في طريقك إلى وسط مدينة الشيخ عثمان احد اعرق واقدم المدن في عدن وخلال توغلك إلى وسط المدينة تجد ان الكثير من الاماكن والبنايات والاثار قديمة طالتها عوامل التغيير والتبديل .
من على مسافة بعيدة يترأى لك مسجد النور وهو احد اقدم المعالم الخاصة بمدينة الشيخ عثمان وينتصب وسطها كاحد ابرز معالمها .
أسفل مسجد النور هنالك معلم صغير يصر من عقود على الاحتفاظ بجميع معالمه ورغم مرور عقود طويلة إلا ان مالكيه يصرون على بقائه كما هو .
وانت تسير صوب مسجد النور وتمر اسف زقاقاته الضيقة يتناهى إلى مسامعك أصوات بائعي البخور والعطور والحنا وتختلط الأصوات ببعضها البعض .
حنى حضرمي – بخور عدن بخور ياطيب ..
رغم قصر الزقاق الذي يفصل بين مسجد النور وسوق أخر للسمك إلا ان أصوات الباعة تغادر بك إلى عالم قديم يحبه الناس .
في عدن ومنذ العام 1994 تغيرت عشرات الملامح الخاصة بهذه المدينة وظلت عوالم ما أسفل مسجد النور تصارع لأجل البقاء والتحدي.
بين كل هذه الأشياء يقبع أسفل مسجد النور مشرب صغير لبيع العصائر والمشروبات الباردة منذ أكثر من 60 عام وحتى اليوم .
يعرف الناس في عدن هذا المشرب بجميع اطيافهم ولن تجد مواطن من عدن لم يمر به يوم قط أو لم يحتسي فيه كوب "ثريب" أو "ليم" أو عصير بارد.
يصر مالكو المشرب الصغير على الاحتفاط بجميع معالمه رغم وفاة مؤسسه قبل سنوات من اليوم .
حينما تدلف إلى داخل مشرب "الزحف العربي" وهكذا أطلق عليه مؤسسه وسط الشيخ عثمان يعيد عقود طويلة إلى الخلف .
صور الزعيم جمال عبدالناصر تلتصق بالجدران وشعارات القومية العربية ولوحة ضخمة لسهول الجزيرة العربية وتؤكد ان هذه السهول تحتوي في باطنها كميات هائلة من الذهب الاسود "النفط".
كانت هذه اللوحة بمثابة تنبوء بمستقبل دول الخليج في الخمسينات من القرن الماضي وكان هذا التنبئ حقيقيا إلى درجة كبيرة .
مع كل يوم يتجمع العشرات من الناس بداخل مشرب الزحف العربي وسط الشيخ عثمان ويتبادلون الاحاديث المتفرقة ،يتذكر الاباء سنوات الشباب التي قضوها ذات يوم بزيارة ما إلى هذا المشرب ..
كل شيء في عدن تبدل إلا تفاصيل هذا المشرب ، ذات الكراسي ، والطاولات والصور كل ماتغير هو عمال المشرب غادر بعضهم الحياة ولزم آخرون منازلهم .
*من صالح العبيدي
