آخر تحديث :الجمعة-19 أبريل 2024-06:11م

أخبار وتقارير


دبلوماسي يمني: فوضى المشهد السياسي وضعف الأحزاب الوطنية واليسار تجعلان اليمن نهبا لمشاريع الإسلام السياسي

الخميس - 21 أغسطس 2014 - 04:53 م بتوقيت عدن

دبلوماسي يمني: فوضى المشهد السياسي وضعف الأحزاب الوطنية واليسار تجعلان اليمن نهبا لمشاريع الإسلام السياسي
مسلحون من جماعة الحوثي ينظرون الى الدمار الذي خلفته الحرب عقب سيطرتهم على مدينة عمران القديمة

صنعاء(عدن الغد)خاص:

قال دبلوماسي يمني وكاتب سياسي ان " المشهد اليمني غداة الربيع العربي ملبد بالغيوم ويزداد قتامة وغموضا يوما بعد يوم, فالمبادرة الخليجية التي يتشدق بها الجميع ملغمة أساسا وتحمل بذور فنائها في طياتها، بدليل هذا التعثر وتداخل المشاريع بين نظامين في غمد واحد, فرغم منح الرئيس السابق حصانة لم يكن يحلم بها أي دكتاتور عربي، إلا انه لازال محور اللعبة السياسية، وبقاؤه في ممارسة نشاطه السياسي أصبح ذريعة لخصومة ولتعثر العلمية السياسية بالفعل".

 

واضاف الدبلوماسي عبدالوهاب العمراني في تحليل نشره موقع ميدل ايست أونلاين " كما ان استحقاقات تلك المبادرة من وصول رئيس توافقي قذفت به الأقدار لسدة الحكم وما نتج عن ذلك من حوار وطني طال أمده شاركت فيه كل ألوان الطيف السياسي ونتج عنه مخرجات اتفق عليه الجميع إلا أن الواقع يسير في اتجاه معاكس فلا دور للنخب المثقفة، او الواجهات الاجتماعية والدينية وكذا الاقتصاديين او حتى عقلاء السياسة، وكذا من قادوا ثورة التغيير المفترض".. مؤكدا ان " لقوة هي سيدة الموقف وفرض أراء وأفكار ورؤى من فوهة البندقية هي منطق ساسة اليمن اليوم، وطبول الحرب تدق مجددا".. مضيفا " بعد ما يقارب الأربع سنوات من الربيع العربي في نسخته اليمنية فأن صنعاء مدينة مفتوحة على كل الاحتمالات، ولن تستطيع الدولة الهشة المتآكلة ان تفرض هيبتها بعد ان مرغتها عنجهية الإسلام السياسي المستفيد من هذه الفوضى الخلاقة، واستغلاله نقمة الشارع من سوء الحال الذي آلت أليه ظروف اليمنيين اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا".

 

وقال العمراني ان " أميركا منحت العراق لإيران على طبق من ذهب، ما لم تستطيع إيران عمله خلال ثمان سنوات من الحرب التي انتهت بمقولة الخميني  كأنه قد تجرع السم".

 

وقال " في اليمن منح السعوديون ورئيس النظام السابق ما يسمون بالحوثيين فرصة ما لم يستطيعوا في ست حروب هزلية كان هدفها فقط استعطاف الخارج وإرضاء الداخل, فقد كانت مجرد حروب تحريك وليس تحريرا, من مفارقات المشهد اليمني ان حلفاء الأمس أصبحوا أعداء اليوم والعكس صحيح، فقد شارك بعض من شيعة صالح احتجاجات الاثنين الماضي، ومعلوما بأن الآلة الإعلامية الضخمة للرئيس السابق تنافس بل تضاهي إعلام الحكومة نفسها والتي يشارك في معظمها ويعارضها في نفس الوقت!".

 

وأكد ان " الأمر نفسه يتحقق لإعلام الإسلام السياسي أو فيما يعرف بأنصار الله, اذ ان هذين الجهتين هما المسيطرتان على الإعلام اليمني تقريبا. ويشاع بأن هناك دعما خفيا ولوجستيا ًمن قبل "الدولة العميقة" للنظام السابق مع أصحاب التيار الجديد الصاعد كالصاروخ اللافت والمضحك فعلا بأنهم يلعنون صالح ليلا ونهارا رغم مساعدته السخية وتعاطفه متناسين بأنه قتل القائد حسين الحوثي وهي جريمة لا تغتفر بالطبع حسب مفردات الواقع السياسي اليوم".

 

وقال " لاشك بأن السعودية هي الأخرى ستتجرع السم في آخر المطاف فيما لو سارت الأمور كما هي عليه اليوم، عندما يصحوا الجيران ذات يوم وخصومهم على أطراف مملكتهم".

 

وقال " اما الرئيس السابق فقد بدأ العد التنازلي لا محالة، ويمكرون والله خير الماكرين".

 

وقال ان " قوة التيار الحوثي ليست فيما يحمله من قيم، فكل الأحزاب والتيارات السياسية والدينية في اليمن منذ عقود تدعي العدالة والإنصاف والدولة المدنية التي تغنوا بها حينا من الدهر. الذي سهل للحوثيين المهمة هو عدم ثقة المواطن في حكومة الفساد ونظام الفساد القديم الجديد الذي جثم أكثر من ثلاثة عقود بل نحو نصف قرن من البحث عن الوهم".

 

وتساءل  " من يستفيد من هذه الفوضى الخلاقة اليوم هو الأحزاب الدينية وعلى رأسها الإسلام السياسي والذي لم يعد مناسبا لليمن لان الشعب اليمني باختصار ليسوا على مذهب واحد وهم شيع وقبائل ليتعارفوا".

 

وأكد ان " تصاعد الاحتجاجات التي يقودها تيار ما عُرف بأنصار الله ضد حكومة ائتلافية شارك فيها كل أطياف العملية السياسية المؤقتة، وذلك بحجة الجرعة الاقتصادية وهو حق اريد به باطل، فكيف يعارضون حكومة هم شركاء فيها، وهي فترة انتقالية اتفق عليها بموجب نتائج الحوار الوطني".

 

وقال " اليمنيون اختلط عليهم عدد من المفاهيم فالحكم العائلي لنظام صالح هو من يفترض ان تقوم ثورة عليه لا مستقبل لحركة تفرض فكرتها بقوة السلاح، وهو الأمر نفسه, لا مستقبل لنظام يستقوي بالخارج، فلا هذا سيفلح، ولا ذاك سيكسب الجماهير".

 

وأكد ان " الجرعة التي تمت هي بموافقة حكومة توافقية فرضتها الظروف الاقتصادية ولم يكن يستفيد من الدعم الحكومي سوى اللصوص ومراكز القوى، كما ان الجرعة تمت بعد دراسة اقتصادية وتشاور كل القوى ناهيك عن دعم وإيعاز خارجي من البنك الدولي والمانحين ومن الصعوبة التراجع عنها, وفساد السلطة تأسس منذ ثلث قرن مضى وهي عملية تراكمية وليست وليدة اليوم، معاً لمواجهة الفساد والاستبداد، ولا للإسلام السياسي والغرور والنصر المرحلي المؤقت باسم الشعب. فهتلر وموسليني كانت صولاتهما وجولاتهما باسم الشعب وهتلر وصل السلطة بطريقة ديموقراطية".

 

وقال ان " تنامي الاحتجاجات على هذا النحو الطائفي دون اليمن كله سيعجل من فكرة تقسيم اليمن الذي باتت فعلا قاب قوسين او ادنى، لقد تجاوزت إفرازات الربيع العربي في نسخته اليمنية أحلام اليمنيين في دولة نظام وقانون في دولة تجمع ولا تفرق، حتى التقسيم الفدرالي ملغم طائفيا واقتصاديا، والدستور المقترح بني على مخرجات ذلك الحوار، قد يكون تماما كدستور بريمر في العراق حيث يتجرع العراقيون تناقضات دستورهم، تجاوز الربيع اليمني في ان يرحل من عبثوا بأحلامه عقود من السنين وانصب غضب الثائرين اليوم على حكومة ائتلافية مؤقتة لا حول لها ولا قوة".

 

وقال العمراني في تحليله " لم يكفِ هؤلاء اللصوص أنهم سرقوا ثورتنا، بل قطعوا امل ثورة مستقبلية، لان الجماهير لم ترَ نتيجة على الأرض بل فسادا متواصلا، ومن هنا كان نجاح ما يسمون بأنصار الله، غداة الربيع العربي في نسخته اليمنية والشعب اليمني من وهم إلى آخر وفترة انتقالية تلد أخرى، وحوار يفرز حوارات".

 

وقال " كنا خلال الحوار الذي طال أمده على أمل ان يجتمع اليمنيون على كلمة سواء ولكن من اندلعت الثورة ضدهم هم نفسهم من يرسمون ملامح مستقبل اليمن.! وكان اليمنيون على امل دستور يعكس معاناة الشعب ويلملم جروحه ولكن فوجئوا بخيارات الفدرالية التي تقسم ولا تفرق. فمشكلة اليمن هي سوء العلاقة بين الحاكم والمحكوم وليست بين الشعب والأرض، فما ذنب الوطن يقسم بسكاكين الساسة. وكان اليمنيون على امل انتهاء الفترة الانتقالية ويلج لدولة مدنية يتساوى فيها المواطنون في الحقوق والواجبات ولكنه فوجئ بأن داست أجزاء من أراضيه، سنابك خيول الإسلام السياسي المتطرف، والذي غدى يفرض شروطا، متمترساً في أطراف العاصمة المنهكة فارضاً على الدولة الفتية المؤقتة الفتية التي ارتضى بها الجميع العين الحمراء. فهل يعقل اننا نعيش القرن الواحد والعشرين عندما يفرض طرفا رؤيته من فوهة البندقية؟".

 

وقال ان " الذهول والتبلد السياسي سيدا الموقف، ايعقل ان اليسار اليمني العريق منذ الخمسينيات والحزب الاشتراكي تحديدا وكذا القوميين من أحزاب البعث والناصري، يصبح البعض منهم حلفاء لحزب استفرد لحزب قائد على غرار أحزاب أوروبا الشرقية في ابان الحرب الباردة، ويصبحون مجرد ديكورات ومحللا سياسيا، ويخرج أصحاب الإسلام السياسي ليضعوا أنفسهم أنصار الفقراء والمحرومين لمقارعة الاستبداد. اخيرا يتساءل الكثيرون اليوم... أين اليسار اليمني من كل ما يجري؟".

 

*عدن الغد