6)

وبين الفينَةِ وَالأُخرى، يشرع هذا العجوز المتواجد على يسار بوابة بريد المكلا، بإظهار أوراقه الطبية حِيناً بَعْدَ حِينٍ، وكأنه يتسول منهم مالاً، لعلهم يشفقوا بحاله، ويتعاونوا في صرف مستحقاته، ورغم صحة الأمر، إلا أنّها لم تنطوي عليهم، ظناً منهم بأنها حِيلة، في زمن كثر فيه (مُدراء شحّاتون) و (مسؤولون متسولون) .