آخر تحديث :الخميس-18 أبريل 2024-11:56م

اليمن في الصحافة


من هما الطرفان المستفيدان من انهيار الدولة في اليمن؟

الأحد - 28 ديسمبر 2014 - 12:34 م بتوقيت عدن

من هما الطرفان المستفيدان من انهيار الدولة في اليمن؟
ضعفت قبضة الدولة في اليمن واصبحت المليشيات المسلحو الاسلامية بمختلف طوائفها هي المسيطرة

(عدن الغد) موقع عمان :

قتل أكثر من 1500 يمني جرّاء الصراعات السياسية في عام 2014، وهو أكبر عدد منذ انتفاضة عام 2011 التي شهدت مقتل ما يقرب من 2000 متظاهر قبل إرغام الرئيس السابق علي عبد الله صالح الذي تولّى قيادة اليمن لفترة طويلة على التنحّي عن منصبه.

وبعد الموافقة على نقل السلطة عن طريق التفاوض في أوائل عام 2012، انخفض عدد القتلى إلى حوالي 1100 سنوياً، ثم انخفض مرة أخرى إلى النصف تقريباً في عام 2013 ليصل إلى أقل من 600، وفقاً لمجموعة الأزمات الدولية.
ولكن أعمال العنف تصاعدت في عام 2014 نتيجة لتفجّر عدد من الصراعات الداخلية التي يتّسم كل منها بطابع خاص ولكنها مترابطة، ووصل العديد منها إلى ذروته في عام 2014.
كما أثارت عمليات القتل شكوكاً جديدة حول إمكانية نجاح التحوّل السياسي في هذه الدولة التي تقع عند المدخل الجنوبي للبحر الأحمر.
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في تقرير له حول اليمن، إن الفوضى التي عمّت اليمن في عام 2011 أوجدت فراغاً أمنياً استغلته جماعات مسلّحة عديدة.
وقد استفادت جماعتان منها على وجه الخصوص من انهيار الدولة.
فقد زاد نفوذ تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، الذي يتمركز معظم أفراده في المحافظات الجنوبية والشرقية، كما انتهز الحوثيون في شمال اليمن الفرصة للسيطرة على أراض جديدة بعد الانسحاب من مؤتمر الحوار الوطني.
وفي أعقاب ارتفاع مثير للجدل في أسعار الوقود في أواخر سبتمبر، اقتحمت كتائب الحوثيين المدجّجة بالسلاح العاصمة صنعاء وسيطرت على الوزارات وشبكات الإعلام الرئيسية.
وكان رد فعل تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية «السني»، الذي طالما كان معادياً للحوثيين الذين ينتمون إلى الطائفة الشيعية الزيدية، على لعبة التنازع على السلطة هو تصعيد العنف.
وأدت الهجمات على أهداف تابعة للحوثيين، بما في ذلك سلسلة من التفجيرات بالسيارات المفخّخة والانتحاريين، إلى زيادة زعزعة استقرار اليمن وسقوط العديد من الضحايا بين صفوف الحوثيين.
وتصدّر تنظيم القاعدة عناوين الصحف العالمية في ديسمبر بعد قتله لاثنين من رهائنه، وهما المصوّر الصحفي الأمريكي لوك سومرز والمعلم الجنوب أفريقي بيير كوركي، خلال محاولة إنقاذ فاشلة قامت بها القوات الخاصة الأمريكية.
وبالإضافة إلى محاولة القوات المسلّحة اليمنية للتصدي للمسلّحين المتشدّدين، تشن الولايات المتحدة هجمات بطائرات بدون طيار تستهدف تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية في اليمن.
وقد أثارت الأمثلة البارزة على سقوط ضحايا مدنيين نتيجة للقصف بطائرات بدون طيار الكثير من الجدل.
ورأى الصحفي الاستقصائي محمد المؤيّد المتخصّص في عمل التنظيم أن نمو التنظيم يرجع جزئياً إلى «عدم استعداده لتقديم تنازلات، مما ساعد على زيادة مستويات احترامه بين العديد من اليمنيين». وأضاف: «على العكس من سابقيه، حقق تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية والجيل الجديد من قادته نجاحاً كبيراً في اليمن بسبب عدائهم للحكومة الذي لا هوادة فيه. لم يتفاوض تنظيم القاعدة مع صالح ولا يتفاوض مع هادي.
وينعكس هذا الانضباط في تصميم تنظيم القاعدة على ضرب الولايات المتحدة في عقر دارها، والمملكة العربية السعودية وأي شخص يرتبط بالحكومة اليمنية». ويشعر كثيرون بأن تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية قد استفاد من توغّل الحوثيين في صنعاء لأنه تمكّن من تشكيل تحالفات جديدة مع رجال قبائل غاضبين من مواقف الحوثيين.
وفي الأيام الأخيرة، أفاد الحوثيون أنهم سيطروا على البنك المركزي ووسائل الإعلام الحكومية.
وقال الباحث الزائر في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية آدم بارون، «إنهم لم يكونوا يسعون للسيطرة التامة على الدولة.
يواصل الحوثيون إظهار بعض الاحترام للمؤسسات الحكومية- وبغض النظر عن ادّعاءات خصومهم بأن العكس هو الصحيح- فإنهم يظهرون رغبة عامة للعمل داخل الدولة، بدلاً من إسقاطها تماماً، ولكن تبقى مسألة تحديد كم من هذه الأقوال هي مجرد عبارات طنّانة».وأضاف: «إنه لخطأ شديد بشكل عام أن ننظر إلى الحوثيين وتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية على أنهما وجهان لعملة واحدة.
الحوثيون هم في نهاية المطاف مجموعة سائدة في هذه المرحلة، وبغض النظر عن علاقاتهم المزعومة مع إيران، تظل الحقيقة هي أن الحوثيين ومؤيّديهم يعملون بدافع من الديناميات الداخلية، وهم مجموعة من السكان الأصليين متجذّرة في القضايا المحلية.
وأغضبت المكاسب الإقليمية التي حقّقها الحوثيون المملكة العربية السعودية، أحد كبار مصادر الدعم المالي لليمن، والتي جمّدت في الأسابيع الأخيرة خططها لتقديم 700 مليون دولار في صورة مساعدات عسكرية.
زيادة عمليات الخطف ذكرت دراسة أجريت في مايو 2014 من قبل شركة يمن أكثر أماناً، وهي شركة استشارات أمنية مقرّها في صنعاء، أن «زيادة كبيرة في عمليات الخطف» طرأت خلال السنوات الأربع الماضية، «من حادثة واحدة فقط في عام 2010 إلى 19 في عام 2013، وهو أكبر عدد من الحالات تم تسجيله في عام واحد منذ أن بدأ اختطاف الأجانب في اليمن في أواخر ثمانينات القرن الماضي». وأشارت الدراسة أيضاً إلى أن الجناة ودوافعهم كانوا في السابق ينقسمون إلى ثلاث فئات مختلفة، وهي «القبلية والسياسية والجنائية»، ولكن منذ بدء التحوّل السياسي في عام 2011، أصبحت هذه الخطوط الفاصلة أكثر ضبابية.
كما أصبح أعضاء المجتمع الدولي، بما في ذلك عمال الإغاثة، أهدافاً أكبر، وكان الدافع وراء ذلك دفع فدية كبيرة.
وقالت رئيسة قسم تحليل المخاطر في شركة «يمن أكثر أمناً» سيريس هارتكورن: «لقد أصبح التنبّؤ بالمخاطر الأمنية والتخفيف من حدتها وإدارتها صعباً على نحو متزايد». وأضافت أن «القواعد الاجتماعية والتقليدية التي كانت في السابق تحمي المنظمات غير الحكومية بين الجهات الفاعلة الأخرى في المجتمع اليمني آخذة في التآكل». كما أن زيادة جرائم الخطف وعدم القدرة على التنبّؤ يعني أن العديد من منظمات الإغاثة لا تستطيع أن تعمل إلا في مناطق محدودة.
من جانبه، قال المتخصّص في الشؤون اليمنية ومستشار المنظمات غير الحكومية في جامعة إكستر فرناندو كارفاخال، إن معظم المنظمات العاملة في اليمن تكتفي «بالموظّفين الأساسيين فقط»، مضيفاً أن هذا ليس كافياً لتقديم الدعم في أزمة بهذا المستوى.
وأكد أن «معظم منظمات الإغاثة الكبرى بدأت في تخفيض عدد الموظّفين الأجانب منذ أوائل عام 2013، وأصبح لديها خطط طوارئ لعمليات الإخلاء الطارئة من صنعاء وتعز وعدن منذ عام 2013. ليس من السهل العمل في هذا المكان، فالتهديدات الأمنية تأتي من كل صوب وحدب، وهذا أمر متوقّع في ظل الظروف السائدة هناك».كما أوضح مدير إحدى منظمات الإغاثة المختصة بمساعدة النازحين داخلياً في محافظة حجة «شمال غرب اليمن»، الذي لم يرغب في الكشف عن اسمه، أن «التكيّف مع الظروف التي تتّسم بالتذبذب ضروري لإدارة مهمة إنسانية ناجحة في اليمن.
إنك تعمل حيثما تستطيع، وعندما تستطيع».ومع ذلك، لا يزال عمال الإغاثة قادرين على العمل في العديد من المناطق، حتى تلك التي ضربها العنف.
وقالت المتحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في اليمن ماري كلير فغالي أنهم تمكّنوا من تحسين قدرتهم على الوصول إلى المحتاجين في العام الماضي بسبب تحسين الاتصال مع جميع أطراف الصراع.
وأردفت: «لقد تمكّنا خلال الشهور الماضية من الوصول إلى العديد من المناطق التي لم نتمكّن من الذهاب إليها من قبل لأسباب مختلفة، من بينها الأمن.
لقد تحسّن ذلك إلى حد كبير في العام الماضي، ويرجع الفضل أولاً إلى وجود اللجنة الدولية للصليب الأحمر في اليمن لفترة طويلة (منذ عام 1962) وإلى المعرفة الأفضل والقبول بين السكان اللذين تحظى بهما اللجنة وولايتها ومهمتها الإنسانية في مناطق النزاع».وذكر التقرير أن ما لا يثير الدهشة هو أن الوضع الأمني المتدهور وسحب الدعم السعودي يعني عدم وجود تفاؤل يذكر فيما يتعلّق بعام 2015، سواءً من الناحية الاقتصادية أو السياسية.
وقد حذّر مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن جمال بن عمر من أن اليمن قد لا يتمكن من دفع رواتب موظّفي الخدمة المدنية في غضون بضعة أشهر.
من جهته، لخّص بارون من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية حجم الأزمة وقال: «من الصعب المبالغة في التحديات الاقتصادية التي تواجه اليمن: يعيش ما يقرب من نصف المواطنين اليمنيين تحت خط الفقر، والحكومة على حافة الانهيار المالي..
والاقتصاد في حالة يرثى لها، ويبدو أن الحكومة قد فقدت السيطرة على جزء كبير من حدود اليمن، وسوف تتأجل الانتخابات البرلمانية والرئاسية المزمع إجراؤها إلى أجل غير مسمى». وأضاف أن الحكومة المشكّلة حديثاً قد أظهرت بوادر استعداد للتصدي للفساد وإخفاقات الحكم، ولكن «في نهاية المطاف، كما تبدو الأمور الآن، فإن الظروف التي دفعت اليمن إلى انتفاضة عام 2011 لم تزدد إلا تفاقماً».