آخر تحديث :الأحد-19 مايو 2024-05:07م

العالم من حولنا


أجواء المفاوضات الشاقة بين إيران والدول الكبري في فيينا

السبت - 19 يوليه 2014 - 08:43 م بتوقيت عدن

أجواء المفاوضات الشاقة بين إيران والدول الكبري في فيينا
جرت المفاوضات في فندق كوبورغ الفخم في فيينا

((عدن االغد))bbc

شاركنا مراسل بي بي سي للخدمة الفارسية أمير بايفار بلمحة عن أجواء المحادثات التي جرت في فندق فخم بالعاصمة النمساوية فيينا، حيث كان الصحفيون ينتظرون بيانا من المفاوضين.

وبالخارج تنتظر أعداد كبيرة من المسيحيين الكاثوليك في ساحة القديس بطرس لانتظار قرار الكرادلة.

وإذا انتخب الكرادلة بابا جديدا، يظهر الدخان الأبيض من مدخنة كنيسة سيستينا ليعرف الناس بنتيجة التصويت، أما إذا لم يحدث اتفاق يخرج الدخان الأسود.

وطيلة أسبوعين انتظر الصحفيون بدءا من مراسلي صحفية خراسان الإيرانية المحلية وحتى المراسلين المرموقين للقنوات والإذاعات العالمية، وعسكروا خارج فندق كوبورغ في فيينا منتظرين القرار حول التوصل لاتفاق نهائي بين إيران والدول الست الكبرى، حول برنامج طهران النووي المثير للجدل.

وفندق كوبورغ هو قصر سابق بني في القرن التاسع عشر، ويعرف أيضا باسم "قلعة الهليون" بسبب ساحته ذات الأعمدة القائمة بذاتها.

و التقى في الغرف الفخمة لهذا الفندق عشرات الدبلوماسيين، من الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا والاتحاد الأوربي بنظرائهم الإيرانيين، لوضع المسودة النهائية لما يعرف بـ "اتفاق القرن".

من الفجر وحتى الغروب

لم يظهر دخان أبيض فوق قلعة الهليون الجمعة.

وقبل يومين من حلول مهلة العشرين من يوليو/ تموز الجاري، اتفقت كل الأطراف على تمديد المحادثات لأربعة أشهر جديدة، لأنهم يرون "تقدما حقيقيا" لكنهم يقولون إنه لا تزال هناك "نقاط خلاف مهمة للغاية".

تصر إيران على أن برنامجها النووي يستهدف توليد الكهرباء فقط

واستنادا إلى الاتفاق الذي تم التوصل إليه في جنيف العام الماضي، ستقبل إيران بتقليص مهم لبرنامجها النووي مقابل تخفيض ملموس للعقوبات المفروضة عليها.

وكان وزراء خارجية إيران والدول الست الكبرى قد اجتمعوا في نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الماضي، برعاية مفوضة الشؤون الخارجية فى الاتحاد الأوربي كاثرين أشتون، وتوصلوا إلى اتفاق مؤقت يتم تطبيقه، مع الاستمرار في التفاوض من أجل التوصل لاتفاق نهائي.

ودخل الاتفاق المؤقت حيز التنفيذ في العشرين من يناير/ كانون الثاني الماضي، وتم تخفيض بعض عمليات تخصيب اليورانيوم الإيرانية، مقابل رفع جزئي للعقوبات مع استمرار المفاوضات.

واتفق الجانبان آنذاك على مهلة من ستة أشهر لإجراء المفاوضات، يمكن تمديدها إذا حدث تقدم دون التوصل لاتفاق نهائي.

ويتهم الغرب إيران بالعمل على تطوير أسلحة نووية، بينما تصر طهران على أن برنامجها يستهدف فقط توليد الكهرباء.

وعلى مدار العامين الماضيين فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي عقوبات قاسية، على قطاعات النفط والصناعة والقطاع المالي الإيراني، لإرغام طهران على التخلي عن طموحاتها النووية.

وخلال الجولة الأخيرة، وهي السادسة من المحادثات، التقت جيوش من الدبلوماسيين والقانونيين، والخبراء المتخصصين في العقوبات من الفجر وحتى غروب الشمس، لدراسة كل فقرة من فقرات الاتفاق بالتفصيل وكلمة كلمة.

وحاول هؤلاء التأكد من أنه سيكون اتفاقا محكما، لا يجرؤ أي طرف على نقضه أو التراجع عنه.

ولم يذهب بعض هؤلاء الدبلوماسين، ومن بينهم وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، إلى منازلهم طيلة ثلاثة أسابيع.

لم يعد محظورا

فتحت المحادثات النووية الباب أمام الحوار المباشر بين إيران والولايات المتحدة، لأول مرة منذ أكثر من ثلاثين عاما.

وقبل نحو عامين لم يكن من المتخيل، بل وكان من المحظور أن يتم لقاء المسؤولين الإيرانيين والأمريكيين وجها لوجه كما يحدث الآن.

وجدت الولايات المتحدة مفاوضين إيرانيين "محنكين"

وخلافا لما سبقها من مفاوضات، حققت المحادثات التي بدأت العام الماضي "تقدما حقيقيا".

ويعزو الدبلوماسيون الغربيون هذا التقدم ليس فقط إلى اختلاف سياسة الرئيس الإيراني حسن روحاني عن سلفه، لكن أيضا إلى المهارة الفائقة لفريقه التفاوضي.

وقال مسؤول رفيع المستوى بالإدارة الأمريكية: "إنهم مفاضون أقوياء، ويتحدثون الإنجليزية بطلاقة".

وقال مسؤول آخر: "جميعهم تلقوا تعليمهم إما في الولايات المتحدة أو بريطانيا".

وحصل وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، على سبيل المثال، على شهادتي الماجستير والدكتوراه من جامعة دينفر.

وتوقف وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ليومين في جنيف الأسبوع الماضي، حيث التقى نظيره الإيراني لأربع مرات في محاولة للتوصل لاتفاق.

في غضون ذلك، وفي الطابق الأرضي من فندق كوبورغ كانت الصحفيات الإيرانيات، اللائي ترتدين أغطية الرأس، تجهزن التقارير الصحفية عن المحادثات، إلى جانب نظرائهن من الصحفيين الأمريكيين الذين يشربون أنواع الخمور الغالية، ويرسلون الأخبار إلى قنواتهم.

وبين الحين والآخر يظهر في بهو الفندق دبلوماسي إيراني، يرتدي قميصا قصير الياقة وبالطبع دون رابطة عنق، يبحث عن مراسل إيراني لتبادل حديث خاص في ركن هادئ، وربما يسرب إليه معلومة أو اثنتين عن المحادثات، التي تجري في غرف الفندق بالطوابق الأعلى.

ويبدأ إيجار غرف الفندق من 900 دولار لليلة وحتى 3600 دولار إذا اخترت أن تسكن في جناح خاص.

ويسكن دبلوماسيان رفيعا المستوى من الوفدين الإيراني والأمريكي في فندق كوبورغ، بينما يقيم معاونوهم في فندق ماريوت المجاور الأقل درجة.

لكن حتى هؤلاء الدبلوماسيين الذين يتمتعون برفاهية القصر السابق كانوا يشترون الشطائر، والوجبات الخفيفة من سوبر ماركت مجاور حينما تستمر المحادثات حتى وقت متأخر بالليل، ربما في محاولة لتوفير النفقات عن دافعي الضرائب في دولهم.

وصباح يوم الأحد الماضي فوجئ المراسلون، الذين يقيمون في الفندق المجاور ذي الأربع نجوم، بوزير الخارجية الأمريكي جون كيري جالسا على مائدة الإفطار بملابس غير رسمية، بينما يقف حراسه الشخصيون على بعد أمتار يشاهدونه.

وشاهد كيري المباراة النهائية من بطولة كأس العالم، في الليلة ذاتها في الحانة الموجودة في ردهة الفندق إلى جانب عشرات النزلاء الآخرين.

شهد مكان المحادثات إجراءات أمنية مشددة

"سهرة دبلوماسية"

وبالرغم من وجودهم في منطقة راقية في فيينا، ووجود فرص لقضاء سهرات جميلة هناك، إلا أن الوفد الإيراني ووزير الخارجية محمد جواد ظريف، وعشرات الصحفيين الإيرانيين اختاروا أن يحضروا احتفالا دينيا ليل الأربعاء، وذهبوا إلى المركز الإسلامي في فيينا لإحياء ذكري استشهاد أول إمام عند الشيعة قبل نحو عشرة قرون.

أما عن الإجراءات الأمنية فهي على مستوى الإجراءات الأمنية في المطارات وفي بعض الأحيان تصل لدرجة الفظاظة.

ويعلق الجميع بطاقات التعريف طوال الوقت، ويمنع الصحفيون من مغادرة حانة الطابق الأرضي، إلا في الأوقات التي يتم اصطحابهم فيها للقاءات الثنائية لالتقاط الصور.

وكان من المفاجئ التزام كل الأطراف بعدم تسريب أي تفاصيل عن المحادثات، ولذلك فإن المحادثات جرت فقط في غرف الاجتماعات وليس على صفحات الصحف، مما جعل مهمة المراسلين أكثر صعوبة.

وانضم وزراء خارجية بريطانيا وفرنسا وألمانيا إلى نظيريهم الإيراني والأمريكي الأحد الماضي في محاولة لتحقيق تقدم.

ويقف بالخارج عشرات الصحفيين الذين ينقلون أخبار الاجتماعات، خلف حواجز في ساحة صغيرة سميت بالمصادفة على اسم تيودور هيرتزل الأب المؤسس للصهيونية السياسية، التي أدت لقيام دولة إسرائيل العدو اللدود لإيران.

وتعارض إسرائيل وبعض أعضاء الكونغرس الأمريكي ومتشددون إيرانيون الاتفاق تماما.

وقبل أيام استضافت طهران ندوة "الخطوط الحمراء"، التي نظمها قدامي المحاربين الذين شاركوا في الحرب الإيرانية العراقية.

وكانت الرسالة التي بعثت بها تلك الندوة، هي أن الاتفاق وما قد يؤدي إليه من تصالح في العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران، يدق مسمارا في نعش الحماسة الثورية في إيران.

ويعد تمديد المحادثات النووية خبر جيد وسيئ في الوقت ذاته. فبينما يشير إلى أن هناك فرصة للحل الدبلوماسي لا تزال قائمة، لكنه قد يحمل أيضا فرصة لمعارضي المحادثات لكي يفشلوها.