مع إسدال الستار على فعاليات الدورة الـ36 من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، توج الفيلم المصري "باب الوداع" بجائزة الهرم الفضي للإسهام الفني، وذلك بعد إشادة نقدية واسعة من قبل من قاموا بتقييم التجربة، خاصة أن الفيلم من نوعية الأفلام الصامتة التي لم يتواجد بها حوار بين الأبطال.

لتأتي هذه التجربة على غرار ما تم تقديمه مؤخرا من قبل المخرج أحمد عبدالله والفنان آسر ياسين في فيلم "فرش وغطا" الذي صنفه البعض على أنه فيلم صامت، لم يكن به حوار في معظم أحداثه، وحينما عرض بعدد من دور العرض المصرية، شهد إقبالا عاديا من قبل الجمهور على السينمات، ولم يستمر لأكثر من شهر واحد.

وهنا يأتي التساؤل حول جدوى تقديم تلك التجارب الصامتة، إن كانت لا تجد الإقبال من قبل الجمهور، على الرغم من نجاحها بمهرجانات السينما الدولية، وحصولها على الجوائز.

الغريب أن صناع فيلم "باب الوداع" أنفسهم أكدوا علمهم بكون هذه النوعية من الأعمال "الصامتة"، لا تلقى استجابة جماهيرية حال عرضها بدور العرض، وإن كان منتج الفيلم المخرج مجدي أحمد علي، أكد على أن الجمهور لابد أن يبدأ في تدريب نفسه على تلقي نوعية جديدة من الأعمال.

من جانبه قال الناقد الفني طارق الشناوي لـ "العربية.نت" مؤكدا أن عدم استجابة الجمهور لهذه النوعية من الأفلام لا يعود إلى الصمت، ولكن هناك لغة سينمائية قريبة من الجمهور، مشيرا إلى أن فيلم "الموميا" فيلم رائع وعظيم ولم يذكره للمقارنة بينه وبين فيلمي "باب الوداع" أو "فرش وغطا"، ولكنه لن يصبح فيلما جماهيريا.

لغة نخبوية

وأوضح الناقد الفني أن اللغة في الأفلام الصامتة تعد لغة نخبوية وليست جماهيرية، غير أن وجوده مهم، وذلك على الرغم من كون الأفلام تصنع في المقام الأول والأخير للجمهور.

ويرى الشناوي أن هناك معادلات أخرى تجعل صناع هذه الأعمال يقومون بتقديمها، حيث تتواجد المهرجانات التي تقوم بعرضها، وكذلك من الممكن أن تقوم القنوات الفضائية بشراء مثل هذه الأفلام بأسعار زهيدة من أجل عرضها.

منطق فني للصمت

واعتبر الشناوي أنه لا يوجد شيء تحت مسمى "صامت" ولكن يوجد منطق فني للصمت، معتبرا أن السينما منذ سنوات طويلة كانت صامته رغما عن إرادتها، ولكن في الوقت الحالي ومع توافر التقنيات صار كل شيء متاحا، وبالتالي فالصمت أو الاستغناء عن الحوار لابد أن يكون له منطق.

وهو ما رأى الشناوي أنه توافر في فيلم "باب الوداع" الذي كان به حالة تستدعي الصمت، بينما لم يتوافر هذا المنطق في فيلم "فرش وغطا"، حيث فرضه المخرج أحمد عبدالله على الشخصية، مختتما تصريحاته بالتأكيد على أن الصمت هو سلاح لدى المخرج ووسيلة تعبير.

الجمهور يقبل على الفيلم الجيد

من جهتها دافعت الفنانة سلوى خطاب بطلة فيلم "باب الوداع" عن العمل، مؤكدة لـ "العربية.نت" أن العروض الثلاثة للفيلم التي أقيمت بمهرجان القاهرة كانت ممتلئة عن آخرها، على الرغم من كونها كانت بتذاكر وليست عروضا مجانية، وهو ما يعني من وجهة نظرها أن الجمهور يقبل على الفيلم الجيد مهما كانت اللغة التي يتحدث بها.

واعتبرت سلوى خطاب أن الجمهور في الوقت الحالي لديه القابلية لهذه النوعية من الأعمال، خاصة أن هناك حالة "زهق" من الأفلام التجارية، وهو ما يجعلها تأمل في أن يقبل الجمهور على الفيلم حينما يعرض بدور العرض.

وأكدت بطلة العمل أن مصر بها مخرجون شباب لديهم طرق جديدة للإبداع، وأنها آمنت بحلم مخرج فيلم "باب الوداع" منذ أربع سنوات حينما كان يحدثها عن الفيلم، وأنه في انتظار حصوله على الدعم، وهو ما جعلها تعجب بهذا النوع الجديد من السينما، الذي يسمح لهم بالتعبير عن إمكانياتهم بشكل مختلف.