آخر تحديث :الإثنين-20 مايو 2024-02:06ص

أدب وثقافة


مسرح الربيع في اليمن .. عن كتاب " مسرح شباب الربيع و ما بعده في اليمن "

الإثنين - 02 فبراير 2015 - 10:43 ص بتوقيت عدن

مسرح الربيع في اليمن .. عن كتاب " مسرح شباب الربيع و ما بعده في اليمن "

للكاتب هايل المذابي

تبرز اهمية هذا الكتاب في ان مؤلفه هو الكاتب و الناقد هايل المذابي و هو باحث رصين له اسهامات كثيرة في الكتابة عن المسرح توثيقا و نقدا و دراسة . و الكتاب الذي بين ايدينا هو آخر نتاجاته في هذا الشأن . كتاب " مسرح  شباب الربيع و ما بعده في اليمن "  دراسة نقدية  بين فعل التثوير و التغيير  و مسرح شباب الربيع و ما بعده في اليمن "  لهايل المذابي  يقع  في 74 صفحة الكترونية  وصدر عن سلسلة  حروف منثورة للنشر الالكتروني  , يناير 2015.

 يقوم الكتاب على عرض نظري و من ثم التطبيق النقدي على نص مسرحي مطبوع يتناول الثورة و التغيير و هو مسرحية " ملامح شظايا "  الفائزة بجائزة دبي الثقافية للعام 2011 للكاتب عبدالخالق سيف الجبري  و النص – بحسب المذابي – اول عمل مسرحي يمني تعاطى دراميا مع موضوع الثورات  العربية .

عبر الفصول العشرة للكتاب ,يقدم المؤلف استعراضا فكريا للاتجاهات الاساسية في المسرح كفن و رؤية و ابداع , و هي تصورات صميمية تبلورت حول المسرح عبر تاريخه الطويل .

المسرح كونه فعل تطهير ام فعل تثوير و تغيير , بهذا التساؤل يتناول الكتاب  المسرح الدرامي عند ارسطو  و المسرح الملحمي عند بريخت  بوصفها  اطر نظرية  يقوم عليها فن المسرح . المسرح باعتباره فعلا و الفعل يعني القدرة على  تغيير اوضاع تؤثر  في عالم الموجودات  كون المسرح ليس الا فعلا تغييري يسعى الى اثبات الذات و تحقيق الوجود ..ثم يطرح الكتاب سؤالا ما هي غاية الفعل ,هل هي التطهير ام التثوير و التغيير ؟  ..و للاجابة على  هذا السؤال الصميمي في فلسفة الفنون المسرحية  يطرح الكتاب كل مفهوم على حدة " التطهير " و " التثوير " و " التغيير "  فارسطو  قدم نظرية " الكاترزيس" – التطهير -  في كتابه " فن الشعر " و التي  تفترض ان على المسرح ان يجعل المتلقي بالضرورة يتطهر من مخاوفه الحقيقية على الواقع  بطريقة مقبولة فنيا و جميعها صور و مشاهد غير مقبولة البتة واقعيا , لكن المسرح يعالجها فنيا و يظهر المتلقي منها فنيا  و لا يتحقق التطهر الا بالمشاركة الادراكية و الوجدانية و الحركية بين العمل المسرحي و المتلقي , فحين يعرض العمل المسرحي لا اخلاقيات و خطايا النفس البشرية فانه  يساعدنا على تجاوزها و التطهر منها على الواقع  و تلك هي غاية  المسرح  بحسب نظرية " الكاترزيس " لارسطو .

النظرية الثانية  هي  اطروحة المسرح الملحمي  عند برشت , وهذة النظرية تستفيد من فكرة البطل الملحمي حيث التغير مستمر في  افعال الشخصية الملحمية على غير البطل الدرامي الثابت الطباع .و ذلك ما يشكل فارقا واضحا  في المعالجة المسرحية للاحداث و الشخصيات و هكذا تختلف اسس و منطلقات المسرح الدرامي عن نظيره الملحمي و اللذان يستندان فلسفيا على فكرتين نقيضتين هما المثالية عند هيجل و التي تقول ان الفكر سابق للوجود و ذلك ما يتبناه المسرح الدرامي و في المقابل المادية عند ماركس التي تقول ان الوجود سابق للفكر و ذلك اساس المسرح الملحمي .

بعد عرض  نظريتي المسرح الدرامي التطهري و المسرح الملحمي التغييري  و اللتان تختلفان كثيرا فيما بينهما و تتفقان على  فكرة ان المسرح فعل و ليس مجرد سلوك , يصل الكاتب عبر طرح جدلي تركيبي الى حقيقة ان  التطهر و التغيير هما وجهان لعملة واحدة طالما انهما يحققان الارتقاء بالانسان و تخليصه مما يخيفه او يعيقه و يرى الكاتب ان النظريتين التقتا في المسرحية قيد الدراسة و ان الملحمي ما هو الا امتداد للدرامي .

بعد وضع الاطار النظري , ينتقل الكاتب الى قراءة مسرحية " ملامح شظايا " ليستقرءها مضمونيا و  فنيا , فيعرض لجوانب من الحوار و الشخصيات .ابتداءا مع رمزية اسماء الشخصيات داخل المسرحية " رجل السلة " , "كاتلوج السيد الكبير " ليكشف ما وراءها من دلالات , فرجل السلة يحيل الى كل ما يقولب المجتمع و يضعه في نمطية جامدة , " السيد الكبير " هو رمز لرجل الدين او للحاكم المستبد  اما الشخصيات المغطاه فترمز للطليعة  من  المجتمع الذين يؤمنون بالحقوق و الحريات و كما يشير المذابي في دراسته فان الاسماء داخل المسرحية ارتبطت جوهريا و موضوعيا بفكرة الثورة و التمرد و الرفض .

المسرحية  ذات الخمسة مشاهد و التي يتناولهاالكتاب كمثال تطبيقي لمسرح شباب الربيع العربي تقدم معالجة رمزية للواقع العربي و تدور احداثها حول قصة " رجل السلة " و هو مؤلف مسرحي يسعى لارضاء سيده الغامض عن طريق تقديم نصوص تقدمها مسرحيا شخصيات كثيرة تنتظر دورها في الظهور و هي تحت اغطية من القماش , و التي سرعان ما تثور على  رجل السلة كاتب المسرحيات و مخرجها اذ تبدا الشخصيات بالخروج عن النص تحقيقا لذاتها و انتصارا لانسانيتها المسلوبة  و مع الوقت يتضح لرجل السلة ان كاتب الخاتمة لنصوصه المسرحية هو ضميره  الذي خانه  ليقف مع الشخصيات  و تنتهي  المسرحية باحراق رجل السلة و سيده .

فكرة الكتالوج داخل المسرحية تشير الى المرجعيات و التعميمات السابقة التي وجدنا انفسنا عليها في مختلف جوانب الحياة . انها تمثل مؤسسات الدين والدولة و التربية و الاسرة و العمل التي جعلت من الفرد عبدا خاضعا لها  فاصابته بالاغتراب عن نفسه و عن واقعه و فرضت عليه  نسقا مسبقا في السلوك و التفكير و الفعل  و استفحلت هذة الحالة الاغترابية لتقود الى التفكك الاجتماعي و اختلال القيم والتبعية و الطبقية و سلطوية الانطمة و غياب الديمقراطية . و فكرة رفض التقليد او الاتباع و الثورة عليها هي فكرة اصيلة في المسرحية  فالثورة على القيم هي السبيل الوحيد لتغييرها .

 

الكتاب اضافة نوعية لمكتبة المسرح اليمني الذي لا يزال بحاجة الى اثراء نقدي و بحثي يكشف عن الجماليات و يؤصل للرؤى و المعالجات الخلاقة .

 

لتحميل كتاب مسرح شباب الربيع في اليمن :

http://www.4shared.com/office/_kGHFw6yba/_________.html

 

*من صفوان الشويطر