آخر تحديث :الأحد-05 مايو 2024-02:25ص

ملفات وتحقيقات


جميلة الجميلات سقطرى .. هل تنهض من جديد ؟؟

الجمعة - 23 سبتمبر 2016 - 03:40 م بتوقيت عدن

جميلة الجميلات سقطرى .. هل تنهض من جديد  ؟؟

استطلاع :فضل حبيشي

 تعريف : أرخبيل سقطرى يقع في المدخل الشرقي لخليج عدن على بعد 350 كيلومتراً جنوب شبه الجزيرة العربية ، ويعتبر همزة وصل بين المحيط الهندي من جهة والبحر العربي وخليج عدن من جهة أخرى وهو حالياً محافظة من محافظات الجمهورية .. ويشمل جزيرة رئيسية هي سقطرى وثلاث أخرى هي درسة وسمحة وعبده الكوري إضافة إلى جزيرتين صخريتين صغيرتين .. وتعتبر سقطرى أكبر الجزر العربية إذ يبلغ طولها 125 كم وعرضها 50 كم وطول شريطها الساحلي 300 كم ومساحتها الكلية أكثر من 3700 كم مربع ووصل عدد سكانها إلى مايزيد على 200 ألف نسمة بحسب احصائيات غير رسمية .

      تمتاز بموقع عالمي استثنائي من حيث التنوع الفريد في النباتات ونسبة الأنواع المستوطنة ، فنسبة73 % من أنواع النباتات (من أصل 528 نوعاً) و 59 % من أنواع الزواحف و 59 % من أنواع الحلزونيات البرية المتواجدة في أرخبيل سقطرى غير موجودة في أي منطقة في العالم كله .. أما بالنسبة للعصافير فتأوي أنواعاً هامة على المستوى العالمي (291 نوعاً في العالم 44 منها يتوالد في الأرخبيل كما يهاجر 58 منها بانتظام) من بينها بعض الأنواع المهددة بالانقراض .

          وفيما يتعلق بالحياة البحرية المحيطة بالأرخبيل فإنها تتميز بتنوع كبير قلما يتواجد مثله في الجزر الأخرى ، مع تواجد 352 نوعاً من الشعب المرجانية و 730 نوعاً من الأسماك و 300 نوع من الأحياء البحرية المتنوعة الأصناف .

          جزيرة سقطرى من أجمل الجزر الطبيعية في العالم تم تصنيفها عام 2008 م كأحد أهم مواقع التراث العالمي ووصفت بأكثر المناطق غرابة في على المستوى الدولي ، في حين صنفتها الصحيفة الأمريكية (نيويورك تايمز) عام 2010 م بأنها أجمل جزيرة في العالم .

  

             (تشابالا وميج) :

 

     هما إعصاران استوائيان قويان ضربا أرخبيل سقطرى أواخر العام الماضي ، تكوّن الأول يوم 28أكتوبر 2015 م من منطقة ضغط منخفض في بحر العرب ليصل إلى اليابسة ويصبح في اليوم التالي أي في 29 أكتوبر عاصفة إعصارية شديدة جداً هبت على سقطرى وصلت سرعتها إلى 120 كم في الساعة مصاحبة لأمطار غزيرة وبكميات كبيرة وارتفاع في أمواج البحر تراوح مابين 10-13 متراً ما احدث فيضانات وسيول جارفة وأضراراً في مختلف أوجه الحياة في الأرخبيل واستمر مدة ثلاثة أيام . ثم جاء الإعصار الثاني ( ميج ) في الأسبوع الذي يليه وبالتحديد في 8 نوفمبر 2015 م ليكمل الدمار الهائل ويأتي على ما تبقى من المزارع والأشجار والمنازل وقوارب الصيادين ومختلف الخدمات ومنشآت البنية التحتية .

 

            أضرار الإعصارين :

 

     في تقرير أصدره مكتب محافظ أرخبيل سقطرى فصّل الأضرار الفادحة التي أحدثها الإعصاران ونوجز ما جاء فيه بالتالي :

 

 

            مطار وميناء سقطرى:

 

      المطار الذي يعتبر البوابة الرئيسية للمحافظة للخروج والدخول ، ويشكل أهمية كبيرة لدى أبناء الأرخبيل لا سيما خلال فصل الخريف الذي ينقطع فيه المنفذ البحري لتهيج البحر بسبب الرياح الموسمية التي تهب على الأرخبيل من يونيو حتى سبتمبر من كل عام ، تضرر ضرراً بليغاً حيث تكسرت زجاجات صالة البرج وأدى إلى تلف بعض محتويات وأجهزة البرج الملاحية ، وتضررت صالة الوصول والمغادرة بشكل كبير وتهدم سور المطار وبوابته الرئيسية ، وتقدر التكلفة الإجمالية لإعادة صيانة المطار بحسب اللجنة الفنية لحصر الأضرار التابعة لديوان المحافظة (150 ) ألف دولار أمريكي .

      الميناء أيضاً يشكل أهمية كبيرة للأرخبيل ويعتبر الشريان الذي يغذي احتياجات السكان من المواد الغذائية والمستلزمات الطبية والمواد الأخرى ، فقد تضرر رصيفه بشكل كلي خلال الإعصارين وتسبب في إعاقة وصول السفن الإغاثية والإيوائية لتقديم المساعدات الطارئة للنازحين في المقرات الحكومية والمدارس ، وبحسب التقرير الحكومي يحتاج الرصيف لـ 100 ألف دولار لإعادة تأهيله .

 

             شبكة الطرق :

 

         شبكة الطرق في سقطرى تعتبر من أهم احتياجات السكان ، كونها تربط بين  عاصمة الأرخبيل (حديبو ) وكثير من المناطق الريفية والجبلية ، فقد تضررت شبكة الطرق الفرعية للدمار الكبير جراء الإعصارين ، وبحسب إحصائيات السلطة المحلية فإن الطرق السياحية فقط التي تربط بين المحميات والأماكن السياحية وتحتاج إلى الصيانة والتأهيل هي 8 طرق بطول 50 كيلومتر بتكلفة تقدر بـ 92 ألف دولار بينما تبلغ عدد الطرق الفرعية الأخرى 40 طريقاً فرعياً بطول 474 كيلومتراً بتكلفة تقدر بـ مليون و 868 ألف دولار .

     

          مؤسستا المياه والصرف الصحي والكهرباء :

 

          وهي من المؤسسات الخدمية والحياتية التي تضررت أيضاً.. فقد تأثر خط الأنابيب في مناطق (دبحهن وعيهفت ) وانجرفت 27 أنبوب وتصدع أحد الأحواض بالإضافة إلى تضرر البئر الوحيد في هذه المناطق وأتلفت مضخته ودينمو المولد التابع له مع بعض أنابيب الشبكة الداخلية وتقدر تكلفة إعادة التأهيل بحوالي 50 ألف دولار .

       أما مؤسسة الكهرباء فكانت الأكثر تضرراً حيث توقفت وتعطلت بعض المولدات بسبب الأمطار وتسرب الماء إلى محطة التحكم وتعطلت بعض المنظمات الكهربائية وسقط وتحطم عدد كبير من الأعمدة وأتلفت المحولات ومعظم خطوط الشبكة وتقدر تكاليف إعادة التأهيل 350 ألف دولار تقريباً.

 

             الصحة العامة :

 

      فيما يتعلق بالمجال الصحي حدث ولا حرج ، فقد تضررت بشكل ملفت للنظر المراكز الصحية والوحدات الصحية المنتشرة في مختلف القرى والمناطق الريفية ، حيث تضررت معظم منشآت المراكز والوحدات الصحية وتهدمت أسوارها ونوافذها وأبوابها ، كما أتلفت العديد من الأجهزة الطبية المهمة ما أدى إلى توقفها عن العمل وخدمة المرضى والتي بسببها تضاعفت معاناة المواطنين في النزول من الأرياف إلى المدينة (حديبو) وكذلك إلى خارج الأرخبيل لتلقي أبسط العلاجات والفحوصات .. وقدرت اللجنة الفنية المختصة بإحصاء تلك الأضرار تكاليف إعادة الصيانة والتشغيل بـ مليون و 700 ألف دولار على أقل تقدير .

 

          قطاع التربية والتعليم :

    

        وهو من القطاعات المهمة أيضاً التي تضررت بشكل كبير ، فقد تهدمت بعض الفصول والملحقات الدراسية ودورات المياه وغيرها من المتطلبات المدرسية في 18 مدرسة .. وقدرت تكاليف إعادة البناء والتأهيل بـ مليون و 525 ألف دولار وكما جاء في تقرير اللجنة بسرعة بناء فصول دراسية لمواجهة الكثافة الطلابية وسد النقص بتكلفة إجمالية قدرها 545 ألف دولار .

 

             شبكة الاتصالات :

 

    طبعاً هذه الخدمة أصبحت من الخدمات التي لا يستغنى عنها المواطن في حياته اليومية .. وتعتمد سقطرى في الهواتف النقالة على شركة يمن موبايل وهي الوحيدة العاملة فيها .. وقد تضررت شبكات الشركة في الأرخبيل بصورة كاملة وتوقفت عن العمل نهائياً باستثناء شبكة مدينة حديبو التي تغطي المدينة وضواحيها ، فقد انهارت أبراج المحطات بشكل كلي وكذلك هوائيات البث للمحطات مع كوابلها وتضرر هوائي ربط الميكروويف وخطوطه بشكل كلي (الوحدتان الداخليتان لنظام ميكروويف NEC neo للشبكات ) وتبلغ التكلفة التقديرية للخسائر في الاتصالات حوالي 164 ألف و 700 دولار .

 

           قطاع السياحة :

 

      القطاع السياحي من أهم مصادر الدخل للسكان المحليين ، وهذا القطاع يشمل السياحة البحرية والبيئية والبرية لما يحتويه هذا الأرخبيل من تنوع بيئي وبحري وتنوع حيوي ومناخي لا تجد منه مثيلاً في العالم لكن الإعصاران أصاباه بمقتل .. فالمخيمات والمحميات والمواقع السياحية التي تعتبر المقصد الأساسي للسياح الزائرين أصبح العديد منها مجرد أطلال .. إذ تهدمت وتهشمت عدد من الاستراحات والحمامات والمطابخ للمحميات والمخيمات السياحية وأصبحت غير قادرة على استقبال واستيعاب السياح الزائرين بل وأكثرها أغلقت عن العمل ربما بصورة نهائية إذا لم يتم الإسراع بإنقاذها مما هي فيه . . وبحسب إحصائيات السلطة المحلية فإن التكلفة التقديرية لإعادة صيانة وترميم المواقع والمحميات السياحية وتأهيلها مرة أخرى تبلغ 210 ألف دولار .

 

            مساكن المواطنين :

 

       آلاف المساكن الشعبية تهدمت وأصبحت أثراً بعد عين ولجأت أكثر الأسر إلى كهوف الجبال والخيام التي قدمتها الدول الشقيقة وفي مقدمتها الإمارات كحل طارئ وقد بلغ عدد المساكن المتهدمة كلياً 7 آلاف و 436 منزل وتبلغ التكلفة التقديرية لإعادتها 29 مليوناً و 44 ألف دولار .. بينما المنازل التي تهدمت بشكل جزئي 4 آلاف و 880 منزلاً وتبلغ التكلفة التقديرية لترميمها 4 ملايين و 880 ألف دولار. وكما كشفت الإحصائيات بأن عدد المنازل المقطرة ( التي تدخلها قطرات الماء ) جراء الإعصارين بلغت 17 ألف و 752 منزل وتبلغ التكلفة التقديرية لصيانتها 3 ملايين و 55 ألف دولار .. كما أن عدد الأحواش (الأسوار) المتهدمة ألف و 172 حوشاً ( سوراً ) بمختلف مناطق وقرى المحافظة وتبلغ تكلفة إعادتها مليون و 172 ألف دولار .  

     

            الثروة الحيوانية والزراعية :

    

     قضى الإعصاران على 37 ألف رأس من الأغنام والماعز و49 ألف نخلة .. وأحدث أضراراً كبيرة جداً بالمحميات الطبيعية والأشجار ومختلف النباتات التي تشتهر بها سقطرى ، إذ سقطت المئات من أشجار ( دم الأخوين ) والمئات من أشجار اللبان السقطري وأشجار ( المرة ) والكثير من الأشجار المعمرة التي تجاوزت أعمارها المائة والخمسين عاماً .. كما جرفت السيول 300 حديقة منزلية ومصفوفة من المزارع والمراعي ، من الصعوبة بمكان تقدير خسائرها المادية .

 

                      فخورون بنشاط المحافظ

 

          لمحافظ أرخبيل سقطرى اللواء سالم عبدالله عيسى بصمات واضحة المعالم وجهود رائعة لتحسين ظروف الحياة اليومية وحل هموم أهالي سقطرى .. فقد وضع هذه الهموم في أجندته منذ اليوم الأول لتوليه زمام الأمور وجند نفسه لخدمة ونهضة المحافظة ومواجهة كل التحديات التي تعترض طريق تطورها ورقيها .

          ومن خلال متابعاتي الصحفية المستمرة للنشاط المعتمل والحركة الدؤوبة في الأرخبيل ولقاءاتي المتعددة المباشرة وعبر مواقع التواصل الاجتماعي مع بعض الشخصيات الاجتماعية وفي مقدمتهم الشيخ مختار الحنكاسي رئيس مؤسسة أرخبيل سقطرى الخيرية لمست ما لا يقبل الجدل أن مختلف المكونات وأطياف المجتمع وفئاته ومعظم أهالي سقطرى إن لم يكن جميعهم فخورون بهذا المحافظ الذي يعطي كل ما لديه من وقت وجهد لخدمة قضاياهم ، ويؤكدون وبقناعة تامة أنه يمثل أهم عوامل النجاحات المبهرة التي تحققت وما زالت تتحقق على أرض الواقع في سقطرى في كافة نواحي الأنشطة والفعاليات والمجالات التعليمية والصحية والتنموية وعلى وجه الخصوص تأهيل الميناء والمطار ومجالات الكهرباء ومياه الشرب والاهتمام بالأمن والأمان والجوانب الحياتية الأساسية للمواطن رغم الظروف الصعبة والعراقيل .

             وأعرب الجميع عن ثقتهم في أن مرحلة جديدة من العمل المثمروالتطور ستشهده سقطرى في عهده الميمون ، كما أن نشاطه الظاهر للعيان وعلاقاته الطيبة مع كل الأطراف الساعية إلى خير سقطرى وبالذات إمارات الخير خير دليل على حسن نواياه وأفعاله .  

 

            مواقف أخوية من إمارات الخير :

 

       لقد هبت دولة الإمارات العربية المتحدة للنجدة .. وكانت من أوائل الدول الشقيقة وأكثرها سخاء في تقديم الإعانات الإنسانية العاجلة لمحافظة أرخبيل سقطرى ومساعدة سكانها الذين تضرروا من جراء إعصاري تشابالا وميج .. إذ قدمت مؤسسة خليفة للأعمال الإنسانية وهيئة الهلال الأحمر الإماراتي مختلف الإعانات والإغاثات عبر جسر جوي متواصل وعبر السفن حاملة معها احتياجات السكان المتنوعة من غذاء وأدوية وخيام ومختلف الاحتياجات الأساسية .

         ثم جاءت الوفود الإماراتية المتخصصة في مجالات الصحة والتعليم والبناء والتنمية والإعمار بتوجيهات كريمة من سمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة وسمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة ومتابعة سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شئون الرئاسة رئيس مؤسسة خليفة بن زايد للأعمال الإنسانية .

        وخلال الزيارات المتتالية لهذه الفرق الإماراتية تم الإطلاع على كافة الاحتياجات ، وبدأ التنفيذ في إصلاح وتأهيل مطار سقطرى وبناء السدود المائية وتوفير قوارب مع محركاتها للصيادين المتضررين وبناء المنازل المهدمة ، وما زالت أعمال الإعمار تسيرعلى قدم وساق في عدد من المشاريع الحيوية الاقتصادية والخدماتية .

         فهنيئاً لأهالي سقطرى هذا العطاء الإماراتي والنظرة الأخوية .. وشكراً لأبناء زايد ـ طيب الله ثراه ـ ولكل حكام الإمارات وشعبها الكريم الذي لم يبخل بشيء وسارع إلى النجدة والإنقاذ وإعادة الإعمار والبناء .

 

              في الختام 

 

        وأخيراً نقول : أن المتابع لما يحدث حالياً في الأرض الطيبة سقطرى يجد أنها عبارة عن ورشة عمل كبرى تبشر بمستقبل واعد وبنهضة مزدهرة قادمة ـ إن شاء الله ـ في وقت ليس ببعيد .