آخر تحديث :الخميس-16 مايو 2024-03:12ص

العالم من حولنا


من يشارك في مظاهرات (بيغيدا) المعادية للاسلام ؟

الثلاثاء - 13 يناير 2015 - 07:34 م بتوقيت عدن

من يشارك في مظاهرات (بيغيدا) المعادية للاسلام ؟
لوتز باخمان، مؤسس حركة بيغيدا المعادية للاسلام

((عدن الغد)) بي بي سي :

تشهد مدينة درسدن الالمانية الشرقية كل يوم اثنين منذ اكتوبر / تشرين الاول الماضي مظاهرات "معارضة للأسلمة" تنظمها حركة شعبوية جديدة تطلق على نفسها اسم "بيغيدا" (مواطنون اوروبيون ضد أسلمة الغرب).

وما لبثت الاعداد المشاركة في هذه المظاهرات تتصاعد باستمرار، ولكن في المقابل تتنامى حركات معارضة لتوجه بيغيدا التي تنظم هي الاخرى مظاهرات يشارك فيها مواطنون المان تخيفهم المشاعر المعادية للمسلمين التي تعبر عنها. وهؤلاء مصممون على الدفاع عن التنوع والتسامح في المجتمع الالماني.

ولكن من المحتمل جدا ان تزيد الهجمات الاخيرة التي وقعت في العاصمة الفرنسية والتي استهدفت مكاتب صحيفة شارلي إبدو من الدعم الذي تتمتع به بيغيدا التي تستغل الخوف والغضب الذي اثارته الهجمات.

ما هي بيغيدا ؟

ترمز بيغيدا (Patriotische Europaer Gegen die Islamisierung des Abendlandes) الى عبارة اوروبيون وطنيون ضد أسلمة الغرب.

ويقول مؤيدو الحركة إنه ينبغي على الشعب ان "يستفيق" للخطر الذي يمثله المتطرفون الاسلاميون. ويطالبون بأن تقيد الحكومة الالمانية حركة الهجرة الى البلاد متهمين السلطات بالتقاعس في تطبيق القوانين الموجودة بالفعل.

وكانت المظاهرة التي نظمتها الحركة في درسدن في الخامس من الشهر الحالي قد شارك فيها 18 الف من مؤيديها، فيما شارك نحو 25 الفا في المظاهرة التي جرت اليوم عقب هجمات باريس.

ولكن المثير ان درسدن يسكنها عدد اقل بكثير من المهاجرين من سواها من المدن الالمانية.

ومن الشعارات التي يرفعها المشاركون في هذه المظاهرات "نحن الشعب"، وهو نفس الشعار - الذي اختارته الحركة عمدا - الذي رفعه المتظاهرون في المانيا الديمقراطية السابقة قبيل انهيار جدار برلين واعادة توحيد البلاد.

وتقول بيغيدا إنها تدافع عن المبادئ "اليهودية - المسيحية"، فيما يتجنب برنامجها استخدام العبارات العنصرية. وتقول إنها تقف ضد "دعاة الكراهية مهما كانت دياناتهم"، وضد "التطرف دينيا كان ام سياسيا."

وتقول إنها تعارض "الافكار السياسية المعادية للمرأة والتي تدعو للعنف" ولكنها ليست ضد "المسلمين المندمجين في المجتمع الالماني."

وتتحدى حركة بيغيدا ما تعتبره السياسات المفرطة في الليبرالية والتعدد الثقافي في المانيا وهي السياسات التي هيمنت على الحياة السياسية في البلاد عقب الحرب العالمية الثانية.

كيف انطلقت بيغيدا ؟

كانت الانطلاقة الاولى لبيغيدا على هيئة صفحة في موقع فيسبوك للتواصل الاجتماعي اسسها شخص يبلغ الـ 41 سنة من العمر يدعى لوتز باخمان. وباخمان هذا طباخ تحول الى مصمم، ويصر على انه ليس عنصريا. ويعترف باخمان بأنه مجرم سابق ادين بجرائم منها الاتجار بالمخدرات، وانه قضى فترة في السجن.

وزادت اعداد مؤيدي الحركة بفضل شبكات التواصل الاجتماعي، بدأت بيغيدا بعدها باجتذاب اليمينيين من اعضاء الاحزاب السياسية الالمانية الرئيسية.

متظاهرو بيغيدا يرفعون صورة للمستشارة ميركل وهي ترتدي الزي الاسلامي، في اشارة الى معارضتها لحركتهم

من يؤيد بيغيدا ؟

اجتذبت بيغيدا شتى الجماعات اليمينية والمتطرفة منها علاوة على الناس العاديين الذين يشعرون بالقلق ازاء الاسلام المحافظ وتأثيراته على المجتمع الالماني. ويشعر مؤيدو الحركة بشكل عام بالقرف من السياسيين التقليديين.

وقد اثنت بعض حركات النازية الجديدة على بيغيدا، وفي بعض المظاهرات صرخ عدد من المشاركين "كاذبو الصحافة" بوجه الصحفيين وهو هتاف يعود تاريخه الى الحقبة النازية.

وتتمتع بيغيدا ايضا بدعم اعضاء حزب (AfD) "البديل لالمانيا" وهو حزب يميني جديد معارض للاتحاد الاوروبي يطالب هو الآخر بتشديد شروط الهجرة. ووصف احد زعماء هذا الحزب، وهو اليكساندر غاولاند، مؤيدي بيغيدا بأنهم حلفاء طبيعيون لحزبه.

يذكر ان لحزب AfD نواب في عدد من البرلمانات المحلية في المانيا، وقد ينجح في اقناع الناخبين بالتخلي عن حزب المستشارة انغيلا ميركل الحاكم، حزب المسيحيين الديمقراطيين.

وقطع بعض الالمان مسافات كبيرة للمشاركة في مظاهرات بيغيدا في درسدن، كما نظمت الحركة مظاهرات اصغر حجما في مدن المانية اخرى. ويشارك في هذه المظاهرات ايضا مشاغبو كرة القدم من الذين لهم ارتباطات باليمين المتطرف.

وخرجت مسيرة لبيغيدا في العاصمة النرويجية اوسلو يوم الاثنين، كما تخطط الحركة لمسيرة في الدنمارك في الاسبوع المقبل.

من يعارض بيغيدا ؟

وجه قادة وزعامات الاحزاب السياسية الالمانية التقليدية انتقادات لاذعة لحركة بيغيدا، وشارك عشرات الآلاف من الالمان في مظاهرات معاكسة للتعبير عن دعمهم للتسامح والتنوع.

فقد شارك اكثر من 35 الف متظاهر في مسيرة معارضة لبيغيدا في درسدن في العاشر من الشهر الحالي في محاولة منهم لاثبات ان مدينتهم مدينة مفتوحة تؤمن بالتسامح.

وحثت المستشارة ميركل في الكلمة التي وجهتها للشعب بمناسبة العام الجديد على الابتعاد عن بيغيدا، وقالت "لا تتبعوا اولئك الذين ينظمون هذه المظاهرات لأن قلوبهم باردة وملأى بالتعصب وحتى الكراهية."

ووقع عدد كبير من السياسيين والشخصيات المعروفة على بيان نشرته صحيفة بيلد اكثر الصحف اليومية الالمانية انتشارا للاحتجاج على بيغيدا. ومن الموقعين على البيان المستشار السابق هلموت شميت ولاعب الكرة المعتزل اوليفر بيرهوف.

وجاء في البيان "لا للكراهية ونعم للتنوع والتسامح."

وشهد اليوم الخامس من الشهر الجاري مظاهرات كبيرة معارضة لبيغيدا في مدن كولون وشتوتغارت وبرلين.

وصاحبت هذه المظاهرات خطوات من شأنها التعبير عن الدعم للمتظاهرين المناوئين لبيغيدا، فقد اطفئت انوار كاتدرائية كولون الشهيرة كما اطفئت في مصنع سيارات فولكسفاغن في درسدن.

لماذا اصبح الاسلام مصدر خلاف في المانيا الآن ؟

طالما كان السياسيون الالمان اكثر السياسيين الاوروبيين تأييدا للتسامح والتنوع، وكانت الروح المنفتحة هذه جزئيا على الاقل رد فعل لشرور النازية.

ولكن، ومع قدوم القرن الحادي والعشرون، وفر العنف الجهادي والفقر ارضا خصبة لنمو الجماعات المعادية للهجرة.

وحتى قبل ظهرو بيغيدا، كان ارتداء الحجاب الاسلامي في المدارس قد اصبح موضوعا للجدل السياسي، وقد حظرت عدة ولايات المانية على المدرسات ارتداء الحجاب بالفعل.

وكشف استطلاع للرأي اجرته مؤخرا مؤسسة برتلسمان عن ان 57 بالمئة من الالمان غير المسلمين يعتبرون الاسلام مصدر تهديد.

وتسلمت المانيا العام الماضي اكثر من 180 الف طلب للجوء، مقارنة بـ 127 الف طلب عام 2013. وتستضيف المانيا عددا اكبر من اللاجئين من اي دولة اوروبية اخرى مما يولد ضعوطا على الخدمات والاسكان.

وتعتبر الجالية التركية المسلمة اكبر مجموعات المهاجرين في البلاد، إذ يبلغ تعدادها 3 ملايين نسمة. ويقيم معظم افراد هذه الجالية في المانيا منذ عقود، ويعتبر كثير منهم مندمجين في المجتمع الالماني.

ولكن هناك الوافدين الجدد من سوريا والعراق والشيشان وافغانستان الذين لم يندمجوا بالمجتمع المضيف.

ويقول مؤيدو بيغيدا الطبقة السياسية تهمل موضوعي الهجرة والهوية الوطنية، ولذا فهم يحاولون استثارة الوعي العام.

ولكن ثمة قلق حقيقي من ان هذه المظاهرات ستثير مشاعر كراهية ضد المسلمين خصوصا بعد الهجوم على صحيفة شارلي إبدو بباريس.