آخر تحديث :الثلاثاء-23 أبريل 2024-02:04م

ملفات وتحقيقات


استطلاع : منطقة مجرباء بلحج .. إهمال وتهميش ومعاناة من أجل قطرة ماء

الثلاثاء - 22 يوليه 2014 - 12:32 ص بتوقيت عدن

استطلاع : منطقة مجرباء بلحج .. إهمال وتهميش ومعاناة من أجل قطرة ماء
صورة لأطفال من منطقة مجرباء بلحج يحملون دباب لتعبئتها بالماء

لحج ((عدن الغد)) خاص:

تعاني منطقة مجرباء الغربية التابعة لمدينة صبر بمحافظة لحج، التي يعيش داخلها أكثر من 2000نسمة من عدة مشاكل أبرزها انقطاع المياه بشكل متواصل ومتكرر والذي وصل لانقطاعه ما يتجاوز السنتان في ظل علم ودراية السلطة المحلية في المديرية والمحافظة ولكن وجودهم كعدمهم ،وأصبحوا  أشبه بالموت السريري ،فتلك المنطقة منسية تماما من أذهان المسئولين مما جعلها تعيش حتى في ضعف للكهرباء وأصبح ليل المنطقة حالكا وفي معاناة لا تطاق أن تتحملها الأنفس البشرية .

ورغم هذا وذاك فإنها تعاني من عدم وجود مدرسة أساسية لتعليم الأساسي ما يضطر أصحاب الأسر الميسورة بنقل أبنائهم عبر باصات وسيارات أجرة للدراسة في مناطق أخرى فالمنطقة باتت على كف عفريت إهمال متعمد ونسيان  متكرر ،فالمنطقة أضحت مهملة لدرجة لم يتوقعا ساكنوها فهي تعيش بين براثن الفقر والمرض والتجاهل الواضح الذي أسقطها من ذاكرة كل القيادات المتعاقبة في المحافظة والمديرية ،ولو فتشنا في مناطق  أخرى سنجد الكثير ممن تعاني نفس ما تعانيه منطقة مجرباء الذي مازالت  منسية ووسط إهمال حكومي وتجاهل من المسئولين .

ليس صحيحا أن ميزانية الدولة لا تكفي فكل عام تنفق المليارات وليس صحيحا أن مواطني المنطقة  توصلوا إلى هذه الدرجة في نسيانهم من قائمة المشاريع والتطور في البنية التحتية ،أو أنهم ليسوا بحاجة لكل الخدمات الحكومية مما جعل كل القيادات في السلطة المحلية بلحج  في تلاعب بعدم تقديم الخدمات لكل المحتاجين لها ،ولكن الصحيح أن  مظاهر الفساد أوشكت أن  تحطم كل الجهود لتنمية المنطقة حتى  لو أن البعض منهم حاول أن يشق لنفسه طريقا نحو التنمية بالجهود الذاتية لوجد امامة حجر عثرة وعراقيل من قبل قيادات لحج المتفشية بإهمالها وعدم نقل معاناة كل المواطنين القاطنين في منطقة مجرباء التي أصبحت تبحث عن قطرة ماء ،فيما آخرون ذهبوا لشرائه  من أصحاب الوايتات  رغم وجود شبكة المياه ولكن تعطلت منذُ سنتان ومازالت حتى يومنا هذا  وأهالي المنطقة يعانون الاستمرارية في انقطاع المياه عن منازلهم .

(عدن الغد) سلطت الضوء على منطقة مجرباء بلحج ونقلت معاناة الأهالي حسب ما رأيناه ولمسناه ورواه لنا المواطنين .

 

استطلاع / محمد المسيحي

 

 تفاقم أزمة المياه

رغم الوعود الحكومية التي يقدمها المسئولين في بداية كل عام ومع حلول الانتخابات المحلية إلا أن ما يحدث  في سلطات لحج شيئا عجيبا للغاية  فهي غير مهتمة  بالمواطنين وانحدرت  تجاه المصالح الشخصية  فيما  مواطنين يتجرعون مرارة الحياة وعذاب الموت الحقيقي المحقق  في ظل وجود سلطات حكومة ولكن  لن تقدم شيء لسكان المنطقة ولكن ما عرفت به هو وعود المسئولين منذُ أن وجدوا على سطح الأرض ووعودهم  نغمات رنانة لتهدئة حال المواطن هذا مما زادا إهمالا وتهميشا من قبلهم ففي منطقة مجرباء الماء منقطع عن الأحياء  السكنية منذ عامين  والسلطة المحلية في سبات مستمر دون أي صحوة إنسانية .

فبداية الحديث كان لنا اللقاء مع شيخ المنطقة الشيخ/محمد سعيد السويدي الذي بداء حديثة بتحسر ،فقال : "أن المنطقة تعاني من انقطاع مياه الشرب الذي أصبح  معاناة على المواطنين وهي مسالة مطروحة بين المسئولين بإنقاذ تلك المنطقة من هذه المصيبة التي لحقت بهم ،ونتيجة لعدم وجود المياه اضطر جميع قاطني  منطقة مجرباء بشراء  الوايتات (البوزة) بمبالغ مرتفعة ما يفوق الستة الألف ، فهناك اسر لا توجد لديها تلك المبالغ الشهرية حيث استطاعت فقط توفير احتياجات المنزل فلا مقدرة لها بشراء الماء في كل شهر" ، مضيفا "أن ما وجدناه هي وعود عرقوبية لا غيرها  فهناك توجد  في المنطقة شبكة  للمياه وعملت لفترة وجيزة ولكن تبخرت مع تعاقب القيادات ولم  ندري عن الانقطاع المفاجئ للمياه ،فالشبكة المتواجدة هي في الصحيح  قديمة وغير صالحة للعمل  فالجهات المعنية بذلك لم تقدم شيء لتصليحها وإنما  التواطؤ الذي جعل سكان القرية يلجون إلى طريقة أخرى وهو شراء المياه، حتى أن عندما كانت المياه موصلة فهي لا تكفي لكل المنازل إذا توفر الماء ليوم واحد فأنه سوف  ينقطع ليومين أو  أكثر مما زاد المعاناة إلى الكثير من ساكني المنطقة وكأننا نعيش في صحراء وليس بقرب المحافظة والمديرية ولكن  أصبحنا في سلة الإهمال ،فما نريده من مسئولي المحافظة ومجالسها المحلية الالتفاف إلى المنطقة" .

مشيرا بان مدير عام المديرية  على تواصل  بالأهالي  وهو يعمل  بكل الجهود الجبارة  تجاه أبناء المنطقة فالكل هنا يقدمون له الشكر لما يقوم  به من تواصل مستمر ووعدهم بحل تلك الأزمة التي لحقت بهم  وبأسرع وقت سوف يكون عند تلبية المواطنين  في حلها وإخراجهم من معاناة المياه  إلى  حياه جديدة ملئه بكل الألوان الطيبة  والعائد خيرها لجميع قاطني المنطقة.

 

مستوصف حكومي لم يفتتح منذُ12 عاما

منطقة مجرباء بلحج تعاني الكثير من الخدمات فهناك مستوصف حكومي  الكائن في مدينة صبر بمحافظة لحج والذي يضم العديد من مناطق المديرية والمناطق الأخرى ولكن الأكثر ألماً انه لم يفتتح حتى ألان ومنذ 12 عام وهو مازال في غياهب الإهمال  لعدم وجود أي مسئولية نزيهة تعمل مع المواطن وليس ضده فالحياة التي يعيشها أهالي المنطقة لا تتوقف عند معاناة واحدة وإنما متوسعة المجال ،وأيضا تعيش المنطقة ظروفا صعبة في المقومات الأساسية الخدمية فهناك وجدت خدمات أخرى في مناطق محافظ لحج ولم يخطر ببال القائمين على أمور المديرية بتلمس هموم  الأهالي ورفع احتياجاتهم إلى الجهة المعنية ولكن هذا ما جعل  المسئولية غائبة تماما  بعدم نقل هموم المواطن وعرضها على الجهة المعنية بذلك ولكن ما يلاحظ  أن كل المسئولين انشغلوا بأمورا أخرى تاركين  مواطني المنطقة في غياهب الإهمال ووسط مستنقع من الوحل ،مما زاد لدى الكثير من المواطنين أن يعالجون مرضاهم في مستوصفان أهلية وأصبحت  الصحة في تجارة وتفشي لا حدود له.

رغم أن وزارة الصحة تسعى لتقديم كافة الخدمات العلاجية الأزمة لكافة شرائح المجتمع إلا انه يوجد  اللامبالاة من قبل القائمين على الصحة في المحافظة  بعدم فتح المستوصفان الحكومية والتخفيف من معاناة المواطنين وعدم الاتجاه إلى المستوصفان الأهلية التي أصبحت تشكل  أرباحا تجارية والتقاسم بين المالك والممرض والمختص وهذا ما نشاهده في جميع المرافق الصحية الخاصة وكان هذا الأمر لا يهم أصحاب الشأن وكل القيادات المحتسبة أنها وفية وتعمل لأجل أبناء البلد بشكل عام والمنطقة والمحافظة بشكل خاص ،فمستوصف صبر  لم يفتح منذ 12 عام لعدم وجود أي كادر طبي متخصص وذلك ما طرحة الأهالي في المنطقة ولهذا هم يلجأون  إلى محافظة عدن لمعالجة مرضاهم لوجود  تردي في  الخدمات الصحية في المحافظة وخصوصا  في  مستشفى ابن خلدون التي تعاني الإهمال والفساد المتفشي  في  العلاجات ونقصها وعدم وجود متخصصين أكفاء ،وطالب الأهالي مسئولي الصحة بالمحافظة بمراعاة حاجة الناس وكل العجزة في افتتاح المستوصف الذي سوف  يخفف من المعاناة إذا تم افتتاحه ،فالمواطنين بحاجة لتوفير المستوصف في مدينة صبر ليكون وسطية بين جميع المناطق الأخرى .

 

ضعف التيار الكهربائي

يعاني أبناء المنطقة  من ضعف التيار الكهربائي الواصل لعدد من المنازل حيث أن الأهالي يرفعون شكاوي عدة ولكن دون جدوى ،ولكن هناك  الكثير من الأسر من يسعى لشراء  تقوية لكي لا تحدث أي أضرار فادحة  في المنزل، والبعض الأخر لم يستطع من القيام  بأخذه فبقيت حالته تزداد ألما يوما تلو الأخر ،فبعض المنازل أتلفت عليهم أجهزة  منزلية منها الثلاجات وغيرها .

وفي هذا المجال يحدثنا العقيد / مثنى الشعيبي

أولا أشكرك أخ محمد ولصحيفتكم الغراء "عدن الغد" لتلمسها  هموم المواطن  سوى في منطقتنا أو في مناطق أخرى، وبداء حديثة معلقا على مشكلة الضعف العالق والمتكرر في التيار الكهربائي ،فهنا إذا أردت أن تعرف مرارة الحياة  فعليك بالزيارة  أو ليبقى  لسويعات من الوقت في هذه المنطقة ليعرف كل ما هو ملحوظ من هموم ومعاناة يمر بها أناسٌ أبرياء على مدار اليوم والليلة فالكهرباء أصبحت ضعيفة جدا فلم نحصل على حصتنا من الكهرباء إلا بعض الساعات ولو حصلنا عليها  لبقينا في  قلق لكي لا تتلف علينا  أجهزة  منازلنا من ثلاجات وغسالات ومكيفات فحن في  أمرين أما أن نترك  الأمر لله وننام أو أننا نستيقظ  ونكون على انتباه  لما يلحق  من ضرر ،ويشير إلى أن قوة محول الكهرباء المغذي للمنطقة ضعيف وبسبب ضعفه هنا تحترق الأجهزة الكهربائية وأصبح جميع أهالي المنطقة محرمون من تشغيل  الغسالات ، كما أن المراوح تعمل ببطء شديد واللمبات الكهربائية تكاد تضيء ،فكان يوجد  خط محول  وكان يغطي مجمع السعيد  ونتيجة للانتشار العمراني  في المنطقة ما جعل الضعف المستمر في المنازل .

وأردف بقولة  "أن العاملين في الكهرباء يقومون بأخذ مبالغ من المواطنين ومن ثم تصرف على آخرون  فيما أبناء المنطقة محرومون الكهرباء  وخصوا بالانقطاع والضعف الكهربائي الذي لحق بجميع قاطني المنطقة ،وهذا عائد على مؤسسة الكهرباء وهي سبب الإهمال وعدم قيامها بعمل شبكة للتخطيط الجديد الذي بجوار مجمع السعيد حتى مزرعة مجاهد سابقا، وفي هذا نطالب الجهات المسئولة في لحج بالقيام بواجبها  وإصلاح وتقوية  الضعف الكهربائي  المتكرر في المنطقة. 

 

تقصير صندوق النظافة

ربما هي المنطقة الوحيدة التي لم يوجد فيها حتى برميل للقمامة لجمع المخلفات ومن ثم القيام برفعها إلى الجهة المخصص لها  فعند دخولك للمنطقة  لا تجد شيء يسر الناظر سوى تراكم القمامة في جميع الأزقة "ففي هذا المضمار يحدثنا الأخ/ مراد محمد حامد السقاف ، شاكرا صحيفة "عدن الغد" لنقلها معاناة المنطقة ورفعها إلى جهة الاختصاص ،بخصوص هذا الأمر فالمنطقة تواجه مشاكل بالجملة فهي تفتقر حتى إلى برميل للقمامة رغم تراكم المعاناة  إلى أنها مازالت في قائمة النسيان فتراكم القمامة يشكل خطرا على كل القاطنين حتى أن قيادة سلطات لحج لم تمنح المنطقة ببرميل للقمامة وهذا ما سبب تخاذل المسئولين وبفعل الممارسات والعادات السيئة للمواطنين لكي تتحول المنطقة إلى منطقة مكدسة بالقمامة.

مضيفا أن انتشار القمامة سبب الكثير من الأمراض والأوبئة دون أن نرى لفت مسئول وحل تلك المعاناة التي مازالت تسبح على عاتقة ولكن بوجودهم أصبحت المنطقة في غياب تام لكل الخدمات ، ولهذا وجب على صندوق النظافة للقيام بعملة وإزالة الأكوام من وسط المنازل ،وأردف بالقول "إما بخصوص الشبكة  فهي متواجدة  ولكن ما نلاحظه أنها قديمة ومعطلة وهذا لا يكفي أن نتحمل كل المعاناة من انقطاع للمياه وتكدس للقمامة وبعد المدارس وشربنا مياه مالحة وغير نقية  وأكثرها سببت الأمراض لجميع أطفالنا ولكن هي الحاجة من جعلتنا نشتري ونشرب مياه صالحة أو غير صالحة .

وفي الأخير نوجه رسالتنا إلى الجهات الرسمية الحكومية بالنظر إلى أبناء منطقة مجرباء وتوفير لهم الماء والكهرباء التي  مازالت ضعيفة وأيضا أكثر ما هو حاصل عدم وجود مدارس ابتدائية للأطفال والبعض منا من يلجأ إلى تعليم أولاده في مدارس خاصة وآخرون يبقون دون تعليم حتى  يتجاوزون سن العاشرة خوفا عليهم من الذهاب إلى  مدارس أخرى بعيدة لان هناك مدارس وجدت للفتيان أم الأولاد كتب عليهم الأمية حتى بلوغ سن العاشرة.

 

 المنطقة بلا مدرسة ابتدائية

 أينما تذهب في منطقة مجرباء بلحج شمالا أو جنوبا، ستصطدم بعدد من الحفر والشوارع الممتلئة بالقمامة  وأسلاك كهربائية غير آمنة ،فجميع الأهالي اعتبروا المنطقة منسية من حسابات المسئولين في  مدينة صبر ،ويأملون بان تأخذ نصيبها من الاهتمام، فالمنطقة وسطية وأصبحت محرومة حتى من مدرسة ابتدائية لتعليم الأطفال فعندما تلاحظ براءة الأطفال وهم  يتشوقون للتعليم ولكن لم يجدوا من ينهض بهم إلى  علو لكي  يرتقوا  به  ويرتقي جميع الأطفال في المنطقة، ولكن لم  يرى أبناء المنطقة صغارا وكبار النور حتى أصبحت محرومة  من التعليم الابتدائي ،لعدم وجود المدرسة في المنطقة، فأصبحوا بين خيارين صعبة فإما يتغلبون على تلك الأمية من أجهاد ومشقة وفقدان القدرة على تحصيل العلم، أو عدم الالتحاق بالعملية التعليمية من الأساس توفيرا للنفقات الخاصة التي هي العبء في التعليم ،أو التسرب من التعليم في ظل غياب الأسرة وعدم قدرتها على متابعة أبنائها في العملية التعليمية لبعد المسافة بين المنطقة والمدارس الأخرى التي وجدت في مناطق مجاورة ،فالأهالي يطالبون الجهات المعنية إلى توفير مدرسة للتعليم الابتدائي الأساسي من اجل اختصار الوقت وتخفيف أعباء المواصلات .

لافتين إلى أن من شان وجود مدرسة قريبة من مساكنهم حتى يتمكنوا من توصيل أبنائهم بأنفسهم دوم مشقة أو تعب أو تأخير عن الدوام ،وطالبوا مسئولي محافظة لحج بضرورة النظر في  توفير المدرسة  لأبنائهم لكي تخدم شريحة كبيرة من  المواطنين وتساعدهم على توصيل أبنائهم يوميا دون الحاجة إلى دفع رسوم المواصلات أو الاعتماد على السائقين في ذهاب أبنائهم إلى المدارس المجاورة من المنطقة فهم متخوفون لضياع أبنائهم بعدم مراقبتهم يوميا لبعد المسافة عنهم والمدرسة أيضا، فمثل تلك المشاريع تعتبر مشاريع ممتازة وبكل المقاييس وسوف يحقق نقلة  نوعية في الإطار بتوفير المدرسة وجميع ملحقاتها ،ولكن هناك سؤال يطرح نفسه إلى متى سيبقى أبناء المنطقة بللا مدرسة؟ ومن المسئول في متابعة تلك المشاريع  التي أصبحت غير متوفرة رغم أن هناك مشاريع أخرى شهدتها بعض المناطق  إلا  تلك المنطقة التي  تعاني الإهمال والنسيان وكأنها ليس من ضمن خريطة اليمن.

 

الأهالي يشربون مياه محملة بالأتربة

ربما الأمر ليس بغريب ،فمن أراد أن يعرف عالما أخر فما علية إلا التوجه  إلى منطقة مجرباء التي ظلت  ترسم بالأحبار ولم ينفذ لها إي مشروع  سوى توالي المعاناة، فالمنطقة وحين وصولي إليها أشعرت بأنها الأقرب إلى مشهد محزن ومؤلم يعود إلى الوراء  لما وجد فيها من معاناة متراكمة ولا نجد لها أي صفحات لنطوي حسابها، فالمرء الزائر للمنطقة إذا أراد أن يرى مشهدا  متكاملا من حرف الآلف إلى الياء عن طبيعة المكان وطبائع ساكنين المنطقة وعاداتهم وحياتهم اليومية فما عليه إلا أن يشد الرحال  من أي  مدينة متواجد فيها  ووصولا إلى منطقة مجرباء بمدينة صبر بلحج فهناك يواجه الزائر لها ضنك الحياة وفقدان الخدمات الأساسية للمنطقة ،فعندما قطعت المسافة وكان برفقتي الأخ العزيز "عبد الفتاح التركي" الذي كان بادرة خير ليوصلنا إلى جميع قاطني المنطقة وعند الوصول إلى المنطقة طالعتني أجواء ملئه بالحزن على من قدم إليها ،وحين النظر إلى اليمين والشمال ومع غروب الشمس فإذا بتطلع الأشجار  التي وجدت في المنطقة وقام على تربيتها بعض الأهالي وكان تلك الأشجار صارت رمزا لأهل المنطقة وعنوانا لصبرهم وصمودهم في هذه المنطقة التي أصبحت تعاني النقص في الخدمات.

وبدأنا رحلتنا عن المياه وانقطاعها فهناك توجد للمنطقة شبكة خاصة بالمياه ولكنها معطلة وكل القائمين عليها لم يقوموا بإصلاحها ومن ثم توصيل قطرة ماء لجميع ساكني المنطقة وبحسب أفادت الأهالي فان المياه مرت في تلك المواسير التي أصبحت تالفة  فترة وجيزة وانقطعت عنهم ما يتجاوز عامين والى يومنا هذا وهم  يقومن بشراء الماء من الوايتات ووصل إلى ما يفوق 6000الف ريال لكل بيت شهريا ،فالسائل عن مصدر المياه تجدهم يتحدثون "بالقول " المهم أن نحصل على الماء ونشرب وتشرب معنا الدواب والطيور ،ليس مهما  أن وجدناه محمل بالأتربة  المهم من ذلك أن نجد قطرة ماء ولو ملوثة ومحملة بالأتربة ومالحة فحن معذبون من كل النواحي سلطات غائبة ومياه محملة بالأتربة ومالحة ولا تكفي لغسل أواني المنازل وخصوصا ونحن في شهر رمضان نستغرق الكثير من المياه منها للشرب  وغسيل الأواني المنزلية  وأخرى في تنظيف الملابس ،فيما آخرين يتحدثون عن مياه الشرب ويقولون أننا نشرب مياه محملة بالأتربة والأملاح ،وهذا مما جعلنا نتوجه بشكاوينا إلى  قيادة السلطة المحلية في المديرية والمحافظة لأننا لم نستطع الوصول إليهم وسئمنا من وعودهم  إلا برفع  همومنا عبر المنابر الإعلامية حتى تصل إلى الجهة المعنية وتتلمس المعاناة التي لحقت بنا من كل الاتجاه دون أي نظرة من مسئول.

 

أطفال يبحثون عن قطرة ماء

 حتى الأطفال تجدهم يتغانون بأغنية وعود المسئولين ولسان حالهم يقول  "كل الوعود سراب" فعند التجول بين أحياء المنطقة لفت نظري تراص عدد من الأطفال في طوابير منتظرين حتى وصول وايت الماء وفي أيدهم "دباب ،وعاء لنقل الماء" تتسع لــ(5او 10)لترات فهم في حالة انتظار لحتى وصول الوايت لتملئه خزانات المنازل وأيضا ملئ الدباب بالماء ،وأكثر من يقول بان سلطات لحج مش عارفة نحن وين "فمن بين المتراصين طفلة صغيرة تبدو في الرابعة من عمرها قائمة فوق احد "أوعية الماء" فسألتها عن اسمها فأجابت بصوت متحشرج بالمعاناة فقالت اسمي "سماح عبده جابر الظمبري" فهي  شاخصة ببصرها إلى الأعلى وكأنما تبحث في الأفق عن مستقبل يخلو من هذه المعاناة حيث حملها القدر للعيش في منطقة تلفها المعاناة من كل الجوانب ،في حينها التفت إلى الكاميرا ولسان حالها يقول "انقلوا إلى مؤسسات حماية الطفولة في العالم ليعرفوا كيف هي معيشتنا" ، فليس الشباب والأطفال  من ينتظر طوابير الانتظار وسط الحر والزحام وأزمة المياه المنقطعة عن المنطقة المتكررة ولكن حتى المسننين والنساء الغير قادرين من شدة الحر وهذه المعاناة ،فالكثير من أهالي المنطقة من بداء بالرحيل إلى مدينة عدن وآخرون عادوا إلى مسقط رأسهم لكي تعيش آسرهم حياة كريمة خالية من المعاناة وانقطاع المياه ،فهنا وفي هذه المنطقة تستطع ان تقول لقد اجتمع البؤس في المنطقة فما على المستوطن إلا الرحيل إلى بلد يعز فيها نفسه بدلا من تراكم المعاناة التي لا تطاق ولا تحصى.

 

هل من تجاوب..؟

معاناة المنطقة متعددة فهي تفتقر إلى الخدمات الأساسية وفي مقدمتها إصلاح شبكة المياه المعطلة منذ عامين وخدمات أخرى غير متواجدة  مما جعل جميع الأهالي يصرخون ويستغيثون بالمعنيين ولكن دون جدوى ولا تحرك وكأنهم أشبه بجذوع النحل الصماء  ،مما زاد في المعاناة وتوسعا  لدى القاطنين ،فالكل أملين من كل القيادة بالالتفات إليهم والتجاوب ومن ثم  إصلاح لهم  شبكة المياه  التي مضى على  تلفها منذ العامين والحال كما هو وأيضا إعادة المياه إلى مجاريها  وتقوية الكابلات و الضعف الكهربائي أسوة ببقية المناطق الأخرى في المحافظة التي لاقت  النصيب من  المياه والكهرباء، فالواصل إليها يشعر بأنه اكتشف  منطقة جديدة لم تكن معروفة من قبل  لوجود شتى المعاناة والإهمال  الذي سلط عليها  من قيل السلطة المحلية بالمديرية والمحافظة رغم  قرب منازل المسئولين منها إلا أنها لم تحصل على نصيبها من المشاريع الخدمية ،فأهلها أناسٌ طيبون ورائعون يكتفون بالقليل  حتى صار عليهم هذا القليل عزيزا وهم صابرون على المعاناة التي وجدت بين أوساط ساكنوها ،،وهكذا قررت الرحيل عن منطقة مجرباء بمدينة صبر بلحج  تلك المنطقة  التي قادتني قدمي خطأ إليها ،وتركتها تعاني من غياب الكثير والكثير وانقطاع الماء  وضعف التيار الكهربائي هما من  أبرز المعاناة التي  يشكو منها كل قاطني المنطقة.