آخر تحديث :الإثنين-29 أبريل 2024-11:11ص

ملفات وتحقيقات


أحمد عمر المرقشي الأسير المظلوم .. الذي حطم القيود بإبتسامته وصلابته !!

السبت - 10 أكتوبر 2015 - 09:54 ص بتوقيت عدن

أحمد عمر المرقشي الأسير المظلوم .. الذي حطم القيود بإبتسامته وصلابته !!
الأسير أحمد عمر المرقشي - عدن الغد

لودر (( عدن الغد )) خاص

كتب/ فهد البرشاء

 

لم أكن متحمسا كثيرا للكتابة عن الأسير الجنوبي أحمد عمر ألمرقشي بعد أن صُدمت كتاباتي عنه بواقع الظلم والاستبداد الذي يمارسه زبانية صنعاء في هذا الرجل والأساليب التعسفية في قضيته الواضحة كالشمس في رابعة النهار, ولا تحتاج لزيف إدعاءاتهم وكذب أقاويلهم وقذرات سياسيتهم..

ولكن ماشدني للكتابة مرة أخرى عن هذا الرجل الذي لم تزده السجون سوى صلابة رغم أسقامه, ولم تزجه القضبان سوى عزيمة وإيمانا مطلقا بعدالة السماء ثم بعدالة قضيته التي هي سياسية بامتياز بقطبيها الشمالي والجنوبي, والتي ليس لعدالة السجان وزبانيته فيها شيء , وإنما هي تحكي واقع الإغتصاب لدولة الجنوب والظلم الذي لحق بها وبأهلها في أبشع صورها وأشدها إيلاما, وهو ما يمثله الأسير المرقشي الذي يحكي  بصبره وصلابته وابتسامته التي (تقهر) سجانيه حكاية الصبر الممزوج بالألم والإنسحاق لهذا الشعب..

شأت الأقدار أن تجمعني وسائل التواصل الإجتماعي الحديثة (الوات ساب) بهذا الرجل الذي يشع النور من وجهه وينبعث الأمل بالغد المشرق من كلماته التي تدل دلالة قاطعة على عزيمة الرجل رغم الظلم الذي لحق به والذي يعانيه من ان وقع أسيرا في قضية أتباع المخلوع وكلابه, إلا أنه لم ينكسر أو يتزعزع أو يتبدل, بل ظل صامدا صمود الشعب الجنوبي, ضاربا بصبره أروع الأمثلة في في دروس الصبر والتحمل في مثل هكذا حقوق والتي لاتأتي إلا بالصبر والجلد وتحمل المكاره وتجاوز الخطوب..

 

ظلم السجان لم يزعزعه !!

 

الرجل الذي حاولت تلك الزنازين القذرة وزبانيتها أن تخضعه لسياستها ولتبعيتها ولكنه (أبى), اخذ يحدثني بكلمات الأب الحنون, وبعقلية الرجل الذي امتحنته الزنازين, بل ويوصي وهو خلف القضبان بأن مع العسر يسرا وبأن الليل لابد من أن ينجلي ولابد للقيد أن ينكسر,مهما تجبر الظالمون, ومهما تمادوا في ظلمهم فمن أسماء الله (العدل) ولن يسود سوى العدل في الأرض كما يقول..

 

 

 

 

همزة وصل !!

 

كانت الرسائل والمكالمات هي الوسيلة الوحيدة التي مثلت (همزة) الوصل بيني وبين هذا الرجل الذي ربما نسيه الكل في خضم الفوضى العارمة التي أحدثتها سياسية المخلوع وحربه الأخيرة مع عبد إيران ضد الجنوب, والتي أستشفيت منها مدى مايعانية الرجل الذي لم يبدي سوى الإبتسامة والبشاشة والصبر, وأن الزنزانة ليست المكان الذي يجب أن يتواجد فيه, فهو صاحب حق وقضية ومبدأ ولا ينبغي أن يمارس الظالمون والمتناكفون في حقه هذا الظلم لمجرد أنهم مختلفون فيما بينهم, ولمجرد أنهم يريدون تدمير الجنوب..

 

 

 

عام المكيدة والحقد الدفين !!

 

كان العام2008م بالنسبة للأسير أحمد المرقشي هو العام الذي ظهر فيه مدى الحقد السياسي والإنساني ضد أبناء الجنوب أرضا وإنسان, وهو العام الذي شأت الأقدار فيه أن تمارس السياسة وساستها دعارتها بهمجيتها وعنجهيتها المعهودة في حق إنسان خطأه أنه دافع عن الحق ووقف إلى جانبه وذاد عنه بكل شيء ظنا منه أن الحياة فيها متسع للخير وأهله, وظنا أن عدالة (صنعاء) المسلوبة ستنصفه وستقف بجانبه, ولم يكن يدرك, بل ربما أدرك وتجاهل ذلك أن العدالة في (اليمن) يقودها (ديكتاتور) ومستبد وظلمه أشترى منهم ضمائرهم ومبادئهم وأخلاقهم, فلم يعد الحق لأهله والمظالم لأصحابها, ولن يتغير شيء طالما وساسة اليوم والأمس هم من يضعون القوانين, وهم يخطون أبجديات وحيثيات الحياة لكثير من مناهضيهم إن لم للناس جميعا لتغدوا الحياة منذ ذلك الحين (غابة) يقتل فيها القوي الضعيف ويستبد الظالمون بكل شيء دونما رحمة أو ضمير أو إنسانية..

 

يوم الإعتقال !!

 

الثاني والعشرين من فبراير للعام 2008م هو اليوم الذي خطت الأقدار للمرقشي حكاية الظلم مع زبانية المخلوع التي هاجمت بأسلحتها مقر صحيفة (الأيام) لتصتطدم بتلك الصخرة الصلبة العاتية والتي حطمت بيديها وعليها محاولاتهم الفاشلة البائسة في إلحاق الضرر بصحيفة الأيام ومنتسبيها أو المساس بها بعد أن كان المرقشي هو ذلك السد المنيع الذي تصدى لهم وحال دون حدوث أي شيء, ليصبح هو في قانونهم (القاصر) وسياستهم الرعناء ومحاكمهم الفاقدة للأخلاق والمبادئ متهما مع سبق الإصرار والترصد وتزج به هذه السياسة خلف القضبان دون ذنب يذكر أو جُرم أقترفه غير أنه ذاد عن الأمانة التي اوكلت إليه  والتي هي مصدر رزقه وصوت الحق الجنوبي آنذاك..

 

المخلوع .. وثأره من المرقشي والجنوب

 

ولأن قضية الجنوب سياسية بإمتياز كما أسلفنا ويريدون منها إخراس الصوت الجنوبي الذي ظل يصدح بالحق المسلوب والدولة المنهوبة, فقد (عمد) المخلوع بحسب الأسير المرقشي لأن يكون طرف أساسي في القضية, بل وخصم آخر للمرقشي حيث طالب تلك العصابة المعتدية بدفن قتيلها الذي (قتلوه) هم والبسوا تهمة قتله للمرقشي, وأعطاهم سلاحه الشخصي كضمان منه على متابعة قضيتهم وأخذ ثأرهم من المرقشي الذي ليس له ناقة ولا جمل في هذه القضية السياسية (المفتعلة) من قبل مطابخ (محروق) صنعاء..

 

جلسات لم يكتمل أطرافها

 

دوما الطغاة والظالمون والديكتاتوريون يمارسون طقوس ظلمهم وغطرستهم على البسطاء والمستضعفين ومن لاحول لهم ولا قوة, ويهيئون الأجواء والمناخات المناسبة لأهوائهم وظلمهم وبشاعتهم, ومن أجل هذا وذاك (يدوسون) ويدهسون على كل الأنظمة والقوانين ويضربون بها عرض الحائط كي تكون الغلبة لهم والكفة راجحة لهم في دولة ونظام وقانون لايعرفون منه سوى الاسم والهيكل, وإلا كيف يحاكم المرقشي لثلاث سنوات متتالية ويحضر (26) جلسة وحيدا في قفص الاتهام, وأمام قضاه وأناس يعلم مسبقا أنهم لن ينصفوه..

يقف وحيدا, ويحاكم وحيدا, ويحضر وحيدا, والمتهمون الآخرون لم يحضروا البتة طيلة هذه السنوات التي كان يجر فيها المرقشي إلى ردهات المحاكم التي يعشش الفساد في أروقتها, ومع هذا وذاك لم تنصفه المحاكم ومن كنا نتوسم فيهم خيرا ونظن أن العدل بأيديهم ويسكن سويداء قلوبهم, ونسينا تماما أن ما للضمئان في النار ماء..

 

حكم الإعدام الغيابي

 

واستمرارا للمسرحية الهزلية التي أبطالها نظام جائر ومحاكم فاقدة للشرعية وللضمائر وكان ضحيتها رجل كل الدلائل والمؤشرات والقرائن تشير إلى براءته من التهمه براءة الذئب من دم يوسف, ولكي تكتمل هذه القصة المؤلمة التي صاغها وخطط لها النظام ومطابخه وباركها القضاء والأمن دون أن يقول أحدٌ منهم كلمة حق في قضية هذا الرجل حيث أجمع الكل على أمرهم وكذبهم في قضية الخصم والحكم فيها واحد, فكان قراراهم في 11/7/2010م يقضي بإعدام المرقشي, ليظل الرجل حبيس جدران زنزانته من تاريخ حكم الإعدام إلى تاريخ26/6/2011م لتبارك محكمة الاستئناف قرار الإعدام, ومن حينها والمرقشي ينتظر  آملا في عدالة الله في أن تقتص له وتأخذ بحقه من الظالمين والمستبدين..

شهورا أربعة مضت على المرقشي لايعلم أن حكم الإعدام قد صدر في حقه وان محكمة الإستئناف أيدته وباركته, ليبلغوه في تاريخ 31/10/2011م أنه قد حُكم عليه بالإعدام دون أن يدري هو بهذا القرار الجائر والفاقد لكل المعايير والمقاييس القضائية والإنسانية, فأي قضاء هذا الذي يدين ويحكم بالإعدام على المتهم غيابيا ودون علمه رغم انه حبيس زنازينهم..

 

 

مؤتمر الحوار .. لاحياة لمن تنادي !!

 

ولأن المرقشي قضية بحجم الوطن (الجنوبي) كان لزاما على المؤتمرين في حوارهم (العقيم) أن يضعوا حلا جذريا لمشكلة وقضية الأسير المرقشي وأن يعالجوها من منطلق حيثياتها وقرائنها التي تؤكد جميعها أن المرقشي (برئ) من كل مانسب إليه من ظلم وقضايا, وأن يتم تعويضه وهو وصحيفة الأيام التي من أجلها يقف خلف (القضبان) ويتجرع المرار ويعاني الأسقام, ويعايش ظلم (السجان) وخسته, فكان من ضمن النقاط العشرين التي خرج بها مؤتمر الحوار وتحديدا في النقطة الـ(11) التي تقضي بالإفراج الفوري عن الأسير المرقشي دون تأخير, وتقضي النقطة الـ(9) بتعويض صحيفة الأيام العتيقة وحارسها المرقشي عن مالحق بهما من أضرار نفسية وجسدية ومادية, إلا أن تلك القرارات لم تتجاوز باحة فندق (الموفمبيك) ليستثنى المرقشي من كل هذا ويلازم سجنه وزنزانته في تحدٍ صارخ وقوي لكل شيء, وفي دلالة واضحة على الأطراف السياسية التي كان (يقودها) ولا زال محروق صنعاء لايملكون من أمرهم شيء, وليس بيدهم قرار الإفراج عن المرقشي مهما كانت تلك الأطراف ومهما كان حجمها وموقعها السياسي, ليعود الأسير المرقشي من نقطة الصفر للبحث عن الحرية وإنتزاع قرارها من أفواه أعجاز (النخل) الخاوية ولسان حاله يقول مؤتمر الحوار.. لاحياة لمن تنادي..

 

سنوات عجاف !!

 

سنوات (9) هي إجمالي لحظات وساعات وأيام وشهور الظلم التي قضاها الأسير المرقشي خلف القضبان الحديدية (الصنعانية) الظالمة وتجرع فيها شتى أصناف وأنواع العذاب والحرمان والظلم وعاقر فيها لحظات الوجع والقهر والإنسحاق بكل تفاصيلها وبكل لحظاتها, رغم التدهور المتتالي والمتسارع في صحته الجسدية, ليس إستكانة أو ضعفا أو خوفا ولكن القلوب الحرة والأرواح التي تعشق الإنعتاق لايرضيها أن تظل حبيسة الجدران وخلف القضبان..

سنوات مؤلمة لايعرف المها وقسوتها إلا من عاشها بتفاصيلها ولحظاتها وقسوتها في حضرة أناس لايخافون الله ولا يعرفون من الإنسانية سوى أسمها وهيكلها ولايعنيهم البتة أن يقف خلف القضبان رجل (بريء) وليس له في عير سياستهم القذرة ونفيرها شيء, وإنما شأت الأقدار أن يكون (كبش) الفداء الذي تأكله هذه النار التي أتت بفضل الله على من أوقدها وأذكاها (وشوته) وبات هاربا يبحث عن ملاذ ومأوى وسكن..

سنوات لم تحرك المياه السياسية الراكدة, ولم تحرك شيئا من الضمائر المحنطة والمشاعر المبلدة ولم يثر أحد من الحقوقيين والمنظمات والجهات المعنية بحقوق الإنسان لقضية هذا الرجل, ليس لأنه (متهم) حقيقي ولكن لأن قضيته سياسية بإمتياز وأطرافها رؤوس (خاوية) في دولة متهالكة..

سنوات تسع.. رغم مرارتها إلا أنها لم تزد الرجل إلا صلابة وعزيمة وإبتسامة ولن أكون مبالغا إن قلت أنها حطمت القيود وأرعبت السجان..

 

دعوة في جوف الليل المظلم !!

 

 مخطئ من يقول أن ظلمة الليل سيطول أمدها, ومخطئ من يعتقد أن أشعة شمس الضحى لن تبدد دياجير الليل, ولأن المرقشي كان يدرك هذا تماما ويدرك أن الله لن يضيعه طالما وهو على الحق, وطالما والكل قد تنكر له ولم ينصفه قانون الأرض القاصر, شرع لأن يكون على موعد مع خالقه وبارئه يقف في منتصف ليل كل مساء يدعو على الظالمين والمستبدين وكل من زجوا به خلف القضبان زورا وظلما, وعلى كل من تآمر عليه وحاك ضده المكائد وهو موقن أن عين الظالم تنام وعين الله لن تنام, ومدرك بأن دموع المناجاة والخضوع بين يدي الله والتي يعتبرها البعض مجرد قطرات مالحة هي سهام تصوّب لظهر الظالمين والطغاة والمستبدين..

يدرك المرقشي أن الله ينزل إلى السماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل في كل ليلة  لينظر في حوائج المظلومين والمسحوقين والمقهورين وليكون عونا وسندا لهم, فما كان منه إلا أن جعل (فسحته) مع الله يناجيه ويدعوه ويخاطبه بلغة من أوصدت الدنيا أبوابها في وجهه, فألتجئ لخالقه..

فهل يدرك الظالمون والشياطين الخرساء أن الله لن يضيع هذا الرجل وأنه إذا أخذهم يأخذهم, أحذ عزيز مقتدر؟..

 

وقفات خلف القضبان !!

 

- لم يتسم التعامل في قضية المرقشي بالشفافية والمصداقية والوضوح , وهذه عادة جرت في معظم القضايا ذات الأبعاد السياسية وإلا فما معنى أن تنقض المحكمة العليا حكم الإعدام في 19/12/2013م وتعيد المحاكمة والحكم بشكل جديد وطابع جديد وشكل جديد ومنذ ذلك الحين لم يبت في القضية..

- الصليب الأحمر الدولي كان له الشرف في الجلوس مع عميد الأسرى الجنوبيين وتجاذب معه أطراف الحديث حول قضيته التي كان المرقشي يشرحها بأبعادها وتفاصيلها وحيثياتها كافة, ليكتشف فيما بعد المرقشي أن الصليب الأحمر هو الآخر (مغلوب) على أمره ولن يستطيع أن يغير في الأمر شيء, وأن قضية الأسير تحتاج لأطراف ذات (ثقل) سياسي قبل أن يكون إنساني, فسلموه كرت حماية طبية يحمل الرقم (201030) لينصرفوا دون أدنى جهد يذكر ويكون هذا الكرت الحسنة الوحيدة لهم..

- المراسلات السرية التي حصل عليها المرقشي الخاصة والتي كانت بين الأمانة العامة المجلس الوزراء ومصلحة السجون تظهر ما تطرقنا إليه في حديثنا أن قضية المرقشي سياسية بطابع الكيد والكيد المضاد, والتي أظهرت عجز القضاء حينما سلمها المرقشي للقاضي في المحكمة فطلب منه القاضي أن يطلب بإعفاءه من مقاضاته..

- الحوثيون عدو الجنوب السياسي والديني والعقائدي حاولوا لعب دور البطولة في هذه القضية وأرسلوا المحامي/ علي العاصمي الذي قال أنه من طرف سيدهم وأن سيدهم لايعجزه شيء وعلى يديه سيكون خلاص الأسير المرقشي, ومنذ ثلاثة أشهر ونيف ولم يستجد جديد في القضية ولم يحرك سيدهم ( ساكنا) ..

 

رسائل ختامية

- إلى إدارة الرئيس هادي وبطانته بشقيها, إن كان قرار أمر الإفراج عن الأسير المرقشي بيدكم فعجلوا فيه قبل أن يقع الفأس في الرأس ويكون المرقشي (حجيجكم) بين يدي الله, وإن لم يكن الأمر بيدكم فتبراؤا أمام الله والخلق من قضيته..

- إلى الشارع الجنوبي قاطبة ألا يستحق من أفنى عمره في سبيل الذود عن منبر الجنوب آنذاك أن تسعوا لخلاصه مما هو فيه, وتعيدوا له حريته التي صادرها نظام صنعاء..

- إلى المنظمات الحقوقية والإنسانية في الداخل والخارج الأسير المرقشي يجسد بقضيته وقصته حكاية الشعب الجنوبي المسحوق والمظلوم من قبل قوى الشر والنفوذ الشمالية, فهل ستتركون (غاندي) الجنوب يموت بين يدي سجانيه..

- إلى الضمائر التي لازلت أتوسم فيهم خيرا..خلف القضبان ينصهر إنسان ويتلاشى كيان, فلتصحوا ضمائركم ولتساعده وإلا فموتها خير من بقائها تسمع اخبار الرجل دون أن تحرك ساكنا وهو يموت ببطء..