آخر تحديث :الإثنين-06 مايو 2024-02:08م

حوارات


النائب أحمد سيف حاشد: المخرجات التي تأتي اليوم باسم الثورة هي في الحقيقة مخرجات القوى التقليدية التي بسطت سلطتها ونفوذها على الثورة

الأحد - 25 نوفمبر 2012 - 11:10 م بتوقيت عدن

النائب أحمد سيف حاشد: المخرجات التي تأتي اليوم باسم الثورة هي في الحقيقة مخرجات القوى التقليدية التي بسطت سلطتها ونفوذها على الثورة

عن صحيفة الجمهور

النائب أحمد سيف حاشد: المخرجات التي تأتي اليوم باسم الثورة هي في الحقيقة مخرجات القوى التقليدية التي بسطت سلطتها ونفوذها على الثورة


لا يحتاج القاضي والبرلماني البارز أحمد سيف حاشد هاشم، إلى مقدمة تعريفية.. فحضوره الفاعل في الميدان منذ سنوات ومواقفه المنافحة عن الحقوق والحريات والرافضة للعصبية والطائفية والجهوية، واصراره الدائم على البحث عن الدولة المدنية الديمقراطية.. كل ذلك جعل منه أشهر من نار على علم.

صحيفة “الجمهور” استضافت النائب حاشد في حوار صحفي اشترط ان ترسل له الأسئلة مكتوبة ليرد عليها في هذا الحوار..

 

* أولاً اسمحوا لنا أن نحييكم على موقفكم الوطني والإنساني في تبني قضية الجرحى في الوقت الذي تخلت عنهم الحكومة رغم توجيهات رئيس الجمهورية بعلاجهم على نفقة الحكومة..

السؤال هو: كيف تفسر عدم تنفيذ الحكومة لتوجيهات رئيس الجمهورية فيما يخص علاج الجرحى؟ وعدم احترامها للقضاء برفضها استلام الإعلان القضائي بالخصوم وعدم توكيل محامٍ للترافع في القضية؟

-  يبدو أن الحكومة أو بمعنى أكثر دقة بعض مراكز القوى التي تحرك الأمور من منطقة الظل وتتحكم بالمشهد السياسي وتؤثر على مخرجات صناعة القرار، هي المسؤولة عن هذا الحال الآتي عن عمد وسوء قصد بسبب تخوفها من استمرار الثورة الذي يمكن أن يأتي على حساب مصالحها في الحاضر أو المستقبل، ورعبها من اندلاع ثورة جديدة تطيح بمصالحها التي كانت قد استأثرت بالسلطة وأطاحت بالثورة أو سرقتها.. مراكز القوى تلك ولا سيما العسكرية والقبلية والدينية إنما كانت تريد أن تجعل هؤلاء الجرحى عبرة وعظة لمن يثور.. تريد أن توصل رسالة للناس مفادها: هذا مصير من ينتفض وهذه عاقبة من يثور.. تريد أن تصيب الشارع بخيبة كبيرة وإحباط عميق وانكسار يدوم لتتمكن من إعادة إنتاج الخوف والاستبداد والحكم دون مشكلات أو قلق من ثورة أو ثوار في المستقبل..

أما تجاهل الحكومة للقضاء فسببه شعورها بالتعالي وكذا عدم استقلال القضاء وتحكم الحكومة بالشؤون المالية والإدارية للقضاة، وعدم وجود أي توجه يذكر لإيجاد قضاء مستقل وقوي ونزيه، غير أن حكم المحكمة الإدارية لصالح جرحى الثورة قد أكد وجود قضاة رائعين ومستقلين وإن لم نجد قضاءً مستقلاً.

إن القضاة الشجعان والنزهاء والجسورين هم عرضة للتنكيل والقمع والنقل، كما حدث مع قبس النور القاضية نورا والقاضي الجسور الفذ عبد الوهاب قطران، وربما تلحق بهم القاضية رغد عبد الرحمن الزريقي التي انتصرت للعدالة وأصدرت حكماً شجاعاً على حكومة الوفاق لصالح جرحى الثورة السلمية.. هؤلاء القضاة مشاعل ضوء في هذا الظلام الكثيف. 

 

العلاج في الخارج

هناك اتفاقيات وقعت مع تركيا وقطر لعلاج الجرحى وقرأنا أخباراً عن سفر عدة دفع عبر مكتب توكل كرمان للعلاج في تركيا وقطر.. ما حقيقة ذلك.. وهل من بين الذين سافروا للعلاج في الخارج جرحى من الذين رفعوا دعوى ضد الحكومة؟

-  سمعنا بسفر جرحى للعلاج في الخارج، سواءً عبر توكل كرمان أو جمعيات أخرى.. وسمعنا كذلك بوجود انتقائية في بعض الحالات.. ثمة قصور وأخطاء فادحة رافقت نشاط هؤلاء، ونحن لا نشكك بأحد والخطأ في الاجتهاد وارد، ولكن لا زلنا نبحث في أمور تهم جرحى الثورة وأسر الشهداء.. هناك أمور خافية من المهم معرفتها؛ هذا ما نسعى الآن لكشفه ولا زلنا نجمع المعلومات.. من الواضح جداً أن الثورة شهدت حالات فساد كبير.. فساد دفع ولا زال يدفع كلفته في المقام الأول جرحى الثورة العظماء وأسر الشهداء الميامين.

 

* ما هي المعايير التي على أساسها يتم اختيار الجرحى وتسفيرهم إلى الخارج..  وما حقيقة أن بعض الجرحى عادوا من الخارج بحالة أسوأ مما كانوا عليها.. ولماذا؟

-   للأسف يبدو أن الحزبية والمحسوبية قد غلبت المعايير التي كان ينبغي أن يُعامل بها جرحى الثورة في العلاج والسفر، هذا ما أكده أردوغان نفسه وهو يتصل برئيس وزراء حكومة الوفاق ساخطاً بسبب أن كثيراً ممن قدموا إلى تركيا للعلاج لا تستدعي حالاتهم السفر إلى الخارج، فيما حرم آخرون من حقهم في العلاج وهم بأمس الحاجة للعلاج في الخارج.. هناك جرحى ثورة تُركوا يصارعون الموت فيما ذهب آخرون إلى تركيا وغيرها أشبه برحلة نقاهة، ويجري الحديث عن أن بعض من سافروا ليسوا بجرحى ثورة وبعضهم سافروا في الورق فحسب ولم يسافروا حقيقة.. هناك جرحى ثورة لديهم تقارير طبية تلح على علاجهم في الخارج وتم الرفع بهم في كشوفات السفر ثم جرى استبدالهم بآخرين بتوصيات واتصالات مشائخ ونافذين.. هناك تعامل انتقائي وحزبي مع جرحى الثورة الذين دفع بعضهم حياته بسبب أنه لا يوجد لهم حزب أو شيخ أو نافذ، وهناك من القائمين على السفر من تعرى عن الأخلاق وتجرد من المشاعر ومال وانتفع على حساب جرحى قضوا نحبهم بسبب هذا الانتفاع والميل والمحسوبية.. ثمة الكثير مما يقال حول مأساة جرحى الثورة، وما أوردته ليس سوى نزر يسير من معاناتهم.

 

* هل صحيح بأنه تم استبعاد بعض الجرحى من كشوفات المطلوب سفرهم للعلاج في الخارج نظراً لمواقفهم المعارضة لحزب الإصلاح والفرقة الأولى مدرع؟

-  لقد كان لهذه الاعتبارات فعلها وتأثيرها.. لا زلنا نجمع المعلومات.. وبعد الانتهاء من جمع المعلومات سيكون لها فصل ولنا فيها وفيهم كلام.

 

*سمعنا بأن إيران عرضت على الحكومة علاج الجرحى في مستشفياتها وعلى نفقتها، ولكن الحكومة أو جزءاً منها رفض ذلك العرض، بينما تم قبول عرض تركيا وقطر.. كيف تعلق على هذا الأمر؟

-   للأسف القرار السياسي اليمني والنخبة السياسية الحاكمة مرتهنة للمملكة العربية السعودية ولا تستطيع أن تتخذ أي قرار يغضب السعودية حتى وإن كان لهذا القرار فائدة كبيرة لليمن ولشعبه.. ماذا يعني رفض ساسة اليمن لمليار دولار مساعدة من إيران لشعب اليمن في مجال الطاقة والكهرباء؟!!.. ماذا يعني رفض الحكومة إعادة فتح المستشفى الإيراني في صنعاء، والذي قدم خلال عمله العلاج المجاني وشبه المجاني لمئات الآلاف من المواطنين اليمنيين الفقراء الذي لا يستطيعون دفع ثمن العلاج في المستشفيات الخاصة والعامة؟!.. لماذا لم يتم تجديد الحكومة اليمنية الاتفاقية مع الهلال الأحمر الإيراني والذي كان بإمكان آلاف من جرحى الثورة اليمنية الاستفادة منه بالحصول على العون الطبي لجرحى الثورة بدلاً من أن يتحولوا إلى مشلولين ومعاقين بقية أعمارهم؟!!.. لم تقم الحكومة بواجباتها تجاه الجرحى بل ومنعت أن يستفيد الجرحى من أي عون طبي إيراني.. لماذا الحكومة اليمنية لا تتعامل على أساس تقديم مصالح اليمن أولاً كمعيار لعلاقاتها الدولية بدلا من المعيار السعودي الذي جلب لنا الوبال منذ خمسين عاماً ولا يزال؟!!.. لماذا حكومتنا لا ترحم ولا تترك رحمة ربنا تنزل؟!!..

إن ما يخيف في موقف السلطة اليمنية من إيران هو ارتهانها للقرار السعودي وعدم مراعاة مصالح اليمن في قرارات تحديد العلاقة بهذه الدولة أو تلك.

 

عام على المبادرة

* مر عام على توقيع المبادرة الخليجية في 23 نوفمبر 2011م.. برأيك ما الذي نفذ من بنود المبادرة.. وما هو الانجاز الذي حققته المبادرة خلال عامها الأول.. وهل ما تحقق يبشر بمستقبل أفضل؟

- لا أرى شيئاً ايجابياً مهماً أو في مستوى يستحق الذكر، بل أرى ما هو فادح وخطير؛ أرى اقتسام غنائم ومحاصصة للثورة والثروة والوظيفة العامة.. أرى وعياً مشوهاً ومدنية مفترسة.. أرى تعبئة يومية لصراع قادم ستكون العصبية والطائفية والقبلية والجهوية والعنصرية هي الفاعل فيه.. أرى ترحيل المشكلات والقضايا الكبيرة على نحو يسد أي طريق إلى مستقبل مستقر.. أرى تراكمات تؤدي إلى مآلات كارثية وانفجار أكثر تدميرا.. وفي أفضل الأحوال أرى اليمن تسير إلى طريق يؤدي إلى إعادة إنتاج نظام أكثر تخلفاً وفساداً واستبداداً من ذلك النظام الذي خرجنا في يناير 2011 نطالب بإسقاطه.. مع ذلك يمكنك القول بأنني لست متشائماً كلية، ولا أزال أؤمن بأن الشعب الذي أسقط نظام صالح يمكنه أن يصنع غداً أفضل عبر التصدي لكل أشكال الفساد السياسي والإداري وسوء استخدام السلطة؛ الواقع سيئ وتفاؤلي مشروط بيقظة المجتمع للدفاع عن مصالحه وحماية حلمه في التغيير والرفاه.

 

* كيف تقيم أداء اللجنة التحضيرية للحوار الوطني؟

- بالنسبة للجنة التحضيرية للحوار الوطني كنت قد احترت في بداية تشكيلها وتفاءلت عندما قدمت العشرين نقطة للتهيئة للحوار وطالبت بتنفيذها.. وكغيري أُحبطت بقرار هادي إضافة أعضاء جدد إليها محسوبين على بعض القوى السياسية، والأسوأ تمثيل الحراك بأشخاص لا يحققون تمثيلاً حقيقياً للحراك الجنوبي.. لا استطيع القول أنني متفائل كثيراً باللجنة؛ وسأترك الحكم لما ستحققه اللجنة.. لا أريد أن نكون دوما ضحايا للمخادعة والسياسة المخاتلة، ولا لتفاؤل العاجز.. بالنسبة لي يجب أن يرتبط تقييم اللجنة وكذا القائمين على الحوار الوطني بمقدار إنجازهم بهذا الصدد.

هناك لا شك عناصر في اللجنة جيدة، بل أكثر من رائعة، ولكنها لا تستطيع أن تفعل شيئا إذا ما ظلت مراكز القوى متحكمة بالقرار السياسي وقادرة على تحريك أغلب أعضاء اللجنة على النحو الذي تريده تلك المراكز والقوى، كما انني مصدوم ببعض عناصرها الذين كنت أظنهم سينحازون للمدنية وللمستقبل، وتفاجأت بالعكس تماماً.. انني أكره النفاق والتزلف والمخاتلة والصمت الموحش حد الرعب عندما يتطلب الأمر إلى موقف وحسم.. اكره التسلق والمواربة ولباس الأقنعة والانتفاع الأناني على حساب اليمن والثورة والمدنية.. وعموما سيظل تنفيذ العشرين نقطة محدداً لموقفنا منها لأنها هي الاختبار والمحك الحقيقي للجنة وللرئيس “هادي” أيضاً.

 

لا نجاح للحوار

* هل ستنجح الأطراف الموقعة على المبادرة والمشاركة في الحكومة في إدارة حوار وطني حقيقي؟

- لا أظن النجاح طالما ظلت مراكز القوى التقليدية فاعلة ومحددة لمخرجات القرار السياسي، وطالما ظلت المملكة العربية السعودية مهيمنة ووصية على اليمن ومتحكمة في شؤونه وتحديد مستقبله.. ما نشاهده اليوم من إخفاق وترحيل للقضايا والمشكلات وما يجري من محاصصة للثورة والثروة والوظيفة العامة وما يتراكم من احتقان وتعبئة مشوهة للوعي.. كل تلك هي مقدمات تقود بالضرورة إلى نتائج أكثر إخفاقا وفشلاً إن لم تأت معجزة، وهذه المعجزة لها اسم وحيد: الشعب.

 

أسوأ حكومة

*ما هو تقييمك لأداء حكومة الوفاق منذ تشكيلها أواخر العام الماضي.. وهل هي فعلاً حكومة وفاق؟

-    هذه الحكومة لا تملك من الوفاق إلا اسمه.. إنها أسوأ حكومة يمنية على الإطلاق.. إنها حكومة محكومة بعقلية الفيد والغنيمة.. عقلية الاقتسام والمحاصصة.. حكومة محكومة بمراكز القوى التقليدية التي ثرنا ضدها.. معظم وزرائها يديرهم مدراء مكاتبهم التي تقودها وتديرها مراكز هذه القوى التي دمرت ولا زالت تدمر اليمن.. مدراء المكاتب يحكمون كثيراً من الوزراء ابتداء من رئيس الوزراء وانتهاء بوزير الإعلام.. ومن المهم أن استثني هنا من هذا الحال الأستاذ الرائع والناجح وزير النقل الدكتور واعد باذيب وآخرين قلة لديهم ما يضيفونه حتى وأن لم يستطع بعضهم ترجمة ذلك حتى الآن.

لو كانت هذه الحكومة لديها الحد الأدنى من المسؤولية الوطنية لكانت أحالت ملف فساد الكهرباء للتحقيق، ومثله ملف الغاز وملف الثروة السمكية... الخ.. الفساد اليوم ينخر الحكومة في المفاصل والعظام.. للأسف هذه الحكومة في مجملها هي حكومة فاشلة ومشلولة، وتعرقل الحياة السياسية ومشروع التغيير أكثر مما يمكنها أن تخدمه.

إذا كان جرحى الثورة السلمية اليمنية الذين أوصلوا هذه الحكومة إلى الحكم يموتون اليوم في الساحات والعراء والبيوت المثخنة بجراح أهلها ويضطرون لمقاضاتها في حقهم القانوني والدستوري في العلاج، فأي أخلاق ومسؤولية وطنية لدى هذه الحكومة.. عندما تفقد الحكومة مسؤوليتها الوطنية ينعدم ما يمكن لها أن تفاخر به أو حتى ما يحفظ لها قليلاً من ماء الوجه. 

 

لصوص “الثورة”

* أنشأتم جبهة لإنقاذ الثورة.. لماذا أو بالأصح إنقاذها ممن.. وما هو الخطر الذي يهددها؟

-  إنقاذها من لصوص الثورة.. من مراكز القوى التقليدية القبلية والعسكرية التي اغتصبتها واستباحتها وصارت تتحكم بها.. من القوى التي تعيد إنتاج النظام القديم على نحو أكثر تخلفاً وارتهاناً وهمجيةً.. من أجل إنقاذ المشروع والحلم الذي ضحى لأجله الشهداء ودفع ولا يزال يدفع جرحى الثورة ثمنه من دمائهم.

 

رومانسي ثوري

* كنت أنت وتوكل كرمان وعدد من الشباب أول من خرج إلى الساحات وأول من نصب خيام الاعتصام وتعرضتم لمضايقات واعتداءات مختلفة.. كيف تحول أحمد سيف حاشد من ثائر إلى متهم بقيادة ثورة مضادة لهذه الثورة، بينما كرمان تدرجت في سلم الثورة لتصل إلى أعلى المراتب؟

-  أنا معني بالإجابة هنا عن أحمد سيف حاشد وحسب، دعني أقر في البداية أنني “رومانسي ثوري”، على اعتبار أنني أؤمن بالتغيير وأحلم بالثورة المدنية وهذا ما يحكم أدائي أكثر من سياسة “الفرصة والغنيمة” التي أثبت أغلب السياسيين خلال الفترة الماضية أنها السياسة التي يجيدونها.. يقول البعض بأن أحمد سيف حاشد حالم وثائر رومانسي وسياسي غبي، حد عجزه عن التعاطي مع “السياسي الانتهازي”، وهذا هو سبب الموقف التحريضي الذي اتخذته بعض من القوى السياسية ضد نشاطي الثوري والسياسي.

المخرجات التي تأتي اليوم باسم الثورة هي في الحقيقة مخرجات القوى التقليدية التي بسطت سلطتها ونفوذها على الثورة.. نحن ثرنا من أجل تحقيق الحرية.. ثرنا ضد الفقر والفساد.. ثرنا من أجل تحقيق دولة مدنية حديثة وديمقراطية.. ثرنا من أجل الفقراء والمعدمين والمسحوقين.. ثرنا من أجل تغيير المنظومة القانونية التي تكبل الحقوق والحريات وتنتج البؤس والفساد وتزيد الفقراء فقراً ومعاناة.. تلك المنظومة لا زالت كما هي تعمل ولم تمس.. سأظل أثور إلى آخر العمر ولن أندم يوماً مهما دفعت من كلفة وثمن.. لن أكل ولن أمل.. هذا شأني وللآخرين شأنهم.. وكل يضع نفسه حيث يشاء.

 

ثقافة التخوين

* تتعرض جبهة إنقاذ الثورة بشكل عام وأحمد سيف حاشد بشكل خاص إلى حملة تشهير واسعة من قبل إعلام الإصلاح لدرجة اتهامكم بالعمالة لإيران والتنسيق مع الحوثيين والأمن القومي للقيام بثورة مضادة.. ما صحة ذلك.. وما سبب الحملة الإخوانية الشرسة عليكم؟

- السبب كما أسلفت هو تعارض وتصادم نشاطي مع المصالح الشخصية لهذه القوى ومن يقودون زمامها، وتأتي هذه الحملة في سياق ثقافتهم الوطنية والأدوات السياسية التي يجيدونها.. إن ثقافة التخوين والإلغاء والإقصاء للآخر بسبب رأي أو موقف أو وجهة نظر هي جزء من الثقافة التي خرجنا نثور عليها.. سنقاوم هذه الثقافة ولن نسمح لها بأن تكسر إرادتنا لأننا أصحاب قضية، وهم مرتهنون- كما يبدو من مواقفهم- لقضايا ومصالح أخرى بعيدة كل البعد عن مصالح اليمن واليمنيين ومشروع الثورة.

وأنا بقولي هذا لا أسوق الاتهامات جزافاً، كما أن دواعي قولي ليست شخصية أو إيديولوجية؛ ما يجري وما عشته خلال الفترة الماضية يجعلني متأكداً من ذلك، كما أن موقفي المعارض لممارساتهم التي لا تختلف عن ممارسات النظام السابق كان ولا يزال هو سبب حملات التشهير والكذب التي تمارس ضدي وضد آخرين معارضين لهم.. إن موقفي منهم ليس ايديولوجياً ولا شخصياً إنه موقف ضد الممارسات الصادرة منهم.

 

أباطيل

* كم يستلم احمد سيف حاشد من إيران.. ومقابل ماذا؟

-  هذه هي الأباطيل التي ينفقون على الترويج لها أكثر مما ينفقون لخدمة البلاد والعباد.. أنا لم أستلم شيئا لا من إيران ولا من فساد السلطة ولا من اللجنة الخاصة.. أنا لم أسرق ثورة أو ثروة.. أنا النائب الوحيد الذي كشف للرأي العام عن ذمته المالية المتواضعة.. أنا يا عزيزي لم أبع جيزان ونجران وعسير.. أنا لم أقتل المتظاهرين سلمياً في القاع وكنتاكي وبنك الدم.. أنا لم أحرق ساحة الحرية في تعز.. أنا لم أنهب الجنوب.. أنا لم أسرق ثروة الوطن وأودعها في بنوك أوربا وأمريكا.. أنا لا أعرف شيئا عن البورصة ولا أجيد الحساب بعد المليون.. أنا لم أعمل يوماً مخبراً أو جاسوساً.. أنا لم أمنح حصانة لقاتل..  أنا لا أنحاز إلا إلى الغلابى والمقهورين والباحثين عن ومضة أمل في هذا الظلام الكثيف.. اجمع يا عزيزي شجاعتك وأبحث عنهم والأمر يسير إن امتلكت قليلاً من شجاعة بدلاً من هذا الحول في البصر والبصيرة.

ولكل من يدور برأسهم هذا السؤال- الغبي جداً- أتمنى أن يسألوا أنفسهم: هل خرج أحمد سيف حاشد في الثورة؟!.. هل رأيتموه طامحاً لمنصب أو ثروة؟!!.. وقبل هذا وذاك، هل قال على نظام صالح نفس ما يقوله الإخوان في السلطة اليوم على أحمد سيف حاشد؟!.. وهل يعني هذا بأن النظامين هما نفس الشيء أم أن أحمد سيف حاشد هو نفسه في مواجهة نفس النظام؟!!!.

أنا لا أتفاخر هنا، ولا أطلب منحي ما لا استحقه، لكن قبل ترديد البعض لهذه الاتهامات الباطلة، هل فكرنا قليلاً لماذا كل ذلك؟!!.. وما هي الفائدة؟!.. ومن المستفيد؟!!.. لا اعتقد أنني أطلب أكثر مما يستحقه كل مواطن من الإنصاف.

 

فساد كبير

* البعض يصف ساحات الاعتصام بأنها كانت باب رزق كبير على بعض الشخصيات والجهات فأصبحوا خلال عام واحد يمتلكون الأموال والصحف والفضائيات والأسلحة المتطورة وأسسوا أحزاباً وجمعيات و....الخ.. ما هو مصدر هذا الثراء.. وأين أحمد سيف حاشد منه؟

-  ستكشف الأيام أشياءً كثيرةً وفساداً كبيراً.. أما أنا ودوري بالتأكيد يختلف- جملة وتفصيلاً- عن المستفيدين من الثورة.

 

* في ندوة بمنتدى الجاوي بتاريخ 18 ابريل 2012م قلت إن الإصلاح يستلم من قطر 17 مليار شهريا.. وهددت بأنك لن تسكت وستفضح فساد الساحات والمستشفى الميداني.. لماذا تأخر تنفيذ هذا التهديد.. ومقابل ماذا يتسلم الإصلاح  17 مليار شهرياً؟      

-   أفضِّل البحث عن وسائل قانونية بقدر المتاح تكشف كل شيء، ليس على الفساد في الساحات، ولكن على الفساد في السلطة أيضا سابقا ولاحقا.

 

الأموال الخارجية

* ماذا عن الأموال السعودية والأمريكية والإيرانية التي تدفقت إلى ساحات الاعتصام.. هل كانت لدعم “الثورة”.. والى جيوب من كانت تصب؟

- بالتأكيد لم يصب إلا النزر القليل منها في خدمة الثورة والثوار، بينما ذهب الجزء الأكبر منها في جيوب قوى وشخصيات، ويعرف الجميع تفاصيل الكثير من صفقات الفساد التي آمل ويأمل كثير من اليمنيين أن يبدأ المجتمع بمساءلة المتهمين فيها.

 

* ما مدى تأثير الأموال الخارجية (خليجية وأمريكية) على مستقبل اليمن؟

-  اعتقد أن الأموال السعودية هي التي لها ضلع كبير في خراب اليمن ومستقبله.. ولنا في الماضي والحاضر مثال. 

 

* من هم الرابحون من “الربيع العربي” في اليمن؟

-  بمعنى عام، أعتقد أن الشعب اليمني هو المستفيد بالمقام الأول، فقد استطاعت الثورة وضع حد ونهاية لمشاريع التوريث والتأبيد، لكن لا تزال أمامهم مهام كثيرة وكبيرة للحيلولة دون تكرار النظام والسلطة السابقة، أما بالمعنى السياسي الضيق والراهن فاستطاع من يُطلق عليهم (الإسلاميون) سواءً كانوا إخوان مسلمين أو سلفيين من الاستحواذ على تركة الأنظمة السابقة، وللأسف بأداء لا يختلف عن أداء نظام “صالح الأحمر”، غير أن هذا بالتأكيد ليس الفصل الأخير فلا زال هناك مخاض وولادة؛ وثقتي بأن غداً ربما سيكون أشد صعوبة على الحكام الجدد أكثر مما كان على نظام صالح، خاصة إذا ما أصروا على المضي بأدوات نظامه والأدوات الأكثر تخلفاً ورجعية.

 

الخطر القادم

* في منتدى الجاوي قلت بأن (الإصلاح هو الخطر القادم على اليمن).. هل ما زلت عند كلامك هذا.. وعلى ماذا تبني هذا القول؟

-    نعم قلت ذلك، ولا أزال على نفس القناعة، بل إن هذه القناعة تزداد مع مرور الوقت ويتأكد لي هذا من خلال متابعتي للشواهد والدلائل على الأرض، فإقصاء الآخر والاستيلاء على ما له من حق والرغبة في الاستحواذ على كل السلطات- على الأمن والجيش والقضاء والجمعيات والمنظمات والمساجد والوظيفة العامة والثروة والمال العام والمؤسسات العامة.. الخ، والاستعجال في ذلك، تثير فينا الخوف والرعب الشديد. لا يمكن لمن يفكر بهذا القدر من الاستحواذ أن يؤسس أو يفكر في تأسيس مدنية وديمقراطية في اليمن.. هذا هو تقديري وقناعتي ولا يوجد على الأرض ما يجعلني أعيد النظر في هذه القناعة التي تزداد كل يوم في ضوء المعطيات التي تحدث ويشاهدها الجميع.

وأحب التأكيد مجدداً بأن تقييمي هذا هو تقييم لأداء حزب التجمع اليمني للإصلاح، وليس موقفاً إيديولوجياً مسبقاً من الإصلاح؛ وللآسف يثبت هذا الحزب يومياً أنه أقل من حزب وطني حتى لو كان أقوى “تجمع ديني وقبلي” في الوقت الراهن. 

 

قبح الإصلاح

* في مقال بعنوان “حزب الإصلاح رعب وإرهاب!” قلت “أشعر أنني اقترفت خطيئة وأنا أزعم للناس أن الإصلاح ونظام صالح نظام واحد”.. وضح لنا هذا القول؟

-   أقصد أن الإصلاح يسعى- حسب تقديري- لتأسيس نظام أكثر قبحا ودمامة من نظام علي عبد الله صالح.. فنظام صالح كان “برغماتياً” أكثر، فيما أتصور النظام الذي سيقيمه حزب الإصلاح سيستخدم فيه الإيديولوجيا والدين في شرعية الإقصاء والاستحواذ والنيل من الآخر.. كان الدين- عبر استخدام صالح لحزب الإصلاح- أداة من أدوات نظام صالح، وهذه الأداة تسعى اليوم حثيثاً لتكون سلطة مطلقة؛ ذلك هو وجه الاختلاف بين النظامين..

نظام صالح كان يحاكمنا بمحكمة أمن الدولة (جزائية متخصصة) فيما نظام حزب الإصلاح سيطيح الرؤوس بفتوى متخلفة لفقيه لا يملك من الفقه إلا اسمه..

نظام صالح نجده اليوم يستوعب إلى حد ما الرأي المعارض له في قناة وصحيفة “اليمن اليوم” فيما قناة “سهيل” وصحيفة “الصحوة” لا تطيقان أن تفردا قولاً أو سطراً للرأي المعارض لسياسة حزب الإصلاح.. إنه النموذج الأكثر سوءا وبشاعة الذي يريد حزب الإصلاح أن يفرضه علينا في المستقبل ، بل يريد إرغامنا على قبوله من اليوم.. 

 

أكلة لحوم البشر

* في موضع آخر شبهت مليشيات الإصلاح بـ”أكلة لحوم البشر” وقلت إن الإصلاحيين “يشتهون السلطة كشهوتهم للجنس البكر”.. لماذا هذا التحامل على شركائكم في الثورة؟

-  أولاً أريد التأكيد على المستقلين، رغم تأخر الإصلاح وغيره من الأحزاب عن الالتحاق بالثورة.. اعترفنا بالآخرين كثوار وشركاء في الثورة والمستقبل، وفي المقابل عمل هؤلاء الشركاء على إقصائنا بكل الوسائل الممكنة.. وصفته بذلك لأنه مخاتل ومخادع ومحتال أكثر من نظام صالح، وعندما يتمكن من السلطة ينقلب إلى ديناصور حتى على شركائه، إن حزب الإصلاح- بما هو عليه اليوم- خطر حقيقي على قيم الحرية والديمقراطية والعدالة وعلى مشروع الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة، ورغم أنني أرفض المفاضلة بين نظام صالح ومشروع الإصلاح، لأنه لا يجوز المفاضلة بين سيئ وأسوأ، إلا أنني ألمس من الإصلاح شهوة للسلطة أكثر جنوناً وعنفاً من نظام صالح.

 

سيناريو متكرر

* البعض يرى بأن الإصلاحيين يمارسون مع هادي نفس السياسة التي مارسوها مع صالح.. يتقربون منه حتى يحققوا مصالحهم ثم ينقلبون عليه.. هل توافقني هذا الرأي.. وماذا تزيد عليه؟

-  مثل ما صنعوا مع صالح سيصنعون مع هادي.. سيخرج اليدومي ويقول ما قاله على صالح أنه هو من استخدمه كرتاً ولم يستخدمه أحد.. إن السلطة بالنسبة لحزب الإصلاح هي كل شيء وما عداه تكتيك ومواربة ومناورة؛ فإذا ما تمكن الإصلاحيون واطمأنوا أنهم قد صاروا غالبين وقادرين على غلبة هادي ورأوا أن الفرصة سانحة انقلبوا عليه وصاروا تماسيح ولكن من دون دموع، ولست قلقاً على “هادي” بل قلق على اليمن برمتها.

 

دمار وخراب

* ما هو تعليقك على شحنة الأسلحة التي ضبطت في ميناء عدن مؤخراً قادمة من تركيا.. وكيف تصف موقف الحكومة اليمنية في هذه القضية؟

-  هذا وغيره يدلل على ما ذهبنا إليه في تقديرنا السابق بأن المبادرة في نهاية المطاف لن تجلب لليمن واليمنيين غير الدمار والخراب، وما كنا سندفع كلفته في عام سندفع كلفته في أعوام وبألف ضعف عما هربنا منه، وفي أفضل حال سيعاد إنتاج النظام بصورة أكثر وبالاً وكلفة.. الحكومة مرتهنة لمراكز القوى ولا تستطع أن تفعل شيئاً لأنها جزء مما يحدث ولذلك لا يمكن أن تكون حلاً لما يحدث.

 

الجهاد في سوريا

 * تناقلت الكثير من وسائل الإعلام المحلية والخارجية مؤخراً أخباراً عن تسفير العشرات من شباب الساحات للقتال في سوريا بحجة أنهم من جرحى الثورة أرسلوا للعلاج في تركيا.. ما مدى صحة ذلك.. وهل وصلت إليكم شكاوى أو معلومات حول هذا الموضوع؟

-  الأمر الشائع أن كثيرين قد ذهبوا إلى القتال في سوريا وقد كان وراء تسفيرهم مشائخ ورجال دين ونافذون، وأن عدد من ذهبوا غير قليل، وأن هناك من استلم على ترحيل الفرد الواحد خمسة آلاف دولار وأحيانا عشرة آلاف دولار.

وذكرت مصادر إعلامية أيضا أن عدداً غير قليل من المنتمين لـ”القاعدة” في أبين قد ذهبوا للقتال في سوريا بناء على اتفاق بين السلطة و”القاعدة”، بحيث تترك “القاعدة” للجيش واللجان الشعبية المناطق التي سيطرت عليها (زنجبار وجعار وشقرة وغيرها من المناطق التي احتلتها في محافظة أبين) مقابل ترحيل كثير من عناصرها للقتال في سوريا مع الجيش الحر.. وعموماً، ما يؤكد ذهاب يمنيين إلى سوريا للقتال مع الجيش الحر مقتل وأسر وجرح عدد منهم في الحرب التي خاضوها هناك.

 

* أيضاً هناك اتهامات للجنة التنظيمية في ساحة الاعتصام بصنعاء أنها افتتحت مكتباً سرياً لتسفير الشباب الراغبين بالقتال في سوريا ضد نظام بشار الأسد، وأيضاً وجهت الاتهامات نفسها لمكتب توكل كرمان.. وأكد تلك الاتهامات قيادي بارز في المشترك.. كيف تنظر إلى هذا الأمر؟

-   لا علم لي بشيء عن هذه المعلومات التي ذكرتها.

 

القطيعة مع البرلمان

 *ما سبب القطيعة بين أحمد سيف حاشد ومجلس النواب.. ومتى آخر مرة حضر فيها حاشد المجلس.. ألا يعتبر التغيب والإهمال في الأداء الوظيفي- ومن ذلك وظيفة عضوية مجلس النواب- نوعاً من الفساد، أم أن كرسي البرلمان هو فوق النظام والقانون؟

-    لقد كنت أكثر مدوامة على حضور المجلس لقرابة ست سنوات ولكن رأيت أن المجلس ليس أداة تغيير، لأنه ببساطة أحد منتجات فساد نظام صالح الذي أفسد المؤسسات وأفسد الحياة السياسية برمتها.

البرلمان الذي يفشل في معالجة قضية مثل قضية الجعاشن لا يمكن أن يعول عليه بأمر أكثر أهمية من ناس قتلوا وطردوا وهجروا من قراهم ولم يفعل لهم البرلمان شيئاً طوال سنين.. لا يمكن التعاطي مع هذا البرلمان كسلطة رقابية حية على تنفيذ القوانين، ولذلك اخترت الشارع للثورة وانحزت إلى الناس ولم أكن أضللهم كما يفعل البرلمان وبعض الصحف والصحفيين الذين كان ينتعلهم نظام علي عبد الله صالح.

وحضرت مرة جلسة كان مقرراً أن تمنح صالح وأعوان نظامه الحصانة، حضرت لأسجل موقفاً رافضاً للحصانة غير أن الجلسة تأجلت ثم عقدت الجلسة التي منحت صالح وأعوانه وكنت مسافراً في الخارج.. إن برلمان يعطي الحصانة لمن مارس القتل 33 سنة بجرة قلم وساعة زمن، ليس المكان المشرف الذي يتوجب المواظبة على حضوره.