آخر تحديث :الثلاثاء-14 مايو 2024-11:48م

ملفات وتحقيقات


معاناة مؤلمة عند استلام رواتبهم ... آلاف الموظفين والمتقاعدين ينتظرون يومياً أمام مكاتب البريد دون جدوى .. لماذا ؟!

الأحد - 20 سبتمبر 2015 - 06:12 م بتوقيت عدن

معاناة مؤلمة عند استلام رواتبهم ... آلاف الموظفين والمتقاعدين ينتظرون يومياً أمام مكاتب البريد دون جدوى .. لماذا ؟!
مكاتب البريد معناة مؤلمة ... آلاف المتقاعدين والموظفين مكابدة يومية لا تنتهي ..

تقرير/ عبدالقادر باراس

معاناة المواطن في عدن بلغت قمتها مع تردي الأوضاع الذين يعيشونه بعد خروجهم من حرب مدمرة انعكس على حياتهم اليومية في خضم غلاء غير مسبوق للأسعار ومع قلة راتبه إلا أنه يجد صعوبة في الحصول عليه وبالتالي ينتظر بفارغ الصبر يوم استلامه الراتب لينتظره أياما أمام مكاتب فروع البريد في مديريات مدينته عدن لاستلامها، بعد أن التمس الكثير من المواطنين منهم "موظفين ومتقاعدين" بوجود تقصير في فروع مكاتب البريد وإجراءات سير عملها باتت بطيئة للغاية وأنها تنتهج سياسة التطفيش.

وجميعنا يتذكر عندما تفاقمت أزمتهم التي عاشوها أيام الحرب والحصار، عندها توقفت جميع فروع مكاتب البريد عن الخدمة بعدن حتى لجأ المواطن مضطرا لاستلام راتبه من محلات الصرافة وهو ما أدخلهم في دوامة، بتزاحمهم بالمئات أمام أبواب الصرافة ودون أن يحظوا باستلام حوالات رواتبهم كانوا على أمل في أن يحصلوا على راتبهم أو معاشاتهم وهم يتراصون بطوابير مكتظة للحصول عليها خاصة لمن حالفه الحظ في استلامها والمحّولة بأرقام سرية،  إلا أن كثير من أصحاب محلات الصرافة مارسوا على المواطن الاستغلال والجشع عند تسليم رواتبهم ومعاشاتهم باستقطاعهم خصومات كبيرة كعمولة صرف.

لا يختلف الحال اليوم عن مشهد أيام الحرب عند رؤيتهم وهم محتشدين بالمئات، حيث يعيش المواطن حالات فرضتها ظروف ساهمت بها مكاتب إدارات البريد حيث كلما يحين وقت استلام الراتب يتأخر التسليم بأعذار واهية غير واقعية منها "لا سيولة نقدية أو لا توجد كهرباء ولا شبكة نت... الخ" وتمر أيام والزحام يزداد ويتحول منظر الازدحام لهؤلاء المواطنين إلى شيء مثير للشفقة، خصوصا أن هناك كثير من المتقاعدين قد تجاوزوا  ما فوق الستين هؤلاء الذين يعيشون كهولتهم ينتظرون ويتزاحمون يومياً يحدوهم الأمل بقبض رواتبهم التقاعدية وبدون فائدة. 

 حوارات أجريناها مع بعض المواطنين الذين يعانون أمام مبنى البريد ، واخترنا نماذج منها لا أكثر لنصل إلى نتيجة أن معاناة المتقاعدين صارت كبيرة جداً وموجعة حتى حال بعضهم عند ذهابهم إلى مكاتب البريد لاستلام رواتبهم تفاجئ منهم بأن راتبه قد سحب بموجب أرقامهم وأسمائهم وكثيرا من يبرر سببه يعود بأنهم أعطوا حساباتهم البريدية وأرقام ربط رواتبهم أو معاشهم لأناس وثقوا بهم، لتتحول إلى ظاهرة مشينة، كل تلك القضايا بحاجة إلى عرضها أمام المسؤولين، فهم بالتأكيد يعرفونها، وآن الأوان لبحث جاد عن أسباب هذا التقصير في تسليم رواتب الموظفين والمتقاعدين، وعن المسؤول عن إدخالهم في دوامة هذه المعاناة التي تتفاقم يوماً بعد يوم.

على خط الشارع العام في المنصورة تم قطع الطريق من قبل مواطنين احتجاجا على عدم استلام رواتبهم ومعاشهم من مكتب بريد فرع المنصورة وحملوا حكومة بحاح بالتقصير لعدم تحملهم في إيفاء وعودهم بتحسين الأوضاع وتسليم رواتبهم كحد أدنى وهذا ما قالته المواطنة سميرة أحمد عبدالله العولقي، متقاعدة في محكمة الاستئناف بعدن تقول: "هذه وقفتنا الاحتجاجية على ما نحن عليه بسبب أننا نأتي يوميا إلى البريد لاستلام رواتبنا لكن دون فائدة بعد تعب وعناء، ثم ننتظر لنسمع في النهاية من إدارة البريد تبرير ومماطلة ، نريد أن تسمع حكومة بحاح لنا قرابة أربعة أشهر لم نتقاض معاشنا، فالرواتب هنا تصرف بمزاج موظفي البريد وخاضعة للمجاملات والابتزاز حتى أنهم يسهلون في إيصال رواتب لأناس آخرين وذلك بمقابل عمولة مدفوعة".. واختتمت حديثها للصحيفة: " نتحسر على أنفسنا وما وصلت به حالتنا وكأننا طلابين فقد حرمنا من رواتبنا لمدة أربعة أشهر".

يقول خالد محمد علي، أحد موظفي جمارك عدن من الذين تم احالتهم للتقاعد القسري في البيت أو كما يطلقون عليهم  (جماعة خليك بالبيت) منذ حرب 1994: "مكتب هذا الفرع يتعامل مع المواطنين وكأنه دولة، حيث أصبح أداء عملهم مكشوف بمجرد  وصول السيولة  النقدية إلى مكتبهم يقومون بتوزيعها فيما بين الموظفين ليتم بعد ذلك سمسرتها وإعطاءها لمواطنين بمقابل عمولة، وإن تم الصرف في المكتب لا تستمر لأكثر من ساعة واحدة وتنتهي السيولة وهكذا يتم التلاعب بمعاناتنا بأعذارهم ونغمتهم التي نسمعها يقولون لا يوجد شبكة أو الكهرباء مقطوعة أو لم تصل سيولة من البنك المركزي إلى أخر حتى نعود خائبين بدون راتب ".

فيما ينتظر المواطن عوض ناصر سالم علي متقاعد عسكري، من مودية محافظة أبين، 15 يوم على أمل أن يتحصل على راتبه، لكن دون فائدة، كما يقول إنه تكبد خسائر كثيرة من مواصلات وإقامة في عدن وتراكمت ديونه عله يجد معاشه ليسدد ديونه".

ومن أمام مبنى فرع بريد حي عبدالعزيز بمدينة المنصورة حاورنا بعض المواطنين المنتظرين لاستلام راتبهم ومعاشهم تحت أشعة الشمس كان منهم المواطن إبراهيم حسين أحمد 32 عاما قائلا: "جئت إلى عدن من منطقتي بالوضيع محافظة أبين لاستلام راتب والده  من قبل أسر الشهداء ومناضلي الثورة ولي قرابة أسبوع وأنا على أمل أن أتحصل على راتب والدي، والذي يقدر بـ 18 ألف ريال لكل 3 أشهر، ومقابل هذا المبلغ الضئيل خسرت في إقامتي بعدن أكثر من نصف ما سأستلمه".

بينما تحدث المواطن مبارك سالم مبارك متقاعد عسكري، من أبناء الممدارة، قائلا: "أتابع لأكثر من ثلاثة أسابيع للحصول على معاشي التقاعدي دون فائدة ، هنا العمل في هذا المكتب مزاجية وكأنهم يعطوك من جيبوهم والصباح كما نشاهده لا يفتحون مبكرا وإن فتحوا يتم الصرف لعشرين فقط من هؤلاء المنتظرين متعللين بعدم وجود سيولة ".

ويقول الموظف سمير عبدالحميد سلام 46 عاما الذي يعمل بمكتب الأشغال العامة بعدن : "إنه منذ أسبوعين يأمل الحصول على راتبه، ولكن وللأسف سير العمل في فرع مكتب بريد عبدالعزيز نوصفه بالمكتب الفاشل، حتى أنه يعاملنا بإذلال".

نأمل من حكومة بحاح أن تجد حلولاً سريعة لقضايا ومعاناة المواطنين الملحة بجهود عملية بعيدا عن التصريحات.. فأنصفوا المواطن البسيط.. إنها صرخة المتعففين بوجه من لا يشعر بمشاعرهم وأحاسيسهم فهم لا يطلبون الصدقة من أحد، وإنما يريدون رواتبهم تصرف، ينتظرونه تحت أشعة الشمس وفي العراء ويفترشون الأرصفة بانتظار الفرج.. فهل تقبلون هذه المأساة لهؤلاء الشرفاء أم أن العملية مقصودة لقهرهم.. كون حصوله على حقوق عيشه هو مطلب ضروري وملح خاصة ونحن في هذا الظرف.

أرجو ألا يطول المواطن انتظاره في الحصول على راتبه حتى لا يصبح هاجسا وهو ما يسعى وتسعى إليه حكومة بحاح والسلطات المحلية في أن يتحقق الأمن والاستقرار وهو مطلب للجميع بسرعة توفير الخدمات الصحية وخدمات البنوك والبريد والشرطة والمرور وغيرها من الأمور التي يحتاج إليها المواطن في عدن وغيرها من المحافظات الجنوبية.