آخر تحديث :الأحد-26 مايو 2024-07:37م

ملفات وتحقيقات


تجديد الولاء : دوافع مبايعة الظواهري لقيادة "طالبان" الجديدة

الجمعة - 28 أغسطس 2015 - 11:01 م بتوقيت عدن

تجديد الولاء : دوافع مبايعة الظواهري لقيادة "طالبان" الجديدة

كابل - القاهرة - ((عدن الغد)) / المركز الإقليمي للدراسات الإستراتيجية

أثار إعلان "أيمن الظواهري"، مبايعة الملا "أختر منصور"، زعيم حركة "طالبان" الجديد، الكثيرَ من التساؤلات حول دلالات وتداعيات هذه البيعة، خاصة وأن زعيم "القاعدة" ظل مختفيًا لما يقرب من عام، برغم التطورات الكبيرة التي شهدها "التنظيم" وفروعه المختلفة، خاصة في ظل التمدد "الداعشي" في المنطقة العربية، ولم يظهر إلا من أجل الإعلان عن البيعة، وكان "الظواهري" قد أعلن من خلال تسجيل صوتي تجديد بيعة القاعدة لقيادة طالبان، قائلا: "إني بوصفي أميرًا لجماعة قاعدة الجهاد، أتقدم إليكم ببيعتنا لكم، مجددًا نهج الشيخ أسامة وإخوانه الشهداء الأبرار في بيعتهم لأمير المؤمنين الملا محمد عمر، وأبايع الملا أختر منصور".


دلالات مبايعة الظواهري للملا "أختر منصور":

خروج الظواهري السريع بعد اختفاء طويل لكي يُعلن مبايعة الملا "أختر منصور" زعيم حركة “طالبان” الأفغانية، من خلال تسجيل صوتي نشرته مؤسسة "السحاب" التابعة “للقاعدة”، يحمل عددًا من الدلالات، من أهمها:

الإسراع في البيعة: حيث من الملفت للنظر سرعة استجابة "الظواهري" للقيادة الجديدة لطالبان؛ حيث أعلنت الحركة عن تولي الملا "أختر منصور" قائدًا جديدًا في 31 يوليو 2015، وأعلن الظواهري عن بيعته للزعيم الجديد في 1 أغسطس 2015، أي بعدها بساعات، وهذا ما جعل البعض يُوجه الانتقادات لزعيم "القاعدة" لعدم التريث في البيعة للقائد الجديد، برغم الخلافات الدائرة حوله داخل أروقة الحركة بسبب وجود شبهات حول علاقته بالمخابرات الباكستانية، الأمر الذي دفع أنصار تنظيم "داعش" إلى السخرية من "الظواهري" بالقول إنه "بايع المخابرات الباكستانية"، وهي إشارة إلى خضوع "الظواهري" "للمخابرات الباكستانية" بسب خضوعه للملا "أختر منصور".

البيعة المحلية: مبايعة زعيم "القاعدة" الواسعة والفضفاضة وغير المحددة المعالم للملا "أختر منصور"، والتي لا يترتب عليها التزامات محددة، من أهم أهدافها المنافسة الصريحة لتنظيم "الدولة الإسلامية" من خلال مبايعة قائد "طالبان" الجديد على إقامة "الخلافة الإسلامية"، في حين أن حركة "طالبان" معروف أنها حركة "إسلامية قومية" ترتكز إلى "العرق البشتوني" بشكل أساسي، ولا تدعي أنها حركة جهادية عالمية، ولا تتضمن أجندتها التوسع خارج أفغانستان، ولم تنفذ أي عمليات جهادية خارجية، وهو الأمر الذي دعا بعض قيادات في الحركة وحركات جهادية أخرى كجماعة "جند الله" البلوشية إلى التخلي عن بيعة "طالبان" والالتحاق بتنظيم "داعش".

الهروب من الفشل: يبدو أن مبايعة الظواهري السريعة لقيادة طالبان، تهدف إلى تثبيت الارتباط بـ "الإمارة الإسلامية" في أفغانستان، من أجل الهروب من الإخفاقات المتتالية التي أصابت "القاعدة" عقب تولي "الظواهري"، خاصةً عدم القدرة على منافسة تنظيم "داعش"، إضافة إلى الانتكاسات الأخرى، وعلى رأسها عمليات الاختراق الكبيرة للتنظيم، والتي أدت إلى تصفية معظم قياداته، من أمثال: أبو يحيى الليبي (2012)، وقاري عبيد الله منصور (يناير 2015)، ثم عدنان شكري جمعة (ديسمبر 2015)، وبعدها مقتل آدم غدن المعروف (إبريل 2015)، وحتى فرع "القاعدة" الجديد الذي أطلق عليه "قاعدة الجهاد في شبه القارة الهندية" بزعامة الملا "عاصم عمر"، لم يخرج عن حدود الإعلان، ولم يتمكن من تحقيق أي إنجازات تُذكر، بل إن نائب أمير التنظيم "أحمد فاروق" قد قتل في قصف جوي أمريكي بتاريخ 15 يناير 2015.

نزع الشرعية عن "داعش": ظهر من تسجيل مبايعة "الظواهرى"، أن كل ما يشغل الرجل حاليًّا هو محاولة نزع شرعية تنظيم "الدولة الإسلامية"، والطعن والتشكيك في صحة خلافة "أبو بكر البغدادي"، أكثر من اهتمامه بالتنظيم الذي أصبح يُعاني من الكثير من الأزمات، من خلال تأكيد الظواهري أن "الإمارة الإسلامية" التي أقامتها "طالبان" في أفغانستان كانت "أول إمارة شرعية بعد سقوط الخلافة العثمانية، وأن كل من بايعوا بن لادن والقاعدة "دخلوا في البيعة"، ولعل هذا ما جعل الملا "أختر منصور" يُبادر سريعًا إلى الإعلان عن قبول بيعة "الظواهري".

تداعيات البيعة على تنظيم "القاعدة":

مبايعة قائد تنظيم "القاعدة" للملا "منصور" على الإمامة (الخلافة)، يبدو أنها جاءت كمحاولة منه لحل إشكالية ومعضلة الخلافة التي كان يُعاني منها هو وأتباعه، في مواجهة أتباع تنظيم "داعش"، ليؤكد لمنافسه "البغدادي"، أنه ليس متفردًا بمنصب "الخلافة" أو الدولة الإسلامية، وأن القاعدة أيضًا لها إمام تدين له بالولاء، ودولة إسلامية تنتمي إليها في أفغانستان، وهذا ما جعل "القاعدة" تبدو من خلال هذه "البيعة" وكأنها أصبحت تدور في فلك حركة "طالبان"، لذا فإن هذه البيعة من المحتمل أن يكون لها عدد من التداعيات على تنظيم "القاعدة"، من أهمها:

- وجود حالة من السخط في صفوف القاعدة، فمن المحتمل أن يؤدي الاهتمام الكبير من قبل زعيم تنظيم "القاعدة" "أيمن الظواهرى" بمبايعة قيادة طالبان الجديدة، وسرعة التفاعل مع قيادة الحركة الجديدة، في حين اختفاء هذا التفاعل مع أزمات التنظيم وفروعه - إلى حدوث حالة من السخط في صفوف "القاعدة" وقياداتها المختلفة، خاصة وأن زعيم "التنظيم" لم يهتم بنعي العديد من قيادات تنظيمه الذين قتلوا مؤخرًا، كما حدث عند مقتل "مختار عبد الرحمن" أبو الزبير زعيم "حركة الشباب" الصومالية التي بايعت القاعدة في عهد الظواهري، وهو الأمر الذي تكرر مع مقتل ناصر الوحيشي زعيم القاعدة في اليمن الذي عينه الظواهري نائبًا له عام 2013، كما لم تصدر أي بيانات مكتوبة أو مسجلة للظواهري حول تعيين القادة الجدد لهذه الفروع، في حين لم يتأخر الظواهري عن بيعة "أختر منصور" زعيمًا لطالبان.

- استعداء بعض الفصائل في "طالبان"، حيث أن مبايعة "الظواهري" السريعة للقيادة الجديدة في حركة "طالبان"، برغم حالة الانقسام داخل الحركة حولها - من المحتمل أن تؤدي إلى خلق حالة من العداء تجاه التنظيم من قبل المجموعات المعارضة لتولي "منصور" داخل الحركة، بسب تحفظها على شخصية "أختر منصور"، خاصةً وأن بعض هذه المجموعات كانت تفضل اختيار نجل الملا "عمر" الأكبر "المولوي محمد يعقوب"، وبعضها الآخر كان يرغب بتولي رئيس المجلس العسكري لحركة "طالبان" الملا "قيوم ذاكر"، وبالتالي فإن هذه المجموعات غالبًا ما ستكون على عداء مع تنظيم "القاعدة"، وبالتالي فإن "القاعدة" سوف تفقد "الدعم الكلي" من حركة "طالبان"، ليتحول إلى "دعم جزئي" يمكن أن تفقده "القاعدة" إذا ما تغيرت القيادة لصالح المجموعات المعارضة، مما سيجعل مستقبل "التنظيم" في خطر.

وأخيرًا، يبدو أن أكبر المستفيدين من تداعيات مبايعة زعيم "القاعدة" للقيادة الجديدة فى "طالبان"، سوف يكون تنظيم "داعش" المنافس لكلٍّ منهما، خاصة وأن هذه البيعة قد أدخلت "القاعدة" في حالة من العداء مع بعض الأجنحة القوية داخل حركة "طالبان" والرافضة لتولي أختر منصور، مما سيوثر على دعم "الحركة" لتنظيم "القاعدة" في المستقبل، مما سيكون له تأيره السلبي على "التنظيم". ومن ناحية أخرى فإن اهتمام "الظواهري" بمبايعة "طالبان" وقيادتها الجديدة، أكثر من اهتمامه بقيادات تنظيمه وفروعه المختلفة - سوف يثير حالة من الاستياء داخل شبكة "القاعدة"، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى مزيد من الانشقاقات في المستقبل، خاصة في ظل الهجرة المتتالية للمجموعات "القاعدية" للانضمام إلى "داعش"، وبالتالي فإن تطورات مبايعة "أمير القاعدة" لقيادة "طالبان الجديدة" سوف تصب في صالح تنظيم "الدولة الإسلامية" الذي يسعى إلى دائماً الى التمدد في "الفضاء الجهادي" على حساب تنظيم "القاعدة".