آخر تحديث :الأحد-26 مايو 2024-09:04ص

العالم من حولنا


حالة ترقب وانتظار لمواليد "تنين" في سلوفينيا

الثلاثاء - 01 مارس 2016 - 07:24 م بتوقيت عدن

حالة ترقب وانتظار لمواليد "تنين" في سلوفينيا
يسبح السمندل مثل ثعبان الماء ويمكنه أن يعيش بلا طعام لمدة عشر سنوات

(عدن الغد) بي بي سي :

داخل أحد الكهوف السلوفينية التي يزورها ملايين السائحين كل عام، يحرس كائن برمائي غريب ونادر مجموعة من البيض.

وثمة اعتقاد بأن السمندل الأعمى، الموجود في أنهار كهوف البلقان، يعيش أكثر من مئة عام، لكنه يبيض مرة أو مرتين كل عشر سنوات.

واستطاعت إحدى الإناث وضع ما بين 50 إلى 60 بيضة في كهف بوستوجنا، وظهرت علامات تشير إلى نمو ثلاث منها.

ولا يعرف أحد كم بيضة ستفقس، أو بالتحديد كم سيستغرق هذا من الوقت.

وقال ساسو فيلدت، عالم أحياء يعمل في الكهف، لبي بي سي: "حاليا تبدو ثلاث منها في حالة جيدة".

واستطاع فيلدت وزملاؤه التقاط صور لها بتعريض طويل للضوء في الكهف المظلم بغية رصد نمو الأجنة.

وأضاف: "بدأت الأنثى وضع البيض في 30 يناير/كانون الثاني. ومازالت تضع بيضة أو بيضتين كل يوم، وقد يستغرق الوقت نحو 120 يوما حتى تفقس."

"شئ غريب للغاية"

Image copyrightIztok MedjaPostojnska jamaImage captionوضعت نحو 60 بيضة في المناطق الصخرية في الكهف

ويفسر فيلدت مشيرا إلى أن التقدير غير مؤكد وأن الأمر يعتمد على مستعمرة السمندل الأعمى التي تكونت في خمسينيات القرن الماضي في مختبر تحت الأرض في منطقة البرينيه الفرنسية، وهي تعيش في مياه دافئة تصل درجة حرارتها إلى 11 درجة مئوية.

وقال: "في كهفنا درجة الحرارة أبرد نسبيا، إذ تصل إلى 9 درجات مئوية، لذا فإن كل شيء ستطول فترته الزمنية."

وتمثل هذه فرصة فريدة لملاحظة السمندل الأعمى الغامض، المعروف أيضا باسم بروتيوس، وهو يتكاثر في نفس الكهوف التي عاش فيها منذ ملايين السنين.

وعلق دوسان جيليتش، عالم الحيوانات في جمعية زمالة إيدج في لندن، والذي يدرس السمندل الأعمى من خلال الغوص تحت الماء في كهوف كرواتيا، قائلا: "هذا مهم للغاية لعدم توافر الكثير من البيانات عن أي شيء يتعلق بتكاثر هذه المجموعة من الحيوانات."

وأضاف أنه في حالة الفقس ونمو الكائن بطريقة صحية فسيكون "شيئا مدهشا".

وقال جيليتش: "لا نجد على الإطلاق بيضا أو يرقات في الحياة البرية، إذ تكون مخبئة على الأرجح في مواقع خاصة جدا داخل أنظمة الكهوف."

Image copyrightIztok MedjaPostojnska jamaImage captionقد يستغرق الوقت نحو 4 أشهر قبل عملية الفقس

وتوجد متاهة في نظام كهوف بوستوجنا، وسكان هذه الكهوف هم السمندل البري، لكن من الملاحظ أن هذه المجموعة من البيض وضعت في حوض مائي في منطقة تكثر فيها حركة الزائرين في الكهف.

وقال بريموز غنيزدا، عالم أحياء يعمل في كهف بوستوجنا: "هذا مدهش للغاية، وغريب جدا، لكننا نخشى من أن يحدث أي شئ خطأ، لأن البيض حساس جدا".

ونظرا لأنه الحيوان الفقاري الوحيد الذي يعيش في كهف في أوروبا، فإنه يتكيف بسرعة مع بيئته ومملكته تحت الأرض.

وقال جيليتش: "على مدار 200 مليون عام ظل (السمندل) في بيئة لم تتغير".

ونتيجة لذلك فإنه، لا سيما البيض، يكون أكثر عرضة لتغيرات جودة المياه ودرجة حرارتها. حتى وإن كاد تغير الفصول لا يصل إلى البيئة تحت الأرض.

صغار التنين

Image copyrightIztok MedjaPostojnska jamaImage captionيمكن للزائرين متابعة أنثى السمندل من خلال شاشات مثبتة بكاميرا تعمل بالأشعة تحت الحمراء

وبالعودة إلى عام 2013، وضع سمندل آخر في بوستوجنا بيضة، لكنها لم تفقس والتهمتها كائنات سمندل أخرى.

لكن هذه المرة تتميز بوجود تدابير احترازية، إذ أبعد الجميع باستثناء الأم وأغلق حوض الماء لحماية البيض من الضوء. كما أضيف الأكسجين.

وقال فيلدت: "الأمر الآن بيدهم."

ووضعت كاميرا تعمل بالأشعة تحت الحمراء لتزويد فريق العمل والسائحين في الكهف بلقطات حية على شاشة قريبة لمتابعة ما يحدث.

وإن كانت لا توجد أي حركة، فإن أنثى السمندل تقلب البيض من حين لآخر، وتضع بيضا آخر أو تحميه من كائن يعرف بمزدوجات الأرجل، وهو كائن صغير قشري جائع لا يرى، لكنه يكتشف فريسته من خلال أعضاء شديدة الحساسية في خطمه.

Image copyrightScience Photo LibraryImage captionالسمندل يغطيه الجلد ولا توجد لديه أعين ويتنفس عن طريق خياشيمImage copyrightScience Photo LibraryImage captionيطلقون عليه أيضا في سلوفينيا اسم "سمك الإنسان" نظرا لجلده الباهت

كما يتميز الحيوان بحاسة شم قوية للغاية تساعده في مراقبة البيض.

وقال فيلدت: "للبيض رائحة، لذا يمكن التعرف علي من هو حي ومن هو ميت. ونظرا لندرة الغذاء في الكهوف، فإنها تأكل البيض غير المخصب".

كما يعتبر السمندل، أو بروتيوس، رمزا لسلوفينيا، حتى أنه كان يظهر على العملات قبل تبني استخدام اليورو.

وقبل مئات السنين، عندما كانت مياه الفيضانات تجرف الكائنات من كهوف المنطقة، كانت تعتبر تنانين صغيرة.

وخلال الأسابيع الماضية، أصبحت "أم التنين" في بوستوجنا مشهورة وتحمل على عاتقها الصغير تطلعات الكثيرين، وهو ما يشعر به أيضا علماء الأحياء في الكهف.

وقال فيلدت: "إنه شيء من التحدي والمسؤولية".