آخر تحديث :الخميس-02 مايو 2024-04:02ص

دولية وعالمية


كبش الأضحى في المغرب لعبة للأطفال يشتريها الأغنياء والفقراء

الإثنين - 05 سبتمبر 2016 - 03:25 م بتوقيت عدن

كبش الأضحى في المغرب لعبة للأطفال يشتريها الأغنياء والفقراء

وكالات

يأتي عيد الأضحى بالتزامن مع العودة المدرسية وهما حدثان يرهقان العائلة المغربية لما يتطلبانه من مصاريف إضافية تتعلق بشراء كبش العيد ولوازم الدراسة من كتب ودفاتر وملابس للأطفال الذين اعتادوا أن يعودوا إلى فصول العلم في أبهى حللهم، غير أن ما خفف العبء هذه السنة أن أسعار الأضاحي انخفضت عن السنة الماضية.

 من مفارقات شراء كبش العيد هذه السنة في المغرب إصرار البعض على شراء ما يسمى “مرياع الغنم” وهو كبش ضخم وشرس يكون قائد قطيع الغنم في العادة.

وعادة لا يبيع صاحب قطيع الغنم هذا الكبش، لأنه رباه تربية خاصة، فقد عزله عن أمه بعد الولادة مباشرة وأرفقه بالحمير، وأرضعه حليبها. وعندما يكبر، فهو يتبع الحمير لظنه أنه من نسلها، وما إن يبلغ سنا محددة حتى يُخصى، ويترك صوفه لينمو، ليزيد من ضخامته. وينقاد قطيع الغنم لمرياع الغنم، لضخامته ومهابته، ويتبعه أينما يذهب، وهو بدوره يتبع الحمير، لظنه أنه يتبع أباه وأمه. وهذه هيّ الغاية التي يربى من أجلها، وعادة لا يباع مثل هذا الكبش إلا بثمن غال يفوق أسعار بقية الأكباش المعروضة للبيع.

وقد انخفضت أسعار الأكباش والماشية بشكل عام، كالعجول والأبقار والماعز والجمال هذا العام بأسواق الرباط والدار البيضاء ومراكش والجديدة عن العام الماضي بمقدار 6 ــ 15 بالمئة، بحسب ما أشارت إليه وزارة الفلاحة والصيد البحري المغربية في نشرتها السنوية. وجاء في المنشور أن حاجة أسواق المغرب إلى الأغنام والماعز والعجول والجمال لهذا العام لا تزيد عن 5.3 مليون رأس، والمعروض الحالي منها يساوي 8.2 مليون رأس. وبسبب زيادة المعروض على الطلب انخفضت الأسعار في الأسواق التقليدية لبيع الماشية في المملكة بمناسبة عيد الأضحى. يقول السي محمد كراطي بائع خراف موسمي (20 سنة) لـ”العرب”، “لدينا هذه السنة أكباش من نوع الصردي والبركي للبيع وهي من أكباش سطات ومراكش، والأثمان تتراوح بين 2600 و2800 درهم (الدولار 9 دارهم)”، مبينا أن “الأسعار هذه السنة أقل من العام الفائت بـ400 درهم”

أغلب الناس يظنون أن المناسبة هي لأكل أكبر كمية من اللحم خلال أيام قليلة، ويبقون كل حم الأضحية للعائلة فقط، ولا يتصدقون على فقير أو مسكين بشيء

وذكر عبداللطيف العوادي (50 سنة)، وهو عامل بسوق الجملة للمواشي بأسواق النهضة، “أسعار الأكباش بالرباط أقل من أسعارها في العام الماضي. وربما يعود سبب هذا الانخفاض إلى كثرة المعروض من الماشية، ومعاناة الفلاحين من شح الأمطار في العام الماضي، وغلاء الأعلاف، وضعف القدرة الشرائية للناس”.

وتذكر زينب العياشي، وهي ربة بيت، (45 سنة)، لـ”العرب” أنها اعتادت شراء الأضحية قبل عيد الأضحى بعشرة أيام أو أكثر لأنّها بذلك تحصل عليه بسعر أقل، معلقة “إني أفعل ذلك قبل فوران السوق”، معتبرة أن اندفاع الناس قبل عيد الأضحى بيوم أو يومين بأعداد كبيرة نحو سوق الماشية يدفع أصحاب المواشي إلى رفع أسعارها، مستغلين كثرة الناس ظنا منهم أن المعروض لن يكفي كل هذه الجموع المندفعة للشراء.

ويشير بشير مناعي، موظف حكومي (30 سنة)، “لقد جئت إلى سوق الماشية للاطلاع على الأسعار والخرفان المعروضة، فأنا لم أقرر بعد الشراء من عدمه هذا العام. وإذا حانت الفرصة، فسأجد من الجيران من يشاركني شراء عجل كما فعلت في السنة الماضية. فقد اشتركت مع خمسة من جيراني في العيد السابق لشراء عجل، وكل واحد منا أخذ حصة من اللحم، وتحملنا جميعا أعباء الجزارة، والتنظيف وشي رأس الذبيحة وتقسيمها”. ويقول مناعي “إن شراء كبش العيد في المدينة قبل أيام من عيد الأضحى يمثل مشكلة للعائلة، في حين يرحب الأطفال به ويتباهون به أمام أقرانهم رغم ما يضيفه من أعباء على الأسرة، مادية وصحية، حيث تبقى رائحته في الشقة، التي لا تتسع عادة إلا للعائلة، لعدة أيام بعد العيد. ومن الأفضل أن يتم إيواء الأضحية في مكان آخر بعيدا عن الشقة السكنية، ولكن الأطفال لا يرتاحون إلا عند رؤية الكبش معهم في المكان الذي يعيشون فيه، وإذا لم تلب لهم العائلة رغبتهم في هذه المناسبة السعيدة، يتعكر صفوهم وتتكدر سعادتهم وتنغص.

إقبال غير مسبوق عن "مرياع الغنم"

ويبتسم مناعي ويضيف “هذه عاداتنا منذ القدم، وعلينا إرضاء أولادنا. لكننا نخفف أعباء ذلك بالمشاركة مع غيرنا في شراء عجل، وبذلك نرضي أطفالنا ونخفف العبء على أنفسنا”. ويشير الحاج أيوب مصطفى، متقاعد، (70 سنة)، قائلا “الأضحية درس للناس بضرورة إطعام الفقراء والمساكين مما نأكل طيلة العام. إذ على من يذبح أن يوزع ثلثي لحم الأضحية على الفقراء والمحتاجين ويبقي الثلث لعائلته، ولكن من منَّا يطبق هذا في أيامنا هذه؟ القلة القليلة تفعل ذلك للأسف.

وأغلب الناس يظنون أن المناسبة هي لأكل أكبر كمية من اللحم خلال أيام قليلة، ويبقون كل حم الأضحية للعائلة فقط، ولا يتصدقون على فقير أو مسكين بشيء. وبسبب هذا الاندفاع الأعمى لازدراد أكبر كمية من اللحم خلال أيام عيد الأضحى المبارك تحدث كل سنة وفيات وحالات مرض مؤسفة للعديد من الناس. ولكي نفهم الدرس من هذه السُّنّة علينا أن نطبق تعليماتها، ونوزع الثلثين من لحمها على المعوزين الذين لا يتذوقون اللحم بالفعل لشهور عديدة”.

ويضيف الحاج مصطفى “ومن الاعتقادات الخاطئة أن من لا يذبح أضحية العيد سيعرض أفراد عائلته لأقدار وحوادث مميتة، وهذه كلها اعتقادات باطلة، وغير صحيحة على الأطلاق. صحيح أن الأضحية من عاداتنا القديمة، وهي تمثل لأطفالنا عيدا حقيقيا، ونحن المغاربة نسمي كبش عيد الأضحى بالعيد فنسأل جارنا، هل اشتريت العيد؟ ولكنها تبقى عادة لمن يستطيع توفيرها دون تكبد عناء مادي في ما تبقى من السنة”.