آخر تحديث :الثلاثاء-21 مايو 2024-12:05م

أدب وثقافة


ذمولة شهيد (قصة قصيرة)

الأحد - 31 يوليه 2016 - 10:03 ص بتوقيت عدن

ذمولة شهيد (قصة قصيرة)
شهداء الجنوب

عدن(عدن الغد)خاص:

تجتاز السور المنخفض.. السماء كابية، سكون عميم إلا من نسيم يتخلل الشجيرات التي تبرعمت جوار الشواهد، يهسهس كناي موجوع، يتداخل وإنين خافت ينبعث من مكان خفي لربما حفيف خطواتها المكلومة، ويتصادى وتكبيرة العيد التي تناهت من قباب بعيدة. تنتصب بجسدها وسط التباب الصغيرة المسجاة التي تفترش الأرض على مد البصر، تبسمل وتقرأ فاتحة الكتاب. ثم تقرفص امام التبة الصغيرة التي يلتحفها الرفات الحبيب.

وبأصابع معروقة تمسد العشب الطري، المبتل توا بطل الفجر الذي بدأ يسفر عن صباحه. تفتح صرتها الصغيرة، وتتناول ذمولة مازالت ساخنة، تفتتها وتبدأ بنثرها، ثم تتناول اخرى وقبل أن تفتتها ترفعها صوب فمها كأنما تحملها وصية ما، ثم تعطف جسدها على التبة الصغيرة وتستغرق في وشوشة هامسة للجسد المسجى في باطن ثراها، لعلها ارادت أن تفضفض له كعادتهما وتبثه اسرارا، ذهب قبل أن تتبادلها معه، لم يرجعها من استغراقها ذاك سوى البلل الذي شعرت به في راحة كفها! كانت الذمولة ذائبة بين اصابعها وقد غمست بدموعها . وكأنما تذكرت شيء ما فترت عن شفتيها ابتسامة دافئة صعدت من بين حناياها مارة بمجرى الحليب، وتمتمت من بين شهقات نحيبها: كان يفضلها مغمسة با"الشاي الملبن"
*الذمولة: كعك حلو يخبز في كل مناطق الجنوب بأسماء مختلفة.
*التبة: كناية عن القبر. غير أن قبور الشهداء تبابا تعلو مع الزمن حتى تغدو جبالا شامخة.

*كتبت هدى العطاس