آخر تحديث :الخميس-18 أبريل 2024-01:43ص

أخبار وتقارير


كريستيان ساينس مونيتور: إلى ماذا سيؤول (شبه الانقلاب) الذي حدث في اليمن؟

الأحد - 25 يناير 2015 - 07:31 م بتوقيت عدن

كريستيان ساينس مونيتور: إلى ماذا سيؤول (شبه الانقلاب) الذي حدث في اليمن؟
مسلحان حوثيان في صنعاء سبتمبر 2014م

صنعاء(عدن الغد)نون بوست:

زعيم المتمردين الحوثيين يتوقف عن الإطاحة بالرئيس بعد أن سيطرت قواته على القصر الرئاسي في العاصمة اليمنية.

بلغ الوضع اليمني المتدهور منذ فترة طويلة ذروته يوم الثلاثاء، حين قامت قوات المتمردين الحوثيين بالسيطرة على مجمع القصر الرئاسي؛ مما أعطاهم زمام المبادرة من جديد.

بدأ تعقيد الوضع اليمني منذ اندلاع الانتفاضة الشعبية اليمنية في عام 2011 والتي نتج عنها تسلّم الرئيس عبد ربه منصور هادي مقاليد الحكم في اليمن نتيجة للمبادرة الخليجية التي توسطت فيها المملكة العربية السعودية ودول خليجية أخرى لحل الإشكالات السياسية الناجمة عن الانتفاضة، وتضمنت المبادرة الخليجية –في نهاية المطاف- إجبار الديكتاتور علي عبد الله صالح لتسليم الحكم لنائبه هادي مقابل الحصول على حصانة بعدم الملاحقة، حيث تعاون هادي –ومن قبله صالح- مع الولايات المتحدة في محاولة القضاء على المتشددين السنة في اليمن، وخاصة فرع تنظيم القاعدة في جزيرة العرب الذي يتخذ اليمن مقراً له، والذي يعتبر أقوى أذرع القاعدة عالمياً.

أكال الحوثي (32 عاماً) في خطابه موجة من الاتهامات للرئيس اليمني، حيث اتهم ابن الرئيس هادي بسرقة المليارات، كما وصف الرئيس على أنه أداة بيد القوى أجنبية مثل الولايات المتحدة، وزعم الحوثي أن هادي كان يساعد تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية لمهاجمة الشيعة في اليمن، ووضح الحوثي في بيانه بأن الاستيلاء على القصر الرئاسي جاء كرد على عدم موافقته على مسودة الدستور الجديد، وأشار إلى أن هذه التحركات الجديدة تهدف لتفعيل اتفاق تقاسم السلطة الذي أُبرم في سبتمبر الماضي.

إن خطاب الحوثي الضعيف وغير المترابط، كان مليئاً بالتحذيرات من المؤامرات الخارجية والتأكيدات على أن "الثورة" سيتم حراستها بأمان، إلا أن هذا الخطاب لم يتطرق لأي تفاصيل توضح خطط مليشيا حركة أنصار الله، وإن نظرة بسيطة على الواقع تبيّن لنا أن حركة التمرد الحوثية -المدعومة ايرانياً- لا تعمل لمصالح الشعب، بل توجّه كامل دعمها للأقلية الشيعية في اليمن ضد الغالبية السنية في البلاد، وإن احتلال العاصمة من قبل هؤلاء المتمردين، يمكن أن يحمل أنباء سيئة لليمن في الأيام القادمة.

ما يعزز الخوف أيضاً بأن لغة السلاح ليست مجرد أداة للحكم في اليمن حالياً، بل هي الأداة الوحيدة للحكم، وبربط الاختلال اليمني الأمني الحالي وتصاعد حكم السلاح مع التهديدات التي وجهها الحوثي في خطابه للقبائل السنية في محافظة مأرب، سيصبح الوضع اليمني أشد تعقيداً، كون الحوثي وجه أصابع الاتهام للقبائل السنية في مأرب بأنها تقوم بالتعاون مع حكومة الهادي بمساعدة مقاتلي القاعدة، وفي حال قام الحوثي بتنفيذ تهديداته فإن الوضع الغير مستقر في اليمن سيتفجر بصورة هائلة؛ فعلى الرغم من أن اليمن عانت في السنوات الأخيرة من الحرب والاضطراب، ولكن الوضع اليمني لم يشكّل يوماً حرباً أهلية طائفية شاملة، أما في ظل الظروف الحالية، فإن هذه الحرب تبدو ممكنة .

الطائرات الأمريكية بمواجهة القاعدة في اليمن :

إن المصالح الأمريكية في اليمن كانت ضعيفة لأكثر من عقد من الزمان، ولكن بعد ظهور تنظيم القاعدة في جزيرة العرب كجناح لتنظيم القاعدة الأساسي، أصبحت اليمن تستقطب أنظار أمريكا، خاصة بعد إعلان تنظيم القاعدة في اليمن مسؤوليته عن الهجمات الأخيرة على الغرب؛ لذا بدأت أمريكا بشن حملة اغتيال عن طريق الطائرات بدون طيار والتي استهدفت عشرات المقاتلين من تنظيم القاعدة في اليمن، وكان آخرها استهداف الطائرات بدون طيار لمحافظة شبوة في بداية ديسمبر الماضي، والتي أسفرت عن مقتل 9 أشخاص.

على الرغم من أن إدارة أوباما أشادت بالتطورات الحاصلة في اليمن عقب انهيار حكومة صالح، إلا أن المراقبين يرون أن هذه التصريحات ناجمة -في أحسن الأحوال- عن وحدة المصالح الحكومية اليمنية مع الإدارة الأمريكية، حيث صرّح أوباما في يوليو الماضي، بأن الولايات المتحدة ملتزمة بشراكة مكافحة الإرهاب مع الرئيس اليمني، ووصف اليمن بأنها نموذج للإستراتيجية الأميركية الجديدة التي تهدف لمحاربة المسلحين السنة في العراق وسوريا دون التضحية بإرسال قوات حربية أمريكية للقتال على الأرض، كما أشاد أوباما بالحوار الوطني اليمني، والذي وصفه بأنه أداة هامة لخلق مخرج سياسي وشرعي للأزمة اليمنية، ولكن هذه التصريحات لم تتلاقَ مع الخريطة السياسية اليمنية، بالنظر إلى أن اليمن يترنح منذ عام 2011 تحت وطأة الأزمات وينتقل من أزمة إلى أخرى، بفعل ممارسات أمراء الحرب الذين يستبدلون السياسات التقليدية بسياسات أكثر عنفاً.

إن الخريطة السياسية اليمنية الحالية توضح تقاسم السنة والشيعة للبلاد؛ فالشيعة الزيديين الذين يشكلون 30% من اليمن يسيطرون على شمال البلاد بالقرب من الحدود اليمنية السعودية، وترى المملكة العربية السعودية والكثير من سنة اليمن بأن الزيديين هم عبارة عن أدوات إيرانية شيعية على أرض اليمن، في حين أن شيعة اليمن يرون في تنظيم القاعدة اليمني تمثيلاً للرعاية السعودية الوهابية، ويُعتبر اتفاق تقاسم السلطة الذي جرى بين الحوثيين والسنّة في عام 2011 ثمرة جهود توسط مجلس التعاون الخليجي لحل الأزمة في البلاد.

أخيراً، تزيد الأحداث التي شهدها اليمن في الأيام القليلة الماضية من فرص تقسيم اليمن مرة أخرى؛ فاليمن الذي شَهِد انفصالاً تاماً ما بين قسمي اليمن الجنوبي والشمالي بين عامي 1967 و 1990، يقف الآن أمام شبح الانفصال الذي يغذيه تطورات الأحداث الأخيرة التي تشهدها البلاد.

صحيفة كريستيان ساينس مونيتور