آخر تحديث :الجمعة-29 مارس 2024-12:35ص

ملفات وتحقيقات


من الإمام أحمد الى تُحفه حُبل ... أول إمراة يمنية تقود مسيرة سلمية راجلة ضد الإمامة من شرعب الى تعز

السبت - 27 ديسمبر 2014 - 10:22 م بتوقيت عدن

من الإمام أحمد الى تُحفه حُبل ...  أول إمراة يمنية تقود مسيرة سلمية راجلة ضد الإمامة من شرعب الى تعز
امرأة يمنية غير عادية عاشت حياتها في قرية " حُبل " بمنطقة العسيلة التابعة لمديرية شرعب السلام شمال مدينة تعز

تعز((عدن الغد))خاص

من يعيد قراءة التأريخ، يكتشف قصصا مدهشة يتناقلها سكان ريف اليمن، لم يتطرق لها  المُورخين، منها سير قامات نسائية كسرت نظرة المجتمع للمرأة في العهد الأمامي ، أبرزهن تحفة سعيد سلطان المعروفة بـ ( تحفة حبل ) .

 

وبمناسبة حلول الذكرى التاسعة عشر لرحيلها،  نقدم لكم ما تيسر من قصة امرأة  يمنية غير عادية عاشت حياتها في قرية " حُبل " بمنطقة العسيلة التابعة لمديرية شرعب السلام شمال مدينة تعز .

 

لقد شقت تحفة حبل طريقها بجدارة نحو النفوذ في منطقة شرعب خلال طغيان سلطة الأمامة، وحظيت بمكانة استثنائية لدى الناس نتيجة تعاملها معهم بعيدا عن الثنائية الطبقية " الشيخ والرعية" .. ومن هناك بدأت طريق المجد .

 

يتداول ابناء مديرية شرعب السلام  حكاية يمنية استثنائية، صححت نظرة المجتمع للمرأة الريفية، وأثبتت قدرتها على منافسة الرجل في  ادارة شؤون الحياة وزراعة الأرض.

 

ولم ينحصر حضورها العاصف حدود منطقتها، بل اتجه نحو وادي نخلة بإعتباره شريان زراعي يمتد من إب مرورا بتعز وصولا الى الحديدة .

 

كان ذلك بعدما تمكنت من استعادة ارض اباءها و أجدادها، ما مكنها من الحصول على نصيب الأسد منها بحكم جهودها الذاتية في استعادة املاك اسرتها .

 

وترجمة انظرتها الثاقبة للحياة وحاجة المجتمع الأكثر تقدما، بذلت جهود جبارة من أجل الانتصار لقضايا الناس، وإنصافهم من غول الإقطاع في العهد الأمامي.

 

وبفعل حرصها على الشراكة مع المواطنين، علمت على استصلاح اراض قاحلة، واعتمدت على ابناء قريتها وأبناء القرى  المجاورها لأملاكها في المناطق البعيدة ، وملكت الناس تلك الاراضي.

 

وكانت تقاسمت مع الناس العاديين والمهمشين  خيرات الأرض وملكت اغلبهم اراض مقابل مبالغ سنوية زهيدة، وبفعل ذلك تمكنو من الاستقرار وبناء اسر وتعليم ابناءهم بداية العهد الجمهوري .

 

 من هناك ذاع صيتها ، وحظيت بحضور مجتمعي مشهود من خلال انحيازها للإنسان، وكان لها مواقف مناهضة  لسياسة الجباية الجائرة في العهد الأمامي، وبطش العكف بالمواطنين .

 

وعملت بطرق مختلفة على تأليب المواطنين ضد عكف وعمال الإمامة، واستجاب لموقفها عديد من المواطنين وملاك الأرض، وهذا ما جعل من منطقة شرعب جارج نفوذ الامامة.

 

كما حرصت على شراء اسلحة متنوعة ووزعتها على العاملين معها لحماية الأرض، وكانت عيون الامامة مذعورين من امتلاكها لـ " شجرة سلاح"، ما اعتبرها الإمام أحمد خطر يهدد استمرار تدفق الجبايات من شرعب الى بيت المال .

 

في المقابل، عجز عكف وأعيان الإمامة عن الحد من نفوذها بتأليب الناس ونافذين بهدف  مصادرة املاكها واسرتها بطرق غير مشروعه .

 

رفضت تحفة حبل الركوع لجبروت الأمامة، وخرجت من شرعب السلام الى قصر العرضي بمدينة تعز في أول مسيرة راجلة، وقابلت الأمام قبل إتخاذ إي تحرك شعبي مناهض لعكفه بالمنطقة .

 

عجز العكف عن تحجيم دورها، وتحجيم حضورها الشعبي، وكانت مخاوف الامام تزداد من توسع نفوذها، وبالذات بعد طردها لعكفه وعامله، وانتصارها على الاعيان المحسوبين على الأمامة في المنطقة .

 

بعد ايام من مقابلة الأمام وعودتها الى شرعب ، خاطبها الأمام بشكل رسمي (من الأمام أحمد الى تُحفه حُبل..... )، متعهدا بإنصافها ، ومنع عماله  وعكفه واعيانه الاقتراب من املاكها واملاك المواطنين في وضيحة شرعب السلام  .

 

كما تعهد الأمام أحمد تعهد بعدم تكرار تعسفات عكفه ضد المواطنين العاملين في استصلاح الارض ، وعدت الرسالة اعتراف ملكي بنفوذها في شرعب .

 

توسع نفوذها بالمنطقة، وتضاعف احترام الناس لها، وتفرغت لحسم قضايا متعلقة بملكية الارض ، وكذا التوسع في الحصول الى املاك جديدة وتوزيعها بين الناس .

 

وفي العهد الجمهوري، انحازت لخيار تعليم الشباب، وكان اغلب ابناء منطقة حُبل يعتمدون على ارضها في الحصول على لزوميات تعليم ابناءهم .

 

في سبعينيات القرن المنصرم، كانت تحفة حبل من أبرز المنحازين لخيارات شباب المنطقة المقاتلين في صفوف الجبهة.

 

ونظرا لموقفها الرافض للظلم في العهد الجمهوري وقبلها الملكي، تجنب رجال الجبهة الاستيلاء على اراضيها، او تدمير منزلها قياسا ببقة مشائخ شرعب .

 

ويشير مقاتلين جبهويين الى أنهم كانو يحصلون على القات خلال المواجهات مع الجيش من المزارع الخاصة بالرفيقة الاولى تحفة حبل ،وفقا لتعبيرهم .

 

وظلت تحفة حبل ملكة حميرية في نظر ابناء شرعب منذ فجر امجادها المناهضة للظلم في عهد الأمام مرورا بدورها في العهد الجمهوري وانحيازها للمطالب العادلة للجبهة الوطنية  الى أن غادرت الدنيا بتأريخ ٢٩/١٢/١٩٩٥م.

 

كتب /محمد سعيد الشرعبي