آخر تحديث :الثلاثاء-14 مايو 2024-10:18ص

ملفات وتحقيقات


في الذكرى الخامسة عشر لرحيلها:زينب علي قاسم .. فخر التربويين في عدن

الثلاثاء - 28 أغسطس 2012 - 10:41 م بتوقيت عدن

في الذكرى الخامسة عشر لرحيلها:زينب علي قاسم .. فخر التربويين في عدن
في ذكرى رحيل زينب علي قاسم أستغلها فرصة طيبة للتذكير بها وسط من عرفوها وعاصروها وتتلمذوا على يديها أو زاملوها رغم إنهم لم ولن ينسوها أبداً، و حرصت أكثر لتعريفها وسط أجيالنا المعاصرة الذين ربما سمعوا عنها، أو لم يسمعوا بقيمة ومكانة هذه السيدة المميزة-لبنى الخطيب

عدن ((عدن الغد )) خاص :

كتب /لبنى الخطيب

 

في ذكرى رحيلها الخامس عشر والمؤرخ 27/8/1997م، ألزمت نفسي وأجدها أمانة في عنقي تسليط الضوء على مسيرتها العملية الحافلة كما ورد  في كتاب تأبينها الذي وزع في حفل أربعينيتها، وحمل عنوان "زينب علي قاسم .. فخر التربويين في عدن"، وأستعرته من الأستاذة إحسان عبيد وأشكرها جزيلاً لأنها منحتني الوقت الطويل وصبرت على تأخري لإعادته  لمكتبة "المؤسسة العربية لمساندة المرأة والحدث"، من حرصها التناول  الصحفي لدور  الرائدة التربوية الفذة، ويقينها بأنني سأعيد الكتاب لها، حيث أقتبست بعض ما ورد فيه من  كلمات رثاء تطرقت لمناقب الفقيدة  التي أفنت عمرها في صرح التربية والتعليم،  وكم أجوجنا في زمننا هذا للقديرة  الفاضلة زينب علي قاسم لإصلاح ما أفسدته سياسة التعليم في بلادنا، ورحمها الله إنها توفت قبل هذا الإبتلاء المفتعل وبأيدي البشر، وإن كانت على قيد الحياة لصرعت موتاً من الصدمة لما ألت إليه العملية التعليمية في بلادنا عامة وعدن خاصة، من تدهور عام في التربية والتعليم وأفظعهم غياب الأمانة والأخلاق في واجبات المدرس والتلميذ وتسيد اللامبالاة والغش في مدارسنا الحكومية بكل أسف.

 

في  ذكرى رحيل زينب علي قاسم أستغلها فرصة طيبة  للتذكير بها وسط من عرفوها وعاصروها وتتلمذوا على يديها أو زاملوها رغم إنهم لم ولن ينسوها أبداً، و حرصت أكثر لتعريفها وسط أجيالنا المعاصرة الذين ربما سمعوا عنها، أو لم يسمعوا  بقيمة ومكانة هذه السيدة المميزة التي  مثلت قطاعاً من أبناء المجتمع في مدينة عدن، الذين تتلمذوا على يد الإدارة البريطانية أثناء فترة الإحتلال البريطاني لعدن، وظلت وفية لوطنها وشعبها في كل ذرة من روحها ومثلها مثل كل الأوفياء، وشقت طريقها في سلك التربية والتعليم لتروي ظمأ العطشى للعلم، وفي مماتها تربعت على هرم الأوفياء والمعطائين لتستقر علماً ويشار لها بالبنان، وهي من رائدات تأسيس بدايات التعليم النظامي للإناث في عدن خلال فترة الأربعينات والخمسينات،  وتدرجت في العمل التربوي من مدرسة إلى نائبة  ومديرة مدرسة إبتدائية ثم إعدادية و أخيراً مديرة ثانوية "بلقيس"، وظلت تدير دفة كل مدرسة أدارتها بحنان الأم وحزم الأب ومسئولية الراعي على رعيته الساهر على مصالحها، ما من أحد يتحدث عن القيادات التربوية السابقة في عدن إلا وتكون الست زينب أحد أعلامها.

 

زينب علي قاسم التربوية القديرة 15 عاماً  منذ رحلت إلا أنها في ذاكرة أجيالها الذين تتلمذوا على يديها أو من زاملوها وعرفوها، مازالت تحتل ذكرياتها مساحة في قلوب فلذات أكبادها في كل مدرسة إدارتها بحكمة وكفاءة، فكانت ثمراتها مغروسة في عمق  كل بيت، وخرجت منه أجيال تشق دروب الحياة لتؤدي واجبها بتفان، وفيها برزت هيبة وقيمة المربي في صناعة الحاضر وتحديد ملامح المستقبل، وهو ما نفتقده بكل أسف في كثير من تربويي  هذا الزمن في عدن خاصة والوطن عامة.

فهي من مواليد 19 / 5/ 1939م  ومن أسرة كريمة متدينة إذ كان والدها رحمه الله الحاج علي قاسم الحبيشي، رجل دين وعلم يملك "معطاره" متواضعة ويساعد المحتاجين من الفقراء في حي متواضع في الشيخ عثمان، كما كانت أمها هي الأخرى طيبة القلب العطوف الرحيم على الجيران فملكت حب الجميع في شارع قرطبة بالشيخ عثمان، ومن هذه الأسرة تشبعت أستاذتنا زينب بالأخلاق الحميدة والأعمال الكريمة، فتلقت تعليمها الاولي في أول مدرسة للبنات تأسست في الشيخ عثمان 1941م، كانت على يد الفقية نور حيدر  وأختها لولا وهن  معلمات ندرن أنفسهن عمراً، وجهودهن عملاً متواصلاً في ترقية تعليم البنت وضربن أمثلة فذة في إنجاب أمثال فقيدتنا المثال الأعلى تعلماً وإدارة.

 

 وتلقت فارستنا الراحلة دراستها الثانوية في منطقة "كريتر" في  ما كان يسمى بالبراق "قصر السلطان" للحصول على إجازة الكفاءة للمعلمات، و واصلت تعلمها بنجاح متزايد وسمعة شذية عطرة في الصف بين زميلاتها تفوق أكثرهن في التحصيل، وتؤدي واجباتها فناً يسر ويرضى تمام الرضا، أما إذا أسهمت                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                           مع زميلاتها في الساحة فما كانت لتقل عن أفضلهن تاهباً ونشاطاً، وفي الأعمال الفنية والإبداعية النسوية ما قصرت يوماً على أن تبدع وتجيد، ولم يكن ينقصها شئ في النشاط الترفيهي والفني تمثيلاً وغناءً وغيرهما على مسرح المدرسة، لقد كانت فقيدتنا زينب  مظهراً يتجدد ومختبراً يعز أن يقلد.

 

 

كانت الأستاذة زينب علي قاسم  صاحبة  شخصية قوية مؤثرة في النفوس، ويتذكرها من عاصروها وما كانت تحققه مدرستها من مستوى دراسي متقدم دائماً ونظام رائع ونظافة كاملة تراها في ساحات المدرسة وإنضباط صارم في كل الأمور، وحفرت منذ سنوات عنفوان الشباب بصماتها المتميزة كامرأة تجيد فنون الحزم والعزم معاً، وتميزت كثيراً عن قريناتها رحمة الله بقلة الكلام وكثرة العمل الدؤوب، وكان صمتها صمت معبر يجمع بين لغة الأمر الإداري الواضح والواثق، والمشاعر الإنسانية الدافئة كأخت وأم رؤوم تفيض حناناً ورقة لا متناهية، وإجادتها لعملها وعشقها له وبحكمتها في إدارة المدارس ونسج علاقات الود والإحترام مع أولياء الأمور وطالباتها وطلابها وزملائها في العمل، كما أنخرطت في العمل التطوعي التربوي والإجتماعي وأتاحة فرص كبيرة لتعليم الفتاة ومحو أمية المرأة، إيماناً منها بأهمية التعليم في بناء المجتمع، وكانت شعلة للعلم وشكلت حياتها قدوة حسنة للكثير في المثابرة والجد والإخلاص، وأستطاعت بمهارتها وخبرتها المتراكمة أن تنجح في عملها النبيل وأستحقت من الجميع التقدير والعرفان بالجميل وستظل هذه الشخصية الكريمة العطاء في ذاكرة الجميع، حيث كانت تطل بوجه مشرق يملأ النفوس غبطة، والابتسامة لا تفارق شفتيها ولا تغيب البشاشة عن ملامحها، وتحلت بصدق الضمير مما دفعها دوماً وأبداً لتقديم عصارة عمرها في خدمة الأجيال وزملاء المهنة دون كلل أو ملل، كما كانت "لغة العيون" اللغة الراقية أبداً وسيدة معظم المواقف في تخاطبها مع الآخرين، ورغم صعوبتها كانت مفهومة لكل من تعامل معها وتنفد توجيهاتها دون أن يسمع لها صوتاً عالياً أو قراراً مندفعاً ومتسرعاً أو موقفاً متذبذباً.

 

وهناك الكثيرون يفاخرون بأنهم  تربية المربية الجليلة زينب علي قاسم، التي لم ترضخ لظلم  ولم تسكت عن حق ولم تخف لومة لائم، وطبقت شهرتها الأفاق وأحترمها الصغير قبل الكبير وأنحنت لها الرؤوس والهامات إجلالاً وتقديراً، وعطاؤها المتدفق وشخصيتها  المميزة درساً لمن لم يحالفه الحظ بالتعرف عليها، فكانت مربية بكل ما تحمله هذه  الكلمة من معان، ومربية حقاً في معالجة المشاكل والصعوبات ووضع الحلول لمسائل نفسية وإنسانية، وتخفيف الكثير من معاناة الطالبات وبالذات اللواتي يعانين من تعثر في دراستهن، وفي الجانب الأخر كانت تبدي إهتماماً كبيراً بتنمية مواهب وقدرات الطالبات الإبداعية، فمن لا يذكر أن كثير من المواهب الفنية بدأت رحلتها في إعدادية البنات بالشيخ عثمان، وبتشجيعها وكذا في الجانب الرياضي حيث برزت في المدرسة بطلات في لعبة كرة الطائرة والطاولة السلة والعاب الساحة والميدان، كانت جامعة شاملة لكل مهام التربية والتعليم وفي تلقين العلوم الدراسية، وفي إعداد جيل للمستقبل متسلح بالعلم وقادر على العطاء في كثير من الجوانب الحياتية.

 

الست زينب حازمة جداً لكنها تمتعت برحابة صدر واسعة،

علمت التربويين حب مهنة التدريس وإحترام المهنة  والإلتزام والإنضباط في العمل، وفن التعليم في الحصة الدراسية والدبلوماسية في المعاملة بشكل عام،  وكانت عندما يتعثر أحد من هيئة التدريس في عمله تأخذه إلى مكتبها وتناقشه بهدؤ وتعطيه التوجيهات اللازمة والنصائح القيمة، وهنا يستقيم عمل المدرس كانت الأم الفاضلة والمربية القديرة والموجهة لكل مدرس بحق، كانت فنانة في معاملتها وما تعلموه  البعض من المربية زينب علي قاسم لم تستطيع  مقاعد الجامعة أن تعلمهم اياه، حيث أعتادت الحضور المبكر للمدرسة قبل وصول طاقم التدريس لتفقد حالة المبنى المدرسي وإستقبال يوم دراسي جديد وأثناء إصطفاف الطابور الصباحي، كانت تحرص وبشكل يومي إلى الظهور في الطابور، وتقديم الكلمة الصباحية للطالبات وتركز كثيراً  جانب النصح وإتباع الطرق  الناجحة الهادفة إلى تحسين سلوكيات الطالبات حيث أصبح ظهورها في الطابور جزء من حياة طالباتها في إستقبال اليوم الدراسي، وأبرز ما كان يميزها عن الإدارات المدرسية الأخرى معالجة مختلف القضايا التربوية المتعلقة بالنظام الدرسي من خلال الطابور، والإشادة بالمبدعين والمثاليين النشطين وهذا ما يحفز الطلبة والطالبات على التنافس وخلق مناخ تربوي للإبداع والمبدعين، كما أولت  أهمية خاصة  بلقاءات أولياء الأمور وتعتبرها أساس الإرتباط بين المدرسة والأسرة والمجتمع، وتشكل أول مجلس للأباء في ثانوية بلقيس وبرز نشاطه وأقتدت به جميع المدارس الثانوية بمحافظة عدن.

 

كانوا يسمونها بالمرأة الحديدة لقدرتها على إدارة أكثر من "ألفين" طالباً وطالبة بلفتة واحدة منها، وما يقال عنها يختلف تماماً فهي تتمتع بصفات عالية من الصفاء والبشاشة والتواضع وصفات قيادية جعلتها واحدة من المديرات اللواتي أصبحن من نجوم المجتمع، وسطرت إسمها بأحرف من نور ومن صبابات عرقها عصرته زيت يضيء مصباح المستقبل ومن ريعان شبابها عبقت زهور الحياة، وصدى صوتها المتلألئ في أحشاء صفحات الأجيال يرنو بأعذب الألحان كلمات، يشدو بها المربون والمربيات بالإقتداء الحسن والنموذج الأمثل، ومن فم الدهر أنتزعت نشيد إمتداحها من الأباء والأمهات قبل البنون والبنات، وبعد إحالتها للتقاعد ظلت فقيدتنا تكابد معاناة المرض بصمت وبنفس طويل عفة وكرامة ودون أن تطرق أبواب الإستغاثة لتستجدي الرحمة لتشق طريقها للعلاج بنفقات خاصة، وهي رائدة من رائدات التربية والتعليم بعدن والوطن عامة وما قدمته في حياتها في أحد أهم مجالات الحياة لبناء الإنسان، ورفد المجتمع بأجيال صالحة متسلحة بالعلم والمعرفة ولا يزال وسيظل إسمها وعملها الرائد  محفور في ذاكرة ووجدان كل من تتلمذ على يديها، ورافق مشوار حياتها وتعلم من مواقفها وأسلوبها في النصح والتوجيه وتدليل الصعوبات عند الأزمات، وستظل أعمالها ومآثرها وتضحياتها خالدة مدى الدهر، وفي غمرة أدائها لواجبها المقدس فقد أعتلت عرش "بلقيس "ادارة مدرسة بلقيس الثانوية ونجحت في ادارة هذه المدرسة المشهورة وكانت من أكبر المدارس الثانوية "المختلطة" باعدادها الهائلة من الطلاب والطالبات وأستطاعت "زنوبيا" وأطلق عليها هذا اللقب مبالغة في الإعجاب والتقدير  لحنكتها وقدرتها في قيادة ثانوية بلقيس، وأستحقته في جمع إسميين عظيمين في التاريخ العربي لقب زنوبيا ملكة "تدمر" التي قادت جيوشها لقهر الرومان، وإسم "بلقيس" مدرستها وملكة "سبأ".

 

ألف رحمة عليك ونامي قريرة العين ياستنا زينب وقدوتنا فما من أسرة أو بيت في عدن إلا بكاك بحرقة، وبكاء ضياع التربية التي نحاول إستعادة بعض منها، أو ضياع التعليم الذي صار يحقق معدلات خيالية بعيدة عن الواقع المعاش مما يكلف الشرفاء كثيراً.

 

نبذة مختصرة عن الفقيدة كما ورد في غلاف الكتاب تأبينها:_

 

6أكتوبر 1952م التعيين في سلك التربية والتعليم  "مدرسة"

المستوى الدراسي تدريب المعلمات بعدن.

 23 / 12 / 1954م اجتازت امتحان الكفاءة للمعلمات زائدا ثانوي حديث، كما ألتحقت بعدد من الدورات التدريبية.

احيلت للمعاش من بريطانيا 2/ 11/ 1974م

احيلت للمعاش في 2/11/ 1989م بالدرجة الوظيفية ق 7.

 

المساهمات الإجتماعية عضو في مجلس الشعب المحلي 1976-1979م.

عضوة في فريق العمل النسوي في اللجنة الوطنية للمرأة عدن المجموعة التربوية

في مطلع 1994م رشحت لهيئة رعاية القضايا الإجتماعية في قطاع التربية والتعليم في محافظة عدن هي والأستاذة نجيبة محمد عبدالله  علبي.

في مطلع 1997م رشحت مشرفة لمدارس الثانوية للبنات مدارس مديرية الشعب.

 

الأوسمة والشهادات التقديرية:

حاصلة على وسام الإخلاص 10 سبتمبر 1985م.

كرمت في المؤتمر التربوي الأول بوسام عيد المعلم.

حاصلة على درع محو الأمية لمساهماتها في الحملة الشاملة لمحو الأمية في اليمن الديمقراطي.

حاصلة على شهادة تقديرية من نقابة المهن التعليمية وانطوت هذه الصفحة الحافلة بالعطاء الزاخر في مساء يوم الثلاثاء 27 أغسطس 1997م.