آخر تحديث :الأحد-28 أبريل 2024-10:30م

ملفات وتحقيقات


تحليل : ماهو شكل الدولة الجنوبية القادمة؟

الجمعة - 05 فبراير 2016 - 11:08 ص بتوقيت عدن

تحليل : ماهو شكل الدولة الجنوبية القادمة؟

القسم السياسي بصحيفة عدن الغد

-        اتفاق جنوبي على الاستقلال بعد فشل تجربة الوحدة مع الشمال

-        يتفق الجنوبيون ان دولتهم القائمة فيدرالية لامركزية

-         الدولة الجنوبية القادمة ستسعى لحالة من السلم والتعاون مع دول الجوار

القسم السياسي بصحيفة "عدن الغد"

حينما توحد الشمال مع الجنوب في العام 1990 في الـ 22 من مايو 1990 كان ذلك اليوم ايذانا بانتهاء رسمي بالدولة الجنوبية السابقة التي كانت قائمة حتى العام 1990 .

نالت دولة الجنوب استقلالها في ال30 من نوفمبر 1967 ويومها غادر اخر جندي بريطاني ، كانت مدينة عدن مزدهرة .

جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية أو اليمن الجنوبي، كانت دولة اشتراكية سابقة بنظام الحزب الواحد ، وكان يطلق عليها في الفترة بين 30 نوفمبر 1967 و1 ديسمبر 1970 جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية حتى غُيِر إلى جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية. اتحدت مع الجمهورية العربية اليمنية التي تعرف أيضًا باسم (اليمن الشمالي) لتكوين الجمهورية اليمنية في 22 مايو، 1990م. قامت الدولة في فترة الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والإتحاد السوفييتي وسقطت بسقوط السوفييت.

في أواسط خمسينيات القرن العشرين، أدرك الإنجليز أنهم لن يستطيعوا إدارة المستعمرات واحتاجوا إلى وحدة سياسية مستقرة تبعد عدن عن الموجة القومية العربية التي اجتاحت المنطقة وتبقي لهم نفوذا وقدرة على إدارة عدن من لندن فأقاموا ماعُرف بإتحاد إمارات الجنوب العربي عام 1959.

 لم ينجح المشروع لعدة أسباب أولها إصرار الإنجليز أن تكون عدن جزءاً من الكيان وهو مارفضته النخبة التجارية المهيمنة على عدن وجلهم هنود وإيرانيين ويهود لإنهم كانوا يعتبرون المشيخات المحمية متخلفة وخشيوا على مستقبلهم من هولاء .

 في المقابل كان زعماء المشيخات يخشون الإطاحة بهم لاحقاً أو أن يبقوا نفوذاً محدوداً بهيمنة النخبة العدنية المتعلمة التي كانت تضم عددا من غير المسلمين وعددا كبير من ذوي الأصول الغير عربية .

 بالإضافة لإختلاف المشيخات حول هوية رئيس الإتحاد  ثم أقاموا إتحاد الجنوب العربي وبحلول 1965 كان أربعة مشيخات من أصل واحد وعشرين قد إنضمت للإتحاد

 رفضت مشيختا حضرموت وسلطنة المهرة الإنضمام لأي الإتحادين. ظهرت عدة حركات مقاومة مثل الجبهة القومية للتحرير التي قتلت المندوب البريطاني السامي كينيدي تريفسكيس في 10 ديسمبر 1963 وفجرت ثورة 14 أكتوبر تأثرا ثورة 26 سبتمبر  وجبهة تحرير جنوب اليمن المحتل وكان الإنجليز قد أعلنوا أنهم سينسحبون عام 1968.

 

ظهور الجبهة القومية

ظهرت الجبهة القومية للتحرير وجبهة تحرير جنوب اليمن المحتل في ستينيات القرن العشرين. كان دعم الجبهة القومية للتحرير يأتي من الأرياف من ردفان ويافع والضالع بينما معظم أنصار جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل كانوا من عدن. ذلك أن الإنتمائات القبلية لعبت دوراً كبيراً في استقطاب الأنصار فقيادات الجبهة القومية للتحرير قدموا من داخل المشيخات المحمية ولم يكونوا مدعومين من المصريين في البداية، في حين كان جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل تدير عملياتها من عدن وتتلقى دعماً من جمال عبد الناصر وهو ماجعلها تبدو بمظهر التابع للمصريين المروجة لأجندات ناصر داخل البلاد  عمليات هذه الفصائل ضد الإنجليز عرفت بثورة 14 أكتوبر. حاول الإنجليز التوصل لحل وسط مع هذه الجماعات ووجدوا أنفسهم يخوضون حربا على جبهتين، محاولة افشال الجمهورية في الشمال والفصائل المعادية للإنجليز في الجنوب .

 

بحلول عام 1965 كانت معظم المحميات الغربية قد سقطت بيد الجبهة القومية للتحرير. أما حضرموت والمهرة، فقد بدت هادئة حتى العام 1966 ذلك أن التواجد الإنجليزي بها كان أقل من نظيره في المحميات الغربية .

 انضم علي سالم البيض وحيدر أبو بكر العطاس للجبهة القومية للتحرير في حضرموت ومنعوا سلاطين السلطنة الكثيرية والسلطنة القعيطية من دخول البلاد وسمحوا لسلطان سلطنة المهرة لكبره في السن[5] وقُتل قائد جيش البادية الحضرمي من قبل أحد رجالته نفس العام ولعب علي سالم البيض والمهري محمد سالم عكش دوراً كبيراً في جمع الأنصار لصالح الجبهة القومية للتحرير مستغلا شبه إنعدام التواجد الإنجليزي في المهرة .

 

كان قحطان الشعبي الوحيد الذي يعرفه الإنجليز لإنه كان مهندساً زراعياً في مدينته لحج، عندما حاول الإنجليز التفاوض مع الجبهة القومية للتحرير، طالب قحطان بالإنسحاب الفوري والإعتراف بشرعية حكومته وأن توفر الحكومة البريطانية مساعدات ضعف ما اقترحته للإتحاد وأن تكون كل الجزر المرتبطة بمحمية عدن جزءاً من الدولة الجديدة. بينما مطالب البريطانيين كانت تسليم منظم للسلطات، ألا تتدخل الدولة الجديدة في شؤون أي دولة في شبه الجزيرة العربية.

 كان البريطانيون متفاجئين من وجود أشخاص اعتقدوا أنهم موالين لهم إلى جانب قحطان الشعبي خلال المفاوضات التي تمت في جنيف أعلن الإنجليز أنهم سينحبون من عام 1968 وهو مافجر المعارك بين الجبهة القومية للتحرير وجبهة تحرير جنوب اليمن المحتل لإحتكار حق تقرير المصير بعد خروج الإنجليز.

كان للجبهة القومية للتحرير اليد العليا على حساب جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل التي انقسم اعضائها مابين منضم للجبهة القومية أو الرحيل لشمال اليمن، رحل عبد الله الأصنج ورئيس الوزراء الحالي محمد باسندوة لشمال اليمن خرج آخر جندي بريطاني من عدن في 30 نوفمبر 1967 وتم ضم مشيخات المحمية الشرقية في حضرموت والمهرة إلى الدولة الجديدة.

 

 أراضي جنوب اليمن قفراء وعرة وقاحلة وهي حقيقة لعبت دوراً في التطور الإجتماعي والثقافي والإقتصادي لتلك المناطق عكس المناطق الشمالية اليمن، فتعدادهم عام 1967 لم يتجاوز الإثنين مليون نسمة بينما كان شمال اليمن يتجاوز الستة ملايين.

 معظم سكان الجنوب يتركزون في المناطق الغربية في لحج وماحولها وهولاء لوحدهم كانوا يشكلون أكثر من 60% من السكان، 10% كانوا من البدو الرحل.

 تولى قحطان الشعبي رئاسة دولة لم توجد من قبل وباقتصاد منهار، غادر العمال المدنيين ورجال الأعمال وتوقف الدعم الإنجليزي وإغلاق قناة السويس عام 1967 قلل عدد السفن العابرة لعدن بنسبة 75% .

 

كانت الجبهة القومية للتحرير تحوي قرابة 4,000 عضو وعدد قليل من القادة تلقى تعليما جامعياً وكلهم بلا استثناء لم تكن لديهم خبرة بحكم. كانت الجبهة منقسمة لقسمين يميني ويساري، اليمينيون وقائدهم قحطان الشعبي لم يريدوا احداث تغييرات كبيرة في البنية الإجتماعية والإقتصادية السائدة .

واتخذوا موقفا متحفظاً اتجاه : "تحرير كل الأراضي العربية من الإستعمار، ودعم مقاومة الشعب الفلسطيني ومساندة الأنظمة الإشتراكية حول العالم لمقاومة الإمبريالية وقوى الإستعمار في العالم الثالث" كما كان يروج القسم اليساري من جبهة التحرير.

 وعارضوا إنشاء قوات شعبية واقتراحات لتأميم الأراضي ولم يكونوا مشغولين بصراع الطبقات الاجتماعية فقحطان أراد إستمرار المؤسسات الموجودة وتطويرها

القسم اليساري "أراد تحولاَ اجتماعيا واقتصاديا يخدم الشريحة الواسعة من الكادحين عوضا عن الأقلية الثرية" على حد تعبيرهم.

 في 20 مارس 1968 عزل قحطان كل القيادات اليسارية من الحكومة وعضوية الحزب وتمكن من اخماد تمرد قادته فصائل يسارية في الجيش من شهر مايو نفس العام.

على صعيد آخر، في شهور يوليو، أغسطس وديسمبر من 1968 واجه قحطان الشعبي تمردات جديدة من أطراف يسارية ذلك أن كل الدول العربية استقبلت الجبهة القومية للتحرير استقبالا بارداً فأنظمة مثل مصر أرادوا دمج الجبهة القومية مع جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل

 كان القسم اليساري أكثر عددا من أنصار قحطان الشعبي وأراد هولاء نظاما يقود الجموع ويواجه التحديات الكبيرة التي تواجه الدولة الجديدة أهمها إفلاس الخزينة.

في 11 ديسمبر 1967، تمت مصادرة أراضي الرموز الإقطاعية و عملاء الإنجليز وتم تقسيم الدولة لست محافظات، كان هدف التحرك إنهاء المظاهر القبلية في الدولة وتجاهل الحدود القبلية بين المشيخات البائدة.

كان لجنوب اليمن نظامه الخاص من الماركسية والذي خضع لعدد من الظروف والعوامل المحلية فكانت الدولة الماركسية الوحيدة في العالم بدين رسمي وهو الإسلام .

 وكان دعم الإتحاد السوفييتي للنظام محدوداً وضئيلاً مقارنة بدول أخرى ذلك لإن الإتحاد السوفييتي لم يكن يبحث عن إنتصار ماركسي في جنوب اليمن، مصلحة موسكو الرئيسية كانت إستخدام المرافق البحرية والجوية للنظام الحاكم في عدن .

 كان سالم ربيع علي يريد تبني منهجا عملياً أكثر وفق نصيحة الصينيين، فتواصل مع رئيس اليمن الشمالي إبراهيم الحمدي وكان يريد علاقات طبيعية مع الدول الغربية بل في عهده تأسست العلاقات بين اليمن الجنوبي والسعودية عام 1976.

 كان الرئيس سالمين كما يُعرف، يطمع لمزيد من الدعم السوفييتي فعقد العلاقات مع السعودية أقلق السوفييت ودفعهم لزيادة المساعدات ولكن العلاقات مع السعودية توترت من جديد عام 1977 عقب اغتيال رئيس اليمن الشمالي إبراهيم الحمدي.

 يُعتقد أن سالم ربيع علي دبر عملية اغتيال أحمد حسين الغشمي انتقاما لإبراهيم الحمدي، خضع سالم ربيع علي لمحاكمة سريعة انتهت باعدامه وتولي عبد الفتاح إسماعيل رئاسة اليمن الجنوبي. العلاقات مع شمال اليمن توترت كثيراً أيام فتاح لدعمه المتواصل للفصائل المعارضة لعلي عبد الله صالح وكان أكثر دوغماتية ممن سبقه ونشطت العلاقات مع الإتحاد السوفييتي على نحو غير مسبوق، فقامت حرب الجبهة عام 1978 تدخل فيها الإتحاد السوفييتي والولايات المتحدة .

الولايات المتحدة أرادت زيادة عدد قواتها في شبه الجزيرة العربية واستعملت عقيدة كارتر لتصوير الحرب بانها تهديد سوفييتي للمنطقة حتى تتمكن من زيادة عدد القوات دون الرجوع للكونغرس.

علي عبد الله صالح رأى في مبلغ 300 مليون دولار المقدم من الحكومة الأميركية كمساعدات عسكرية فرصة لتغيير طبيعة العلاقة بالسعودية والتي كانت دائماً تلعب دور الوسيط بين شمال اليمن والولايات المتحدة.

الإتحاد السوفييتي رأى في الحرب فرصة لتعزيز موقعه وتأثيره في المنطقة.

 

اتحاد إمارات الجنوب العربي عام 1959

 

في الشطر الجنوبي من اليمن لم يتقرر إنشاء أول تشكيل عسكري نظامي، في ظل الاحتلال البريطاني، إلا عام1918م أي بعد مضي 79 عاماً على الاحتلال؛ تم إنشاء جيش محلي تحت مسمى "الكتيبة اليمنية الأولى" إلى جانب قوات الاحتلال البريطانية، تم تعيين القائد العسكري البريطاني الكولونيل نيل ليك قائداً للكتيبة اليمنية الأولى، وتكونت من أربعمائة جندي وصف ضابط وضابط، ينتمون إلى جنوب اليمن وشماله.

 

وبلغ عدد الضباط اليمنيون فيها ثلاثة عشر ضابطاً، ونسبة الجنود الشماليين إلى الجنوبيين 4:1 منذ إنشائها وحتى تسريحها من الخدمة عام 1925م، وذلك عقب قيام جنود مرتب جزيرة ميون من الكتيبة بقتل اللفتنانت لورانس عام 1923 حين علموا بالنوايا العدوانية الاستعمارية ضد الدولة اليمنية حديثة التكوين في الشطر الشمالي "المملكة المتوكلية اليمنية"، وغادر الجنود اليمنيون الجزيرة عقب عملية الاغتيال إلى منطقة الشيخ سعيد في باب المندب ومنها إلى شمال اليمن، الأمر الذي جعل البريطانيين يعيدون حساباتهم في ما يتعلق بإخلاص الجنود اليمنيين لسلطات الاحتلال . في نفس الوقت الذي كان فيه إعداد "الجيش المظفر" في شمال اليمن ما يزال قائماً منذ 1919، قامت السلطات البريطانية عام 1928 بإنشاء عدد من القوات النظامية المحلية في أكثر من منطقة من مناطق الجنوب هي:

جيش محمية عدن ” جيش الليوي”.

البوليس المسلح في مستعمرة عدن “ِِAram police”.

الحرس القبلي”T.g”.

الحرس الحكومي”G.G”.

الجيش النظامي اللحجي.

جيش المكلا النظامي.

جيش البادية الحضرمي.

بعض التشكيلات العسكرية الصغيرة في المحميات الشرقية.

 

 

ترتب على قيام ما سمي يومها باتحاد إمارات الجنوب العربي" في فبراير 1959 أن تحول اسم جيشمحمية عدن "الليوي" إلى "جيش الاتحاد النظامي"، ومن ثم إلى "جيش الجنوب العربي".

 وبناءً على ما تعهدت به بريطانيا، تشكلت للجيش الاتحادي قيادته اليمنية، وكوادره من الضباط والصف. وفي عام1962 صدر قانون تعريب قيادة الجيش الاتحادي من الجماعة وحتى الكتيبة فقط، مع وجود المستشارين العسكريين البريطانيين بالطبع. وتحولت تبعية ذلك الجيش، شكلياً، إلى وزارة الدفاع في حكومة الاتحاد، مع أن الواقع كان يقول يومها بأنه وقيادته تابعون حقيقةً لوزارة الدفاع البريطانية، من خلال ممثلها المباشر الحاكم العام في عدن.

 كما أن ميزانيته قد ظلت حتى عام 1964 تصرف من وزارة الدفاع في لندن، وحتى حين تحولت الميزانية إلى حكومة الاتحاد فإن مصدرها كان الحكومة البريطانية. وقد ارتفع عدد الضباط اليمنيين، بناءً على ذلك إلى "149" ضابطٍ مقابل "77" ضابطٍ بريطاني، كخطوة على طريق إحلال الضباط اليمنيين الجنوبيين كليةً محل الإنجليز بناء على ما تضمنه القانون الجديد، وذلك في أمد أقصاه عام1967م.

 وقد أوصى المجلس الأعلى للاتحاد في مذكرة بتاريخ 15 مارس 1965 بمنع التحاق أبناء شمال اليمن بجيش الجنوب العربي، وتجميد أوضاع بعض من سبق لهم الانتساب إليه، والإحالة على التقاعد للبعض الآخر، وعدم ترقية من يبقى في الجيش. وقد وصلت الميزانية العسكرية في العام المالي 1964 - 1965 إلى أربعة ملايين دينار، وتم تزويد كتائب جيش الاتحاد النظامي في وقت لاحق ببعض المضادات الجوية، أما أسلحة التدعيم فكانت تؤمنها القوات البريطانية.

قبيل موعد الاستقلال قررت الحكومة البريطاني بحسب توصية لجنة فينر إنشاء قوات جديدة ضمن قوام الجيش أهمها سلاحا الطيران والبحرية والمدفعية، وقد تعاقدت وزارة الدفاع في حكومة الجنوب العربي مع شركة أيروك سرفيس لمتدفي لندن بتاريخ 27 سبتمبر 1967 على تزويد جيش الجنوب العربي بعدد من الطائرات الحربية. وفي 28 مارس 1967 قرر المجلس الأعلى للاتحاد دمج "الحرس الاتحادي الأول" بـ "جيش الاتحاد النظامي" ليتشكل منهما ما عرف بـ "جيش الجنوب العربي" فيما جرى دمج الحرس الاتحادي الثاني بقوى الأمن ليتكون منهما "الشرطة الاتحادية"، ابتداء من 1 يونيو 1967م. وتضمن القرار أن تكون التسميات الرسمية الجديدة بالنسبة للقوات المسلحة على النحو الآتي (جيش الجنوب العربي - سلاح طيران الجنوب العربي - بحرية الجنوب العربي).

التحرر من الاستعمار

تكررت المواقف الوطنية للجيش والقوى الأمنية الجنوبية في أكثر من موقف أبرزها انحياز جيش الليوي إلى جانب الجماهير الغاضبة في عدن في الصراع الذي حدث بين المواطنين اليمنيين واليهود عام 1947م، أي قبيل قيام الكيان الصهيوني في فلسطين بعام واحد، حينما بدأت خيوط المؤامرة الصهيونية العالمية تتضح, فقد زج المستعمرون البريطانيون بجيش الليوي ليقوم بفض الاشتباكات بعد فشل قوات الأمن، ولكن جنود وضباط الجيش انحازوا للشعب حينما تلقوا الأوامر بإطلاق النار على المواطنين اليمنيين، ووجهوا بنادقهم، صوب المستعمرين.

ثم كان للجيش ذلك الموقف المشرف حين احتل الثوار مدينة عدن لمدة أربعة عشر يوما (20 يونيو -4 يوليو 1967) عقب تمرد قوات الشرطة في معسكر البوليس المسلح بعد الاستقلال، حيث ظهر انحياز منتسبيه إلى جانب الثورة والفدائيين، فامتد التمرد إلى ثلاثة معسكرات أخرى هي: معسكر ليك (لاحقاً، معسكر الشهيد عبد القوي)، معسكر شامبيون (لاحقاً ،معسكر النصر) و"معسكر الشعب" في مدينة الاتحاد.

 

 الأمر الذي اضطر سلطات الاحتلال إلى جلب المزيد من القوات البريطانية لاقتحام المدينة ولكنها فشلت رغم تكرار المحاولة، ولم تتمكن من دخولها إلا بعد أن أخلاها الفدائيون في 4 يوليو 1967 ، ليتوج الجيش مواقفه بعد ذلك بانحيازه الكامل والعلني لقيادة ثورة 14 أكتوبر المسلحة، ويحسم الصراع على السلطة الذي كان دمويا بين مناضلي الجبهتين الجبهة القومية للتحرير وجبهة تحرير جنوب اليمن المحتل ، ثم تحقيق الهدف الأسمى وهو انتزاع الاستقلال في 30 نوفمبر 1967 .

ورث النظام الماركسي مؤسسة جيش محترف أشرفت على إعداده وتدريبه جيدا السلطة الاستعمارية البريطانية التي حكمت الجنوب حتى نجاح ثورة 14 أكتوبر عام 1967 . ورغم ذلك نجح الماركسيون في إحكام السيطرة على الجيش، خاصة بعد إبعاد كبار الضباط القدامى والعناصر غير الموالية، وتمكنوا من بناء جيش قوي بمساعدة الاتحاد السوفيتي السابق حتى صار أقوى جيش في المنطقة، وتمكن من تحقيق انتصارات في المعارك الحدودية التي جرت بين دولتي اليمن عام 1972 وفي حرب 1979 اليمنية .

كان تفكك وانهيار جيش الحزب الاشتراكي الحاكم في عدن حتميا مع هزيمته في حرب1994 المعروفة باسم حرب الدفاع عن الوحدة، فقد نزح كثيرون إلى خارج اليمن، وترك آخرون الخدمة أو أحيلوا إلى التقاعد، وتم إدماج البقية في الجيش المنتصر، وتوحد الجيشان اليمنيان للمرة الأولى ولكن تحت قيادة ذات لون سياسي واحد، وهيمنة أغلبية قبلية أو مناطقية تدين بالولاء للرئيس اليمني السابق علي  صالح. ومن صفوف هؤلاء وأولئك العسكريين الجنوبيين المسرحين والمتقاعدين والمنقطعين، ظهرت عام 2007جماعات الحراك الجنوبي احتجاجا على سوء أوضاعهم المعيشية، رافعين شعار القضية الجنوبية، ومطالبين بالانفصال وإعادة دولتهم السابقة قبل الوحدة اليمنية.

السياسة والحياة الاجتماعية

الحزب الوحيد المعترف به في البلاد هو الحزب الاشتراكي اليمني الذي أدار البلاد سياسيًا واقتصاديًا كحزب ماركسي على غرار الإتحاد السوفييتي.

تم اعتماد الدستور بناءً على اقتراع شعبي.

مجلس الشعب الأعلى عين من قبل القيادة العامة ل الجبهة القومية للتحرير في عام 1971.

في عدن، كان هناك نظامًا قضائيًا مع محكمة عليا.

يتم دفع ثمن التعليم عن طريق النظام الضريبي العام.

لم يكن هناك أي أزمة سكن في جنوب اليمن. عنت المساكن الفائضة التي بناها البريطانيون أن هناك بعض الناس بلا مأوى في عدن، فيما بنى من في المناطق الريفية بناء منازل خاصة بهم من اللبن والطين.

في العام 1976، شارك منتخب جنوب اليمن لكرة القدم في كأس آسيا حيث خسر أمام منتخب العراق لكرة القدم بنتيجة 1-0 ولمنتخب إيران لكرة القدم بنتيجة 8-0. لم يشارك المنتخب الجنوبي في كأس العالم طوال تاريخه حيث أقصي من الدور الأول للتصفيات على يد البحرين. لعب المنتخب الجنوبي أول مباراة دولية له ضد منتخب الجمهورية العربية المتحدة لكرة القدم في 2 سبتمبر، 1965 حيث خسر بنتيجة 14-0. آخر مباراة دولية له ضد منتخب غينيا لكرة القدم في 5 نوفمبر، 1989 حيث خسر بنتيجة 1-0. توقف الفريق عن المشاركة عندما اتحد شمال وجنوب البلاد عام 1990 لتشكيل الدولة الحديثة في اليمن.

أخيرًا، وعام 1988، ظهر فريق اليمن الجنوبي الأولمبي لأول مرة في سيؤول. حيث تكون الفريق من ثمانية رياضيين ولم يربح أي ميدالية. وكانت المرة الأولى والأخيرة التي ذهب بها فريق اليمن الجنوبي لأي أولمبياد حتى اندماج البلاد باليمن الشمالي عام 1990.

الوحدة اليمنية

الوحدة كانت هدفاً لكلا النظامين في الشمال والجنوب منذ ستينيات القرن العشرين وكلا الجمهوريتين أنشئتا مؤسسات خاصة لشؤون الوحدة ولكن إختلاف النظام السياسي والإقتصادي كان عاملا معرقلاً.

كانت هناك عوامل أخرى مثل رفض عملاء السعودية للوحدة مع اليمن الجنوبي. ولكن التغييرات الداخلية والخارجية الطارئة ساعدت على قيام الوحدة اليمنية:

تم اكتشاف النفط على حدود الدولتين بكميات تجارية في الثمانينات

توقف الإتحاد السوفييتي عن دعم اليمن الجنوبي والتخلي عن تحفاظته بشأن الوحدة مع اليمن الشمالي في مارس 1990.

انخفاض معدل الانتاج الزراعي ومعدل تحويلات المغتربين التي كانت تشكل نصف الإيرادات الحكومية لليمن الجنوبي.

بقيت القيادات الجنوبية منقسمة عقب أحداث 13 يناير 1986 فرأت القيادة الجديدة التي تولت السلطة بعد الحرب في الوحدة مع اليمن الشمالي فرصة للبقاء في السلطة.

الوحدة اليمنية

تم إعلان الوحدة رسميا في 22 مايو 1990 وإعتبار علي عبد الله صالح رئيسا للبلاد وعلي سالم البيض نائب لرئيس الجمهورية اليمنية. كان اتفاق الوحدة سريعاً ولم يخضع لفترة إنتقالية لدرجة أن كوريا الجنوبية استبشرت بالوحدة اليمنية ورأت الوحدة مع كوريا الشمالية ولكن الخلافات المتزايدة بين السياسيين اليمنيين دفعت الكوريين للتعليق بأن "أي وحدة وطنية تقوم لمنافع سياسية صرفة ومفتعلة لن تنجح ويجب أن تخضع لفترة إنتقالية طويلة لإزالة الشكوك والخصومة المتبادلة بين السياسيين"

 قبل الوحدة في عام 1989 وقبله، كانت القوى القبلية والدينية في شمال اليمن ترفض الوحدة بوضوح بحجة أن الجنوب إشتراكي وسيؤمم الشمال وكانت لهم تحفظات إجتماعية كذلك بالإضافة للضغوطات السعودية الممارسة عليهم، من عام 1972 والسعودية تستعمل نفوذها على القبائل للإطاحة بأي حكومة في شمال اليمن تحاول المضي نحو الوحدة  عكس الوحدة بين ألمانيا الشرقية وألمانيا الغربية حيت استطاعت ألمانيا الغربية فرض شروطها لتفوقها الإقتصادي ، لم تستطع أي من الدولتان اليمنيتان فرض نظامها ورؤيتها على الآخر فقامت الوحدة السياسية قبل دمج المؤسسات العسكرية والإقتصادية .

حرب صيف 1994

حرب صيف 1994 وتعرف أيضاً بحرب 1994 أو حرب الانفصال اليمنية ،هي حرب أهلية حدثت في شهري مايو ويوليو بين بين الشمال والجنوب انتهت في  الـ7 من يوليو بانتصار القوات الموالية للرئيس اليمني السابق علي صالح وخروج القيادات الجنوبية من عدن .

حرب صيف 1994 وتعرف أيضاً بحرب 1994 أو حرب الانفصال اليمنية ،هي حرب اهلية اندلعت في اليمن صيف 1994 بين شهري مايو ويوليو بين الشماليين في صنعاء و الجنوبيين  في عدن نتيجة لخلافات إمتدت منذ عام 1993 بين الحزب الاشتراكي اليمني الذي كان يحكم الجنوب وحزب المؤتمر الشعبي العام الذي كان يحكم الشمال وبعد اندلاع الحرب قام الحزب الاشتراكي بالمطالبة بالانحلال أو الانفصال لـ اليمن الجنوبي عن اليمن الشمالي من دولة الوحدة اليمنية التي قامت في عام 1990 بين اليمن الجنوبي بما كان يُعرف بجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ممثله بالحزب الاشتراكي اليمني واليمن الشمالي بما كان يُعرف بالجمهورية العربية اليمنية ممثله بحزب المؤتمر الشعبي العام. انتهت الحرب في 7 يوليو بهزيمة القوات الجنوبية وهروب معظم القادة الجنوبيين خصوصاً من قادة الحزب الاشتراكي اليمني للمنفى في الخارج ودخول القوات الشمالية وقوات جنوبية مواليه لها لعدن وهنا نشاء الجل حول نتيجة الحرب حيث يعتبره الكثير من الجنوبيين احتلالاً في حين اعتبرته الحكومة في صنعاء ممثله بالمؤتمر الشعبي العام والموالين له تثبيتاً لدولة الوحدة اليمنية وقضاء على الدعوات الانفصالية.

 

 

الحراك السلمي الجنوبي

بداء التذمر من الأوضاع التي لحقت بالجنوب والجنوبيين بعد الحرب نتيجة للسياسات الإقصائية والتهميش الذي تعرضوا له منها فصل عشرات الالاف من الجنوبيين من السلك المدني والعسكريين من وظائفهم، إضافة إلى عمليات نهب تتم خصوصاً للاراضي في الجنوب حيث ان مساحته تمثل حوالي 65% من اراضي اليمن لكن عدد سكانه يقدر بحوالي 25-30% فقط وعدم حصول على عوائد للسكان المحليين خصوصاً من النفط الذي يُستخرج أغلبة - حوالي 80% - من الجنوب في حضرموت وشبوة خصوصاً. بالإضافة لتفشي الفقر والبطالة والفساد باليمن بصفة عامة بدأت بصورة كبيرة بالمظاهرة الحاشدة في ذكرى سقوط عدن في 7/7/2007 في مدينة عدن ومنذاك الحين والمظاهرات لا تتوقف في الجنوب وهو ما اصطلح عل تسميته بـ الحراك السلمي الجنوبي لاجماع منظمي المظاهرات على عدم استخدام القوة واللجوء للمظاهرات والاعتصامات السلمية فقط.

 

مطالبات للحصول على العودة إلى الاتفاقيات المبرمة ما قبل حرب عام 1994 أو حتى دعوات لعودة الجنوب اليمني منفصلاً عن شمال اليمن. هذه الحركة التي بدأها اعضاء مفصولين من الجيش اليمني الجنوبي السابق التحق بها العديد من الجنوبيين بعد ذلك، تطالب بعودة الدولة المستقلة للجنوب أو قيام إصلاحات لجوهر دولة الوحدة.

 

 سقط العديد من الشهداء في هذه المظاهرات خلال السنوات اللاحقة وبداء الاعلام الرسمي والنطام يحد من مظاهر الاحتفالات بيوم دخول عدن في 7 يوليو لانها تزيد من الاحتقان لدي الجنوبيين، لكن النظام يصر على ان هذه المظاهرات هي مخلفات شرذمة انفصالية تستغل الأوضاع الاقتصادية في البلاد لتقوده للهاوية وإنها قامت بحل بعض المطالب التي يرفعها المتظاهرين، في حين يرى المتظاهرون انهم اصحاب حق يريدون استعادته ومطالبهم ليس مطلبية فقط وإنما سياسية.

 حرب 2015

في الـ 26 مارس 2015 شنت قوات موالية للحوثيين وصالح حرب ضد الجنوب واحتلت مناطق واسعة فيه بينها شبوة وأبين ولحج وأجزاء واسعة من عدن .

بعد معارك عنيفة استمرت لأشهر تمكنت المقاومة الجنوبية من دحر هذه القوات إلى خارج محافظات الجنوب .

وعلى خلاف السنوات التي مضت تمكنت قيادات جنوبية من تبوء مناصب هامة في سلم الدولة ، بطريقة غير معلنة باتت جميع المناصب التنفيذية في جميع محافظات الجنوب بيد قيادات جنوبية نادت خلال السنوات الماضية باستقلال الجنوب عن الشمال .

اتفاق جنوبي على استقلال الجنوب

يمثل خيار استقلال الجنوب اليوم هو الخيار الأكبر الذي تتفق عليه أطراف سياسية عدة  ويرى قطاع واسع من الجنوبيين ان حجم التجارب الكبيرة والمريرة التي مرت على الجنوب خلال السنوات الماضية ستدفعه إلى اختيار شكل دولة مدنية متمسكه بروح الإسلام وقيم المدنية والديمقراطية .

تمثل تجربة سنوات طويلة من النظام الماركسي ولاحقا تجربة سنوات طويلة من عنف الجماعات المتشددة تجارب متضادة في الاتجاهين يمكن لها ان تدفع الجنوبيين إلى اختيار نموذج وسطي .

في أحاديث سابقة لقيادات جنوبية قالت ان شكل الدولة الجنوبية القادمة سيكون دولة فيدرالية عاصمتها عدن ضمن نظام فيدرالي يسمح لكل أبناء محافظة جنوبية بادارة شئون محافظاتهم .

يحلم الجنوبيون اليوم بان ترسو سفينة وطنهم التي تجاذبتها رياح المتغيرات طويلا ويبدو ان المتغيرات الكبيرة التي مرت عليهم ستمكنهم من الاستفادة من الدروس السابقة وهو ماتسعى له القيادات الجنوبية اليوم .

والمتابع للمواقف السياسية للقيادات الجنوبية مجتمعية يجد ان الدولة الجنوبية ستتخذ موقف مسالم في علاقاتها مع كافة الدول المجاورة على خلاف حالة العداء التي كانت بين الدول الجنوبية السابق ودول الجوار .