آخر تحديث :الثلاثاء-28 مايو 2024-08:23م

أخبار وتقارير


كيف يمكن أن تنتهي الأزمة اليمنية؟

الأربعاء - 23 مارس 2016 - 07:54 م بتوقيت عدن

كيف يمكن أن تنتهي الأزمة اليمنية؟

عبداللاه سُميح- إرم نيوز

عضو مؤتمر الحوار الوطني الشامل، يرى إن التسوية السياسية في هذا الوقت ستفرز يمنا مشوه الملامح، لجهة أن الحوثيين وصالح لا يزالون يملكون السلاح الثقيل ويسيطرون على العاصمة اليمنية ومحافظات أخرى ويحاصرون مدينة تعز.

 

تهرول اليمن مرة أخرى نحو الحل السياسي بإشراف مباشر من الأمم المتحدة، على الرغم من استمرار المعارك العنيفة بين الجيش الوطني الداعم للشرعية والمقاومة الشعبية من جهة والانقلابيين الحوثيين وقوات عسكرية موالية للرئيس المخلوع علي عبدالله صالح من جهة ثانية.

وتبدو فرص النجاح هذه المرة مواتية بعكس الفشل الذي منيت به جولات المباحثات السابقة بين الأطراف اليمنية خصوصا بعد وصول الحوثيين إلى تفاهمات مع السعودية التي تقود تحالف عربي عسكري مؤيد للشرعية، وتقلّص نفوذ الانقلابيين الميداني لصالح قوات الشرعية.

الحكومة مستعدة

وقال نائب مدير مكتب رئيس البلاد، رئيس الفريق الاستشاري الحكومي في المشاورات، عبدالله العليمي، إن الحكومة جاهزة وجادة للحل السياسي السلمي المستند إلى تنفيذ استحقاقات قرار مجلس الأمن الدولي رقم ( 2261) وإن الحكومة تتعاطى بمسؤولية كاملة مع مساعي الأمم المتحدة للحل السياسي وترى فيها جهودا مخلصة ومقدرة، وأن التأخير ناتج عن عدم جاهزية الطرف الآخر فقط”.

وأشار العليمي في حديث له نشرته وكالة “سبأ” الحكومية، إلى أن الحكومة ترحب بأن تكون المشاورات القادمة في دولة الكويت التي احتضنت خلافات اليمنيين في مراحل مختلفة من تاريخ اليمن.

ولم يتم الإعلان عن موعد محدد لجولة المباحثات الجديدة، إلا أن المبعوث الأممي، إسماعيل ولد الشيخ، التقى جميع الأطراف اليمنية خلال اليومين الماضيين، وأعرب في اتصال هاتفي أجراه أمس مع نائب الرئيس اليمني، رئيس الوزراء، خالد بحاح، عن تفاؤله بالخطوات الجارية لإحلال السلام في اليمن والتحضير القائم لجولة ثالثة من المشاورات بين الأطراف اليمنية المستندة على الركائز الأساسية المؤدية إلى تطبيق القرار الدولي 2216.

والمختلف في جولة المحادثات المزمع عقدها، إن الجماعة الحوثية أجرت مفاوضات سرية مع السعودية في مارس الجاري، قرّبت وجهات النظر، وبدأت خطواتها بتبادل أسرى وتقديم كشوفات المفقودين لدى الطرفين.

وأكد الناطق باسم جماعة الحوثي، محمد عبدالسلام، مؤخرا في حديث لقناة الميادين، إن التفاهمات مع الرياض قائمة على أساس بدء الخطوات وبناء الثقة لوقف الحرب مع السعودية بشكل كامل.

إفراز يمن مشوّه

لكن فرص نجاح هذه الجولة التي تأتي بعد جولتين عقدتا في جنيف السويسرية، تبدو محدودة جدا من وجهة نظر رئيس مركز مسارات للاستراتيجيات، باسم الشعبي، الذي قال إن عدم التزام الحلف الانقلابي بتنفيذ القرار الأممي ومطالبتهم بتعديله يعرقل التوصل لاتفاق، خصوصا وأن الحكومة اليمنية سترفضه بكل تأكيد، وستبدو متمسكة بتنفيذه لتحقيق نصر سياسي يوازي الانتصار العسكري.

ويقول الشعبي في حديثه لـ”إرم نيوز”، إن “الهزائم المتلاحقة التي يتلقاها الحوثيين قد يكون لها تأثير هذه المرة، وتدفعهم للالتزام بتنفيذ القرار مرغمين لاسيما بعد ارتماءهم في حضن المملكة العربية السعودية بحثا عن السلام ما يجعل المشاورات تختلف عن المرات السابقة هو التطور السياسي الذي حدث بين الحوثين والسعودية وايقاف الحرب على الحدود وبحث موضوع السلام الدائم هذا قد ينعكس على المشاورات القادمة فضلا عن الانتصارات العسكرية المتلاحقة التي يحققها الجيش الوطني في تعز ومارب وغيرها من المناطق قد تدفع الانقلابين للقبول بالتسوية على أساس تنفيذ القرار الأممي 2216 والانسحاب من العاصمة صنعاء”.

ويرى عضو مؤتمر الحوار الوطني الشامل، زيد السلامي، إن التسوية السياسية في هذا الوقت ستفرز يمنا مشوه الملامح، فالحوثيين وصالح لا يزالون يملكون السلاح الثقيل ويسيطرون على العاصمة اليمنية ومحافظات أخرى ويحاصرون مدينة تعز.

وقال في حديثه لـ”إرم نيوز” إن التفاهمات السياسية حاليا تعدّ مجازفة من قبل الشرعية والتحالف، وفي حال تمام أي تسوية فلن تصمد طويلا ولن تُطبّق على الأرض، كون ما يجري على الأرض تجاوز مرحلة التسوية السياسية إلى الحسم العسكري وتقديم قيادة الميليشيات للعدالة وإنصاف أسر الضحايا، ويجب أن ندرك أن ما يحصل اليوم هو نتيجة لما كان يحدث من تسويات سياسية طوال الفترة الماضية على حساب العدالة، فالتسوية السياسية على حساب العدالة يعني إعادة إنتاج الماضي وإعطاء صكوك الحصانة لمرتكبي الجرائم والفساد ليعودوا إلى ممارسة الإجرام والإفساد.

خضوع الحوثيين

وفي المقابل، أبدى رئيس مركز الجزيرة للدراسات وأستاذ العلوم السياسية، نجيب غلّاب، تفاؤله بالمباحثات المقبلة في إرساء الحل السياسي، وبحسبه، فإن ” كثير من المؤشرات تنبئ عن أن الحل السياسي خيار قادم وما يسند هذا الحل أن الشرعية والتحالف العربي يملك فائض قوة قادرة على حسم المعركة عسكرية، إلا أن الاتجاه الغالب هو الوصول إلى تحقيق الأهداف بما يحمي مصالح الشعب اليمني ويخفف على الناس تبعات العمل العسكري”.

ويضيف غلاب في حديث لـ”إرم نيوز” إن الحركة الحوثية “لم يعد لديها ما تقدمه لإنقاذ وجودها كتكوين غير قبول الحل السياسي والتخلي عن رؤيتها المتطرفة للحكم، فالكهنوت السياسي الذي يؤسس لأيديولوجيتها انتهى الى غير رجعة وحتى الحوثية نفسها عاجزة عن الدفاع عنه، وقدراتها العسكرية شبه منهارة وهي اليوم تستسلم حتى تتمكن من بناء شراكة وفق حجمها وهذا الأمر أحدث متغير قوي لصالح الحل السياسي.

وأضاف “هناك إجراءات بناء ثقة يتم بنائها عبر مشاورات ومفاوضات متعددة لإسناد دور الأمم المتحدة واعتقد إن الجولة القادمة ستكون أكثر جدية وبالذات أن الانقلاب أصبح خطر على الدولة وبقائها وعلى أصحابه وهذا ما يفتح باب للتفاؤل”.

وأشار إلى أن “هناك تحول مهم في الصف الانقلابي فالأطراف التي تعاونت مع الحوثية وصلت هي بدورها إن القمار الحوثي أصبح غير ذات جدوى بل لديهم قناعة أن الحوثية قدمت أكثر مما هو مطلوب منها وهناك تحول في فهم طبيعة الصراع من قبل تيار صالح في المؤتمر وأيضا العسكر والأمنيين والقبائل ويبدو انهم في طور الصراع مع الحوثية بعد أن اقتنعوا أن الحوثية لم تكن كارثة على اليمن بل وعلى مصالحهم المباشرة وتحاول أن تسوق نفسها بأنها ممثلة لهم وهذا الأمر يدفع كل الأطراف بإعادة صياغة قوتهم باتجاه السلام الذي يعيد بناء الشرعية”.

مصير الجنوب

من جانبه، قال رئيس تحرير صحيفة “عدن الغد”، فتحي بن لزرق، إن لديه معلومات وصفها بالـ”مؤكدة” بأن اليمن مقبلة على تسوية سياسية تتضمن إلغاء مخرجات مؤتمر الحوار الوطني المنعقد في العام 2012 بين الأطراف اليمنية، خصوصا فيما يخص عدد الأقاليم وإلغاء صيغة الأقاليم الستة واستبدالها بثلاثة أقاليم، إقليمين في الشمال وواحد في الجنوب أو إقليمين اثنين، بواقع واحد في الجنوب وأخر في الشمال .

ويرى بن لزرق أن “الخروج بتسوية سياسية تمنح الجنوب فيدرالية مع الشمال أمر جيد وحلٌ عقلاني يخدم الجميع ويمكن تطبيقه على أرض الواقع”.

وأضاف “المهم اليوم أن تحشد كافة القوى الجنوبية جهدها للمشاركة في عمليات التفاوض هذه لتحسين مخرجات هذه التسوية والاستغناء عن شعار (لا يعنينا)”.

وقال إن ظروف الحرب الأخيرة التي شهدتها المحافظات الجنوبية أثبتت أن مشروع الانفصال الفوري للجنوب مستحيل ولن يدعمه أحد، لذا فإن الحل الحقيقي هو وجود فيدرالية من إقليمين تضمن خروج آمن للجنوب من الوضع الخطير الذي يمر به اليوم.