آخر تحديث :الجمعة-29 مارس 2024-03:29ص

ملفات وتحقيقات


تحليل: سيطرة الحوثيين على صنعاء ستعمق مشاعر الاستقلال في الجنوب

السبت - 27 سبتمبر 2014 - 03:10 م بتوقيت عدن

تحليل: سيطرة الحوثيين على صنعاء ستعمق مشاعر الاستقلال في الجنوب

كتب / فتحي بن لزرق

تدفع عملية سيطرة قامت بها جماعة الحوثي قبل ايام على العاصمة اليمنية صنعاء بمشاعر الاستقلال في جنوب اليمن إلى الواجهة بعد اكتسابها مزيدا من المتعاطفين خﻻل السنوات اﻻخيرة الماضية.

حينما اندلعت الاحتجاجات في جنوب اليمن في العام 2007 كانت تستند إلى حجم واسع من المظالم التي ارتكبت منذ العام 1994 وحتى اليوم كما يشكو الجنوبيون انعدام المساواة بين الشمال والجنوب وغياب إي سلطة حقيقية لوجود الدولة في اليمن.

حينما استقل جنوب اليمن في العام 1967 عن التاج البريطاني أقيمت دولة تمتعت بقبضة حديدية تمكنت من بسط سيطرتها على جميع المناطق في الجنوب في حين كانت سلطة القانون تﻻق استجابة من جميع اﻻفراد بما فيهم السياسيون البارزون في الحكومات الجنوبية المتعاقبة.

حينما دشن الحراك الجنوبي احتجاجاته كان الكثير من قياداته يقفون وسط اﻻﻻف من المحتجين ليقولوا بان من بين اﻻسباب التي تدفع الجنوبيين إلى المطالبة باستقلال بلادهم عن الشمال هو غياب إي سلطة حقيقية للدولة في مواجهة القوى القبلية والدينية وكانت من بين المطالب هي اقامة دولة مدنية ﻻتحمل ايا من افكار الجماعات القبلية او الدينية المتطرفة.

رفض وتأييد

قوبلت دعوات استقلال الجنوب في العام 2007 بقبول جزء من الجنوبيين ورفض قطاع أخر من الجنوبيين لهذه المطالب ومراهنتهم على امكانية قدرة الحكومة اليمنية التي كان يسيطر عليها نظام علي عبدالله على تعزيز قيم روح المدنية وارساء اسس الدولة الحقيقية ونبذ التدخلات القبلية وتعزيز روح الالتزام بالقانون .

على خلاف ذلك كان نظام علي صالح يتمدد صوب الغاء إي وجود حقيقي للدولة  على اﻻرض وبدا واضحا سيطرة مجموعات قبلية واخرى دينية على روح الحكومة والدولة في اليمن.

رويدا رويدا بدات دعوات استقلال الجنوب في التمدد تغذيها عدم وجود رغبة حقيقية لدى نظام الرئيس اليمني لاصﻻح اﻻوضاع في اليمن ، كانت جميع معالجات نظام الرئيس اليمني السابق واﻻصﻻحات التي قام بها على شكل الدولة هزيلا وذهب إلى ممارسة اعمال قتل وقمع للتظاهرات السلمية في الجنوب اﻻمر الذي عزز من قوة حركة الاحتجاجات السلمية في الجنوب واكسبها مؤيدون جدد كانوا يحسون بان نظام صالح ﻻينتهج إي اصلاحات حقيقية على اﻻرض.

في عامي 2008 و2009 باتت حركة الاحتجاجات في الجنوب تكتسب مؤيدون جدد بعد ان كانت خلال  عام مقتصرة على العسكريين.

بات من الممكن قراءة الكثير من الروئ السياسية لأكاديميين ورجال دين وادباء وشعراء  في الجنوب يتحدثون عن رؤيتهم لشكل الدولة القادمة في الجنوب، كان مايجمع كل هذه اﻻطراف هو ضرورة وجود تمثيل حقيقي للدولة وهو مايرون ان نظام صالح فرط فيه لصالح اطراف قبلية واخرى دينية حتى باتت الدولة بحالة ضعيفة.

 

الوجهة تتغير

في اوائل العام 2011 اندلعت حركة احتجاجات شعبية واسعة النطاق في شمال اليمن ضد حكم الرئيس اليمني السابق .

ونادت حركة الاحتجاجات هذه بضرورة ايجاد دولة مدنية تعمل على اصﻻح اﻻضرار والتشوهات التي طالت نظام الحكم منذ عقود.

كانت الاحتجاجات غاضبة وشديدة واندلعت بداية اﻻمر في العاصمة اليمنية صنعاء لكنها ﻻحقا توسعت في مناطق يمنية اخرى بينها تعز والحديدة وتوسعت بذلك صوب الجنوب هناك حيث كانت الاحتجاجات ضد نظام صالح قد دخلت عامها الخامس.

تعاطى الجنوبيون مع حركة الاحتجاجات في الشمال بصورة ايجابية وتراجعت خﻻل أسابيع فقط حركة الاحتجاجات في الجنوب المطالبة بالانفصال وتبدلت عنها دعوات  اخرى تنادي بضرورة تأييد ودعم الاحتجاجات المطالبة بالاطاحة بحكم الرئيس صالح.

كانت الشعارات التي رفعتها مابات يعرف بالثورة الشبابية في شمال اليمن جاذبة لقطاع واسع من الجنوبيين.

نادت الاحتجاجات بإقامة دولة مدنية وإزاحة القوى الدينية  والقبلية عن المشهد السياسي وفوق ذلك اعترفت بالمظالم التي تعرض لها الجنوبيين على يد نظام علي صالح .

غازلت هذه الشعارات الجنوبيين وارتفعت الأصوات  المطالبة بمنح الشماليين فرصة ﻻعادة صياغة الوحدة مع الجنوب .

خيبة امل جديدة

مع مرور أشهر منذ إطلاق  حركة الاحتجاجات في الشمال المناهضة لنظام صالح ومع التحاق رموز وقيادات بارزة في نظام صالح إلى حركة الاحتجاجات بدا ان الاحتجاجات تضل طريقها بعد استيلاء  احزاب سياسية بينها حزب الإصلاح  وقيادات ﻻتحظى بأي دعم شعبي على هذه الاحتجاجات وبينها"علي محسن اﻻحمر" وقيادات أخرى.

بنهاية العام 2011 بدات الصورة بالتشكل ، الاحتجاجات الشعبية تم اختطافها وتحولت إلى ازمة سياسية اغفلت بشكل كلي مظالم الجنوبيين او البحث عن حل عادل لقضية الجنوب.

أصيب قطاع واسع من اليمنيين بخيبة امل كبيرة تجاه ما أفرزته هذه الثورة كونها لم تتمكن  من الاطاحة بحكم الرئيس اليمني السابق بل انها اضافت اليه قوى تقليدية تتهم بأنها الوجه اﻻخر لحكم الرئيس صالح.

نهاية الثورة

مع نهاية العام 2011 وقعت الأطراف السياسية في الشمال على اتفاق تسوية اثبت ان الثورة الشعبية ضد نظام صالح فشلت فشلا ذريعا.

منيت أماني الجنوبيين بإحداث تغيير حقيقي على اﻻرض في شمال اليمن  بفشل ذريع ووجد اﻻﻻف من المحتجين الذين نزلوا إلى الشوارع في الجنوب لمساندة الثورة الشعبية الشبابية انهم خذلوا .

خﻻل اشهر عاودت حركة الاحتجاجات التي ينظمها الحراك الجنوبي في الجنوب إلى الواجهة ؛ وبقوة شديدة .

احس قطاع واسع من الجنوبيين انهم خدعوا او ان الاحتجاجات في الشمال لم تتمكن من فرض قوتها على ارض الواقع.

تحول كبير

منذ العام 2011 تحولت قيادات جنوبية شاركت في ثورة التغيير صوب معسكر الحراك الجنوبي وباتت من ابرز القيادات النشطة.

توسعت حركة الاحتجاجات في الجنوب في العام 2012 و2013 وتمكن الحراك الجنوبي من تنظيم احتجاجات بلغ عدد المشاركين فيها مايقارب المليون شخص .

ورغم توسع حركة الاحتجاجات في الجنوب وتعاظمها اﻻ ان قطاع من الجنوبيين بدا يستبشر خيرا عندما تولى الرئيس عبدربه منصور هادي مسؤلية الرئاسة في اليمن خلفا للرئيس اليمني السابق علي صالح.

اعترف هادي بوجود مظالم في الجنوب وتعهد بالعمل لأجل  تسويتها وانهاء حالة المظالم هذه.

توجه هادي صوب معالجات كثيرة تجبر الضرر الذي طال الجنوبيين وسعى بقوة ﻻجل  ازاحة الكثير من القيادات التي كانت تحكم في عهد الرئيس اليمني السابق قوبلت هذه التحركات اﻻخيرة بحالة من الارتياح في الشمال والجنوب، رغم حالة اﻻحباط في الجنوب اﻻ ان قطاع واسع بات يؤمل الكثير من تحركات الرئيس هادي.

عاودت اﻻصوات المنادية بإمكانية التوصل إلى تسوية مع الشمال إلى الظهور وغادرت قيادات كثيرة من الحراك الجنوبي صوب صنعاء وشاركت في مؤتمر للحوار الوطني في اليمن .

بشرت هذه التحركات بامكانية التأسيس لدولة مدنية في اليمن وعلى هذا المنوال مضت عدة اشهر من الحوار الوطني في اليمن افضت إلى اﻻتفاق على تشكيل دولة اتحادية في اليمن.

 

رغم معارضة قطاع واسع  من الجنوبيين لمخرجات مؤتمر الحوار الوطني في اليمن الا ان قطاع واسع منهم وجد فيها ارضية يمكن البناء عليها.

ابدت الكثير من القيادات الجنوبية تأييدها لهذه المخرجات بينها حيدر ابوبكر العطاس وهو أخر رئيس للوزراء عقب دولة الوحدة.

بدا واضحا ان هنالك اطراف سياسية في شمال اليمن ترفض اﻻستجابة لمخرجات مؤتمر الحوار الوطني ففي حين كانت الحكومة تقول انها بصدد تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار كانت المعارك المسلحة بين مسلحين حوثيين وميلشيات تابعة لحزب اﻻصﻻح تستعر في محافظة عمران القريبة من صنعاء .

تحولات الشمال

في ال 7 من يوليو 2014  سقطت مدينة عمران بشمال اليمن بيد جماعة الحوثي بعد معارك شرسة.

نفت جماعة الحوثي نيتها السيطرة على العاصمة اليمنية صنعاء اﻻ أنها وبعد قرابة شهرين من سيطرتها على عمران خاضت مواجهات مسلحة وسط صنعاء عقب احتجاجات شعبية دعت لها احتجاجا على تعديل حكومي ﻻسعار المشتقات النفطية.

تمكنت جماعة الحوثي في ال 21 من إسقاط العاصمة اليمنية صنعاء بعد معارك محدودة مع قوات موالية للفرقة اﻻولى مدرع وقوات من الجيش ومسلحين من حزب اﻻصﻻح.

كانت سيطرة الحوثيين على العاصمة اليمنية صنعاء بمثابة الحدث الذي فاجئ الجميع.

تمثل سيطرة الحوثيين بوصفهم جماعة شيعية تمثل أقصى شمال اليمن أخر مسمار يمكن ان يدق في نعش الوحدة بين شمال اليمن وجنوبه.

ينظر الجنوبيون إلى جماعة الحوثي باعتبارها جماعة دينية متشددة تحمل توجهات سياسية ودينية ﻻتتفق بالمجمل مع توجهات سكان الجنوب حيث ﻻتتمتع جماعة الحوثي بأي نفوذ سياسي في جنوب اليمن.

حينما دعا زعيم جماعة الحوثي إلى تنظيم احتجاجات مناوئة للحكومة اقتصرت دعوته على مناطق شمال اليمن لكن الجماعة فشلت في تسجيل إي حضور سياسي في الجنوب.

تدرك جماعة الحوثي انعدام إي حضور سياسي لها في الجنوب لذا فإنها تسعى جاهدةﻻجل تعزيز نفوذها في مناطق الشمال.

قبل العام 1962 كانت شمال اليمن محكومة عبر أسرة ال حميد الدين وهي نفس السلالة التي تنتمي لها أسرة زعيم جماعة الحوثيين.

تمثل سيطرة جماعة الحوثيين على مقاليد الحكم في شمال اليمن تعزيزا ودافعا قويا لمشاعر الانفصال في الجنوب.

رفض الجنوبيون منذ العام1994   الاعتراف بسلطة نظام علي عبدالله صالح ومع تزايد حدة الصراعات الطائفية في الشرق الأوسط فان إي قبول بأي حضور سياسي لجماعة الحوثي في الجنوب يبدو مستحيلا.

على خلاف ذلك ستدفع سيطرة الحوثيين على السلطة بمن تبقى من الجنوبيين المؤيدين للوحدة مع الشمال بتغيير قناعاتهم السياسية .

في ال22 من سبتمبر 2014م اعلن احمد المسيري وهو قيادي بارز في حزب المؤتمر الشعبي العام تأييده لدعوات استقلال الجنوب.

لسنوات طويلة دافع الرجل عن الوحدة اليمنية وناهض دعوات استقلال الجنوب لكنه مؤخرا اعلن تغيير قناعاته السياسية ودعا إلى فك الارتباط السياسي مع الشمال والسعي لأجل دعم جهود استقلال الجنوب .

ستعزز سيطرة الحوثيين على الأوضاع في اليمن القناعة لدى قيادات بارزة في حزبي المؤتمر الشعبي العام وحزب الإصلاح بضرورة فك الارتباط بالمركز الرئيسي في صنعاء وهو مايبدو ان قيادات سياسية في هذه الاحزاب بدات التوجه صوبه .

من شأن كل هذه العوامل ان تساهم قدما في تمكن الجنوبيين من استعادة دولتهم التي ناضلوا لاجلها منذ سنوات طويلة .

* يمنع نشر هذه المادة باي وسيلة إعلامية اخرى