آخر تحديث :الجمعة-29 مارس 2024-05:58ص

أدب وثقافة


النشر في مواقع التواصل الاجتماعي يغري الكتاب العرب رغم مخاوف السرقة

الجمعة - 31 أكتوبر 2014 - 10:08 م بتوقيت عدن

النشر في مواقع التواصل الاجتماعي يغري الكتاب العرب رغم مخاوف السرقة

باريس ((عدن الغد)) القدس العربي:

كتب: حميد عقبي

نرى أنّ النشر في مواقع التواصل الاجتماعي يثير شهوة الكثير من الكُتاب العرب، ويُقابلهُ عزوفٌ عن النشر في الصحف الورقية. فهل للكتابة الأدبيّة قصة أو شعراً، التي يتم نشرها عبر مواقع التواصل الاجتماعي خصوصية معينة، بمعنى هل يكون بذهن المبدع حسابات كونه يوجه ابداعه لشريحة في عالم افتراضي؟ هل من تغييّر بتكنيك وأسلوب الكتابة؟ وما هي توقعات مستقبل النشر الأدبي في ظل هذا العالم المُغري للنشر مثل موقع «الفيسبوك»؟! 


في نقاش هذا الموضوع استشهد الاستاذ الدكتور حسن السوداني رئيس قسم الاعلام والاتصال في الاكاديمية العربية في الدنمارك،»السوداني» بخطاب «فين كروسبي» الذي اعتبر أنّ هذه المرحلة من النشر هي الموجة الثالثة، كونها تمتلك حالتي التخصّص والفردانية التي مكنت المواطن العادي من تأسيس نُظم نشر جديدة، و البعض يذهب الى إطلاق تسمية صحافة المواطن او الصحافة التشاركية عليها. 


مستقبل النشر الادبي من وجهة نظري سيتأثر بالكم وليس بالنوع، فالنشر الورقي يبقى خالداً كما هي اللوحة في المتحف,فالقداسة تكمن في العتاقة) كما يذهب ارلوند هاوزر. وأعتقد أنّ تكنيك الكتابة لن يتأثر أيضاً إلاّ في مساحات الكتابة ربما، فالقارئ الالكتروني يبحث عن المقال الساندويش السريع والممتع، في حين يبقى العمق والتركيز لصالح الكتاب الورقي الذي يحمل قصديّة من قبل مُقتنيه وليس مجانية سهلة.


تنحاز مالكة عسال وهي شاعرة مغربية وقعّت ثلاث إصدارات إلى النشر الإلكتروني بعد أن رأت ضعف النشر الورقي، الأمر الذي تردّه إلى أنّ (النشر الورقي في الصحف يُقزم العمل الأدبي، حيث يبقى رهينة الحيز المنشور فيه). 


وترى بأنّ العمل الأدبي المنشور قد يحظى باهتمام نزر قليل من القرّاء المتابعين، إن كان محظوظاً- وقد لا يُرى إطلاقاً. بالإضافة إلى أنّ أرشفة المواضيع صعبة حتى لو احتفظنا بالصحف، فبعد مدة غير قصيرة تتآكل ويضيع كل شيء. أمّا النشر الإلتكتروني، وفي بداياته التي اعتمد خلالها على مواقع ومنتديات تنتظم الأجناس الأدبية وفق أركانها الخاصة، وتحظى بالقراءات والردود، كان من الضروري النشر في أكثر من موقع للتواصل مع أكبر شريحة ممكنة من القرّاء. ثمّ تطوّرت المسألة إلى موقع «الفيسبوك» الذي يعتبرالأول بعد موقع «تويتر» وذلك لعدّة أسباب منها: وفرة التجمعات الأدبية على جهات واسعة وإن غاب التنظيم المتوفر في المنتديات. وإمكانيّة النشر من دون اعتراض أو تدخل أو شرط مع احتضان العمل من قبل الكثير من القراء، وإن تغب التعقيبات على النصوص أحياناً والاكتفاء بكلمة «أعجبني».


يَحضرُني سؤالي لأحد المبدعين المصريين الكبار، حين طالبته بالنشر في موقع إلكتروني أسسّته تحت اسم «إيوان الثقافة والأدب»، فرد قائلا: (ولماذا أنشر في هذا الموقع، ونصوصي في الفيسبوك تنال حظها من القراءة بالمئات؟!)، ومن هنا يظهر أنّ المسارالأدبي سائر ولا محالة وفق السيرورة التاريخية إلى النشر الإلكتروني.


وأنا نفسي أخليت سبيلي من عدة مواقع إلكترونية كنت مشرفة على بعض أجناسها، فكنت أتابع الكتابة الشعريّة في «موقع اتحاد كتاب الأنترنت»، وأعمل كسفيرة في موقع «الجمعية الدولية للمترجمين واللغويين العرب»، وتنصلت من العديد من المنتديات التي كنت أنشر فيها، ويفوق عددها الثلاثين لأكتفي بالفيسبوك، لأنه يعد شرفة مُتميّزة تطل بالأدب على الضفاف الأخرى في رمشة عين.


يوافق الطبيب المقيم في دمشق سامر زكريا، وهو مؤسسّ ومدير مجموعة «الهايكو سوريا» على أنّ مستقبل النشر الأدبي على مواقع التواصل الاجتماعي في سيرورة متطوّرة، بسبب القدرة سرعة انتشار النص ومساحة انتشاره الواسعة. 


ولا أرى أنّ الكاتب يقوم بالضرورة بحسابات مُعينة لكونه يواجه عالماً افتراضياً فالقارئ هوَ هوَ، لكنني أعتقد أنّ المتلقي يتجه نحو قراءة النصوص القصيرة لأسباب عديدة منها طبيعة مواقع التواصل، مما لا بدّ أن يؤثر في المآل على اتجاهات الكتّاب فانتشرت أنواع أدبية وظهرت أنواع أخرى جديدة ونلحظ أمثلة: هايكو، نانو، قصص قصيرة، قصائد مكثفة، وسواها.


من جهته يقول رامز طويلة وهو مدير مجموعة «شعر الهايكو» أنّ توسّع شبكات النت خلال الفترة الماضية وسهولة النشر في معظم بلدان العالم جعل من النشر عبر مواقع التواصل الإجتماعي هو الحل لكثير من المشاكل. في حين يرى القاص العراقي رحيم رزاق الجبوري أنّ من أهم إيجابيات النشر في مواقع التواصل الاجتماعي هو تفاعل القرّاء الآني مع النص. 


الكاتب المغربي مصطفى لغتيري وهو من مؤسسي «غاليري الأدب» الذي ظهر كموقع إلكتروني يُعنى بالأدب بمختلف أجناسه وأجيال كتّابه، وللموقع صفحة على موقع «الفيسبوك» فيقول : أنشئ الأدباء مجموعات أدبية وصفحات شخصية للترويج لإبداعاتهم بدل انتظار النشر الورقي في المجلات الذي يتأخر شهوراً، أو الصفحات الثقافية في الجرائد التي عانى البعض من معايير غير موضوعية للنشر فيها، متجاوزين بهذا محدودية الانتشار للصحف التي أخذت أعدادها في التناقص منذ زمن. 


ولعل أهم الأجناس الأدبية التي استفادت من النشر الالكتروني في الشبكات الاجتماعية هي الشعر والقصة القصيرة جداً والقصة القصيرة، ويبقى نشر الرواية محدوداً جداً. ورغم ذلك فقيمة النشر الورقي ما تزال قائمة، حيث يعتبر كثير من الأدباء أنّ النشر الالكتروني هو مُجرّد وسيلة دعائية وترويجيّة. 


لكن، وفي رأيي المتواضع أنّ النشر الالكتروني سيفرض نفسه تدريجياً، وقد يصبح معه النشر الورقي محدوداً جداً، حتى أنه قد تظهر جمعيات للدفاع عن الكتاب الورقي من الانقراض.


أمّا الكاتب والصحفي اليمني هشام الزيادي وهو مدير مجموعة «أدب القصة القصيرة الحديثة» التي تأسّست على «الفيسبوك» عام 2011 بمشاركة أدباء سوريين هم ياسر الجرادي، هشام الزيادي، رنا سفقوني، فيُشير إلى أزمة سرقة النصوص التي يواجهها الكاتب عند النشر على مواقع التواصل الاجتماعي. 


(حقيقة يواجه المبدع مشكلة في سرقة النصوص ونسبها لآخرين، خاصة في ظل تداول المعلومة واسعة الانتشار، حيث لا يمكن التحكم والسيطرة عليها في عالم افتراضي، خالٍ من القيود، ممّا يؤثر سلباً على المبدعين في الاحتفاظ بحقوقهم الادبية). مُعتبراً أنّه وفي المقابل فرض النشر على هذه المواقع، وحيث أنّ مُتصفّح الانترنت لا يملك وقتاً لمتابعة نص قصصي أو أدبي طويل فظهرت خاصيّة تتميّز بها الأشكال الأدبية المنشورة في هذه المواقع، وهي الابتعاد عن الاطناب والاسهاب، والحرص على الايجاز.


ونختم نقاشنا مع الكاتب والشاعر خليل دحنون الذي لا يزال مُلتزماً بالنشر الورقي، ويرى أنّ ردود الفعل على النص الأدبي في الصفحات الاجتماعية يشوّش على المبدع أحياناً، ويجعله في حالة شك أو ضيق تجاه ما يَكتُب أو أحيانا في حالة ثقة فائضة.