آخر تحديث :السبت-20 أبريل 2024-11:26ص

أدب وثقافة


الفنان الشاعر الفقيد محمود علي السلاّمي : من لحج الى عدن (1930- 2013م) مسيرة عطاء يوثقهااستاذ النظريات الموسيقية العامة عبد القادر قائد

الجمعة - 29 يوليه 2016 - 04:03 م بتوقيت عدن

الفنان الشاعر الفقيد محمود علي السلاّمي : من لحج الى عدن (1930- 2013م) مسيرة عطاء يوثقهااستاذ النظريات الموسيقية العامة عبد القادر قائد
صوة تجمع الفقيد الشاعر والفنان السلامي مع الكاتب عبد القادر احمد قائد استاذ النظريات الموسيقية العامة بمعهد بمعهد جميل غانم

كتب : عبد القادر احمد قائد

*استاذ النظريات الموسيقية العامة بمعهد جميل غانم للفنون الجميلة عدن

 

في يوم الإثنين الموافق 17/ يناير2011 جمعني به لقاء خاص في منزله مع الصديق الشاعر خالد قائد صالح لمعرفة تفاصيل مراحل حياته الاجتماعية والأدبية والفنية تحدث الوالد السلاّمي عن نفسه قائلاّ:(أنا محمود علي محمد السلاّمي من مواليد محافظة لحج ــــ قرية سفيان 1930م متزوج وأب لتسعة أبناء أربعة ذكور وخمس إناث، عندما بلغت سن مرحلة التعليم الابتدائي كانت مجموعة من أبناء قريتي تدرس في المدرسة الملحقة ببيت فضل بن أحمد منصّر وكان من تلاميذها أبناء السلاطين والأمراء وأصحاب الوجاهات منهم الأمير علي عبدالكريم وآخرين من أبناء لحج فطلبت من والدي أن يلحقني بتلك المدرسة ولكنه فضّل أن يلحقني بكتّاب القرية نتيجة لظروف معيشته الصعبة فنزلت عند رغبته وأطعته. وعندما قامت الحرب العالمية الثانية كنت أعمل مستخدماً لدى بعض أصحاب الدكاكين في القرية وألبي طلبات بعض الأسر النازحة من عدن منها أسرة الشيخ صالح عبدالله بارحيم التي لجأت إلينا واستقرت في قرية المجحفة ـــــ قرية آل سلاّم ــــ التي نشأت فيها فتوطدت علاقتي مع تلك الأسرة واستخدموني عاملاّ عندهم في مزرعتهم وفي قضاء حوائجهم بين المزرعة والبيت، وقبل انتهاء الحرب قرروا العودة إلى عدن وطلبوا مني مرافقتهم فاعترض الكثيرون من أهل المجحفة على ذلك لأن كل واحد منهم كان يرغب أن يكون ابنه في موقعي ورغم ذلك الاعتراض فقد حظيت بمرافقتهم ورعايتهم وكنت حينها في سن الثالثة عشرة من العمر تقريباً وعملت في صيدليتهم الواقعة أمام المتحف الحربي حالياً ولم ألتحق بعد بالمدرسة. وبعد فترة قصيرة من مكوثي عند آل بارحيم التقيت بأبناء عمومتي من آل سلام القاطنين في عدن عند عماتهم المتزوجات من بيت العيدروس فالتحقت بهم وعشت معهم حباً في التحاقي بالتعليم فقد كنت أنتظر تلك الفرصة واستعد لها ذلك أني قد قرأت القرآن وحفظت أجزاءً كثيرة منه.

 

 كان بيت منصب العيدروس الذي عشت فيه قريباً من مدرسة بازرعة الأهلية التي كان مديرها آنذاك الشيخ علي باحميش فطلبت الالتحاق بفرقتها الموسيقية النحاسية وذلك قبل التحاق الأستاذ يحيى محمد مكي وأحمد بن أحمد قاسم الذين أدخلوا عليها فيما بعد الآلات الوترية المختلفة، وكان معي في تلك الفترة اثنان من أبناء لحج يعزفون في تلك الفرقة وهم عبدالله علــــي سعيِّد وكـــــان مشرفاً على الفرقة وهو من أبناء قرية الحمراء ـــــ قرية آل البان ــــــ وكان معلماً للنوتة وعازفاً في الفرقة السلطانية النحاسية في لحج والثاني هو محمدينه عبدالله عطية عازف آلة الكورنيت في تلك الفرقة أما أنا فلم يقبلوني على آلـــة الــبوق(البجل) فوقع اختياري الثاني على الطبل الكبير(الحرّانة) وكنت دائماً ما أتواجد في قصر البراق المعروف بقصر الشكر في لقاءات فنية وأصاحب الأمير محسن بن أحمد مهدي كما كنت أحضر جلسات فنية في المنتدى الكائن في منطقة الرزميت القريب من القصر تلك الجلسات التي كان يحضرها كثير من أدباء ومثقفي عدن في تلك الفترة منهم الشاعر محمد عبده غانم ومثقفون من آل لقمان وكانت تربطني علاقات ودية وفنية بالفنان سالم أحمد بامدهف.

 

العودة إلى لحج والالتحاق بالمدرسة المحسنية وبسوق العمل:

 

في عام 1947م عدت إلى لحج والتحقت بالمدرسة المحسنية في العام الذي وصلت فيه البعثة التعليمية المصرية والتحاق بعض المدرسين المحليين بسلك التدريس الذين تخرجوا من العراق مثل الأستاذ بامعافى والأستاذ فضل عوزر وغيرهم وتقديراً لمستواي المتقدم في القراءة والكتابة قبلت في الصف الثاني ابتدائي ثم انتقلت إلى الصف الثالث وكان من زملائي في الصف السيد حسين صالح وعبدالله عمر شهاب وعلي بن أحمد بن علي ومحسن صالح مهدي ومرشد المنتصر وعبدالله سعيد عتيق .

 

في تلك الفترة أكملت الصف الثالث ابتدائي ولم أواصل تعليمي نظراً للظروف المعيشية الصعبة وعدم تمكني من توفير مصاريف الدراسة فعدت إلى عدن أبحث عن عمل حتى استقريت عند صهري سيف علي صلاح الذي كان يجلب بعض البضائع من لحج ليبيعها في عدن مثل الفحم والأعلاف والدجاج.

 

البحث عن وظيفة:

 

ثم لجأت إلى بعض زملاء الدراسة ومنهم محمد ومحسن صالح مهدي وشرحت لهم ظروفي الصعبة التي منعتني من مواصلة دراستي فقدموني إلى محمد إبراهيم عطا سكرتير السلطان عبدالكريم فضل فطلبت إعانة مالية أو وظيفة تعينني على مواصلة دراستي فوافق الأمير علي عبدالكريم على ذلك وعينت موظفاً في الخاصة السلطانية (في الديوان) ثم تحولت إلى مكتب محمود محمد الشريف(والد الشاعرعبدالله الشريف) والأمير فضل بن علي حتى بداية عهد السلطان فضل عبدالكريم حيث وصل معاشي 15 روبية آنذاك مما جعلني أتقدم بشكوى شفهية للسلطان ففي يوم رمضاني وقبل ضرب مدفع الإفطار كان السلطان فضل عبدالكريم يتمشى بجانب قصر الروضة فتقدمت منه ودنوت وقدمت له مظلمتي وكانت عبارة عن طلب زيادة في الراتب أسوة بزملائي الذين وصلت رواتبهم إلى 25 روبية فقال لي من وظفك؟ فقلت: أنتم، فقال لي أنت من أصحاب فضل بن علي وعلي عبدالكريم وبذلك رفض طلبي.

 

الالتحاق بالعمل العسكري:

 

فعدت إلى عدن ومكثت فترة قصيرة عدت بعدها إلى لحج مع بداية وصول الضابط اللبناني سمير شحاتة الذي انتدبته السلطنة ليكون وكيلاً في الداخلية تكون مهمته تحديث وتنظيم إدارة الداخلية فبدأ باستقطاب الشبان المتعلمين لرفد إدارته بدماء جديدة فألحق الكثيرين منهم في وظائف مكتبية وفي كتابة الرسائل والتحقيقات والإجراءات المختلفة فكنت واحداً من تلك الدفعات الملتحقة بذلك العمل العسكري وقدمت طلباً بتعييني في منطقة دار سعد وتعهدت بأن أكون وفياً ومخلصاً لعملي وبعد استكمال التحريات عني وافق على طلبي وصدرت التعيينات لكل الأفراد وتم تعييني نائباً في منطقة دار سعد لمدة ثلاثة أشهر تحت التجربة وبذلك منحت لي صلاحيات وأوامر تعهدت بتنفيذها دون تردد واستمرت خدمتي في دار سعد عامين كاملين.

 

وفي عملي العسكري كنت مسئولاً عن إدارة المرور وعن بريد الرسائل الموجهة إلى مناطق الشط وطور الباحة والإشراف الأمني على شئون البلدية والأعمال الإدارية في منطقة دار سعد ومنحت لي الصلاحية لرفد إدارتي بكثير من الشبان منهم أحمد عامر وفضل خضر وسالم باجارة ومصطفى مبارك الذين صار لهم شأن كبير في السلك العسكري فيما بعد.

 

اللحاق بالسلطان علي عبدالكريم إلى عدن والحصول على وظيفة في البنك الشرقي:

 

بعد المشاكل التي حدثت بين السلطان فضل عبدالكريم وأخيه علي عبدالكريم في قضية زواجهم كنت واحداً من المحسوبين على علي عبدالكريم الذي تبعته إلى عدن بعد يومين من مغادرته لحج وهناك حصلت على وظيفة في البنك الشرقي القريب من نادي التنس العدني بجانب المستشفى الصيني حالياً وذلك بواسطة أصدقائي القدامى من أيام عملي في بيت آل بارحيم.

 

العودة إلى ىشرطة لحج:

 

في أوائل عام 1952م تولى السلطان علي عبدالكريم الحكم فعدت إلى عملي في الشرطة ولم يدم ذلك طويلاً نتيجة للمشاكل والمضايقات التي كان يزرعها في طريقي ويختلقها ضدي نفر من زملائي في المهنة ذلك أنهم كانوا ينهبون حقوق زملائهم العسكر فكنت لاأسمح بذلك النهب وأكتب فيهم الشكاوى إلى رؤسائهم حتى يقدمون إلى المحاكمة، كل ذلك جعلني أقدم استقالتي من عملي إلى القائد فضل شيخ نائب الوكيل لكنه لم يقبلها فقدمت الاستقالة مسببة إلى الوكيل سمير شحاتة وطلبت منه منحي شهادة نهاية الخدمة مكتوبة باللغة الانجليزية حسب طلبي فكان لي ماأردت.

 

العودة إلى عدن لطلب الوظيفة شركاتها:

 

التحقت بالعمل بشركة (سي سي وكات) وانسحبت منها سريعاً بالرغم من أنها شركة من بلاد راقية إلاّ أن العمل فيها غير منظم، ثم عملت في شركة(عدن تمباكو) في استقبال المكالمات المعلا لاحقاً.

 

الهجرة إلى المملكة العربية السعودية ثم العودة مجدداً إلى العمل الشرطوي في لحج:

 

لم يدم عملي طويلاً في تلك الشركة فقررت الهجرة إلى المملكة العربية السعودية للعمل هناك بمعية الأخوين حسن و مهدي علي الهرَّاني فالتقيت هناك الشاعر صالح نصيب ومحمد حسين الآمر وكثير من أبناء لحج في تلك الفترة وبعد انقضاء أربعة أشهر قررنا العودة إلى لحج بسبب طروف المعيشة التي لم تطب لنا هناك فعدت إلى عملي السابق في الشرطة برتبة نائب وهي الرتبة التي كنت أشغلها ثم عينت وكيلاً للنيابة لمدة سنتين ونتيجة لعدم استجابة الوكيل سمير شحاتة لطلبي بتوفير مبلغ من المال يبقى عهدة عندي يدفع منه للشهود كتعويض عن ضياع وقتهم المهدور في ذلك اليوم الذي يستدعون فيه للشهادة قدمت استقالتي وقبلت.

 

مزاولة مهنة المحاماة في لحج:

 

وفي منتصف عام 1956م تقدمت إلى الشيخ محمد علي العقربي بمنحي رخصة مزاولة مهنة محامي شرعي في المحكمة الشرعية بلحج ولأني كنت أقرأ كثيراً في كتب القضاء وبعد أن اختبرني القضاة والمسؤلون في المحكمة أجازوني محامياً شرعياً من الدرجة الأولى مع من سبقني في هذا المجال مثل محمد ناصر بخيت والسيد زين عدِّس وعلي حسن وناصرعبدالملك.

 

النشاط الفني والبدايات في مجال التلحين والطرب:

 

بداياتي الفنية كانت تلازمني منذ صغري فكان الحس الفني كالدماء يجري في عروقي ولأن نشأتي كانت في لحج وقراها فمن الطبيعي أن أسمع وأتشبع من أنغامها وألحانها وطبولها التي تقرع هنا وهناك فالواحد منا لايمر من حارة إلى حارة إلاّ ويسمع الألحان تصدح من هذا المبرز أو من تلك المخدرة فكنت أحاكي الكثير منها وكنت أكتب الشعر منذ صغري وحتى أثناء سيري من قريتي إلى لحج كنت أكتب الشعر ولا أحب أن يراني أحد لذا كنت أختبئ داخل الحقول وبين الزرع وأخرج الورقة والقلم من جيبي وأكتب الخاطرة التي أحتفظ بها في رأسي وهكذا كتبت الكثير من أشعاري التي خرج بعضها من واقع المعاناة المعيشية وفترة أحلام الشباب التي كنت أعيشها آنذاك ومنها مااشتهر مثل(ساكت ولا كلمة)هذه القصيدة التي تحكي معاناتي وعدم قدرتي على الوصول إلى من أحبها ويهواها قلبي وقبل أن أكمل تلك القصيدة التقيت الشاعر علي عوض مغلس بحضور الصديق الفنان حسن عطا وأسمعته ما كتبت ولقيت منه الثناء والتشجيع ومن الآخرين عكس ذلك مثل(أيش هذا ساكت ولا كلمة؟ شي عاد كلام ثاني والاّ بس قده هذا؟) وحسب ما فهمت منهم فقد كانوا يريدون مني أن أقول كلمات الحب والمغامرة وإظهار الرجولة والشجاعة ولا يحبون أن يسمعوا مني كلمات الشكاء والبكاء والسلبية والاستسلام فكنت أبكي مما أسمعه منهم حتى جمعني الله بمن أحب واجتمع الشمل بمساعدة بعض الأصدقاء المحبين.

 

في بداية تجربتي ودخولي مجال الطرب كنا نتجمع في منظرة سعيد كرد التي كانت لنا مقراً رياضياً وفنياً فقد كنا حينها نزاول لعبة كرة القدم والفن معاً وكنت في سباق مستمر مع صلاح ناصر كرد للحصول على العود الذي كنا نتدرب عليه حتى بدأنا ندخل مجال التلحين فقد كان صلاح يقول لي أنا خائف نلحن ويضحكوا علينا الناس حتى عزمنا أمرنا وبدأ كل منا يشق طريقه ويلحن وكان الأمير الفنان محسن بن أحمد مهدي في تلك الفترة قد التحق بمشوار التلحين الذي بدأه بعدنا عندما كان يعيش ويعتكف في قصر البراق بعدن وكانت له آراء ومقترحات في ذلك كان يطرحها علينا فقد كان يقول لماذا لا تكتسي ألحاننا بطابع الدان كما هي الألحان التي تربينا عليها وتشبعنا منها مثل( سرى الهوى في الحسيني لوَّع العشاق) فقد كان العزف والغناء عنده دائماً ما يبدأ بالدان الذي كان يحبه ويهواه وشيئاً فشيئاً يدخل في لحن الأغنية المبني غالباً من روح الدان اللحجي القديم وبالرغم من أنه كان أصغر مني سناً وأقل مني خبرة لكنه نجح في ذلك المشوار لممارسته المستمرة في العزف على العود فقد تهيأت له الظروف المناسبة التي ساعدته على ذلك النجاح وكانت تجاربنا اللحنية الأولى فيها شيء من طابع الدان الشهير في لحج وكانت أغنية(ساكت ولاكلمهْ) من قصائدي الأولى التي لحنتها أما قصيدة(ياساكنة مهجتي) و(يحسبوني الناس مرتاح) فمن ألحان وغناء الفنان حسن عطا.

 

الالتحاق بالندوات الموسيقية (اللحجية والجنوب)

 

عندما تأسست الندوة الموسيقية اللحجية في عام 1955م كنت أحد أعضائها المؤسسين لكنني كنت القى المعاملة الغير لائقة من بعض الأعضاء في الندوة حتى بلغ ذلك عند البعض حد التحريض ضدي بعدم مصاحبة الإيقاعيين لي عندما أغني بالرغم من تشجيعي ومحبتي لكثير من الشبان الجدد في الندوة أمثال عبدالكريم توفيق وفضل وحسن كريدي ومحمد عوض شاكر ومحمد سعيد طلاّب وسعودي أحمد صالح الذي أهديته عودي قبل سفري إلى السعودية ليتعلم العزف عليه وكل هذه الظروف الصعبة التي عشتها في الندوتين(اللحجية والجنوب) قد أعطتني دفعة قوية للعطاء والثبات وبمرور الوقت انقشعت تلك الغمة وصارت الأجواء صافية ولم يسد بيننا في الندوتين إلاّ الود والإخاء والتراحم والعطاء.

 

كنت أشارك في حفلات الزواج(المخادر)التي كان يشترك في إحيائها الفنان فضل محمد اللحجي والفنان أحمد يوسف الزبيدي وأتناوب مع محمد السرحاني العزف على العود والكمان كما كنت في اللحجية عازفاً على الكمان مع زملائي صلاح ناصركرد وفضل خضر وآخـرين وكانت تربطنـي بالفنان الأمير عبده عبدالكريم علاقة مميزة جداً فكنت دائماً ما ألجأ إليه وأتلقى منه الكثير من النصائح والإرشادات والتوجيهات التي استفدنا منها جميعاً لأنه كان صاحب خبرة ومراس وكان من جلساء القمندان.

 

علاقته الفنية بالفنانة اللبنانية هيام يونس:

 

وفي ستينيات القرن الميلادي الماضي ربطته بالفنانة اللبنانية هيام يونس علاقات فنية أثمرت عملاً رائعاً لاقى نجاحاً وشهرةً واسعةً منقطعة النظير تخطت حدود الوطن اليمني فقد قدم لها أغنية(علىشانه..علىشانه) وغنتها في حفل أقيم في بيروت حضره الموسيقار المصـــري بليــــــغ حمدي فأعجب بهذا اللحن وبعد انتهاء الحفل قــــــال في مقابلة صحفيــة نشرت في إحـــدى الصحـــــــف الفنيــــــة حينها:(أنا معجب جداً بالفن اليمني وبهذه الأغنية)، ونتيجة لهذا التأثر لحن بليغ حمدي من روح ونَفَس السلاّمي للفنانة اللبنانية الشحرورة صباح أغنية بعنوان(علىشانه أموت أنا) بعد أن طرح هذه الفكرة في حينها على الفنانة هيام يونس التي رحبت بها ووافقت عليها.

 

بنى السلاّمي أغنيته من مقام الراست واختار الإيقاع اليمني البدوي المقسوم أو(الشرح اللحجي الثقيل) ولحن بليغ أغنيته من مقام الراست أيضاً واختار للحنه الإيقاع المصمودي الرباعي وهنا ظهر التأثر واضحاً عندما جعل لحن مقدمته الموسيقية تلتقي إلى حدٍ كبير مع لحن أغنية السلاّمي وتحديداً في مذهبها.

 

ويقول السلاّمي أيضاً إنه أرسل رسالة إلى إذاعة الكويت يطلب منها ذكر اسمه كملحن وشاعر عند بث أغانيه التي يقوم بتسجيلها فنانون يمنيون وخليجيون فكان رد الإذاعة ما يلي: يقوم الفنان اليمني بتقديم النصوص والألحان على إنها من ألحانه أو من التراث فنقوم باعتماد ذلك ويضيف قائلاً: لقد وعدوني بالتدقيق وطلب الوثائق التي تثبت حقوقي وحقوق غيري من الفنانين اليمنيين والعرب.

 

رفض محاكم عدن للسلاّمي للعمل فيها لم يثنه عن البحث والمعرفة:

 

وبعد الاستقلال عام 1967م كنت أترافع في محكمة عدن حتى استدعيت من قبل رئيس المحكمة العليا السوداني الجنسية الذي طلب مني مؤهلاتي وشهاداتي وناقشني في القوانين القضائية منها قانون المرافعات وقانون الاجراءات الجزائية وقانون الأحداث فقدمت له خبرتي لكنه رفضها قائلاً:(بصراحة أنا معجب فيك وبخبرتك وذكائك ولكن قانون عدن لايسمح لأحد أن يضع اسمه في عريضة أو في دعوى قضائية أو يترافع أويتكلم باسم محامي إلاّ إذا كانت لديه شهادة في مجال القضاء إنما يمكنني اعتمادك وكيل محامي بدرجة ممتازة) فاعتذرت له وشكرته على ذلك وبقيت أبحث عن المعرفة بشتى الطرق والوسائل فتعرفت على أحد المعلمين الهنود الذي كان مقره ومدرسته أعلى مدرسة التواهي كما نسجت علاقات مع بعض الزملاء في البنك ليوافوني ببعض المصطلحات والمعلومات التي يمكن أن أستخدمها في مجال عملي ولزيادة المعارف اللغوية عندي ساعدني صديقي الشاعر أحمد سيف ثابت واتفق مع إدارة كلية بلقيس وعميدها الأستاذ حسين الحبيشي على منحي الفرصة لدراسة اللغة العربية في صف الأستاذ أحمد عمر بن سلمان ودراسة اللغة الإنجليزية في صف الأستاذعبدالعزيزعبدالغني ثم اتفقت بعد ذلك مع الأستاذ أحمد عمر بن سلمان على منحي بعض الوقت للتواجد في منزله الكائن في المنصورة لاستكمال منهج اللغة الإنجليزية والعربية بعد سفر الأستاذ عبد العزيز عبدالغني إلى صنعاء واشتداد المعارك مع جنود الاحتلال البريطاني ثم الحرب الأهلية قبيل استقلال الجنوب ومنذ شهر ابريل عام 1970م عملت كاتباً على مطبعتي أمام المحكمة(عرضحالجي) وبخبرتي خدمت الناس وعملت جاهداً على تحسين ظروف معيشتي والعيش بكرامة.

 

دواوين السلامي:

 

قدم السلاّمي الكثير من دواوين الشعر المطبوعة هي:  ديوان(يابلادي أنت أمي وأبي , ديوان(مساجلات الدان من أيام زمان) الذي يؤرخ للمساجلات التي اشتهرت بها مناطق لحج وعدن منذ عام 1948م وشارك فيها مع زملائه من شعراء الدان الشعبيين منهم:عبدالقوي علي سعيد، محمد ناصر البان(سليط)، أحمد محمد هادي، عبدالقادر عبادي، عبدالله سالم باجهل، علي عوض مغلس، مهدي حمدون، أحمد سيف ثابت، سالم علي حجيري، مسرور مبروك، عبده علي ياقوت، محمد محسن عطروش، محمد نعمان الشرجبي، فيصل علوي سعد، محمد علي ثابت الجمل، عوض باهرمز وغيرهم.

, ديوان(ساكت ولا كلمة) ,ديوان(فين المواعيد ياعيد) , ديوان(نفحة من الإيمان).

قدم مجموعة من الدواوين الشعرية تحت الطبع لوزارة الثقافة وجامعة عدن و وثائق وطنية يمنية وعربية عبر السنوات الماضية من عام 1948م وله أعمال متنوعة ومتعددة وشهادات عالية في الثقافة والأدب و يوجد له أرشيف في مكتبة جامعة عدن كرمته وزارة الثقافة في عام الثقافة 2004م و اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين فرع / لحج . وفي عام 1997م كرم من قبل محافظ محافظة عدن وكرمه اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين فرع/عدن و المنتديات والجمعيات الثقافية في عدن ولحج كرم من قبل مكتبي الثقافة في لحج وعدن ,كرم في مهرجان القمندان الثاني عام1997م ,كرمه المجلس المحلي بمديرية دار سعد.

 

وزارة الثقافة تكرم السلامي وهيام يونس :

 

وفي عام 2004م كانت الفنانة هيام يونس مدعوة لحضور فعاليات(صنعاء عاصمة الثقافة العربية) ففي إحدى الحفلات التي شاركت فيها غنت أغنية (علىشانه..علىشانه) وخاطبت الجمهور قائلة: من شاعر هذه الأغنية ومن ملحنها ؟ فلم يستطع الجمهور أن يجيب فقالت: مش معقول لايمكن أن تجهلوا ذلك فقالت والجمهور في حالة ذهول وانتظار الإجابة: إن شاعرها وملحنها هو الشاعر والملحن اليمني الكبير محمود علي السلاّمي فضجت قاعة مسرح المركز الثقافي بصنعاء بالهتاف والتصفيق ومن حينها بدأ القائمون على تلك الفعاليات وفي مقدمتهم الأستاذ الوزير خالد الرويشان وزير الثقافة بالسؤال والبحث عن هذا المبدع المغمور فتم الاتصال به وقدمت له الدعوة لحضور لتكريمه في فعاليات صنعاء عاصمة الثقافة العربية 2004م واستقبل اسقبالاً حاراً وحل ضيفاً كريماً على وزارة الثقافة ومن معه من أبنائه المرافقين له.

 

وفاته:

 

انتقل إلى جوار ربه فجر يوم الإثنين الموافق 7 يناير 2013م / 25 صفر 1434ه عن عمر ناهز الثمانين عاماً، ودفن في مسقط رأسه بقرية سفيان مديرية تُبَن ــــــ محافظة لحج، وقد حضر مراسيم التشييع مجاميع من آل سلاّم المَجْحَفَة والحوطة وتُبَن وعدن يتقدمهم الدكتور علي أحمد السلاّمي والدكتور أحمد مهدي فُضَيْل وجمع غفير من أبناء قرية سفيان والمجحفة وعدد من مدن وقرى محافظتي عدن ولحج.