آخر تحديث :الجمعة-10 مايو 2024-07:22م

ملفات وتحقيقات


تحقيق : رحلة البحث عن شربة ماء في زنجبار مابين ضعف الاداء الحكومي وازدهار السوق السوداء

الأربعاء - 23 مارس 2016 - 05:23 م بتوقيت عدن

تحقيق : رحلة البحث عن شربة ماء في زنجبار  مابين ضعف الاداء الحكومي وازدهار السوق السوداء

تحقيق / نبراس الشرمي

 

يعاني أهالي مدينة زنجبار عاصمة محافظة أبين الانقطاع المستمر للمياه , التي وإن وجدت تأتي وعلى استحياء وبكميات قليله لا تكفي احتياجات المواطن , حيث تنقطع لأشهر طويلة عن أكثر أحياء المدينة , وبرغم مناشدات المواطنين لإدارة المؤسسة العامة للمياه بالمحافظة والجهات المعنية التدخل لحل تلك الإشكالية لوقف معاناتهم إلا أنهم لم يروا أي استجابة لتلك المطالب.

هذا وسادت حالة من الغضب والسخط بين أهالي سكان "حي العصله" أكبر أحياء مدينة زنجبار , بسبب انقطاع المياه عنهم منذ أكثر من عام , الأمر الذي جعل البعض منهم  يتحمل تكاليف باهظة لشراء بوز ماء "صهريج الماء" , والبعض الآخر أضطر للنزوح من الحي ليستأجر  بأحياء أخرى تتوفر فيه المياه , أو مغادرة المدينة بالكامل هربا من العطش.

تناقلت وسائل إعلامية ومواقع إخبارية عده مناشدات لمواطني مدينة زنجبار وشكواهم انقطاع المياه المستمر عن اغلب أحياء المدينة وتجاهل السلطات المعنية لتلك المطالب.

وفي اتصال أجريناه مع مدير عام مؤسسة المياه أبين المهندس "صالح بلعيدي" يقول: مشكلة انقطاعات المياه بالمحافظة تعود لانقطاع التيار الكهربائي عن مولدات آبار ضخ المياه , دون ذلك لا يوجد أي انقطاع للمياه وان من يدعي غير هذا كاذب وعلية أن يثبت ذلك.

مدير الوعظ والإرشاد بمكتب الأوقاف بالمحافظة الشيخ خالد عمر شيخ يقول: حي العصلة الذي يعتبر قلب مدينة زنجبار النابض يشكي شحه في المياه ولا يزوره الماء الا على استحياء وفي أطرافه فقط , وكذلك حي سواحل في جنوب زنجبار لا يعرف الماء الا في الأطراف ونادر جدا ما يصل إلى وسط الحي , وأيضا حي المراقد شرق مدينة زنجبار لا يعرف الماء بتاتا , ومن الغريب أن يمشي الماء وبغزاره في ضواحي زنجبار الشمالية التي يسكن مدير عام المياه فيها.

 مضيفا: أن السبب الرئيس للأزمة الراهنة عندما أقدم مدير عام المياه على فصل الوحدة الرابطة بين الخطين المغذيين لمدينة زنجبار الذي جعل الماء يتدفق بحي وينعدم بأحياء أخرى وأردف : عندما حاولنا الاستيضاح من مدير عام المياه عن تلك المشاكل تجاهل تواصلنا ولم يجب على استفساراتنا , واختتم مناشدا للمدير ان ينظر إلى أهالي زنجبار نظرة واحده وان يكيل بمكيال واحد.. وان يجمع الخطين في خط واحد ويتم توزيعه على الأحياء فلا يعقل بحال من الأحوال أن يشرب هو ومن حوله ماء عذبا متدفقا ويشرب الآخرون ماء أجاج وعادة يأتيهم بعناء ومشقه .

المواطن خالد سعيد صالح من سكان حي العصلة يقول: إن معاناتنا من انقطاع المياه منذ سنة كاملة في الحي , ولم تكن هذه المرة الأولى التي نتفاجأ فيها من انقطاع المياه عنا , ولكن هذه المرة ما زاد من معاناتنا إننا خرجنا من حرب , مشيرا إلى انه "منذ تحرير محافظة أبين ونحن نقوم بشراء بوز الماء "صهاريج الماء" من جيوبنا في ظل تأخر صرف مرتباتنا الأمر الذي اضطرني للنزوح إلى عدن , وأضاف: أن انقطاع المياه عن أكثر أحياء زنجبار غير منطقي , وأسبابه معروفة ولا يمكن تجاهلها , لكنه وللأسف يستنزف جيوبنا , والطامة الكبرى إن محافظتنا تقع على دلتا وليست على جبال الهيمالايا , ومن الغرائب أن يختفي الماء فيها لفترات طوال وهي تقع بين واديين عظيمين , وأردف: استمرار انقطاع المياه بمدينة زنجبار أوجد سوقا سوداء للتلاعب بالمواطن لتستنزف أمواله , حيث بلغ  سعر صهريج الماء إلى 6000 ريال وأكثر من ذلك , وكلها على حسابنا , هذا وطالب خالد إدارة مياه أبين أن يتركوا الأنانية والعشوائية وينزلوا إلى الأحياء ليروا بأعينهم معاناة الناس , أو يتركوا كراسيهم إن كان ليس باستطاعتهم احترامها.

لم تقتصر معاناة المواطنين على هذا فحسب بل كانت المرأة والطفل أداة لنقل المياه من أماكن بعيده.. رئيسة اتحاد نساء اليمن أبين الأستاذة آمنه محسن العبد في تصريح خاص لـ"عدن  الغد" تقول: "ان  المرأة في محافظة أبين عانت الكثير ولا تزال تعاني هي وأطفالها كونها الوسيلة التي تنقل المياه من أماكن بعيدة وتجلبها الى المنزل , فكل المديريات والمناطق المحرومة من الماء كان مهمة المرأه فيها البحث عن الماء النقي , ففي مناطق يقمن بنقل الماء فوق رؤوسهم من مناطق بعيدة الى منازلهم وفي مناطق أخرى يقمن بنقل الماء على ظهورهن ويصعدوا للجبال".

 وأردفت العبد " النساء هن أكثر عرضة ومعاناة من عدم الحصول على المياه لها ولأسرتها , وطالبت رئيسة اتحاد نساء أبين: الاهتمام بهذه الشريحة وإزالة عواقبها بمد شبكات المياه الى الأحياء التي لا تزال تعاني من انقطاع المياه حتى تتمكن المرأة من الحصول على حقها في الحياة الكريمة , وإزالة الاضطهاد والمعاناة التي تتحملها المرأة وأطفالها".

وفي مطلع الشهر الجاري قامت منظمة اليونيسيف بدعم المؤسسة العامة للمياه محافظة أبين بتوفير 118 ألف لتر من مادة الديزل لاستمرار ضخ المياه أثناء انقطاع التيار الكهربائي إلا أن سكان محليون أفادوا بأنهم لم يلتمسوا أي تحسن في الخدمة.

كذلك في مطلع فبراير من العام الجاري قامت الهيئة الكويتية للإغاثة بوضع حجر أساس لمشروع إعادة تأهيل مياه أبين , الا أنه لم يرى النور بعد وبحسب مقرر الهيئة إن هذا المشروع جاء تلبية للضرورة الملحة لمديريتي زنجبار وجعار للحد من انقطاع المياه فيهما , والذي من المفترض أن يستفيد منه أكثر من مائتي ألف نسمة في تلك المديريتين بحسب المقرر.

مأمور مديرية زنجبار الأستاذ أحمد رشيد ألشدادي في تصريح خاص لـ"عدن  الغد" يقول ان: مشروع إعادة تأهيل مياه أبين التابع للهيئة الكويتية تأخر تنفيذه وتعثر بسبب تغييرات هيكلية في مركز الهيئة اليمنية الكويتية للإغاثة عدن.

كذلك مشروع مياه ومجاري جعار زنجبار "المشروع الألماني" تعثر ولم يدشن العمل فيه , وبحسب مصادر انه لازالت هناك إمكانية لعودته ولكنه مرتبط بتحسن نسبة الإيراد وزيادة كفاءة المؤسسة وأيضآ بأستتاب الأمن بالمحافظة.

هذا وتعيش إدارة مؤسسة المياه محافظة أبين حالة من التخبط والعشوائية حيث تقوم بإصدار سندات مطبوعة بقيمة 1500 ريال كمقطوعة عن استخدام المياه بدلا عن فواتير التحصيل مثلها مثل أي مؤسسة ايرادية , والذي جعل البعض يتساءل هل تلك السندات التي لم نرى فيها ختم وزارة المالية تعد سندات رسمية؟ وهل تورد إيراداتها إلى الخزينة العامة أم لا؟.

 

ليس الإرهاب وحدة وتواجد الجماعات المسلحة بمحافظة أبين هو من يهدم بمعوله إدارات ومؤسسات الدولة وينقص عيش المواطن , فهناك إرهاب من نوع آخر يؤرق حياة المواطنين وتضرب معاوله جيوبهم ويستنزف أموالهم ويكدر عيشهم الا وهو الفساد الإداري والمالي بالمحافظة , ولم تكن مؤسسة مياه أبين لوحدها من استشرى فيها الفساد ونخر عظمها , فأغلب المؤسسات الحكومية في محافظة أبين تعاني فسادا ماليا وإداريا نخر حيطانها في ظل غياب السلطة.