آخر تحديث :الثلاثاء-23 أبريل 2024-09:58م

ملفات وتحقيقات


رائدات يمنيات ينشرن ثقافة الدين اﻻسلامي القائم على الوسطية والاعتدال

الخميس - 16 أكتوبر 2014 - 04:49 م بتوقيت عدن

رائدات يمنيات ينشرن ثقافة الدين اﻻسلامي القائم على الوسطية والاعتدال
كاملة القطيبي

عدن ((عدن الغد)) خاص:

كتب : ناصر مطهر

 

  • فاطمة محمد:  نشرت الثقافة الدينية القائمة على تقبل اﻵخر وخلقت مجتمع متسامح.
  • سمر الجرادي: غيرت سلوك مجتمعها وجعلت منه ايجابي وعالجت السلوك غير السوي.
  • كاملة ياسين: زرعت الثقافة السلمية للنشء ونجحت في تقويم سلوك الأمهات.
  • يسرى والي: حولت المفاهيم الدينية إلى مفاهيم وطنية من خلال بناء قدرات الشباب والقضاء على البطالة.
  • زال الهم مذكور: أخرجت جيلاً مثقفاً متسلح بقيم الإعتدال ونبذ العنف.

 

أصبح أمر تقبل اﻵخر والتعايش في نطاق جغرافي صغير أمر بالغ التعقيد إذا ماتم مقارنة هذا المبدأ بيومنا هذا وبالسنوات التي مضت.

 

تغليب المصالح الشخصية أصبح هو الطاغي على المجتمع في هذه الفترة وأصبح من الصعب أقناع الناس بضرورة التجرد من القناعات والسماع للآخر وليس بالضرورة تقبل الرأي اﻵخر والتعايش بسلام في إطار المنطقة أو المحافظة أو البلد بشكل عام.

 

ربما حملت ما تسمى بثورات الربيع العربي هذه السمة كجزء من تبعاتها على المنطقة، وأصبح من الضرورة التنبه لهذا اﻷمر والعمل بشكل فردي وجماعي على مواجهته من خلال تطويع كل الوسائل الممكنة لذلك.

 

استغلت الكثير من المرجعيات السياسية والدينية حالة الفقر والجهل الذي يعاني منه الكثير من الناس في المنطقة العربية وتحديداً في اليمن وجعلت منهم يسيرون كالقطيع باتجاه من يحمل خطاب إعلامي صارخ ومن يملك الجاهزية في الحشد والتسيير.

 

كثير من المثقفين وضعوا أمتعتهم وجلسوا جانباً ولم تبقى الساحة سوى للسياسيين وأسلحتهم التقليدية التي لم تعد تجدي مع الناس ولكنهم لم يجدوا البديل عنها وقاموا بمراقبتها والتأثر بها حتى يجدوا ما يغطي ذلك الاحتياج.

 

لكن بالمقابل برزت بعض النساء اليمنيات ومن شعرن بتلك الفجوة السحيقة وقمن بتبني فكرة نشر ثقافة الوسطية بين الناس من خلال تطويع مفاهيم الدين اﻻسلامي الزاخر بآيات قرآنية وأحاديث نبوية تدعو إلى قيم التسامح وتبني اﻵخر.

 

ورغم علمهن بصلابة القوى السياسية وآلياتها إﻻ أنهن لم يألين جهداً في المثابرة وإيصال هذا النهج القويم بين الناس، وحتى وإن لم يصلن لهدفهن بعد فالمشوار ﻻزال طويلاً ولكن يحسب لهن شرف البداية، هذا كله حفز مشروع تحديد وإبراز القيادات النسائية اليمنية الذي ينفذه منتدى القرن الواحد والعشرين لإيصال أصواتهن وإظهار الأدوار التي يستحقينها في عملية صنع القرار.

 

 

 

فاطمة محمد:

 

( تستغل المناسبات الدينية والوطنية لنشر ثقافة الدين السمحة والمعتدلة).

 

تحرص فاطمة محمد ( 34) عاماً من محافظة إب على تثقيف مجتمعها ودءوبة في إيصال نوع جديد من التوعية إلى اكبر قدر ممكن من النساء المتواجدات في محيطها في تلك المحافظة الخضراء التي عكست نقاء طبيعتها على أسلوب تفكير محمد وسلوكها الإيجابي نحو أفراد المجتمع المحيط بها.

 

التوعية بأهمية التسامح وتقبل اﻵخر مهما حمل من فكر مختلف هو النوع اﻵخر من التوعية التي أخذته محمد على عاتقها فلم تعد راضية بحالة التشضي والفرقة التي يعيشها المجتمع اليمني نتيجة للخلافات السياسية التي تشهدها البلاد، وبدأت بتبني نشر ثقافة الوسطية والإعتدال المأخوذة من ثقافة ديننا الحنيف.

 

رغم أنها كانت تدير مركز لتحفيظ القرآن الكريم وتقيم أنشطتها الدينية والتوعوية فيه، اﻻ أنها لم تنتظر حتى تأتي النساء من اجل أن تنقل لهن مفاهيم الفكر اﻻسلامي السوي والمعتدل ولكنها جندت معها مجموعة من الناشطات الدينيات مستغلة بعض المناسبات الدينية والاجتماعية كالأعياد ليحضرن فيها ويختلطن بالنساء وينشرن ثقافة المحبة والتسامح والإخاء.

 

تؤكد محمد أن من أهم العوائق التي تواجههن كمرشدات دينيات هي الثقافة المتعددة والمختلطة للنساء اللاتي يحضرن المناسبات ويصبح من الصعب أن يتقبلن اﻻفكار الموجهة اليهن قائلةً: " تجد من يقتنع بأفكارنا المعتدلة وفي نفس الوقت تجد من يعترض ويختلف مع تلك اﻻفكار مهما حملت من وسطية".

 

وما يعكر صفو محمد هي تهمة التحزب التي أحياناً ماتوجه إليها وأنها تعمل لخدمة حزب سياسي معين ، حيث تقول "  بعض الناس يعتبرون أن الدين حكر على جماعة دينية أو فصيل سياسي معين ولكننا بالصبر والتحلي بالحكمة حاولنا تجاوز تلك العقبة".

 

ليست المناسبات الدينية والوطنية وحدها ما تستغلها محمد للتوعية والتثقيف ولكنها تقيم ندوات وأنشطة توعوية تدعي إليها النساء من مختلف المناطق المحيطة بها وتقوم بتبني نشر ثقافة تتعدى حدود اﻻطر المتعارف عليها في التثقيف الديني التقليدي، فهي تقوم بإيصال رسائل توعوية مختلفة في كيفية التعامل مع الأهل والجيران وأسلوب التعامل مع الكبار والصغار.

 

ﻻ تعتبر محمد أنها بذلك وصلت الى مراتب اﻻساتذة والواعظين ولكنها تصر على التزود بالعلم واخذ دورات "تدريب المدربين" كي تتعلم الطرق الحديثة في التعامل مع الطالبات والنساء بشكل عام وكذلك الواعظات ممن يعملن معها.

 

تستغل محمد أيضاً وسائل الإتصال الحديث كالفيسبوك والتويتر والواتس اب في تكوين مجموعات للوعظ والإرشاد وتدعو إليها اكبر قدر من النساء.

 

 

سمر الجرادي:

 

( تنشر ثقافة السلوك القويم والمثالي عبر الجامع والمدرسة ودور التحفيظ)

 

المدينة الحالمة تعز هي من أكثر المدن اليمنية وأوفرها حظاً في الجانب التعليمي والثقافي فإرثها التاريخي المليء بالقامات العلمية والثقافية والفنية يجعل من سمر الجرادي (31) عاماً واحدة من تلك القامات من خلال علمها المتفاني في خدمة مجتمعها في نشر المفاهيم الحديثة للسلوك القائم على سماحة الدين اﻻسلامي ومنهجه المعتدل.

 

كما هي عادة الشعب اليمني شعب إجتماعي ويأنس إلى اﻻلفة والتجمع، تحرص الجرادي على حضور أماكن تجمع النساء في منطقتها لتنشر عبر هذا التجمع مجموعة من اﻻفكار الإجتماعية التي تؤسس لبناء وطن خالي من العوالق الطبقية والمذهبية من خلال تركيزها على الجانب المشرق في الدين الحنيف والإستشهاد ببعض المواقف التاريخية الإنسانية للرسول والصحابة ودعاة السلام.

 

من مديرتها "صاله" في تعز بدأ عملها التوعوي لينتشر الى المناطق المجاورة، وما ساعدها على انتشار أفكارها التوعوية عبر المحاضرات والندوات هو تقبل المجتمع بكافة شرائحه وأفراده لما تطرح.

 

ومايميز عمل الجرادي أنها ﻻتركز فقط على النساء ولكنها تقوم بنشر التوعية على كل أفراد المجتمع على حد سواء مع اهتمامها بالجانب النسوي لإيمانها أن المرأة اليمنية ينقصها الكثير من المعرفة لما ينفعها على مستوى أسرتها ومجتمعها.

 

تكشف الجرادي عن سر تقبل الناس لفكرتها حيث تقول " ﻻ أتطرق إلى أي رسائل حزبية أو طائفية واحترم قناعات كل الناس وأركز على مايهم حياة الناس اليومية وكيف يتعاملون مع بعضهم البعض".

 

 

تحلم الجرادي في اكمال مشوارها العلمي بتحضير رسالتي الماجستير والدكتوراه في مجال تفسير القرآن الكريم، فهي حاصلة على بكالريوس في القرآن الكريم وعلومه، وما جعلها تصر على ذلك هو حبها لتفسير القرآن الكريم بالطريقة المنهجية الصحيحة وتقديمها للناس من اجل أن تزيل عنهم اللبس والغموض نتيجة لقصور فهم بعض الآيات.

 

تقول الجرادي " الناس يتأثروا بأقوال وأفعال القدوة وأنا أتمنى أن أصبح قدوة لكثير من الناس من خلال كوني أكاديمية ومعلمة مثالية في مجال القرآن والفقه".

 

 

 

كاملة ياسين:

 

(تركز على نشر مفاهيم التربية السليمة للنشء كونه عماد بناء المجتمعات)

 

 

تضاريس مدينة إب الخضراء لم يستطع إخفاء مجهود كاملة ياسين (40) عاماً ومثابرتها في حشد الأمهات وتعليمهن العرى والأسس السليمة لتربية أبنائهن ونقل الثقافة الإيجابية والتي تخدم المجتمع عبر الأجيال.

 

تقوم ياسين بحضور بعض الفعاليات الخاصة بالمجتمع المحلي في محافظة إب كالأعراس والموالد والمآتم وتحرص على تمرير بعض الرسائل الهامة والمتعلقة بمفاهيم التسامح والتعايش وضرورة تقبل اﻵخر وخاصة في ظل الظروف السياسية المعقدة والمرحلة الحرجة التي تمر فيها بلادنا منذ عدة سنوات.

غير أن الجانب التربوي واﻻخلاقي هو العمل الرئيسي الذي تتبناه ياسين في عملها التربوي والتوعوي وتركز أيضاً على الجانب الوطني والربط مابين حب الوطن والدين كونهما مفاهيم وثيقة الإرتباط ببعض فمسألة حب الأوطان بالنسبة لياسين من المبادئ الدينية التي يجب أن يتربى النشء عليها.

 

وتخرج ياسين عن قاعدة الوعظ الديني التقليدي وتنتقد بعض الخطابات الدينية التي ﻻ تركز فقط سوى على جانب الديني المنهجي، وتؤكد على أهمية الخطاب الديني الذي يؤسس لمبادئ الوطنية والمواطنة المتساوية بين الناس.

 

انطلاقاُ من كونها معلمة، تقوم ياسين بعمل الندوات والمحاضرات للطالبات والأمهات بجهد فردي وتتكفل بعبء تكاليف اﻻعداد لتلك المحاضرات والندوات التثقيفية، لكنها ﻻ تألوا جهداً في تنفيذ ذلك مهما كلفها  "فرفع ثقافة المجتمع في الجانب الوطني مهمة ليست بالرخيصة" كما تقول.

وتطمح ياسين أن تصل المرأة اليمنية إلى مواقع صنع القرار، وتشارك في تحقيق الدولة المدنية الحديثة التي "يسعى لها جميع اليمنيين".

 

 

 

 

يسرى ولي:

 

( تسعى إلى نشر التوعية الدينية وبناء قدرات الشباب في المناطق الريفية)

 

من مديرية باجل محافظة الحديدة شقت يسرى ولي (26) عاماً طريقها في مجال التوعية والتثقيف الديني وركزت بشكل رئيس على المناطق الريفية لتنشر مجموعة من مراكز التوعية فيها كون قاطني هذه المناطق معزولين إلى حد كبير عن ثقافة المدنية وخاصة فيما يتعلق بالنساء اللاتي يعانين من الصورة النمطية المرسومة ضدهن في تلك المناطق وهي " المرأة ليست سوى لعمل البيت فقط" حسب تعبير والي.

 

نظراً لماتعانية المناطق الريفية من قصور في جانب التوعية الدينية وبالأخص عدم وجود مراكز لتحفيظ القرآن الكريم، عملت والي على إنشاء مراكز خاصة للتحفيظ وإرسال بعض المدرسات إليها وتطويع نساء المناطق المتعلمات في تلك المدارس.

 

وتؤكد والي أن هذه الخطوة آتت أكلها وثمارها من خلال تخرج مجموعة كبيرة من حافظات القرآن الكريم، اﻻمر الذي أشعرها بأهمية اﻻنجاز وبأن جهدها لم يذهب سدى.

 

حبها لبلدها هو ما يحفز والي على القيام بخدمة أفراد المجتمع كونهم "جزء منه" كما تقول.

 

ﻻيمان والي بالعمل المؤسسي وضرورة تنسيق الجهود، أنشأت مؤسسة دينية ثقافية خاصة بنشر الوعي والتثقيف في مديرية باجل وعملت على استقطاب الشباب والشابات للعمل معها، واستطاعت في فترة وجيزة تنفيذ مجموعة من اﻻنشطة التثقيفية والتوعوية سواء في مديرية باجل أو بعض المناطق الريفية المجاورة.

 

من انجازات هذه المؤسسة الملموسة على ارض الواقع هو بناء مستوصف صحي وهو عمل يتعدى جانب التثقيف والتوعية ﻻن والي تؤمن أن خدمة المجتمع ﻻ يتأتي فقط في الجانب النظري وﻻبد أن يتبع ذلك جانب عملي حتى يشعر الأهالي بخدمة حقيقية وملموسة تكون لها ثمار وفوائدها على المدى القصير والطويل.

 

وتؤكد أن هذا المستوصف يخدم عشر قرى، ولم يكن المستوصف هو المشروع الوحيد بل قامت بإنشاء معهد تعليمي خاصة بتعليم الكمبيوتر واللغة الإنجليزية يخدم أبناء الأرياف وكذلك هي بصدد إنشاء دار لراعية الأطفال والأحداث الصغار.

 

تنشر والي من خلال التوعية الدينية في المساجد والمدارس المخاطر التي يواجهها المجتمع من ضمنها المتاجرة واستغلال الأطفال والكثير من المشكلات الأخرى.

 

وتختم والي حديثها قائلةً: " أمنيتي أن أرى منطقتي خالية من المشاكل المتعلقة بالجهل والفقر".

 

 

 

زال الهم مذكور:

 

 (تعمل على تقريب وجهات النظر ولم شمل الشتات بين الناس من خلال التركيز على واحدية المنهج الديني)

 

 

سهلة كسهل محافظة ذمار، عبقرية بأفكارها، محاربة ولكن في سبيل توحيد الصف ولم الشتات، مقاومة لكل المبادئ الراسخة التي من شأنها أن تلحق الضرر ببنية المجتمع وشبابه، هذه هي زال الهم مذكور (33) عاماً التي تحمل من اسمها مدلول كبير وجزء ملموس على ارض الواقع.

 

مذكور هي إحدى الناشطات الدينيات في محافظة ذمار والتي تذهب في فترات متقاربة إلى معظم مديريات المحافظة ضمن بعثات وزارة اﻻوقاف الخاصة بنشر ثقافة التسامح والتصالح المجتمعي القائم على أساس معايير الدين اﻻسلامي الذي "ﻻ يقبل التجريح بخصومه فكيف بأتباعه" بحسب مذكور.

 

تقوم مذكور بزيارة المدارس والمساجد في بعض مناطق محافظة ذمار بغرض تنبيه النساء والشباب بخطر الفرقة والتشضي الذي يعيشه مجتمعنا في الفترة اﻻخيرة والتي انعكست من خلافات سياسية ﻻ تمت للدين بأي صلة، وتنبه دوماً بمخاطر من يستخدم الدين بغرض الترويج لأفكار سياسية بحته.

 

تقول مذكور " أصبح بعض الناس اليوم يتمترسون خلف قناعاتهم المبنية أساساً على أفكار حزبية وسياسية ويدافعون عنها باستماته حتى ولو على حساب حرية وأراء وقناعات الأخرين".

 

وتؤكد أن هدفها من خلال حملات التوعية هو إيصال رسالة تنطلق من مبدأ الدين الحنيف والتي تنطلق من شعار " وادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة"، فالحوار وسماع رأي اﻻخر دون الضرورة إلى تقبله من أهم المبادئ التي تركز عليها مذكور في عملها التوعوي.

 

 

 

الشعب اليمني ديني وعاطفي بطبيعته وهو اﻻمر الذي يجعل الطريق أمام مذكور معبداً في إيصال الرسائل الدينية والإجتماعية والأخلاقية في وسط مجتمعي متقبل لتلك اﻻفكار لأنها ليست غريبة أو دخيلة عليه.

 

“أبجديات الوسطية" كان اسم المشروع الذي نفذته مذكور في بعض القرى والأرياف في محافظة ذمار ويهدف إلى نشر ثقافة الوسطية والإعتدال وتقبل اﻻخر وضرورة التعايش مهما اختلفت أنماط وأساليب تفكير الناس.

 

تقول مذكور: "ما يعالج مشاكلنا اليوم هو فهمنا وتقبلنا لبعضنا مهما حملنا من أفكار وقناعات مختلفة"  وتختتم أن رسالتها الدينية والتوعوية تتمحور حول هذا الهدف.