آخر تحديث :الخميس-25 أبريل 2024-12:40م

ملفات وتحقيقات


تقرير / هكذا أراد أولئك المجهولون

الإثنين - 20 أكتوبر 2014 - 04:03 م بتوقيت عدن

تقرير / هكذا أراد أولئك المجهولون
نقطة تفتيش لعناصر الحوثيين في صنعاء

تقرير / سالم يحيى شجون

إنه صبيحة يوم الخميس 9 / إكتوبر/ 2014م الموافق 15 / ذوالحجة / 1435هـ اليوم السادس من أيام عيد الأضحى المبارك يوماً سبقته ليلة هادئة بل وأهدى ما يكون من ليالي العاصمة صنعاء التي كانت تحتفل وباقي العالم العربي والاسلامي بايامه المباركة ، يوماً ضم إلى الصفحات السوداء في التاريخ اليمني أو هكذا أرادو له أن يكون أولئك الذين لا نعرفهم ، عيداً أتى والجمهورية اليمنية تعيش أياماً أقل ما يقال عنها بأنها صعـــــبة على كافة الاصعــــــدة ،سياسياً وأمنياً أما أقتصادياً فحدث ولا حرج ، فعلى الرغم من صمود الريال اليمني أمام العملات الاجنبية ومحافظته مثلاً أمام الدولار عند مستوى 215 ريال على مدى الثلاث الاعوام الماضية بالرغم من الظروف التي مرت وتمر بها البلاد إلا أن الاسعار في إرتفاع متزايد، إذاً هناك حلقة مفقودة، والموضوع طويل في هذا الشأن.

فلنبقى في العاصمة صنعاء التي لم تشفى من جراحها بعد، فقبل أن يهل علينا عيد الاضحى المبارك بأيام قلائل عاشت صنعاء أحداث عنفاً سقط  على أثرها العديد من القتلى والجرحى وكالعادة تبادل أطراف الصراع الاتهامات وكلاً يقول ((من أجل الشعب)) لكن الخسائر تتوالى بشرياً وأقتصادياً ، ولأن العيد قادم حاول اليمنيون مداوات جراحهم ونسيان آلامهم وأستعدوا للعيد أسوة بأشقائهم العرب والمسلمين.

اليوم الاول للعيد يتلقى ويتبادل رئيس الجمهورية التهاني بمناسبة العيد من رؤساء وملوك دول عربية وإسلامية وكذلك أيضاً من مسؤولين في الدولة اليمنية بما فيهم الفرقاء الذين كانوا بالامس القريب رفقاء في خيمة واحدة في ساحات التغييرمن آجل إسقاط نظام يقال بانه قد(سقط) تشارك شاشات التلفزيون اليمني شعبها بالعيد وتعرض برامج التهاني وأفراح العيد وتذهب العوائل للمتنزهات والحدائق العامه ويلهو ويلعب الاطفال وتسير الحياة بشكل طبيعي حتى يوم الاربعاء 8/ أكتوبر / 2014م الموافق 14/ ذوالحجة / 1435هـ وهو اليوم الخامس من ايام عيد الاضحى حيث ألقى السيد / عبدالملك بدر الدين الحوثي زعيم الحوثيين عبر قناته التلفزيونية (المسيرة) خطاباً هنئ في بدايته الشعب اليمني بالعيد ودعاء للحفاظ على مكتسبات الثورة ثم دعى من أسماهم بالثوار لمواصلة المظاهرات والنزول في اليوم التالي من إلقاء الخطاب إلى شوارع وساحات العاصمة صنعاء أحتجاجاً على ما أسماه التدخل الدولي في شئون اليمن وأعتراضاً على تكليف رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي لأحمد بن مبارك لتشكيل الحكومة الجديدة ليعتذر هذا الأخير فيما بعد عن تشكيل الحكومة لأسباب ظلت مجهولة، ليعود رئيس الجمهورية مرة آخرى بعد يومين تقريباً من إعتذار أحمد بن مبارك ويكلف المهندس / خالد بحاح الذي لقي ترحيب من الجميع بما فيهم الحوثيين لتشكيل الحكومة الجديدة .

تأتي كل هذه التحركات في الوقت الذي وقع فيه الجميع على أتفاقية السلم والشراكة، وفي اليوم  التالي لإلقاء الخطاب تستجيب حشود الحوثي لخطاب قائدها وبالفعل تبدأ الساحات بالحشد من جمع غفير من الناس. لكن يتوقف كل هذا الحشد وكذلك التحريض السياسي عندما توقف أحد الاشخاص عند نقطة أمنية كان قد أقامها الحوثييون بعد سيطرتهم على مناطق كثيرة في صنعاء، النقطة تقع بالقرب من ميدان التحرير في العاصمة صنعاء، كانت نقطة التفتيش تلك تتحقق من هوية الداخلين إلى الميدان، ينفجر أحد الاشخاص كان يلبس حزاماً ناسفاً بحسب تقارير أمنية وكان ذلك الشخص يقف بين مجموعة كبيرة من الناس كانوا يهمون بالدخول إلى الميدان للمشاركة بالمظاهرات التي دعى لها الحوثي ، أنفجاراً هز العاصمة صنعاء ليوقع 36 قتيلاً وعشرات الجرخى كأحصائية أولية للانفجار ليرتفع بعد ذلك عدد القتلى إلى 52 قتيلا جراح بعضهم كانت خطيرة فتوفوا فيما بعد حسب تقارير الصحة، لم يتوقف نزيف اليمنيين في سادس أيام عيد الاضحى عند هذه المأساة، لكنها كانت البداية ليوم دامي عاشته اليمن .

ففي مدينة المكلا عاصمة محافظة حضرموت هاجم مجهولون نقطة عسكرية وقتلى عشرين جندياً وجرحى العديد من الجنود الذين كانوا في النقطة يتبادل من بقي حياً من الجنود النار مع المهاجمين ويتمكن بعد ذلك المهاجمون من الفرار ويبقوا مجهولين،أما محافظة البيضاء فهي أيضاً كان لها نصيب من تلك الهجمات ، فقد هاجم أيضاً مجهولون مباني حكومية في المحافظة وأشتبك أولئك المجهولون مع قوات أمنية وكذلك مواطنين ليسقط عدداً من القتلى والجرحى ويختتم سادس أيام عيد الاضحى المبارك في اليمن بتفجير أنبوباً للنفط . تقف((الحكومة الغائبة- الحاضرة)) عاجزة تماماً عن فعل أي شئ أمام تلك الاحداث ، يرتبك المسئولون، تخبط في التصريحات الغير واضحة ، مشهداً ضبابياً ومعقد للغاية بل وعديم الرؤية ايضاً يدفع برئيس الجمهورية في اليوم التالي للاحداث بأن يأمر بتشكيل لجنتين لتقصى الحقائق في حادثي صنعاء والمكلا ، قراراً ضعيف جاء لحفظ ماء الوجه(( للحكومة)) كغيره من القرارات في محاولة لامتصاص ولو جزء من غضب الشارع  اليمني، لتدخل البلاد بعده في مشهداً أخر من مشاهد الازمة السياسية ، يصمت الجميع ويترقب ما سينتج عنه احتفالات الذكرى ـ51 لثورة 14أكتوبر التي أنطلقت شرارتها الأولى من جبال ردفان في محافظة لحج الجنوبية عام 1963م ضد الاستعمار البريطاني المحتل للجنوب العربي آنذاك، عيد الثورة هذا صادف مجيئه مباشرة بعد عيد الاضحى الذي كان ختامه مأساة على اليمن.

في خضم كل تلك الاعاصير السياسية دعت قيادات الحراك الجنوبي شعب الجنوب للاحتشاد في مليونية اطلق عليها (مليونية الحسم) وذلك في ساحة العروض بمدينة خور مكسر بعاصمة الجنوب عدن وذلك قبل يومين من الاحتفال بذكرى 14 أكتوبر الجنوبية وسخر لهذا الاحتشاد إمكانيات كبيرة لنقل المواطنين من محافظات جنوبية تبعد مئات الكيلومترات عن العاصمة عدن لقدومهم في المشاركة في المليونية، صحف الجنوب كانت لهذا الحدث بالمرصاد فلم تفوت صغيرة ولا كبيرة إلا ووثقتها وبعض الصحف كان عنوانها البارز هو (المليونية الاخيرة) ، ليزداد المشهد اليمني تعقيداً وتزداد (الحكومة) في صنعاء انعزالاً بعد إستجابة عشرات الالاف من الجنوبيين لدعوة الحراك الجنوبي وتكتسي الجنوب وخاصة العاصمة عدن بأعلام جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية والشعارات المطالبة بالانفصال عن الشمال .

في عصر اليوم الذي سبق الاحتفال كنت في ساحة العروض بخور مكسر وكنت بالفعل قد شاهدت عشرات المركبات القادمة من مختلف المحافظات الجنوبية للاستعداد والمشاركة في الاحتفال أما في اليوم التالي أي يوم الثلاثاء 14 أكتوبر فقد كنت في ساحة العروض منذ الصباح لمشاهدة فعاليات الاحتفال وأثناء مروري بنقطة تفتيش عسكرية تابعة للجيش اليمني في منطقة العريش كانت حتى يوم 13 أكتوبر أي قبل يوماً واحد من الاحتفال ترفع علم الجمهورية اليمنية ولأنها في طريق القادمون إلى ساحة العروض بمدينة خور مكسر فقد أنزل علم الجمهورية اليمنية في يوم الاحتفال بذكرى 14 أكتوبر مشهداً يحرج الحكومة اليمنية التي بدت وكأنها قد فقدت السيطرة على الجنوب بطريقة سلمية، وبالفعل أمتلات ساحة العروض بعشرات الالاف من المشاركين بالاحتفال الذين كانوا يرددون عدة عبارات منها مثلاً (صنعاء لايمكن تحكمنا تحرير واستقلال مطالبنا) .

مشهداً أستحق بجدارة التوقف عنده، نساء ورجالاً وحتى أطفالاً كانوا متواجدين في ساحة العروض آلاف الاعلام الجنوبية لا وجود مطلقاً لعلم الجمهورية اليمنية على الأقل في ساحة العروض وما حولها بدت عدن بالفعل وكأنها عاصمة دولة مستقلة تحتفل بالانفصال عن الشمال لا بذكرى 14 أكتوبر التي كانت السبب في طرد الاستعمار البريطاني من الجنوب العربي المحتل ، ويزداد المشهد حماساً وتزداد الحشود حين دعى المنظمون للاحتفال عبر مكبرات الصوت المواطنين بالتواجد بكثافة في الساعة الرابعة عصراً كون وسائل إعلام عربية ودولية ستتواجد في الساحة لنقل ما أسموها بالمليونية الجنوبية أو مليونية الحسم أو المليونية الاخيرة كما أطلقت عليه بعض الصحف الجنوبية وتوصيلها إلى شعوب وحكومات دول العالم.

نفقاً مظلماً بل أشد ظلمة يدخله اليمن المثقل بالجراحات، هنا مثلاً في الجنوب وخاصة في العاصمة عدن لا وجود لعناصر مجهولة فقط جزء من قيادات الحراك الجنوبي ومواطنين جنوبيين وجميعهم متواجدين في ساحة العروض بمدينة خور مكسر ومطالبهم واضحة، فماذا أنت فاعلة يا (حكومة) صنعاء؟ .......