آخر تحديث :الأربعاء-01 مايو 2024-02:05ص

أخبار وتقارير


تحليل : ما الذي يمنع القيادات الجنوبية من ان تعود أو ان تتفق؟

الأربعاء - 25 نوفمبر 2015 - 06:15 م بتوقيت عدن

تحليل : ما الذي يمنع القيادات الجنوبية من ان تعود أو ان تتفق؟

القسم السياسي بصحيفة عدن الغد

لثمان سنوات حمل الخضر امسعيدي وهو احد نشطاء الحراك الجنوبي من مديرية لودر بمحافظة أبين صور قيادات تعيش في المنفى منذ سنوات طويلة خلال فعاليات الحراك الجنوبي المختلفة وكتب عليها "عدن بانتظاركم .. اتحدوا .

ورغم مرور أكثر من 8 سنوات على رفع السعيدي لهذه الصور إلا ان أيا من قيادات الجنوب التي تعيش في المنفى لم تعد إلى عدن ولم تتفق بالمطلق .

ما الذي يمنع القيادات الجنوبية سؤال يضعه كثيرون في مدن الجنوب وبعد سقوط كافة مدن الجنوب بيد المقاومة الجنوبية عقب حرب استمرت لأشهر في مواجهة قوات مسلحة موالية للحوثيين ومدعومة بقوات تابعة للرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح .

تضع هذه التساؤلات حالة الخارطة السياسية في جنوب اليمن في حرج بالغ خصوصا مع تزايد التحركات السياسية العربية والدولية خلال الأسابيع الماضية والهادفة إلى إنهاء حالة الاحتراب في اليمن .

غادرت عدد من قيادات الجنوب البلاد عقب حرب 1986 التي اندلعت عقب خلافات مريرة بين أجنحة مسلحة في الحزب الاشتراكي اليمني والأخرى غادرت عقب حرب صيف 1994 .

ومنذ ذلك الحين باتت هذه القيادات تتحدث عن حالة احتلال فعلية تشهدها مدن الجنوب على يد نظام الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح .

نادت حركة احتجاجات جنوبية انطلقت في العام 2007 باستقلال الجنوب واستعادة دولته لكن حركة الاحتجاجات هذه عانت خلال السنوات التالية من معضلة عدم وجود قيادة سياسية موحدة يمكن لها ان تقود هذه الاحتجاجات .

ورغم حدة الاحتجاجات وقوتها ظلت هذه الاحتجاجات غير قادرة على بلورة قيادة موحدة وحقيقية ، سعت قيادات الحراك الجنوبي لتوحيد صفوفها ولكن تعدد القيادات والمكونات حالت دون هذه التحركات للسنوات التي تلت اندلاع ثورة الحراك الجنوبي  في جنوب اليمن .

وحينما اندلعت حركة الاحتجاجات في الجنوب صمتت عدد من القيادات الجنوبية في المنفى وتحدثت أخرى على استحياء لكن ومع تعاظم حركة الاحتجاجات لم تجد هذه القيادات بدا من إعلان تأييدها لحركة الاحتجاجات هذه وذهاب أخرى إلى محاولة تزعمها .

ورغم الدفعة القوية التي منحتها هذه القيادات بحكم قدراتها المالية والسياسية على حركة الاحتجاجات في الجنوب إلا ان غيابها عن المشهد المحلي على الأرض لم يمنح حركة الاحتجاجات السلمية الجنوبية فرصة التوحد فيما بينها .

أكدت جميع التقارير السياسية خلال السنوات الماضية ان القيادات الجنوبية في الخارج كان يمكن لها ان تلعب دورا محوريا في قيادة الحركة السياسية على الأرض في الجنوب لو أنها عادت إلى مدينة عدن أو إلى أي مدينة أخرى .

تعهد الرئيس الجنوبي السابق علي سالم البيض قبل سنوات من اليوم بالعودة إلى مدينة عدن وتسليم دفة الحكم إلى فئة الشباب ولكن الرجل لم يعد حتى اليوم ولم يسلم الشباب شيء يذكر .

في السنوات التي تلت الانتفاضة الشعبية ضد حكم الرئيس اليمني السابق علي صالح في الجنوب فرضت السلطات الموالية له قبضة مشددة على سفر ووصول أيا من النشطاء والقيادات الجنوبية إلى الداخل .

زجت السلطات الحكومة اليمنية وطوال 5 سنوات من عمر الحراك الجنوبي بالمئات من نشطاء وقيادات الحركة الوطنية الجنوبية .

في الـ 25 من مارس 2012 وبعد أشهر قليلة فقط على تنحية الرئيس اليمني السابق علي صالح عن الحكم عاد القيادي الجنوبي محمد علي احمد  وبعد أشهر من عودة محمد علي احمد عاد القيادي احمد الحسني وزعيم حزب الرابطة عبدالرحمن الجفري وقيادات جنوبية أخرى .

غالبية القيادات الجنوبية ظلت في المنفى رغم تراخي حدة الإجراءات الحكومية المفروضة على حرية السفر والتنقل .

ظلت الحكومة تفرض قبضتها على مدن الجنوب رغم سقوط نظام صالح ولكن هذا الأمر لم يمنع من عودة بعض القيادات .

ورغم سقوط نظام صالح إلا ان القيادات الجنوبية ظلت غير قادرة على إجراء مصالحة سياسية حقيقية فيما بينها يمكن لها ان تفضي إلى تشكيل قيادية سياسية موحدة فيما بينها .

ذهبت عدد من الأطراف السياسية الجنوبية أواخر نوفمبر من العام 2011 إلى عقد مؤتمر سياسي بمشاركة المئات من النشطاء السياسيين الجنوبيين في العاصمة المصرية القاهرة وكان هذا التحرك هو الأول واليتيم .

ظل هذه التجربة التي أطلق عليها المؤتمر الوطني الأول لأبناء الجنوب هي التجربة السياسية الوحيدة التي حاولت تجميع القيادات الجنوبية والخروج بكيان سياسي جنوبي موحد لكن جهود هذا المؤتمر ظلت قاصرة بسبب عدم مشاركة الأطراف السياسية الأخرى .

كانت الأوضاع في اليمن تسير نحو حالة من التدهور والتأزم في العام 2014 مع توسع نفوذ ميليشا الحوثي  وسيطرتها لاحقا على العاصمة اليمنية صنعاء ورغم خطورة الأوضاع السياسية إلا ان القيادات الجنوبية ظلت في حالة التباعد فيما بينها .

ومع سيطرة الحوثيين على صنعاء خرج الآلاف من الجنوبيين إلى ساحة العروض بخور مكسر في الـ 14 أكتوبر 2014 على أمل ان يتحقق مطلبهم الأساسي في تحقيق استقلال الجنوب في الـ 30 نوفمبر 2015 .

ومع اقتراب الموعد وحلوله وجد الجنوبيون أنفسهم في مواجهة استحقاقات سياسية جديدة مع تصاعد حدة أزمة سياسية بين الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي وميليشا الحوثي لينتهي الأمر بمواجهة جديدة بين الطرفين فر على أثرها هادي إلى مدينة عدن .

في الـ 26 من مارس 2015 اندلعت الحرب في اليمن بين فصائل محلية وقوات موالية للحوثيين وصالح ودار الجزء الأكبر من هذه الحرب على الأراضي الجنوبية ، ومع فرار هادي وإدارته من مدينة عدن وتركهم للناس يواجهون مصيرا صعب اكتشف الجنوبيون كم هم بحاجة إلى قيادة سياسية موحدة .

كانت غالبية القيادات الجنوبية لاتزال تعيش في المنفى وانطلق الآلاف من الناس يحملون السلاح ويطلقون النار في كل اتجاه .

يقول سالم ثابت العولقي  وهو مقاتل من الحراك الجنوبي قاتل لأشهر بجبهة محلية بمحافظة :" هل تعي ان تكون وحيدا دونما قيادة كنا في عدن كذلك انطلقنا صوب جبهات عدة كان الجنوب احوج مايكون إلى قيادة سياسية موحدة .

مرت شهور الحرب بطيئة في عدن وفي عموم مدن الجنوب الأخرى ورويدا رويدا تشكلت قيادات محلية لقيادة الجبهات ومع دخول قوات الإمارات العربية إلى مدينة تمكنت المقاومة الجنوبية من كسب المعركة وطرد القوات الموالية للحوثيين .

في العاصمة العمانية مسقط يتواجد منذ أسابيع عدد من قيادات الحركة الحوثية وآخرين من حزب صالح تمهيدا لبدء عملية سياسية واسعة النطاق برعاية الأمم المتحدة مع الأطراف السياسية الأخرى ممثلة بإدارة الرئيس هادي والقوى السياسية المتحالفة .

تدرك الأطراف السياسية اليمنية مجتمعة ان تمثيلها بقوة في أي مفاوضات سياسية قادمة أمر من شأنه ان يشكل خارطة تواجدها على واجهة الخارطة السياسية اليمنية لسنوات قادمة .

لسنوات مضت انتهجت قوى سياسية يمنية شمالية مبدأ تمثيل مزيف للقوى السياسية الجنوبية في اطارها ، ذهب صالح خلال السنوات التي تلت إلى تنصيب مسئولين جنوبيين بعدد من المناصب على أنهم يمثلون حصص الجنوب في السلطة .

ومع سقوط نظام صالح سعى حزب الإصلاح وهو تيار الإخوان المسلمين إلى إبراز عدد من الأسماء الجنوبية والادعاء بوجود تمثيل سياسي جنوبي وحينما اعتلى الرئيس هادي سدة الحكم في اليمن ذهب إلى نفس الشيء وتبعته لاحقا جماعة الحوثي .

ورغم شدة محاولات التمثيل السياسية التي ذهبت إليها هذه الأطراف إلا أنها لم تتمكن من إيجاد قاعدة حقيقية لحالة التمثيل هذه .

في الـ العام 2013 انطلقت أولى فعاليات مؤتمر الحوار الوطني في اليمن ورغم مشاركة بعض القيادات الجنوبية والنشطاء في أعمال المؤتمر الوطني إلا انه ظل يفتقد إلى التمثيل الجنوبي الحقيقي .

خرج مئات الآلاف من المتظاهرين في مدن الجنوب في عدة مناسبات للتعبير عن رفضهم للتمثيل السياسي الذي تم منح الجنوبيين إياه في مؤتمر الحوار الوطني اليمني .

مع اقتراب الحرب في اليمن من نهايتها سيكون من اللازم على الجنوبيين إيجاد موطئ قدم لهم مثلما اوجدوا أنفسهم خلال معارك الحرب التي استمرت لكن هذا التمثيل لم ولن يكون بالآلاف من المقاتلين ولكن بتمثيل  سياسي حقيقي موحد لقيادات الجنوب من كافة الأطراف .

 

يرى كثيرون ان ليس ثمة مايمنع القيادات الجنوبية من العودة إلى مدينة عدن اليوم أو أي مدينة جنوبية أخرى خصوصا مع سقوط الإجراءات الحكومية في هذا الاتجاه .

تمثل عودة القيادات الجنوبية إلى مدينة عدن والشروع في عملية سياسية جنوبية حقيقية وعقد مؤتمر وطني تمثل فيه كل الأطراف السياسية الجنوبية بشكل سليم وعادل الحل الوحيد للخروج من أزمة القيادة التي تعصف بالجنوب منذ عقود مضت .

يطالب قطاع واسع من الجنوبيين قيادات المنفى بالعودة السريعة إلى عدن والالتحاق بالقيادات الموجودة على ارض ويرى الجميع ان تمكن الأطراف السياسية اليمنية مجتمعة من الذهاب إلى تسوية سياسية تنهي الحرب بغياب أي تمثيل حقيقي للجنوبيين يمكن له ان يعزز من حالة غياب التمثيل السياسي الحقيقي للجنوب مستقبلا .

*من فتحي بن لزرق