آخر تحديث :السبت-18 مايو 2024-03:57م

ملفات وتحقيقات


مرحباً بصدور الموسوعة اليافعية

السبت - 12 سبتمبر 2015 - 02:18 ص بتوقيت عدن

مرحباً بصدور الموسوعة اليافعية

كتب / د.علي صالح الخلاقي

قبل اثنى عشر عاما ، وبالتحديد في عام 2003م، بدأ شاب نحيل الجسم، طويل القامة، ملتحٍ، تبدو عليه علامات التواضع والوقار، اسمه نادر سعد العُمري، يجوب القرى والبلدات اليافعية ويتنقل في جبال ووهاد وشعاب يافع المتباعدة بتضاريسها القاسية وطرقها الوعرة، بمكاتبها القبلية العشرة، وبمديرياتها الثمان(موزعة حاليا مناصفة بين محافظتي لحج وأبين) ، فشمل بنزوله الميداني جميع مناطق يافع من أقصى (الحد) شمالاً إلى ساحل (أبين) جنوباً، ومن وادي (سُلُب) شرقاً، إلى وادي (بنا) غرباً، واستغرق ذلك أكثر من عامين تقريبا، وتعرف عليه الناس لأول مرة بصفة باحث يدون المعلومات ويجمع الوثائق والصور لمشروعٍ بحثي كبير باسم (الموسوعة اليافعية).

سمعت به حينها من بعض الأصدقاء ممن التقاهم اثناء نزوله الميداني، دون أن تكون بيننا سابق معرفة، واشتقت للتعرف عليه، لا سيما وأن لي اهتمامات بحثية مماثلة، منذ بداية عملي استاذاً في كلية التربية –يافع منذ افتتاحها عام 1998م، وصدرت لي بعض الأعمال المتعلقة بالتاريخ والتراث، ثم أتيحت لي فرصة التعرف عليه لاحقا فبدت لي في محياه مخايلُ النجابة وإشراقةُ نبوغ وتفوق.

ثم تعززت علاقتنا أكثر وتوطدت بمرور الأيام، خاصة بعد أن بدأ اسمه في الظهور وأصبح عمله الموسوعي قيد الانجاز، في نسخته التي أرادها أولية أو تجريبية، لإخضاعها لمزيد من التدقيق والإثراء، ولهذا الغرض وزع نسخاً متفرقة لأقسام الموسوعة على المهتمين والمعنيين لمراجعة ما لهم علاقة به، حتى يظهر العمل أكثر دقة وبأقل نسبة من الأخطاء والنواقص.

ورغم أهمية وعظمة هذا العمل، فأن صاحبه قد لاقى صعوبات شتى وتعرض لمضايقات وانتقادات وصلت حد التشويه بمساعيه الحميدة ومقاصده النبيلة، لكن مؤيديه ومشجعيه كانوا أكثر وكأن إصراره أكبر على انجاز مهمته، وعند ظهور بوادر العمل زالت تلك الصعوبات واعتذر من أساء إليه أو ساء به ظنًّا.

حينما برز عمله بنسخته الأولية، قبل بضع سنوات، وسلمني بعض الأجزاء للاطلاع وإبداء الرأي، استغربت حينها لحجم العمل الكبير الذي نَاءَ بحِمله جسد وعقل هذا الباحث النبيه، نادر بن سعد العُمري، ونهض به مُثْقَلاً في جَهْدٍ ومشقّة، وكشف عن معدنه النادر، كاسمه، وعن دأب العالم واجتهاد الباحث وتفوقه الذي تجلّى يوما عن يوم في نبوغه في فروع شتى من العلوم والأدب والتاريخ والخطابة.

وها هو جهد اثني عشر عامًا من العمل المتواصل والبحث والتدقيق المستمرين، يثمر اليوم عن ميلاد (الموسوعة اليافعية: دراسة للقبائل والبلدان والأعلام) كأول وأكبر موسوعة رائدة من نوعها تخصص للتعريف بقبيلة عربية لوحدها، هي قبيلة (يافع) الحِمْيرية - إحدى القبائل الكبيرة في جنوب الجزيرة العربية – وبهذا الشمول والاستقصاء لتفاصيل جغرافيتها بجميع قراها وجبالها وأوديتها ومعالمها والتعريف بأنساب فخائذها وبيوتها وأعلامها ومواطن استقرار أبنائها في مهاجرهم. إذ تتكون الموسوعة من اثني عشر جزءًا، في ثمانية مجلدات، وتشتمل على قرابة (5500) صفحة، مدعمة بالصور والوثائق التاريخية، ونقرأ في عناوين أجزائها: يافع مدخل تعريفي، مكتب كلد، مكتب يهر، مكتب السعدي، مكتب اليزيدي، مكتب الناخبي، مكتب المفلحي، مكتب الموسطة، مكتب الضُّبَي، مكتب البُعسي، مكتب الحضرمي، يافع في حضرموت، وصدرت بطبعة أنيقة عن دار الوفاق- عدن.

وها هو الباحث المغمور، الذي بدأ عام 2003م للتو يتلمس خطواته البحثية الأولى قبل اثنى عشرة عاماً في طرق ومنحنيات يافع الوعرة، يحظى الآن بذكر ثاقب، بعد أن لمع اسمه عالياً، بتأليفه لهذه الموسوعة الشاملة التي دخل بها اسمه التاريخ من أوسع أبوابه، كواحد من أشهر المؤلفين الموسوعيين الشباب، وتفوق على همداني اليمن في اعتماده كلياً على نزوله الميداني ومشاهداته التي تعد مصدرا لا يرقى إليه الشك.

ومن نافل القول أن هذا العمل الكبير، هو حصيلة جهد مشترك ومتكامل لفريق عمل متناغم ومنسجم وضع على عاتقه مسئولية النجاح مُنذُ الوهلة الأولى وتصدَّره صاحب الدعم السخي المشرف العام على المشروع، والراعي له، الشيخ محمد سالم بن علي جابر، وإدارة الأستاذ قاسم عمر المشتهر. وتحمل الأستاذ الباحث نادر العُمَري العبء الأكبر المتمثل بكتابة هذا العمل الموسوعي الذي شمل قبائل وبلدان وأعلام مكاتب يافع العشرة، مع مدخل تاريخي وجيز، باستثناء الجزء الخاص عن (يافع في حضرموت) الذي اسهم في كتابته عدة باحثين هم الأساتذة: طارق سالم الموسطي، وأحمد الرُّباكي، وسالم أحمد بن علي جابر (رحمه الله)، وأنور سالم باكَرْكَر، وسالم فضل باجِرِي.

كم هي الفرحة اليوم بدت طاغيةً على مشاعر ووجوه المشاركين والمتابعين للحفل التدشيني بمناسبة صدور (الموسوعة اليافعية) الذي أقيم الجمعة الموافق 11-9-2015م في أجواء بهيجة فيالعاصمة السعودية ( الرياض) ، وكنت مثل غيري مشدوداً إلى قاعة الحفل المهيب محلقا بأجنحة الشوق، اشارك بعواطفي وجوارحي في متابعة وقائع حفل التدشين من عدن عبر الشاشة الفضية.

وبرغم الفرحة التي تسيطر علينا جميعا، بهذا الحدث الكبير، فلا شك أن أكثر الناس فرحا ونشوة هو الصديق الباحث الأستاذ نادر سعد ، وإذ نشاطره هذه الفرحة، ونهنئه من القلب بهذا النجاح الباهر، فإننا نحييه ونحيي معه فريق العمل الرائع وعلى راسهم راعي الموسوعة والمشرف العام الاستاذ الشيخ محمد سالم بن علي جابر، والمدير العام الأستاذ قاسم المشتهر..

وهذه مجرد تحية ترحيب بهذا الإصدار الموسوعي الكبير، الذي ننتظره في عدن بفارغ الصبر..