آخر تحديث :الجمعة-17 مايو 2024-07:47م

ملفات وتحقيقات


ما الذي تبقى من عدن؟

الأربعاء - 30 ديسمبر 2015 - 08:03 م بتوقيت عدن

ما الذي تبقى من عدن؟
جانب من مدينة عدن

عدن(عدن الغد)خاص:

يجاهد مروان احمد وهو شاب في العشرينات من عمره، كون جماعة مسلحة قبل أشهر بمديرية الشيخ عثمان بعدن برفقة عدد من المسلحين، في أعمال بناء عشوائية لمساحة عامة بمديرية الشيخ عثمان بعدن.

خلال الأشهر التي مضت كان «مروان» ورفاقه مجموعة سيئة الصيت تمارس البلطجة والسرقات في المدينة قبل ان يحملوا السلاح أخيرا ويتملكون سيارة حكومية نهبوها .

بات «مروان» ورفاقه يطوفون صباح كل يوم مديرية الشيخ عثمان بعدن ويفرضون عددا من الجبايات على عدد من المواطنين واصحاب الاكشاك ويبسطون بين يوم وآخر على مساحة صغيرة.

يمثل واقع هذه الجماعة انعكاس حقيقي لسوء الأوضاع الحالية في المدينة ويعكس تجربة في حال توسعها مخاوف من إسقاط الدولة بشكل عام في مدينة عدن.

كيف بدأت عملية البسط في عدن؟

لسنوات طويلة شهدت مدينة عدن عقب العام 1994 أعمال بسط على قطاعات واسعة من الأراضي وكان ينفذها متنفذون من الشمال وآخرون من الجنوب.

شملت أعمال البسط مساحات صحراوية شمال عدن وشرقها وغربها وطالت أعمال التملك مباني حكومية عدة.

ظل الجنوبيون منذ العام 1994 أكثر الفئات تحدثا عن أعمال البسط على الأراضي هذه وقدمت أعمال البسط على الارضي على اعتبار أنها اكبر المظالم التي مارستها القوى الشمالية في الجنوب.

كانت مزاعم الجنوبيين بهذا الخصوص صادقة وحقيقية ومثلت حجر الزاوية في تعاظم حركة الاحتجاجات.

 

2011 بداية المشكلة

في العام 2011 اندلعت حركة احتجاجات شعبية واسعة النطاق في مدينة عدن ومحافظات جنوبية أخرى وتسببت حركة الاحتجاجات هذه بإضعاف قبضة أمنية كانت السلطات تفرضها على مدينة عدن.

ومنذ ذلك الحين دشنت أعمال البسط على مساحات عامة كبيرة في المدينة ومواقف سيارات وغيرها من الأماكن وصولا إلى البحار والمتنفسات.

ومع اقتراب العام 2015 ونشوب الازمة السياسية في صنعاء وصولا إلى اندلاع الحرب مؤخرا وانتهائها عاودت هذه الظاهرة إلى البروز لكن بشكل اكبر مما سبق.

مكن سقوط الحكومة في عدن وسقوط المراكز الأمنية الكثير من القوى التي تسلحت خلال الحرب من افتعال الكثير من المشاكل بينها البسط على الأراضي.

قدمت الكثير من المؤسسات الحكومية شكاوى عدة حول بسط تعرضت له اراض تابعة لها بينها مؤسسات الكهرباء والمياه والبريد وحتى صندوق النظافة.

ناضل الجنوبيون منذ سنوات لإعلان دولتهم المستقلة لكن تطور عمليات البسط هذه يمكن لها ان تنهي كافة مظاهر الدولة ومؤسساتها الحكومية.

الكثير من المؤسسات الحكومية باتت مؤخرا غير قادرة على ممارسة مهام أعمالها بسبب أعمال البسط هذه؟

 

ما الذي يمكن أن تخلفه مثل هذه الأعمال؟

يرى الكثير من المراقبين ان حالة الاستقرار في الجنوب واستعادة الدولة لا يمكن لها ان تمضي إلا بوجود حكومة محلية قوية يمكن لها ان تفرض حضورها السياسي والعسكري بكافة مناطق الجنوب وتحديدا مدينة عدن.

وترى أطراف كثيرة ان هنالك قوى تسعى لنشر الفوضى في مدينة عدن وهي تسعى عبر توسيع أعمال البسط لإرباك عمل الحكومة المحلية في عدن وتحديدا إدارة المحافظ الجديد العميد «عيدروس الزبيدي».

لا يبدو ان محافظ عدن السيد عيدروس الزبيدي يقبل بهذه الأعمال  ففي اجتماع اخير قال محافظ عدن ان السلطة المحلية لن تتهاون في اي شيء يقف في طريق الامن والاستقرار ولن يسمح لأي اعمال من شأنها تشويه جمال المدينة وذلك من خلال البسط العشوائي وتضييق متنفسات الأحياء.

 

كيف ينظر الناس إلى مثل هذه الأعمال؟

حملت صحيفة «عدن الغد» تساؤلا حول أعمال البسط هذه ووضعته أمام عدد من الصحفيين والنشطاء والحقوقيين في عدن والمسئولين عن هذه الظاهرة.

 

أعمال البسط العشوائي في عدن

وكان سؤالنا حول أعمال البسط وهل باتت تهدد بإسقاط الحكومة في عدن واعاقة أي عمل لمؤسسات الحكومة؟ وكيف يمكن التصدي لها؟.

يتحدث الناشط الحقوقي من لحج اكرم الشاطري عن هذه القضية بالقول: «تتعرض عدن إلى أعنف هجمة شرسة من قبل مجموعات مدفوعة لنشر الفوضى وبصورة مرعبة وفتح مزيدا من الجبهات أمام السلطة الجنوبية التي جاءت من رحم المقاومة في عدن والجنوب، فإن كان القتل الممنهج لقيادات جنوبية في عدن تشكل تحدي صارخ لمهام وإدارة شلال للأمن فإن التحدي الأكبر والأخطر هو محاولة نشر الفوضى من قبل مجاميع مدفوعة الأجر للبسط على المتنفسات والمؤسسات السيادية وعرقلة مؤسسات عن اداء عملها لوضع العراقيل أمام سلطة عيدروس الزبيدي الغرض منها إظهاره بالعاجز عن أداء المهمة التي بدأها الشهيد جعفر واستشهد لأجلها ويبدو الأمر واضحا وجليا ان هناك جهات تعمل دون كلل لإفشاله بل وإسقاط سلطة حاكم عدن الذي لا ينتمي لأي حزب من أحزابهم المعارضة لأي حق للجنوب والجنوبيين وعرقلة دور المؤسسات في العمل باستخدام شخوص يتبعونها يفسدون كل شيء.

 وان التصدي لها يكمن  بالالتفاف حول محافظ المحافظة اللواء عيدروس الزبيدي ومدير أمن المحافظة شلال شائع  ولابد من اصطفاف شعبي لأبناء عدن وتعاونهم في احترام سيادة القانون والوقوف أمام تلك المجاميع التي تحاول نشر الفوضى في عموم عدن كل في مديريته وتسهيل مهمة سلطة عدن ان كانوا يريدون عدن فعلا، لا غير!.

من جانبه يقول الصحفي ياسر اليافعي: «عملية البسط في عدن هي ناتجة عن غياب الجهاز الأمني في عدن، حيث استغل بعض البلاطجة او ضعاف النفوس هذا الوضع للبسط والتفيد، وللأسف هذه ثقافة جديدة على المجتمع في الجنوب، وهي عبارة عن تراكمات لثقافة النهب والفيد التي رسخها نظام علي عبدالله صالح في الجنوب.

كنا نتمنى من كافة المواطنين في الجنوب ان يكون تفكيرهم اكبر من مجرد قطعة ارض تنهب وان يكون هدفهم استعادة وطن بكل ما فيه من ارض وثروة لكن يأبى البعض الا ان يكون صغيراً.

واعتقد ان عملية البسط ايضاً لها اهداف وتقف خلفها بعض القوى التي تستهدف قيادة محافظة عدن الجديدة وتهدف الى افشالهم من خلال عكس صورة سيئة عنهم امام التحالف بشكل اساسي كونهم لم يستطيعوا تأمين عدن.

اما فيما يخص التصدي لها اعتقد ان الامن في عدن عملية متكاملة والتصدي لهذه الاعمال وغيرها من اعمال الفوضى من خلال جهاز امني واحد ينتشر في كافة مديريات عدن ويخضع لقيادة واحدة وغرفة عمليات واحده، بالإضافة الى حملات توعية يقوم بها خطباء المساجد والشخصيات الاجتماعية ووسائل الاعلام».

 

 

ويقول فؤاد مسعد وهو ناشط حقوقي وصحفي: «تتعرض المدن بشكل عام في المرحلة التي تعقب الحرب لأعمال فوضى نتيجة غياب الأجهزة الحكومية المختصة والمعنية بتطبيق القانون على الجميع، ومن ذلك ما شهدته مدينة عدن في أعقاب حرب صيف 1994، وما تشهده حاليا من أعمال بسط وبناء عشوائي في بعض المرافق والمتنزهات العامة، وهي بحاجة لوقفة جادة من المجتمع نفسه والمقاومة باعتبارها شريكة للسلطة المحلية التي لا يزال أداؤها ضعيفا جدا.

ونرى أن التقصير في مواجهة هذه المخاطر سيحسب على القائمين على الإدارة المحلية في المحافظة والمديريات ومراكز الشرطة، كما أن على منظمات المجتمع المدني ان تقوم بدورها في هذا الجانب، لان دورها لا يقتصر على أعمال الإغاثة وإقامة الندوات وورش العمل في أبراج عاجية معزولة عن المجتمع وقضاياه، فالمحافظة على عدن ومظهرها الجمالي العام ومخططاتها الحضرية ومتنزهاتها العامة ومرافقها الحكومية ومعالمها التاريخية مهمة الجميع، ولابد ان يقوم كل بدوره للحيلولة دون تدمير ما تبقى من عدن، فيكفي ما شهدت خلال العشرين سنة الماضية من فوضى وخراب كانت تقف وراءه سلطة وتوجيهات عليا تهدف للإساءة للمدينة وطمس تاريخها وهويتها الحضارية وملامحها الخاصة».

اما عبدالرقيب الهدياني فيؤكد ان «أسوأ ظاهرة مخجلة برزت في عدن بعد التحرير هي هذه الموجة من عمليات البسط والنهب للممتلكات العامة والمتنفسات والأراضي، ذلك أن الجنوبيين قاموا بثورة منذ بضعة سنوات أحد أهم عناوينها مواجهة البسط والنهب الذي مارسه الفاسدون في عهد المخلوع صالح، فإذا بهم في أول محطة يرتكبون نفس ممارسات من سبقهم وبأسلوب همجي وعبثي وغير منظم.

استمرار أعمال النهب والبسط تنسف كل المنجزات المعنوية والمادية للمقاومة وللسلطات المحلية القادمة على إثرها وتنتمي إلى عمقها، والوطن الذي لا نستطيع أن نديره ونصونه ونحميه لسنا جديرين به والتسيَد فيه.

لازالت عدن تعاني من فراغ أمني مخيف، كثر الحديث عن الآمال والطموحات والتبشير بالقيادات الجديدة والخطط الأمنية وتشكيلات المقاومة وأعدادها، لكننا بالمحصلة نسمع جعجعة ولا نرى طحينا، فالنهب مستمر والأمن مفقود والمداهمات تطال أشرف صرح علمي وهو كليات جامعة عدن، والقتل يومي دون أي رادع.

على السلطة المحلية في عدن أن تخرج إلى الناس وتصارحهم بخطة عملها وما هو مداها الزمني لوضع حد لهذا الانفلات ومعالجة المشكلات.

هذا منهج الحكومات والسلطات التي تحترم شعوبها وعلى ضوء ما ستتعهد به نحاسبها أو نغيرها، بدون ذلك سنظل في مربع الشعارات والكلام المفرغ من أي أنجاز وسيظل النزيف والتردي في حياتنا وأمننا وممتلكاتنا ولا حول ولا قوة إلا بالله».

احمد صالح الحيدري مسئول بالمجلس المحلي بمديرية المنصورة يقول: «بالنسبة لانتشار البناء العشوائي فقد اصبح عائقا كبيرا نتيجة لتجاوزه الحد المعقول ولذلك من المؤكد ان المحافظة ستفقد صورتها التي رسمها المخططون وتتعرض لإغلاق الطرق وانسداد ممرات المياه والصرف الصحي وهنا يتشكل تهديد للبنية التحتية في عدن التي لم تشهد انتشارا للبناء العشوائي كما هو حاصل في هذه الأشهر الاخيرة.

ونحن هنا نأمل من كل شخصيات المجتمع ان يكون لها دور ملموس في الحد من انتشار البناء العشوائي بكل اشكاله واعادة البسمة الى شوارع عدن ومتنفساتها خاصة في هذه الفترة الحرجة التي تمر بها محافظتنا الباسلة.

ومرت عدن التي تعتبر مدينة تجارية بعقود من البسط على اراضيها من جهات مختلفة لعل ابرز ذلك ما حدث عقب حرب صيف 94 من مسئولين كبار في حكومة علي عبدالله صالح غير انه وبعد الحرب الاخيرة انتشرت حالات بسط وبناء عشوائي استغل فيها الوضع الامني وغياب الدولة، وهو ما تسعى الحكومة الحالية لتصحيحه لاسيما قادة المحافظة الجدد، حيث صرح مدير امن المدينة ومحافظها المعينان حديثاً عن نيتهما التصدي لهذه الاعمال.

*عدن_الغد